سورة الفاتحة آية رقم 4
سورة الفاتحة آية رقم 4
سورة الفاتحة آية رقم 4
{مالك يوم الدين}
إعراب الآية :
"مالك": نعت للجلالة المعرفة، وإضافة "مالك" محضة فيتعرَّف بالإضافة.
المواضيع المشتركة في الآية الكريمة :
الدِّين
صفات الله المضافة: مالك يوم الدين
الملك: تفرد الله به
الألفاظ المشتركة في الآية الكريمة :
إيا
- لفظ موضوع ليتوصل به إلى ضمير المنصوب إذا انقطع عما يتصل به، وذلك يستعمل إذا تقدم الضمير، نحو: (إياك نعبد( [الفاتحة/4] أو فصل بينهما بمعطوف عليه أو بإلا، نحو: (نرزقهم وإياكم( [الإسراء/31]، ونحو: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه( [الإسراء/23].
تفسير الجلالين :
4 - (مَلِكِ يوم الدين) أي الجزاء وهو يوم القيامة ، وخُصَّ بالذكر لأنه لا ملك ظاهراً فيه لأحد إلا لله تعالى بدليل {لمن الملك اليوم لله} ومن قرأ {مالك} فمعناه مالك الأمر كله في يوم القيامة أو هو موصوف بذلك دائماً {كغافر الذنب} فصح وقوعه صفة لمعرفة
تفسير ابن كثير :
قرأ بعض القراء " ملك يوم الدين" وقرأ آخرون " مالك " وكلاهما صحيح متواتر في السبع ويقال ملك بكسر اللام وبإسكانها ويقال مليك أيضا وأشبع نافع كسرة الكاف فقرأ " ملكي يوم الدين " وقد رجح كلا من القراءتين مرجحون من حيث المعنى وكلاهما صحيحة حسنة ورجح الزمخشري ملك لأنها قراءة أهل الحرمين ولقوله " لمن الملك اليوم " و " قوله الحق وله الملك " وحكي عن أبي حنيفة أنه قرأ " ملك يوم الدين " على أنه فعل وفاعل ومفعول وهذا شاذ غريب جدا وقد روى أبو بكر بن أبي داود في ذلك شيئا غريبا حيث قال حدثنا أبو عبد الرحمن الأزدي حدثنا عبد الوهاب بن عدي بن الفضل عن أبي المطرف عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية كانوا يقرءون " مالك يوم الدين " قال ابن شهاب وأول من أحدث " ملك " مروان " قلت " مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب والله أعلم . وقد روي من طرق متعددة أوردها ابن مردويه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها " مالك يوم الدين " ومالك مأخوذ من الملك كما قال تعالى : " إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون " وقال : " قل أعوذ برب الناس ملك الناس " وملك مأخوذ من الملك كما قال تعالى : " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" وقال : " قوله الحق وله الملك " وقال : " الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا " وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئا ولا يتكلم أحد إلا بإذنه كما قال تعالى : " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " وقال تعالى : " وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا " وقال تعالى : " يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد " وقال الضحاك عن ابن عباس " مالك يوم الدين " يقول لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكما كملكهم في الدنيا قال ويوم الدين يوم الحساب للخلائق وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر إلا من عفا عنه وكذلك قال غيره من الصحابة والتابعين والسلف وهو ظاهر وحكى ابن جرير عن بعضهم أنه ذهب إلى تفسير " مالك يوم الدين " أنه القادر على إقامته ثم شرع يضعفه والظاهر أنه لا منافاة بين هذا القول وما تقدم وأن كلا من القائلين هذا القول وبما قبله يعترف بصحة القول الآخر ولا ينكره ولكن السياق أدل على المعنى الأول من هذا كما قال تعالى : " الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا " والقول الثاني يشبه قوله تعالى : " ويوم يقول كن فيكون " والله أعلم . والملك في الحقيقة هو الله عز وجل قال الله تعالى " هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام " وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا " أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك ولا مالك إلا الله " وفيهما عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ " وفي القرآن العظيم " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " فأما تسمية غيره في الدنيا بملك فعلى سبيل المجاز كما قال تعالى : " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا " " وكان وراءهم ملك " " إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا " وفي الصحيحين" مثل الملوك على الأسرة " . والدين الجزاء والحساب كما قال تعالى : " يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق" وقال : " أئنا لمدينون " أي مجزيون محاسبون وفي الحديث " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت " أي حاسب نفسه لنفسه كما قال عمر رضي الله عنه حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم " يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية " .
تفسير القرطبي :
قرأ محمد بن السميقع بنصب مالك ; وفيه أربع لغات : مالك وملك وملك - مخففة من ملك - ومليك . قال الشاعر : وأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها أن ندينا وقال آخر : فاقنع بما قسم المليك فإنما قسم الخلائق بيننا علامها الخلائق : الطبائع التي جبل الإنسان عليها . وروي عن نافع إشباع الكسرة في " ملك " فيقرأ " ملكي " على لغة من يشبع الحركات , وهي لغة للعرب ذكرها المهدوي وغيره . اختلف العلماء أيما أبلغ : ملك أو مالك ؟ والقراءتان مرويتان عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر . ذكرهما الترمذي ; فقيل : " ملك " أعم وأبلغ من " مالك " إذ كل ملك مالك , وليس كل مالك ملكا ; ولأن الملك نافذ على المالك في ملكه , حتى لا يتصرف إلا عن تدبير الملك , قال أبو عبيدة والمبرد . وقيل : " مالك " أبلغ ; لأنه يكون مالكا للناس وغيرهم ; فالمالك أبلغ تصرفا وأعظم ; إذ إليه إجراء قوانين الشرع , ثم عنده زيادة التملك . وقال أبو علي : حكى أبو بكر بن السراج عن بعض من اختار القراءة ب " مالك " أن الله سبحانه قد وصف نفسه بأنه مالك كل شيء بقول : " رب العالمين " فلا فائدة في قراءة من قرأ " مالك " لأنها تكرار . قال أبو علي : ولا حجة في هذا ; لأن في التنزيل أشياء على هذه الصورة , تقدم العام ثم ذكر الخاص كقوله : " هو الله الخالق البارئ المصور " فالخالق يعم . وذكر المصور لما فيه من التنبيه على الصنعة ووجود الحكمة , وكما قال تعالى : " وبالآخرة هم يوقنون " بعد قوله : " الذين يؤمنون بالغيب " . والغيب يعم الآخرة وغيرها ; ولكن ذكرها لعظمها , والتنبيه على وجوب اعتقادها , والرد على الكفرة الجاحدين لها ; وكما قال : " الرحمن الرحيم " فذكر " الرحمن " الذي هو عام وذكر " الرحيم " بعده , لتخصيص المؤمنين به في قوله : " وكان بالمؤمنين رحيما " . وقال أبو حاتم : إن مالكا أبلغ في مدح الخالق من " ملك " , و" ملك " أبلغ في مدح المخلوقين من مالك ; والفرق بينهما أن المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك وإذا كان الله تعالى مالكا كان ملكا , واختار هذا القول القاضي أبو بكر بن العربي وذكر ثلاثة أوجه ; الأول : أنك تضيفه إلى الخاص والعام , فتقول : مالك الدار والأرض والثوب , كما تقول : مالك الملوك . الثاني : أنه يطلق على مالك القليل والكثير ; وإذا تأملت هذين القولين وجدتهما واحدا . والثالث : أنك تقول : مالك الملك ; ولا تقول : ملك الملك . قال ابن الحصار : إنما كان ذلك لأن المراد من " مالك " الدلالة على الملك - بكسر الميم - وهو لا يتضمن " الملك " - بضم الميم - و" ملك " يتضمن الأمرين جميعا فهو أولى بالمبالغة . ويتضمن أيضا الكمال , ولذلك استحق الملك على من دونه ; ألا ترى إلى قوله تعالى : " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم " [ البقرة : 247 ] ولهذا قال عليه السلام : ( الإمامة في قريش ) وقريش أفضل قبائل العرب , والعرب أفضل من العجم وأشرف . ويتضمن الاقتدار والاختيار وذلك أمر ضروري في الملك , إن لم يكن قادرا مختارا نافذا حكمه وأمره , قهره عدوه وغلبه غيره وازدرته رعيته , ويتضمن البطش والأمر والنهي والوعد والوعيد ; ألا ترى إلى قول سليمان عليه السلام : " ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين . لأعذبنه عذابا شديدا " [ النمل : 20 , 21 ] إلى غير ذلك من الأمور العجيبة والمعاني الشريفة التي لا توجد في المالك . قلت : وقد احتج بعضهم على أن مالكا أبلغ لأن فيه زيادة حرف ; فلقارئه عشر حسنات زيادة عمن قرأ ملك . قلت : هذا نظر إلى الصيغة لا إلى المعنى , وقد ثبتت القراءة بملك وفيه من المعنى ما ليس في مالك , على ما بينا والله أعلم . لا يجوز أن يتسمى أحد بهذا الاسم ولا يدعى به إلا الله تعالى ; روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ) وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك - زاد مسلم - لا مالك إلا الله عز وجل ) قال سفيان : مثل : شاهان شاه . وقال أحمد بن حنبل : سألت أبا عمرو الشيباني عن أخنع ; فقال : أوضع . وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه رجل [ كان ] يسمى ملك الأملاك لا ملك إلا الله سبحانه ) . قال ابن الحصار : وكذلك " ملك يوم الدين " و" مالك الملك " لا ينبغي أن يختلف في أن هذا محرم على جميع المخلوقين كتحريم ملك الأملاك سواء , وأما الوصف بمالك وملك وهي : فيجوز أن يوصف بهما من اتصف بمفهومهما ; قال الله العظيم : " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا " [ البقرة : 247 ]. وقال صلى الله عليه وسلم : ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة ) . إن قال قائل : كيف قال " مالك يوم الدين " ويوم الدين لم يوجد بعد , فكيف وصف نفسه بملك ما لم يوجده ؟ قيل له : اعلم أن مالكا اسم فاعل من ملك يملك , واسم الفاعل في كلام العرب قد يضاف إلى ما بعده وهو بمعنى الفعل المستقبل ويكون ذلك عندهم كلاما سديدا معقولا صحيحا ; كقولك : هذا ضارب زيد غدا ; أي سيضرب زيدا . وكذلك : هذا حاج بيت الله في العام المقبل , تأويله سيحج في العام المقبل ; أفلا ترى أن الفعل قد ينسب إليه وهو لم يفعله بعد , وإنما أريد به الاستقبال ; فكذلك قوله عز وجل : " مالك يوم الدين " على تأويل الاستقبال , أي سيملك يوم الدين أو في يوم الدين إذا حضر . ووجه ثان : أن يكون تأويل المالك راجعا إلى القدرة , أي إنه قادر في يوم الدين , أو على يوم الدين وإحداثه ; لأن المالك للشيء هو المتصرف في الشيء والقادر عليه ; والله عز وجل مالك الأشياء كلها ومصرفها على إرادته , لا يمتنع عليه منها شيء . والوجه الأول أمس بالعربية وأنفذ في طريقها ; قاله أبو القاسم الزجاجي . ووجه ثالث : فيقال لم خصص يوم الدين وهو مالك يوم الدين وغيره ؟ قيل له : لأن في الدنيا كانوا منازعين في الملك , مثل فرعون ونمروذ وغيرهما , وفي ذلك اليوم لا ينازعه أحد في ملكه , وكلهم خضعوا له , كما قال تعالى : " لمن الملك اليوم " [ غافر : 16 ] فأجاب جميع الخلق : " لله الواحد القهار " [ غافر : 16 ] فلذلك قال : مالك يوم الدين ; أي في ذلك اليوم لا يكون مالك ولا قاض ولا مجاز غيره ; سبحانه لا إله إلا هو. إن وصف الله سبحانه بأنه ملك كان ذلك من صفات ذاته وإن وصف بأنه مالك كان ذلك من صفات فعله .
الترجمة الإنجليزية
4 - Master of the Day of judgment
الترجمة الفرنسية :
4 - Maître du Jour de la rétribution.
الترجمة الإيطالية :
4 - Te noi adoriamo e a Te chiediamo aiuto6.
الترجمة الألمانية :
4 - Dem Meister des Gerichtstages.
الترجمة الهولندية :
4 - Meester van de Dag des Oordeels.
الترجمة التركية :
4 - Ceza gününün mâlikidir.
الترجمة البوسنية :
4 - Tebe oboavamo i od Tebe pomoو traimo.
الترجمة الإندونيسية :
4 - Yang menguasai hari pembalasan.
{مالك يوم الدين}
إعراب الآية :
"مالك": نعت للجلالة المعرفة، وإضافة "مالك" محضة فيتعرَّف بالإضافة.
المواضيع المشتركة في الآية الكريمة :
الدِّين
صفات الله المضافة: مالك يوم الدين
الملك: تفرد الله به
الألفاظ المشتركة في الآية الكريمة :
إيا
- لفظ موضوع ليتوصل به إلى ضمير المنصوب إذا انقطع عما يتصل به، وذلك يستعمل إذا تقدم الضمير، نحو: (إياك نعبد( [الفاتحة/4] أو فصل بينهما بمعطوف عليه أو بإلا، نحو: (نرزقهم وإياكم( [الإسراء/31]، ونحو: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه( [الإسراء/23].
تفسير الجلالين :
4 - (مَلِكِ يوم الدين) أي الجزاء وهو يوم القيامة ، وخُصَّ بالذكر لأنه لا ملك ظاهراً فيه لأحد إلا لله تعالى بدليل {لمن الملك اليوم لله} ومن قرأ {مالك} فمعناه مالك الأمر كله في يوم القيامة أو هو موصوف بذلك دائماً {كغافر الذنب} فصح وقوعه صفة لمعرفة
تفسير ابن كثير :
قرأ بعض القراء " ملك يوم الدين" وقرأ آخرون " مالك " وكلاهما صحيح متواتر في السبع ويقال ملك بكسر اللام وبإسكانها ويقال مليك أيضا وأشبع نافع كسرة الكاف فقرأ " ملكي يوم الدين " وقد رجح كلا من القراءتين مرجحون من حيث المعنى وكلاهما صحيحة حسنة ورجح الزمخشري ملك لأنها قراءة أهل الحرمين ولقوله " لمن الملك اليوم " و " قوله الحق وله الملك " وحكي عن أبي حنيفة أنه قرأ " ملك يوم الدين " على أنه فعل وفاعل ومفعول وهذا شاذ غريب جدا وقد روى أبو بكر بن أبي داود في ذلك شيئا غريبا حيث قال حدثنا أبو عبد الرحمن الأزدي حدثنا عبد الوهاب بن عدي بن الفضل عن أبي المطرف عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية كانوا يقرءون " مالك يوم الدين " قال ابن شهاب وأول من أحدث " ملك " مروان " قلت " مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب والله أعلم . وقد روي من طرق متعددة أوردها ابن مردويه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها " مالك يوم الدين " ومالك مأخوذ من الملك كما قال تعالى : " إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون " وقال : " قل أعوذ برب الناس ملك الناس " وملك مأخوذ من الملك كما قال تعالى : " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" وقال : " قوله الحق وله الملك " وقال : " الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا " وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئا ولا يتكلم أحد إلا بإذنه كما قال تعالى : " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " وقال تعالى : " وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا " وقال تعالى : " يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد " وقال الضحاك عن ابن عباس " مالك يوم الدين " يقول لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكما كملكهم في الدنيا قال ويوم الدين يوم الحساب للخلائق وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر إلا من عفا عنه وكذلك قال غيره من الصحابة والتابعين والسلف وهو ظاهر وحكى ابن جرير عن بعضهم أنه ذهب إلى تفسير " مالك يوم الدين " أنه القادر على إقامته ثم شرع يضعفه والظاهر أنه لا منافاة بين هذا القول وما تقدم وأن كلا من القائلين هذا القول وبما قبله يعترف بصحة القول الآخر ولا ينكره ولكن السياق أدل على المعنى الأول من هذا كما قال تعالى : " الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا " والقول الثاني يشبه قوله تعالى : " ويوم يقول كن فيكون " والله أعلم . والملك في الحقيقة هو الله عز وجل قال الله تعالى " هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام " وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا " أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك ولا مالك إلا الله " وفيهما عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ " وفي القرآن العظيم " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " فأما تسمية غيره في الدنيا بملك فعلى سبيل المجاز كما قال تعالى : " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا " " وكان وراءهم ملك " " إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا " وفي الصحيحين" مثل الملوك على الأسرة " . والدين الجزاء والحساب كما قال تعالى : " يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق" وقال : " أئنا لمدينون " أي مجزيون محاسبون وفي الحديث " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت " أي حاسب نفسه لنفسه كما قال عمر رضي الله عنه حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم " يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية " .
تفسير القرطبي :
قرأ محمد بن السميقع بنصب مالك ; وفيه أربع لغات : مالك وملك وملك - مخففة من ملك - ومليك . قال الشاعر : وأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها أن ندينا وقال آخر : فاقنع بما قسم المليك فإنما قسم الخلائق بيننا علامها الخلائق : الطبائع التي جبل الإنسان عليها . وروي عن نافع إشباع الكسرة في " ملك " فيقرأ " ملكي " على لغة من يشبع الحركات , وهي لغة للعرب ذكرها المهدوي وغيره . اختلف العلماء أيما أبلغ : ملك أو مالك ؟ والقراءتان مرويتان عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر . ذكرهما الترمذي ; فقيل : " ملك " أعم وأبلغ من " مالك " إذ كل ملك مالك , وليس كل مالك ملكا ; ولأن الملك نافذ على المالك في ملكه , حتى لا يتصرف إلا عن تدبير الملك , قال أبو عبيدة والمبرد . وقيل : " مالك " أبلغ ; لأنه يكون مالكا للناس وغيرهم ; فالمالك أبلغ تصرفا وأعظم ; إذ إليه إجراء قوانين الشرع , ثم عنده زيادة التملك . وقال أبو علي : حكى أبو بكر بن السراج عن بعض من اختار القراءة ب " مالك " أن الله سبحانه قد وصف نفسه بأنه مالك كل شيء بقول : " رب العالمين " فلا فائدة في قراءة من قرأ " مالك " لأنها تكرار . قال أبو علي : ولا حجة في هذا ; لأن في التنزيل أشياء على هذه الصورة , تقدم العام ثم ذكر الخاص كقوله : " هو الله الخالق البارئ المصور " فالخالق يعم . وذكر المصور لما فيه من التنبيه على الصنعة ووجود الحكمة , وكما قال تعالى : " وبالآخرة هم يوقنون " بعد قوله : " الذين يؤمنون بالغيب " . والغيب يعم الآخرة وغيرها ; ولكن ذكرها لعظمها , والتنبيه على وجوب اعتقادها , والرد على الكفرة الجاحدين لها ; وكما قال : " الرحمن الرحيم " فذكر " الرحمن " الذي هو عام وذكر " الرحيم " بعده , لتخصيص المؤمنين به في قوله : " وكان بالمؤمنين رحيما " . وقال أبو حاتم : إن مالكا أبلغ في مدح الخالق من " ملك " , و" ملك " أبلغ في مدح المخلوقين من مالك ; والفرق بينهما أن المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك وإذا كان الله تعالى مالكا كان ملكا , واختار هذا القول القاضي أبو بكر بن العربي وذكر ثلاثة أوجه ; الأول : أنك تضيفه إلى الخاص والعام , فتقول : مالك الدار والأرض والثوب , كما تقول : مالك الملوك . الثاني : أنه يطلق على مالك القليل والكثير ; وإذا تأملت هذين القولين وجدتهما واحدا . والثالث : أنك تقول : مالك الملك ; ولا تقول : ملك الملك . قال ابن الحصار : إنما كان ذلك لأن المراد من " مالك " الدلالة على الملك - بكسر الميم - وهو لا يتضمن " الملك " - بضم الميم - و" ملك " يتضمن الأمرين جميعا فهو أولى بالمبالغة . ويتضمن أيضا الكمال , ولذلك استحق الملك على من دونه ; ألا ترى إلى قوله تعالى : " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم " [ البقرة : 247 ] ولهذا قال عليه السلام : ( الإمامة في قريش ) وقريش أفضل قبائل العرب , والعرب أفضل من العجم وأشرف . ويتضمن الاقتدار والاختيار وذلك أمر ضروري في الملك , إن لم يكن قادرا مختارا نافذا حكمه وأمره , قهره عدوه وغلبه غيره وازدرته رعيته , ويتضمن البطش والأمر والنهي والوعد والوعيد ; ألا ترى إلى قول سليمان عليه السلام : " ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين . لأعذبنه عذابا شديدا " [ النمل : 20 , 21 ] إلى غير ذلك من الأمور العجيبة والمعاني الشريفة التي لا توجد في المالك . قلت : وقد احتج بعضهم على أن مالكا أبلغ لأن فيه زيادة حرف ; فلقارئه عشر حسنات زيادة عمن قرأ ملك . قلت : هذا نظر إلى الصيغة لا إلى المعنى , وقد ثبتت القراءة بملك وفيه من المعنى ما ليس في مالك , على ما بينا والله أعلم . لا يجوز أن يتسمى أحد بهذا الاسم ولا يدعى به إلا الله تعالى ; روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ) وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك - زاد مسلم - لا مالك إلا الله عز وجل ) قال سفيان : مثل : شاهان شاه . وقال أحمد بن حنبل : سألت أبا عمرو الشيباني عن أخنع ; فقال : أوضع . وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه رجل [ كان ] يسمى ملك الأملاك لا ملك إلا الله سبحانه ) . قال ابن الحصار : وكذلك " ملك يوم الدين " و" مالك الملك " لا ينبغي أن يختلف في أن هذا محرم على جميع المخلوقين كتحريم ملك الأملاك سواء , وأما الوصف بمالك وملك وهي : فيجوز أن يوصف بهما من اتصف بمفهومهما ; قال الله العظيم : " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا " [ البقرة : 247 ]. وقال صلى الله عليه وسلم : ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة ) . إن قال قائل : كيف قال " مالك يوم الدين " ويوم الدين لم يوجد بعد , فكيف وصف نفسه بملك ما لم يوجده ؟ قيل له : اعلم أن مالكا اسم فاعل من ملك يملك , واسم الفاعل في كلام العرب قد يضاف إلى ما بعده وهو بمعنى الفعل المستقبل ويكون ذلك عندهم كلاما سديدا معقولا صحيحا ; كقولك : هذا ضارب زيد غدا ; أي سيضرب زيدا . وكذلك : هذا حاج بيت الله في العام المقبل , تأويله سيحج في العام المقبل ; أفلا ترى أن الفعل قد ينسب إليه وهو لم يفعله بعد , وإنما أريد به الاستقبال ; فكذلك قوله عز وجل : " مالك يوم الدين " على تأويل الاستقبال , أي سيملك يوم الدين أو في يوم الدين إذا حضر . ووجه ثان : أن يكون تأويل المالك راجعا إلى القدرة , أي إنه قادر في يوم الدين , أو على يوم الدين وإحداثه ; لأن المالك للشيء هو المتصرف في الشيء والقادر عليه ; والله عز وجل مالك الأشياء كلها ومصرفها على إرادته , لا يمتنع عليه منها شيء . والوجه الأول أمس بالعربية وأنفذ في طريقها ; قاله أبو القاسم الزجاجي . ووجه ثالث : فيقال لم خصص يوم الدين وهو مالك يوم الدين وغيره ؟ قيل له : لأن في الدنيا كانوا منازعين في الملك , مثل فرعون ونمروذ وغيرهما , وفي ذلك اليوم لا ينازعه أحد في ملكه , وكلهم خضعوا له , كما قال تعالى : " لمن الملك اليوم " [ غافر : 16 ] فأجاب جميع الخلق : " لله الواحد القهار " [ غافر : 16 ] فلذلك قال : مالك يوم الدين ; أي في ذلك اليوم لا يكون مالك ولا قاض ولا مجاز غيره ; سبحانه لا إله إلا هو. إن وصف الله سبحانه بأنه ملك كان ذلك من صفات ذاته وإن وصف بأنه مالك كان ذلك من صفات فعله .
الترجمة الإنجليزية
4 - Master of the Day of judgment
الترجمة الفرنسية :
4 - Maître du Jour de la rétribution.
الترجمة الإيطالية :
4 - Te noi adoriamo e a Te chiediamo aiuto6.
الترجمة الألمانية :
4 - Dem Meister des Gerichtstages.
الترجمة الهولندية :
4 - Meester van de Dag des Oordeels.
الترجمة التركية :
4 - Ceza gününün mâlikidir.
الترجمة البوسنية :
4 - Tebe oboavamo i od Tebe pomoو traimo.
الترجمة الإندونيسية :
4 - Yang menguasai hari pembalasan.
مواضيع مماثلة
» سورة الفاتحة آية رقم 3
» سورة الفاتحة آية رقم 5
» سورة الفاتحة آية رقم 6
» سورة الفاتحة آية رقم 7
» سورة الفاتحة آية رقم 1
» سورة الفاتحة آية رقم 5
» سورة الفاتحة آية رقم 6
» سورة الفاتحة آية رقم 7
» سورة الفاتحة آية رقم 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى