يحي المشد ... اكذوبة مصرية علي طريق البحث عن رموز قومية
منتديات العلم والعلماء والمخترعين والمبتكرين .... :: المنتدي السياسي ( قضايا وطني مصر ) Political forum
صفحة 1 من اصل 1
يحي المشد ... اكذوبة مصرية علي طريق البحث عن رموز قومية
يحيى المشد
يحيى المشد عالم ذرة مصري وأستاذ جامعي, درّسَ في العراق في الجامعة التكنولوجية قسم الهندسة الكهربائية فشهد له طلابه وكل من عرفه بالأخلاق والذكاء والعلمية.
محتويات
* 1 نشأته ومؤهلاته
* 2 وظيفته
* 3 بعد النكسة
* 4 في العراق
* 5 اغتياله
* 6 ملابسات الاغتيال
* 7 وصلات خارجية
نشأته ومؤهلاته
ولد يحيى المشد في مصر في بنها سنة 1932، وتعلم في مدارس مدينة طنطا تخرج من قسم الكهرباء في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية سنة 1952م، ومع انبعاث المد العربي سنة 1952، وأختير لبعثة الدكتوراه إلى لندن سنة 1956، لكن العدوان الثلاثي على مصر حولها إلى موسكو، تزوج وسافر وقضى هناك ست سنوات عاد بعدها سنة 1963.عاد بعدها سنة 1963 الدكتور يحيى المشد متخصصاً في هندسة المفاعلات النووية.
وظيفته
عند عودته إنضم إلى هيئة الطاقة النووية المصرية حيث كان يقوم بعمل الإبحاث، أنتقل إلى النرويج بين سنتيّ 1963 و1964، ثم عاد بعدها كأستاذ مساعد بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية وما لبث أن تمت ترقيته إلى "أستاذ"-، حيث قام بالإشراف على الكثير من الرسائل الجامعية ونشر أكثر من 50 بحثا.
بعد النكسة
بعد حرب يونيو 1967 تم تجميد البرنامج النووي المصري، مما أدى إلى إيقاف الأبحاث في المجال النووي، وأصبح الوضع أصعب بالنسبة له بعد حرب 1973 حيث تم تحويل الطاقات المصرية إلى إتجاهات أخرى.
في العراق
كان لتوقيع صدام حسين في 18 نوفمبر 1975 اتفاقية التعاون النووي مع فرنسا أثره في جذب العلماء المصرين إلى العراق حيث أنتقل للعمل هنالك. قام برفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية حيث إعتبرها مخالفة للمواصفات، أصرت بعدها فرنسا على حضوره شخصيا إلى فرنسا لتنسيق استلام اليورانيوم.
اغتياله
في يوم الجمعة 13 يونيه عام 1980 وفى حجرة رقم 941 بفندق الميريديان بباريس عُثر على الدكتور يحيى المشد جثة هامدة مهشمة الرأس ودماؤه تغطي سجادة الحجرة.. وقد أغلق التحقيق الذي قامت به الشرطة الفرنسية على أن الفاعل مجهول!! هذا ما أدت إليه التحقيقات الرسمية التي لم تستطع أن تعلن الحقيقة التي يعرفها كل العالم العربي وهي أن الموساد وراء اغتيال المشد.. والحكاية تبدأ بعد حرب يونيه 1967 عندما توقف البرنامج النووي المصري تماما، ووجد كثير من العلماء والخبراء المصريين في هذا المجال أنفسهم مجمدين عن العمل الجاد، أو مواصلة الأبحاث في مجالهم، وبعد حرب 1973 وبسبب الظروف الاقتصادية لسنوات الاستعداد للحرب أعطيت الأولوية لإعادة بناء المصانع، ومشروعات البنية الأساسية، وتخفيف المعاناة عن جماهير الشعب المصري التي تحملت سنوات مرحلة الصمود وإعادة بناء القوات المسلحة من أجل الحرب، وبالتالي لم يحظ البرنامج النووي المصري في ذلك الوقت بالاهتمام الجاد والكافي الذي يعيد بعث الحياة من جديد في مشروعاته المجمدة. البداية في العراق في ذلك الوقت وبالتحديد في مطلع 1975 كان صدام حسين نائب الرئيس العراقي وقتها يملك طموحات كبيرة لامتلاك كافة أسباب القوة؛ فوقّع في 18 نوفمبر عام 1975 اتفاقاً مع فرنسا للتعاون النووي.. من هنا جاء عقد العمل للدكتور يحيى المشد العالم المصري والذي يعد من القلائل البارزين في مجال المشروعات النووية وقتها، ووافق المشد على العرض العراقي لتوافر الإمكانيات والأجهزة العلمية والإنفاق السخي على مشروعات البرنامج النووي العراقي.
وكعادة الاغتيالات دائما ما تحاط بالتعتيم الإعلامي والسرية والشكوك المتعددة حول طريقة الاغتيال.
ملابسات الاغتيال
أول ما نسبوه للمشد أن الموساد استطاع اغتياله عن طريق مومس فرنسية، إلا أنه ثبت عدم صحة هذا الكلام؛ حيث إن "ماري كلود ماجال" أو "ماري إكسبريس" كشهرتها –الشاهدة الوحيدة- وهي امرأة ليل فرنسية كانت تريد أن تقضي معه سهرة ممتعة، أكدت في شهادتها أنه رفض تمامًا مجرد التحدث معها، وأنها ظلت تقف أمام غرفته لعله يغيّر رأيه؛ حتى سمعت ضجة بالحجرة.. ثم اغتيلت أيضاً هذه الشاهدة الوحيدة. كما تدافع عنه وبشدة زوجته "زنوبة علي الخشاني" حيث قالت: "يحيى كان رجلا محترما بكل معنى الكلمة، وأخلاقه لا يختلف عليها اثنان، ويحيى قبل أن يكون زوجي فهو ابن عمتي، تربينا سويًّا منذ الصغر؛ ولذلك أنا أعلم جيدًا أخلاقه، ولم يكن له في هذه "السكك" حتى إنه لم يكن يسهر خارج المنزل، إنما كان من عمله لمنزله والعكس…".
وقيل أيضاً: إن هناك شخصاً ما استطاع الدخول إلى حجرته بالفندق وانتظره حتى يأتي، ثم قتله عن طريق ضربه على رأسه، وإذا كان بعض الصحفيين اليهود قد دافعوا عن الموساد قائلين: إن جهاز الموساد لا يستخدم مثل هذه الأساليب في القتل؛ فالرد دائماً يأتي: ولماذا لا يكون هذا الأسلوب اتُّبع لكي تبتعد الشبهات عن الموساد؟! ودليل ذلك أن المفاعل العراقي تم تفجيره بعد شهرين من مقتل المشد، والغريب أيضا والمثير للشكوك أن الفرنسيين صمّموا على أن يأتي المشد بنفسه ليتسلم شحنة اليورانيوم، رغم أن هذا عمل يقوم به أي مهندس عادي كما ذكر لهم في العراق بناء على رواية زوجته، إلا أنهم في العراق وثقوا فيه بعدما استطاع كشف أن شحنة اليورانيوم التي أرسلت من فرنسا غير مطابقة للمواصفات، وبالتالي أكدوا له أن سفره له أهمية كبرى. السياسة والصداقة الغريب أنه بعد رجوع أسرة المشد من العراق؛ قاموا بعمل جنازة للراحل، ولم يحضر الجنازة أي من المسئولين أو زملاؤه بكلية الهندسة إلا قلة معدودة.. حيث إن العلاقات المصرية العراقية وقتها لم تكن على ما يرام بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وأصبحت أسرة المشد الآتية من العراق لا تعرف ماذا تفعل بعد رحيل المشد، لولا المعاش الذي كانت تصرفه دولة العراق والذي صرف بناء على أوامر من صدام حسين مدى الحياة (رغم أنه توقف بعد حرب الخليج).. ومعاش ضئيل من الشئون الاجتماعية التي لم تراع وضع الأسرة أو وضع العالم الكبير. كما أن الإعلام المصري لم يسلط الضوء بما يكفي على قصة اغتيال المشد رغم أهميتها، ولعل توقيت هذه القصة وسط أحداث سياسية شاحنة جعلها أقل أهمية مقارنة بهذه الأحداث!! وبقي ملف المشد مقفولاً، وبقيت نتيجة التحريات أن الفاعل مجهول.. وأصبح المشد واحداً من سلسلة من علماء العرب المتميزين الذين تم تصفيتهم على يد الموساد..
يحيى المشد عالم ذرة مصري وأستاذ جامعي, درّسَ في العراق في الجامعة التكنولوجية قسم الهندسة الكهربائية فشهد له طلابه وكل من عرفه بالأخلاق والذكاء والعلمية.
محتويات
* 1 نشأته ومؤهلاته
* 2 وظيفته
* 3 بعد النكسة
* 4 في العراق
* 5 اغتياله
* 6 ملابسات الاغتيال
* 7 وصلات خارجية
نشأته ومؤهلاته
ولد يحيى المشد في مصر في بنها سنة 1932، وتعلم في مدارس مدينة طنطا تخرج من قسم الكهرباء في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية سنة 1952م، ومع انبعاث المد العربي سنة 1952، وأختير لبعثة الدكتوراه إلى لندن سنة 1956، لكن العدوان الثلاثي على مصر حولها إلى موسكو، تزوج وسافر وقضى هناك ست سنوات عاد بعدها سنة 1963.عاد بعدها سنة 1963 الدكتور يحيى المشد متخصصاً في هندسة المفاعلات النووية.
وظيفته
عند عودته إنضم إلى هيئة الطاقة النووية المصرية حيث كان يقوم بعمل الإبحاث، أنتقل إلى النرويج بين سنتيّ 1963 و1964، ثم عاد بعدها كأستاذ مساعد بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية وما لبث أن تمت ترقيته إلى "أستاذ"-، حيث قام بالإشراف على الكثير من الرسائل الجامعية ونشر أكثر من 50 بحثا.
بعد النكسة
بعد حرب يونيو 1967 تم تجميد البرنامج النووي المصري، مما أدى إلى إيقاف الأبحاث في المجال النووي، وأصبح الوضع أصعب بالنسبة له بعد حرب 1973 حيث تم تحويل الطاقات المصرية إلى إتجاهات أخرى.
في العراق
كان لتوقيع صدام حسين في 18 نوفمبر 1975 اتفاقية التعاون النووي مع فرنسا أثره في جذب العلماء المصرين إلى العراق حيث أنتقل للعمل هنالك. قام برفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية حيث إعتبرها مخالفة للمواصفات، أصرت بعدها فرنسا على حضوره شخصيا إلى فرنسا لتنسيق استلام اليورانيوم.
اغتياله
في يوم الجمعة 13 يونيه عام 1980 وفى حجرة رقم 941 بفندق الميريديان بباريس عُثر على الدكتور يحيى المشد جثة هامدة مهشمة الرأس ودماؤه تغطي سجادة الحجرة.. وقد أغلق التحقيق الذي قامت به الشرطة الفرنسية على أن الفاعل مجهول!! هذا ما أدت إليه التحقيقات الرسمية التي لم تستطع أن تعلن الحقيقة التي يعرفها كل العالم العربي وهي أن الموساد وراء اغتيال المشد.. والحكاية تبدأ بعد حرب يونيه 1967 عندما توقف البرنامج النووي المصري تماما، ووجد كثير من العلماء والخبراء المصريين في هذا المجال أنفسهم مجمدين عن العمل الجاد، أو مواصلة الأبحاث في مجالهم، وبعد حرب 1973 وبسبب الظروف الاقتصادية لسنوات الاستعداد للحرب أعطيت الأولوية لإعادة بناء المصانع، ومشروعات البنية الأساسية، وتخفيف المعاناة عن جماهير الشعب المصري التي تحملت سنوات مرحلة الصمود وإعادة بناء القوات المسلحة من أجل الحرب، وبالتالي لم يحظ البرنامج النووي المصري في ذلك الوقت بالاهتمام الجاد والكافي الذي يعيد بعث الحياة من جديد في مشروعاته المجمدة. البداية في العراق في ذلك الوقت وبالتحديد في مطلع 1975 كان صدام حسين نائب الرئيس العراقي وقتها يملك طموحات كبيرة لامتلاك كافة أسباب القوة؛ فوقّع في 18 نوفمبر عام 1975 اتفاقاً مع فرنسا للتعاون النووي.. من هنا جاء عقد العمل للدكتور يحيى المشد العالم المصري والذي يعد من القلائل البارزين في مجال المشروعات النووية وقتها، ووافق المشد على العرض العراقي لتوافر الإمكانيات والأجهزة العلمية والإنفاق السخي على مشروعات البرنامج النووي العراقي.
وكعادة الاغتيالات دائما ما تحاط بالتعتيم الإعلامي والسرية والشكوك المتعددة حول طريقة الاغتيال.
ملابسات الاغتيال
أول ما نسبوه للمشد أن الموساد استطاع اغتياله عن طريق مومس فرنسية، إلا أنه ثبت عدم صحة هذا الكلام؛ حيث إن "ماري كلود ماجال" أو "ماري إكسبريس" كشهرتها –الشاهدة الوحيدة- وهي امرأة ليل فرنسية كانت تريد أن تقضي معه سهرة ممتعة، أكدت في شهادتها أنه رفض تمامًا مجرد التحدث معها، وأنها ظلت تقف أمام غرفته لعله يغيّر رأيه؛ حتى سمعت ضجة بالحجرة.. ثم اغتيلت أيضاً هذه الشاهدة الوحيدة. كما تدافع عنه وبشدة زوجته "زنوبة علي الخشاني" حيث قالت: "يحيى كان رجلا محترما بكل معنى الكلمة، وأخلاقه لا يختلف عليها اثنان، ويحيى قبل أن يكون زوجي فهو ابن عمتي، تربينا سويًّا منذ الصغر؛ ولذلك أنا أعلم جيدًا أخلاقه، ولم يكن له في هذه "السكك" حتى إنه لم يكن يسهر خارج المنزل، إنما كان من عمله لمنزله والعكس…".
وقيل أيضاً: إن هناك شخصاً ما استطاع الدخول إلى حجرته بالفندق وانتظره حتى يأتي، ثم قتله عن طريق ضربه على رأسه، وإذا كان بعض الصحفيين اليهود قد دافعوا عن الموساد قائلين: إن جهاز الموساد لا يستخدم مثل هذه الأساليب في القتل؛ فالرد دائماً يأتي: ولماذا لا يكون هذا الأسلوب اتُّبع لكي تبتعد الشبهات عن الموساد؟! ودليل ذلك أن المفاعل العراقي تم تفجيره بعد شهرين من مقتل المشد، والغريب أيضا والمثير للشكوك أن الفرنسيين صمّموا على أن يأتي المشد بنفسه ليتسلم شحنة اليورانيوم، رغم أن هذا عمل يقوم به أي مهندس عادي كما ذكر لهم في العراق بناء على رواية زوجته، إلا أنهم في العراق وثقوا فيه بعدما استطاع كشف أن شحنة اليورانيوم التي أرسلت من فرنسا غير مطابقة للمواصفات، وبالتالي أكدوا له أن سفره له أهمية كبرى. السياسة والصداقة الغريب أنه بعد رجوع أسرة المشد من العراق؛ قاموا بعمل جنازة للراحل، ولم يحضر الجنازة أي من المسئولين أو زملاؤه بكلية الهندسة إلا قلة معدودة.. حيث إن العلاقات المصرية العراقية وقتها لم تكن على ما يرام بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وأصبحت أسرة المشد الآتية من العراق لا تعرف ماذا تفعل بعد رحيل المشد، لولا المعاش الذي كانت تصرفه دولة العراق والذي صرف بناء على أوامر من صدام حسين مدى الحياة (رغم أنه توقف بعد حرب الخليج).. ومعاش ضئيل من الشئون الاجتماعية التي لم تراع وضع الأسرة أو وضع العالم الكبير. كما أن الإعلام المصري لم يسلط الضوء بما يكفي على قصة اغتيال المشد رغم أهميتها، ولعل توقيت هذه القصة وسط أحداث سياسية شاحنة جعلها أقل أهمية مقارنة بهذه الأحداث!! وبقي ملف المشد مقفولاً، وبقيت نتيجة التحريات أن الفاعل مجهول.. وأصبح المشد واحداً من سلسلة من علماء العرب المتميزين الذين تم تصفيتهم على يد الموساد..
رد: يحي المشد ... اكذوبة مصرية علي طريق البحث عن رموز قومية
مقدم الحلقة: | يسري فودة |
ضيوف الحلقة: | : عدة شخصيات |
تاريخ الحلقة: | 03/01/2002 |
-
عملية اغتيال الدكتور يحي المشد
-
حياته العلمية وتخصصه في الهندسة النووية وسفره إلى العراق
-
علاقات العراق النووية بفرنسا وأسباب سفر المشد إلى باريس
-
الموساد وعملية اغتيال المشد
-
التفوق النووي الإسرائيلي وتدمير المشروع النووي العراقي
<table width="10" align="left" border="0"><tr><td align="middle"></td></tr><tr><td class="imgcaption" dir="rtl" id="Comment" valign="top" align="middle">يحيى المشد</td></tr></table> |
<table width="10" align="left" border="0"><tr><td align="middle"></td></tr><tr><td class="imgcaption" dir="rtl" id="Comment" valign="top" align="middle">زنوبة الخشخاني (أرملة المشد)</td></tr></table> |
<table width="10" align="left" border="0"><tr><td align="middle"></td></tr><tr><td class="imgcaption" dir="rtl" id="Comment" valign="top" align="middle">أيمن يحيى المشد</td></tr></table> |
<table width="10" align="left" border="0"><tr><td align="middle"></td></tr><tr><td class="imgcaption" dir="rtl" id="Comment" valign="top" align="middle">فاضل محمد علي </td></tr></table> |
<table width="10" align="left" border="0"><tr><td align="middle"></td></tr><tr><td class="imgcaption" dir="rtl" id="Comment" valign="top" align="middle">عادل حمودة </td></tr></table> |
<table width="10" align="left" border="0"><tr><td align="middle"></td></tr><tr><td class="imgcaption" dir="rtl" id="Comment" valign="top" align="middle">مصطفى عبد الباقي </td></tr></table> |
<table width="10" align="left" border="0"><tr><td align="middle"></td></tr><tr><td class="imgcaption" dir="rtl" id="Comment" valign="top" align="middle">نادية مشرفة </td></tr></table> |
<table width="10" align="left" border="0"><tr><td align="middle"></td></tr><tr><td class="imgcaption" dir="rtl" id="Comment" valign="top" align="middle">يسري فودة</td></tr></table> |
الخشخاني (أرملة يحيى المشد): وطلبت رديت قال أيوه أهلاً مكتب السيد
الرئيس أو بيت السيد الرئيس مين حضرتك؟ قلت أنا حرم الدكتور المشد عايزه
أكلم السيد الرئيس ممكن؟ قال ممكن –زي الأفلام، أنا نفسي ماكنتش مصدقة
الكلام ده اللي بيحصل ده- جه السيد الرئيس على التليفون وقال لي أهلاً بيكي
في بلدك يا أختي إحنا كلنا جنبك، أنا قلت له أنا عايزة أقابل حضرتك، قال
تتفضلي.. تتفضلي بكرة الساعة 6 بعد الظهر.
يسري فوده: بين عامي 78 و
82 كانت طموح العراق في المجال النووي قد بلغ ذروته وكان تربص أطراف أخرى
بهذا الطموح قد بلغ أيضاً ذروته، بدأ مسلسل درامي من الأحداث، استخدم فيه
المسموح وغير المسموح، دموي في معظم الأحيان كان أحد ضحاياه عالم مصري له
قلب ريفي وضمير عربي ووجه عادي، وعقل غير عادي.
عمق المأساة في قصة
اغتيال الدكتور يحيى المشد يلخص في جانب من جوانبه عمق الإحباط العربي وخجل
الإرادة السياسية يتشح الغيورون بالسواد على دم واحد منا أراد يوماً ما أن
يكون لنا مخلب –ولو صغير- نهش به مخالب الذين يكتمون أنفاسنا، ثم دفع في
مقابل ذلك أغلى ما يملك. وحيداً في مدينة باردة.
[باريس 13/6/1980م]
عملية اغتيال الدكتور يحيى
المشد
عادل حمودة (مؤلف
"الموساد واغتيال المشد): الحقيقة طبعاً ما كانتش أسمع عن يحيى المشد ولا
كنت أعرف اسمه، أنا في الفترة دي كنت في أوتيل متواضع جداً في الحي
اللاتيني، بأتفرج على التليفزيون، فلفت نظري إنه كاميرات التليفزيون بتتكلم
عن قتل عالم مصري، بدؤوا يترجموا الكلام إنه دكتور في العلوم النووية وإنه
كان يعمل لصالح العراق، ولكن لفت نظري طبعاً أن ضابط البوليس الذي خرج..
خرج ومعاه فوطة.. منشفة للحمام كبيرة عليهاrouge موجودة وقال.. وغمز بعينه
وقال إن إحنا قدام جريمة عاطفية.
د. مصطفى عبد الباقي
(هيئة الطاقة الذرية المصرية): هو اللي لفت نظري إن الدكتور يحيى المشد كان
في فندق الميريديان في 13 يونيو 1980 وكان راح في ذلك اليوم كان اشترى
حاجات للمدام بتاعته والأولاد وكان بيستعد للسفر.
وكان في ذلك الوقت
الدكتور يحيى.. كان الدنيا بتمطر في تلك الليلة ودخل الدكتور يحيى المشد
وشايل مجموعة أكياس وهدايا صغيرة لأسرته ساعة أعتقد ساعة (جوفيال) لابنه،
مش عارف مجموعة ملابس لابنتيه، وأيضاً مجموعة أشياء للسيدة زوجته وكان في
جيبه –كما اتضح فيما بعد- مجموعة عملات من دول مختلفة، حاجات صغيرة جداً.
فؤاد أبو منصورة (مجلة
"الصياد"): ركزوا على الدكتور المشد، وكانوا يعرفون متى يخرج من الفندق
ومتى يعود إليه في المساء، قيل يومها أن هناك تلات عناصر كانت تؤمن الرصد..
الرصد وتنقل.. والمراقبة وتنقل إلى غرفة إلى غرفة عمليات، يعني قيل أنها
استظلت مظلة دبلوماسية، لكي لا تثير الانتباه إليها.
عادل حمودة: وبعدين أول
ما دخل الفندق وجه يركب الأسانسير للصعود للغرفة بتاعته، فاللي حصل فيه
سيدة مجهولة تتبعت خطواته، ودخلت معاه في الأسانسير والصعود معه، وحاولت
إغراءه بكافة المحاولات، لكي تقضي سهرة معه في حجرته، لكنه كان رجل متدين
وبعيد عن هذا الاتجاه، ورفض إنه يطاوعها في أغراضها، وتركها واتجه إلى
الحجرة بتاعته.
حدث بعد كده إنه التصور
النهائي للجريمة نتيجة كل الفحص الكامل –في تصوري- أنه ما حدث في تلك
اللحظة أنه (مارين مجَّال) العاهرة أعتقد أن دورها قد انتهى ذلك، لأنه
سيناريو الجريمة ما اكتملش على هذا النحو، وفي تصوري هنا بيأتي رجل الموساد
اللي بيطرق الباب في نفس اللحظة، وعندما بيفشل بياخد طيارته وينزل على تل
أبيب وبيبعت اتنين من رجاله في وحدة القتل وبتتم عملية القتل بأنه فتح
الباب master key، بمفتاح master key، وبيتم ضربه بآلة حادة على رأسه.
فؤاد أبو منصورة: وفي
هذه الليلة بالذات 13 يونيو 1980 قيل أن القاتل كان ضمن الغرفة التي دخل
إليها الدكتور المشد، لم يطرق على بابه إنما كان ينتظره ضمن الغرفة، هنا
أراد.. أراد الفعلة أن يشوشوا الصورة لكي يعني يموهوا دورهم ويخفوا حقيقة
من ارتكب هذه العملية.
عادل حمودة: لأنه إنك
أنت بتجيب عاهرة بتخش معاه سيناريو يعني أوضة النوم بتعمل معاه علاقة، فيه
آثار لهذه العلاقة، بيخش شخص غيور، قد يكون الزوج قد يكون القواد، قد يكون
شخص آخر لا يملك غير إنه يمسك الأداة الموجودة في المكان، ويضرب بيه فيبدو
الجريمة وكأنها طبيعية.
فؤاد أبو منصورة: تقرير
الطبيب الشرعي "قتل بآلة حادة" لماذا؟ لكي يتم الإيحاء أو الإيهام بأن
القاتل ليس محترفاً، ولا ينتمي إلى أي تنظيم أو جهاز سري، إنما القصة
أرادوا أن يحصروا القصة في علاقة دكتور مع امرأة، قبل أنها تسللت إلى غرفته
وارتبطت بعلاقة غرامية معه، وفي آخر المطاف يعني الوصال تحول إلى قطيعة
وأرادت الانتقام منه.
عادل حمودة: أنا دا
تصوري إنه كان السيناريو اللي كان معمول ومقصود، بالتالي تم قتل يحيى المشد
بآلة حادة، غالباً هي جزء من عمود الأباجورة اللي موجود في جنب السرير،
وبعدين بياخدوا بعضهم ويحطوا لافتة ممنوع الإزعاج على الباب وبيمشوا، هذه
اللافتة طبعاً بتُحترم جداً في أوروبا، واستمر يوم، أكثر من يوم، إلى أن
بتيجي العاملة اللي هي بتاعة النظافة بترى إن زادت المدة أكثر من القانون
وبالتالي بيفتح وبيتم اكتشاف الجريمة.
زنوبة الخشخاني (أرملة
يحيى المشد): يوم 15 تقريباً يعني كانوا زمايلنا في العراق سمعوا الإذاعة
بتاعة BBC وعرفوا الخبر ما حدش تجرأ وجه قال لي حاجة، دكاترة زمايلنا، جولي
من مؤسسة الطاقة الذرية، قعدوا قالوا لي الخبر إن الدكتور المشد جت له
ذبحة صدرية، جت له حاجات زي كده واتوفي في فرنسا، أنا ثرت، علشان يحيى كان
كويس جداً صحته كانت كويسة جداً، قلت لهم أنتوا موتوه وصرخت فيهم.
حياته العلمية
وتخصصه في الهندسة النووية وسفره إلى العراق
يسري فوده: ولد في بنها
عام 32، وتعلم في مدارس طنطا وتخرج من قسم الكهرباء في جامعة الإسكندرية،
مع انبعاث المد العربي عام 52، أختير لبعثة الدكتوراة إلى لندن عام 56، لكن
العدوان الثلاثي على مصر حولها إلى موسكو، تزوج وسافر وقضى هناك ست سنوات
عاد بعدها عام 63 الدكتور يحيى المشد متخصصاً في هندسة المفاعلات النووية،
التحق بهيئة الطاقة الذرية المصرية، التي كان أنشأها الزعيم الراحل جمال
عبد الناصر، الذي أمر أيضاً قبل ذلك بعام بإنشاء قسم للهندسة النووية في
جامعة الإسكندرية، انتقل إليه المشد، حتى صار رئيسه عام 68 بعد سنوات قليلة
من جلوسه وراء هذه النافذة حمل الرجل عصاه ومضى تاركاً تلاميذه لمصيرهم.
د. محمد ياسر خليل (رئيس
الهندسة النووية – جامعة الإسكندرية): العالم المصري مالوش أي أهمية أو
العقل المصري اللي بيعلمنا في مجال العلم مالوش أهمية طالما إن هو بيعمل في
المجال العلمي داخل مصر أو داخل المنطقة العربية، أنا مش عايز أخصص لأن
الكلام عام يعني، لكن لو.. لو نفس العقلية دي موجودة في الغرب أو موجودة
خارج مصر، فهي دي عقلية إحنا نحتفي بيها ونرحب بيها، ونتكلم عليها ونشير
إليها بالبنان، قد تكون عقلية مماثلة لها تماماً، والقدرات مماثلة لها
تماماً موجودة في مصر، ولكن للأسف.. فإحنا الحقيقة المثل اللي بيقول: "لا
كرامة لنبي في أهله" ومش عارف هو ده صح أم لا، ولكن.. ولكن يبدو إن هو
بينطبق علينا تمام الانطباق.
[بغداد]
يسري فوده: البلد العربي
الوحيد الذي أنعم الله عليه بالحسنيين الماء والنفط العراق، بدأ مارده في
أعقاب حرب الكرامة العربية عام 73 ينفض التراب عن قمقمه.
د. منذر التكريتي (رئيس
القسم الذي عمل به المشد سابقاً): والله في واحد نيسان 1975 تم تأسيس
الجامعة التكنولوجية، وكان ليَّ الشرف أن أكون عضو في أول مجلس جامعة،
وكذلك أن عُهد لي تأسيس وإدارة قسم هندسة السيطرة والنظم ما يسمى باللغة
الإنجليزية. Control and system
engineering Department وكانت
المهمة كبيرة وملحة، ولم يكن الوقت في صالحنا في ذلك الوقت، ولذلك قررنا
الاستعانة بأشقائنا العرب، وبالذات من مصر العروبة، وتم التعاقد مع عدد من
الأساتذة المرموقين المصريين وكان من ضمن هذه النخبة الخيرة المرحوم
الدكتور يحيى المشد.
د. داخل جريو (رئيس
الجامعة التكنولوجية): رأت القيادة السياسية في قطرنا المجاهد إنه هناك
حاجة ملحة إلى ملكات هندسية رفيعة المستوى العلمي وعالية التأهيل وبأعداد
كبير، حيث شهد القطر في ذلك الوقت على ما أطلق عليه بخطة التنمية
الانفجارية والحاجة إلى الملكات والكوادر الهندسية، فجاء تأسيس الجامعة
التكنولوجية.
يسري فوده: ودَّع يحيى
المشد وراءه حلماً غالياً في مصر، لم يجده تماماً في الجامعة التكنولوجيا
في العراق. في هذه المختبرات التي جمَّعها آلة بآلة كان يجد مع تلاميذه
قليلاً من العزاء.
د. صالح الفرغولي (تلميذ
المشد – الرئيس الحالي للقسم): إحنا بالحقيقة كان انتعاش تلك الفترة تأسست
الجامعة والأجهزة حديثة جداً، فكان دائماً أي شيء يجي يكون جديد للقسم،
يطلع عليه ما موجود وفي الحقيقة إحنا دائماً يعطينا تجارب ذات العلاقة وكيف
تطورها، فمن ذاك الزمان يعني بالحقيقة يؤكد على التطوير، التطوير الأجهزة،
جهاز يوجد جديد نتطلع على تفصله، ثم كيف نطوره.
د. منذر التكريتي: رجل
يحب عائلته، حسب ما ذكر بالاختلاط، عائلي يعني Family man، كان قومي، يعني
قومي في تفكيره وقومي في تصرفه، يعني هو أخ عربي عزيز مصري، يعمل في
العراق، لم يلاحظ عليه أبداً إنه يتصرف وكأنه مصري بل تصرف وكأنه عربي يسكن
في بلده.
[الإسكندرية]
يسري فوده: لكن مصر في
تلك الأثناء كانت تتجه في طريق آخر، وضع السادات يده في أيدي اليهود، وتزعم
العراق جبهة الصمود والتصدي، فضرب المشد جذوراً أعمق في العراق.
أيمن يحيى المشد: الجزء
الثاني اللي أعتقد إنه كان برضو الدولة السياسية كانت مش عايزة تفتح النقاش
في مجال الطاقة النووية، لأن كان موضوع الطاقة النووية بالنسبة لها أعتقد
إنه موضوع خلاص أبتدأ ينحصر وبيقفلوا عليه، ودا وضح جداً في مشروع المفاعل
بتاع سيدي كرير، لأنه كان فيه 3 عروض متقدمين، إنه المشروع ده المفروض
يتنفذ فعلاً، ووالدي كان مستني إنه يتنفذ علشان يجي يشتغل فيه، ووقف خالص،
ولغاية النهارده واقف.
يسري فوده: على هامش
عمله في الجامعة التكنولوجية سمح للمشد بالتردد أثناء عطلته الأسبوعية على
منظمة الطاقة الذرية العراقية، إلى أن جاء العام الذي وقع السادات فيه ما
يوصف بمعاهدة السلام.
[القاهرة]
د. فاضل محمد علي (رئيس
الاتحاد العربي للفيزياء الحيوية): 79 وقَّع عقد مع هيئة الطاقة الذرية،
إنما هو لغاية سنة 79 كان في الجامعة التكنولوجية وبيعمل فيها، وهذا لا
يمنع التعاون العلمي في مجال أبحاث علمية تسير بين الجامعة، وزي ما بيحصل
هنا في مصر وفي أي مكان في العالم..
يسري فوده: يعني في تخصص
دقيق قد يسمح لك أن تستشعر أكثر من المواطن العادي.. ربما بالطموحات
العراقية التي بدأت تتنامى في تلك الفترة، من امتلاك قوى نووية، يعني كما
تكشفت أبعادها فيما بعد، يعني هل كنت تلحظ ذلك؟
د. فاضل محمد علي: هو
كان الطموحات العربية وحتى في مصر حتى الآن إن إحنا طالما فيه هناك من
يمتلك القنبلة النووية.. للدفاع عن النفس لابد أن يكون لك نفس الشعور،
والعراق فتحت أبوابها كانت –يعني- عندها طموحات وطموحات جيدة، يعني مش.. مش
ضارة.
زنوبة الخشخاني (أرملة
يحيى المشد): بس طبعاً يعني متخاوف كده إنه يستمر معاهم على اعتبار إنه هنا
في مصر لما كان بيشتغل في الطاقة الذرية في أنشاص، وكان بيروح كلية العلوم
والكلية الفنية العسكرية في مصر، ما كانوش يعني مديين له [يعطوه] له برضوا
التقديرات والإمكانيات الكافية إنه يعيش، وده السبب الرئيسي اللي خلانا
أيه، رحنا العراق، وبعدين ما رحش، مثلاً: السعودية ولا الكويت، والحاجات دي
اللي فيها فلوس، راح العراق علشان فيها مفاعل ذري، إنه يتابع شغله هناك
وهم معاهم الفلوس ويقدر ينفذ.
[باريس 1974]
يسري فوده: في عام 74
وصل (فاليري جيسكار دي ستان) إلى سدة الحكم في فرنسا وقد انفجرت أسعار
النفط العربي.
شريف الشوباشي (مدير
مكتب الأهرام في باريس): البترول كان عنصر من العناصر التي أخذت في اعتبار
متخذي القرار الفرنسي، (جيسكار دي ستان) هو أول من باع السلاح للعالم
العربي باعه.. باع طائرات الميراج لمصر قبل الفترة التي نتحدث عنها بحوالي
خمس سنوات عام 75 إنما كان هناك نفطة محظورة وهي المجال النووي.
[باريس 1975]
علاقات العراق
النووية بفرنسا وأسباب سفر المشد إلى باريس
يسري فوده: بعدها بعام
عام 75 كانت نائب مجلس قيادة الثورة العراقية آنذاك –صدام حسين- في زيارة
لفرنسا، وكانت على جدول أعماله جولة بصحبة رئيس الوزراء الفرنسي –آنذاك-
(جاك شيراك) لتفقد مركز الطاقة النووية الفرنسي في منطقة (كتراج) بالقرب من
(مارسيليا) في جنوب فرنسا، تقول مصادر غربية إن الزعيمين احتفلا لدى نهاية
الزيارة بتوقيع صفقة لم تبلغ بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ليس
لدينا دليل على ذلك..
د. غازي فيصل (سفير
العراق في باريس): طبعاً هو كان موجود في فرنسا ضمن إطار الزيارات العلمية
اللي يقوم بها العلماء العراقيين إلى المختبرات إلى المنشآت اللي توجد
بينها وبين العراق اتفاقات في إطار بناء القدرات العلمية التكنولوجية
النووية العراقية للأغراض السلمية، وهو موجود ضمن إطار بروتوكولات التعاون
بين العراق وبين هذه المؤسسات العلمية، وأكيد استهدفت إسرائيل، كما دائماً
تستهدف أو تحاول أن تستهدف علاقات التعاون العراقية الفرنسية على مختلف
الأصعدة، ومن ضمنها وأبرزها هو التعاون في المجال العلمي والتكنولوجي
النووي أو غيره من مجالات التعاون التكنولوجي.
[بغداد 1976]
يسري فوده: بعد ذلك
بعام.. عام 76 كان (جاك شيراك) يرد الزيارة، في تلك الآونة كانت دول
أوروبية قد استحدثت أسلوب الطرد المركزي لاستخلاص اليورانيوم 235 بنسبة
تخصيب تصل إلى 93%، ما يغني عن الحاجة إلى إنشاء مفاعل ضخم لإنتاج
البولتنيوم 239.
د. فاضل محمد علي:
العراق كان عنه هذا المفاعل اللي هو كان هيتعمل في فرنسا وطلبوا منه إن
يعمل له.. ياخده بالنظام الجديد وقد تم.. قد تم بعد سلسلة من المحادثات
وأنا أعتقد إن يحيى كان فيها، لهذا السبب سافر إلى فرنسا، وأنا كنت عارف.
يسري فوده: حضرتك كنت
عارف؟
د. فاضل محمد علي: أيوه
طبعاً.
[جنوب فرنسا 1979]
يسري فوده: بعيد التحاق
يحيى المشد بمنظمة الطاقة الذرية العراقية هبط في مطار (إير) قرب مدينة
(تولون) في جنوب فرنسا فريق من ثلاث أشخاص قدموا في رحلة داخلية من باريس،
عندما وصلوا إلى (تولون) توجهوا إلى محطة القطار حيث أستأجروا سيارة من
طراز (رينو 12) قادوها إلى فيلا قريبة، داخلها كان أربعة آخرون في
انتظارهم، هؤلاء، تقول مصادر فرنسية إنهم من عملاء جهاز الاستخبارات
الصهيوني "الموساد"، باتوا ليلتهم يرسمون خطة تخريبية.
في اليوم التالي الخامس
من أبريل نيسان عام 79 توجه المخربون في طريقهم إلى مرفأ صغير، غربي تولون
يدعى (لاسين سومير) كانت هذه جولة استطلاعية أرادوا من وراءها تحديد موقع
جريمتهم، في هذا الموقع، في مخزن بعينه يشبه هذه المخازن كانت تقبع درة
التعاون العراقي الفرنسي تمهيداً لشحنها عن طريق مارسيليا إلى بغداد بعد
أيام معدودة.
وضع زوار الليل لمساتهم
الأخيرة على خطتهم قبل أن يعودوا تحت جنح الظلام، فيما يراد لنا أن نفهم أن
خطتهم الأولى كانت سرقة قلبي المفاعلين العراقيين "إيزيس" و"أوزوريس" كما
سماهم الفرنسيون أو كما سماهم العراقيون "تموز 1"، و"تموز 2" في يسر تسللوا
إلى الداخل، وفي يسر ميزوا الشحنة العراقية من بين شحنات أخرى مماثلة، وفي
يسر تسرب الوقت فلجأوا إلى خطتهم البديلة، فجروا قلبي المفاعلين ولاذوا
بالفرار.
د. غازي فيصل: كل اللي
ذكر إنه.. أشيرت أصابع الاتهام حول الموساد.. وبنفس الوقت تم الإشادة في
حينها يعني ببراعة العملية، كيف وصلوا هؤلاء الجناة إلى هذا المكان على
الرغم من إنه وجود حراسة، على الرغم إنه العملية هي تتم برعاية السلطات
الفرنسية، الأجهزة الأمنية المختصة لحماية هذا الجهاز أو هذا القلب لكي
ينقل من المصنع إلى البحر، لكي ينقل إلى مكان اللي هو مكان معلوم في
العراق.
عادل حمودة: التواطؤ في
اعتقاد هو موجود في هيئة الطاقة النووية، وعندنا دليل إضافي على ذلك مواعيد
تسليم المفاعلين العراقيين اللي هما إيزيس وأوزوريس اللي همَّ اتفجروا قبل
كده في مارسيليا بدقة، وقبل وقت يكاد يكون بتتكلم على ساعات قبل الشحن،
يعني إذاً هو في المخازن بتاعة الشركة، إذاً أنت قدام أشياء دقيقة جداً، لا
أتصور إنه الشرطة الفرنسية ترقى إلى مستوى أن تكون طرف مع الموساد،
المسألة أكبر من الشرطة الفرنسية.
فؤاد أبو منصورة:
والرئيس (دي ستان) أراد ألا يخسر العقود التي وقعت مع العراق، لأنها كانت
عقوداً دسمة للصناعات التسليحية الفرنسية، وفي الوقت ذاته حاول أن.. أن لا
يتهم بأنه يساعد على الانتشار النووي، ماذا فعل يومها؟ طلب من من المفوضية
النووية إنتاج وقود اسمه "وقود كراميل" يعني بدل أن مخصب بنسبة 97.. 94% من
اليورانيوم المخصب أن يكون مخصباً فقط بنسبة 7%، يعني أن يُشغل مفاعل
أوزيراك التي باعته فرنسا، ولكن هذا الوقود يكون عاجزاً عن إنتاج القنبلة
النووية.
د. غازي فيصل: في حينها
أصر العراق أنه هناك عقد بين العراق وبين المؤسسات الفرنسية يفترض أن يتسلم
مفاعل بنفس المواصفات العلمية التكنولوجية، لأن لا،.. لا.. لا يستطيع
(الكراميل) أنت ينتج طاقة نووية بنفس المواصفات اللي ممكن، هذا إذا.. فعلاً
صح تكهنات العلماء، واستطاعوا الوصول في حينه إلى إنتاج الكراميل وتحوير
القلب مال المفاعل إلى آخر من تفاصيل التقني.
زنوبة الخشخاني: قال لي:
ماكينات أنا رجعتها لهم عشان مش دي المواصفات اللي أن طالبها.
قلت له: يا خبر! ده كده
هم هيحطوك في دماغهم بقى إنك أنت بتشاكسهم وتعمل معاهم كده، قال لي: لأ لأ،
أنا ما.. ما، أنا واكل عيش العراقيين، وأنا بأعمل اللي يميله عليَّ ضميري،
ضميري ما يسمح ليش إن أن أتنازل عن أي حقوق في الشغل.
أيمن يحيى المشد:
اليورانيوم دوت كان فيه مشكلة فيه أيه هي؟ ما أعرفهاش، لأن هو كان.. والدي
مش من النوع اللي كان بيتكلم معايا.
يسري فوده: هو اللي قال
لك ده يورانيوم أو..؟
أيمن يحيى المشد: آه،
قلت له: طب وأنت واخده معاك ليه؟ هو أنت المفروض بتنقله؟ أنا اتخليت بقى إن
هو ده اليورانيوم اللي بيتحط جوه المفاعل، يعني.. فقال لي: لأ، ده عينات
بيتعمل عليها تحليلات والكلام ده كله، وإن هو رايح فرنسا.. ما قاليش طبعاً
بسب الموضوع ده، بس قال لي يعني.. يعني تبع شغله العينات دي، بس.. بس كان
فيها حاجة يعني.. يعني دي كانت تبع شغله، يعني تبع السفرية دي، يعني مش..
يعني دي مش حاجة موجود عادية في شنطته وهو مسافر بيها لأ، دي تبع السفرية
دي بالذات.
زنوبة الخشخاني: وكان
قبل ليلة السفر كان واقف قدام الدولاب، قمت أنا قلت له.. قال لي: ما عمروش
يتكلم على نفسه هو، مابيتكلمش على نفسه ولا يفتخر بنفسه، ولا يقول أنا إيه،
ولا.. بيتكلمش بالطريقة دي، الليلة دي بالذات قال حاجة، وفعلاً ربنى
استجابها له ونفذت فعلاً: أنا –يا زيزي- مش أي حد، أن لازم أقول للعالم ده
كله إن أنا مش أي حد، ليه قال كده؟
عشان إيه قال كده؟ عمره
ما أتكلم على نفسه.
الموساد وعملية
اغتيال المشد
يسري فوده: مفوضاً من
منظمة الطاقة الذرية العراقية مع ثلاثة آخرين من زملائه العراقيين وصل
الرجل إلى باريس في السابع من يونيو/ حزيران عام 80، فنزل في غرفة بالطابق
الأخير من هذا الفندق، يكتب في مذكراته بخط يده ملاحظات على اجتماعاته
بنظرائه الفرنسيين، تبرز من بينها كلمة (كراميل) ومشاريع لتدريب العقول
العراقية في المؤسسات الفرنسية، ويبرز أيضاً من بينها جانب الإنسان في يحيى
المشد، كيف يوزع ميزانية السفر الزهيدة؟ وكيف يجد لأفراد عائلته ملابس
تناسب مقاساتهم؟ كان يفكر في الذرة وفي الملابس الداخلية لابنه أيمن في آنٍ
معاً، لكنه مات قبل أن يُكمل إنجاز أيٍّ منهما في الثالث عشر من
يونيو/حزيران لفظ أنفاسه الأخيرة، ولم تكتشف جثته إلا بعدها بأكثر من يوم،
لكن الشرطة الفرنسية كتمت الخبر عن العالم لأربعة أيام أخر.
لم تنته القصة عند هذا
الحد، ففي ضاحية (سان ميشيل) بعدها بأقل من شهر كانت أهم شاهدة في القضية
العاهرة (ماري كلود ماجال) تغادر أحد بارات باريس الرخصية وقد بدي لمن
يراها هكذا في الشارع وكأنها مخمورة، منظر مألوف في هذه الضاحية بعد منتصف
الليل، لكن غير المألوف أنها وقد كانت تعبر الشارع دهستها سيارة مجهولة لم
يعثر عليها حتى اليوم، مرة أخرى قيدت القضية ضد مجهول.
في تقريرها النهائي
أشارت الشرطة الفرنسية بأصابع الاتهام في اغتيال المشد إلى ما وصفته بمنظمة
يهودية لها علاقة بالسلطات الفرنسية، لكن أقوى دليل يأتي في سياق كتاب صدر
عام 2000، يضم اعتراف المسؤول عن شعبة القتل في الموساد.
عادل حمودة: وهو راجل
كان بيقول لك أنه يدفعون دولاراً علاوة لكل من يقتل شخص، يعني العلاوة
تساوي دولار، يعني من باب الاستهانة مش أكتر، وبيهدي مشهد الختام وهو أنه
قد ذهب إلى يحيى المشد في غرفته وطرق الباب عليه بعد قصة العاهرة (ماري
ماجال) وقال له: نحن أصدقاء.. إحنا ولاد عم، التعبير الشائع بين العرب
والإسرائيليين أو العرب واليهود، وقال له إن أنا عندي أصدقاء، وإني مستعد
إن إحنا ندفع لك أي مبلغ تطلبه، فكان رده حاد جداً ورد شرقي، قال له يعني
أعتقد إنه حسب كلام المؤلف يعني مش كلامي: امشي يا كلب أنت واللي باعتينك،
فخرج مسؤول القتل في الموساد –حسب كلام هذا الكتاب- وأخد طيارة (العال)
اللي هي رايحة إلى تل أبيب وبعد أكثر من نصف ساعة كانت عملية القتل بتتم
بشكل أو بآخر.
يسري فوده: هؤلاء الكلاب
كما وصفهم المشد، لا ينفون ولا يؤكدون في محاولة لإرهاب علمائنا وإرهابنا،
لكنهم يجدون في أجندة الأميركيين كثيراً مما يوافق أغراضهم.
عمير أورين (صحيفة "ها
آرتيس"): في أواخر حقبة السبعينات وأوائل حقبة الثمانينات فيما كان
البرنامج النووي العراقي في طريق التقدم، أقسمت إسرائيل علناً أن تضع حداً
له، ووفقاً لتقارير موثوق بها حاولت إسرائيل النيل من الأشخاص الضالعين في
البرنامج كالعلماء والمهندسين والوسطاء، وأيضاً حاولت النيل من المواد التي
كانت في طريقها إلى المفاعل.
شلومو أجرونسون (أستاذ
العلوم السياسية- جامعة القدس): كيف يمكن ثلاث مائة وعشرين مليون عربي أن
يتقبلوا جزيرة يهودية من خمسة ملايين؟ سياسياً لا يعقلها العرب، شيء واحد
فقط يمكن أن يرغمهم على قبولنا ألا وهو القنبلة النووية، بمعنى أن يكون
باستطاعتنا إنزال مصيبة مفجعة على العالم العربي كله لو حاولوا تدميرنا.
يسري فوده: وراء أسوار
هذا السجن لا يزال يقبع يهودي من أصل مغربي اسمه (موردخاي فعنونو) هرب من
مفاعل (ديمونة) عام 86 بمجموعة من الصور، قدمها لصحيفة صاندي تايمز
البريطانية، استنتج منها الخبراء امتلاك إسرائيل مائتي رأسٍ نووياً حتى ذلك
الوقت بمساعدة أميركية.
بيتر هاونام (أجرى حوار
مع موردخاي فعنونو): هذه الدولة ستغرق لو قطعت المساعدات الأميركية، ولو
ثبت الأمر فإن الولايات المتحدة وفق القوانين الأميركية ليس من المفترض أن
تقدم مساعدة إلى دولة لديها برنامج نووي سري، ولهذا فإن حقيقة التجاهل
الأميركي تثبت أن هناك تواطؤاً، بل إنني من خلال بحثي لسنوات وضعت يدي على
مواقف كثيرة قدمت أثناءها مساعدات أميركية إلى قطاعات من البرنامج النووي
سراً.
أفيكتور فيلدمان (محامي
موردخاي فعنونو): لا تزال لديه رغبة حقيقية في محاربة الأسلحة النووية، قال
أمام المحكمة أكثر من مرة إنه سيفعل كل ما في وسعه لتخليص الشرق الأوسط
منها، ولهذا عارضوا الإفراج عنه، وحتى الآن اقتنعت المحكمة بموقف الحكومة
فلم تطلق صراحة.
عصام نجول (عضو
الكنيست): هذا جانب.. الجانب الثاني في معادلة.. التعتيم الإسرائيلية هو
تمكين الولايات المتحدة أو الدفاع عن الموقف المتلون للولايات المتحدة الذي
يطالب الدول الأخرى في العالم وخصوصاً في الشرق الأوسط، ويحاربها، ويحتل
أرضها، ويمزقها، ويفرض الحصار عليها خلال عشر سنوات بحجة أنها تمتلك السلاح
النووي أو تريد إنتاج السلاح النووي، بينما هي تغمض أعينها عن الترسانة
النووية الهائلة والمرعبة التي تمتلكها إسرائيل، هذه السياسة المفضوحة
عملياً يجب أن تفضح رسمياً.
التفوق النووي
الإسرائيلي وتدمير المشروع النووي العراقي
يسري فوده: يتنازل العرب
طوعاً عن حقوقهم، وهم متأكدون أن الصهاينة نصبوا قنابلهم النووية أمام
بيوتنا، فيما يذبح العراق كل يوم لمجرد الشك.. مجرد الشك، فرق من التفتيش
بعد فرق من التفتيش قادها أعداء العرب، لم تثبت لنا حتى اليوم وجود سلاح
نووي واحد، فما بالك بمائتين وأكثر ونحن لا حياة لمن تنادي!
بعد عامٍ على اغتيال
المشد تنطلق مقاتلات صهيونية من أرض عربية كي تعبر فوق سموات عربية قبل أن
تصل إلى بلدٍ عربي اسمه العراق فتدمر المفاعل النووي، خبر آخر نتسلى به قبل
النوم.
شريف الشوباشي: إذاً
الدول العربية من حقها أن تسعى، وأعتقد أنه.. أن الكثير من الدول العربية
تسعى بالفعل، وإنما هذه الأمور لا تظهر في وسائل الإعلام، وهذه الأمور لا
يعلن عنها، لا ننسى أنه منذ.. بضع سنوات.. ألقت.. المخابرات الأميركية
القبض على ضابط مصري في مطار واشنطن عائداً إلى مصر وكان معه مكونات لسلاح
غير مرغوب فيه وغير مطلوب.
عادل حمودة: كان عندنا
حلم في الستينات إن إحنا يكون عندنا مشروع نووي، ثم جاء بعد ذلك انقلاب عن
هذه السياسات في عصر السادات، وبدأ إن إحنا بنتكلم على البطاطس، وبنتكلم عن
الانفتاح، وبنتكلم عن الأخشاب، وبنتكلم على العمولات، وبنتكلم على.. على
مجتمع غريب جداً يعني، فأين كان لا يمكن أن يكون حلم قومي أو حلم ضخم جداً
أن تكون قوياً؟ هذا الحلم دُمِّر كما دُمِّر حلم صناعة السلاح، وصناعة
الطيارات، وصناعة الصواريخ، ودي كلها كانت أشياء لها جانب حقيقي موجود.
يسري فوده: يخيم السلام
على القاهرة أم الدنيا مع ما ندر من غمزات ولمزات تنطلق من حين إلى آخر على
استحياء، بين هذا وذاك يقع الشارع العربي في مصر في أسر الآلة الإعلامية،
هكذا نساعد أعداءنا على ترسيخ نظرية المؤامرة وعلى إرهاب علمائنا، يراد لنا
أن نقتنع بأن اليد الطولى للصهاينة تطولنا ولو كنا في بروج مشيدة، الدكتور
سميرة موسى، الدكتور سعيد بدير، والدكتور علي مصطفى مشرفة، وغيرهم.
د. سلوى مشرفة (الإبنة
الصغرى للدكتور علي مشرفة): أنا كان عندي وقتها سنتين ونص، دادتي كانت
طالعة تدي له الشاي لأن هو كان رايح هيلبس ويروح البرلمان..، وهو في سريره
خد الشاي، وأنا كنت واقفة وحاضرة يعني الموقف ده، ده طبعاً أنا ما أتذكرش
وأنا سنتين ونص، بس شرب شفطة الشاي واتوفى في ساعتها.
نادية مشرفة (الإبنة
الكبرى للدكتور علي مشرفة): ابتدت الهوجة بتاعة.. فيه علما اغتيلوا كتير من
ضمنهم سميرة موسى، ودي كانت تلميذة والدي، وابتدينا نسمع إن الدكتور مشرفة
مات مسموم، أنا بأتساءل: يا ربي، يعني لو كان مسموم، لأ، العلم بيقول
دلوقتي إن حتى السم ما بيبنش، فكل شيء جايز بس في وقت ما توفى لم يكن فيه
شك البتة.
د. فاضل محمد علي: هو
أنا كنت معاه لآخر مرة يعني.. يعني دايماً إحنا لينا نظرة يمكن كلمة
المحاذير دي موجودة، يعني قلت له أنا هأرجع مصر، وأنت، قال لي أنا يعني قلت
له: ترجع، لأن هو كان خلَّص المدة بتاعته.
يسري فوده: ليه نصحت
الدكتور إنه يرجع مصر؟
د. فاضل محمد علي: برضو
توجس خيفة من الدخول في هذه الدائرة المغلقة التي لا يستطيع الإنسان الخروج
منها، يعني له كلمة مأثورة –الله يرحمه- قال لي: "مصيبة متوقعة أو كرب
محقق"، دي كلمة أنا بأقولها دين عليَّ قالها قدامي وقدام زوجتي وقدام زوجته
وأولاده.
يسري فوده: لكن الذي لا
شك فيه أن يحيى المشد مات بفعل فاعل، وأن قاتله يعرف نفسه، وأن الذي بيده
عمل شيء ما يعرف القاتل، لا مصر التي هو ابنها أرادت أن تعكر آنئذ أفراح
السلام الزائف، ولا العراق اللي منحه أنفاسه الأخيرة أراد أن يلفت إليه
مزيداً من الأضواء، ولا فرنسا الذي مات على أرضها أرادت أمام الصهاينة
والأميركيين، بل وهي في غنى عنها، ضاع دمه هدراً، ولم يُكرم أسرته بعد
رحيله إلا الرئيس العراقي صدام حسين.
زنوبة الخشخاني: دخلنا
صالون وفيه صالون تاني، وبعدين لقينا مكتب كبير وطالع من وراه السيد الرئيس
صدام حسين، قال: أهلاً بيكم بأهلي وقرايبي وإخواتي في بلدكم، اتفضلوا، جيه
على كنبة عريضة قعد في النص، وأنا على اليمن ولميا على الشمال، وحط إيديه
علينا زي نسر، قال: أنا فقدت أخ.. أخ عزيز عليَّ وهو الدكتور المشد، أنتو
لو طلبتوا روحي ما تفدهوش، روحي نفسها، أنتو أهلي، تطلبي تقعدي معانا في
العراق ابني لك قصر جنب قصري، أعمل لك اللي أنت عايزاه.
عادل حمودة: والحلم ده
دايماً إحنا متعودين إن يكون متمسكين بيه في اللحظة اللي..، يعني عمرنا ما
اتمسكنا بحلم ماشي على رجليه، عمرنا ما اتمسكنا بحلم يقعد على مكتب، عمرنا
ما اتمسكنا بحلم موجود ومتحرك، وبيملى الدنيا بالصخب وبالجدل وبالتواجد،
لأ، الحقيقة كل أحلامنا اللي بنتمسك بيها حلم شخص اتقتل، حلم شخص مات، حلم
شخص اختفى، حلم تاريخ قديم يعني، حالة من.. من.. من العبث لعدم الثقة
بالواقع، وبالتالي في استدعاء التاريخ بالنسبة لك واستدعاء ما حسم أمره ولم
يعد قادراً على التأثير في الواقع إنه يكون هو ده الموديل عشان نطمئن إنه
مش هيتغير.
يسري فوده: في بلدٍ كهذا
تحطمت آلته ونضب ماؤه وجف ضرعه، يبقى له سواعد أهله وما تبقى من عقول
علمائه، ويبقى دم يحيى المشد معتصراً في فجوة علمية مخيفة تتسع كل يوم
باتساع رقعة الحصار، هكذا يتحول الرجل إلى رمز يلخص كثيراً من ملامح الواقع
العربي، ويستريح على صفحة بيضاء بين دفتي كتاب أسود، وهكذا يطيب لأعداء
الأمة أن يلقى بنصف علمائها إلى مذابل الإهمال ويُلقى بالنصف الآخر إلى
شباك الإرهاب العلمي، ألف رحمة على روح الشهيد يحيى المشد، وألف تحية إلى
هؤلاء من علمائنا الذين لا يزالون يقبضون على جمرة الإرادة.
رد: يحي المشد ... اكذوبة مصرية علي طريق البحث عن رموز قومية
د. يحيى المشد
لقد عثر على جثة عالم الذرة العالمي والذي يبلغ الأربعين من عمره مذبوحا في أحد الفنادق خارج بلده والشيء الذي يدعو للشك هو أن هذا العالم عنصر فعال في برنامج التسليح النووي العراقي .
لقد عثر على جثة الدكتور يحيى المشد عالم الذرة المصري ظهر يوم السبت عام 1980 بالغرفة رقم 9041 في فندق المريديان بباريس.. وكان في هذا الوقت موفداً في مهمة رسمية بحكم منصبه الذي كان يشغله كمدير لمشروع التسليح النووي العراقي الفرنسي.
ففي ظهر هذا اليوم طرقت عاملة التنظيف باب حجرة المشد الذي علق عليه لافتة «ممنوع الإزعاج» وعندما فتحت الباب وجدته ملقى على الأرض وقد غطى رأسه غطاء سميك وهو يرتدي ملابسه الكاملة، والدماء تغرق رقبته وشعره ووجهه وثيابه والأرضية وجدران الغرفة فقامت بإبلاغ البوليس الفرنسي الذي سجل في تقريره «إن القاتل كان في الحجرة عندما دخلها القتيل الذي فوجئ به فقاومه بشدة وظهرت أثار المقاومة على رقبة وثياب القتيل الذي عوجل بضربات شديدة على رأسه، ثم كتمت أنفاسه بغطاء الفراش حتى مات .
يحيى المشد من مواليد 11/1/1932 وبعد دراسته التي أبدى فيها تفوقا رائعا حصل على بكالوريوس الهندسة قسم الكهرباء من جامعة الإسكندرية وكان ترتيبه الثالث على دفعته مما جعله يستحق بعثة دراسية عام 1956 لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كمبريدج - لندن - ولكن ولظروف العدوان الثلاثي تم تغيير مسار البعثة إلى موسكو، وقبل أن يسافر تم زفافه على إحدى بنات عمه وسافرت معه هناك ليقضيا ست سنوات يعود بعدها لمصر واحداً من أهم عشرة علماء على مستوى العالم في مجال التصميم والتحكم في المفاعلات النووية.
عقب عودته تم تعيينه في المفاعل الذري المصري «بأنشاص» بعدها بفترة بسيطة تلقى عرضاً للتدريس في النرويج وبالفعل سافر، ومعه زوجته أيضا، ليقوم بالتدريس في مجاله، وهناك تلقى عروضا كثيرة لمنحه الجنسية النرويجية بلغت أحيانا درجة المطاردة طوال اليوم، والمعروف أن النرويج هي إحدى مراكز اللوبي الصهيوني في أوروبا وهي التي خرج منها اتفاق أوسلو الشهير.
المهم أن الدكتور يحيى المشد رفض كل هذه العروض لكن أثار انتباهه هناك الإعلام الموجه لخدمة الصهيونية العالمية، وتجاهل حق الفلسطينيين وأزمتهم فما كان منه إلا أن جهز خطبة طويلة بشكل علمي منمق حول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وانتهز فرصة دعوته لإحدى الندوات المفتوحة وهناك قال كلمته التي أثارت إعجاب الكثيرين ولكنها أثارت غضب اللوبي الصهيوني والموساد في النرويج وكانت هذه الخطبة سببا في بداية ترصد خطواته وتعقبه، خصوصا وانه قد تحدث بلسان العلم في السياسة. وعندما يجتمع الاثنان على لسان واحد فالمجال مفتوح للاتهام بالعصبية والشوفينية كمبرر أول لإعلان الكراهية.. وبدأت المضايقات الشديدة للدكتور العالم من الجهات المعادية للعروبة ولفلسطين، فقرر الدكتور المشد العودة إلى القاهرة.
عاد يحيى المشد للقاهرة مرة أخرى وقام بالتدريس في جامعة الإسكندرية ... ثم طلبته جامعة بغداد فتمت إعارته لمدة أربع سنوات وكان المسئولون العراقيون قد طلبوه بعد أن حضر مؤتمرا علميا في أعقاب حرب 1973 في بغداد، وبعد أن انتهت مدة الإعارة تمسك به العراقيون وعرضوا عليه أي شيء يطلبه، ولم يطلب المشد سوى العمل في مؤسسة الطاقة الذرية العراقية إلى جانب التدريس لبعض الوقت في كلية التكنولوجيا.
وبذلك كتب د. يحيى المشد أول مشهد في سيناريو إعدامه. وفي إبريل 1979 تم تدمير قلب الفرن النووي للمفاعل العراقي «أوزوريس» في مخازن بلدة «لاسين سورمير» القريبة من ميناء طولون الفرنسي عشية إرساله إلى بغداد، طبعا التدمير حدث على يد الموساد ولم يكن بوسع أحد من العلماء القيام بمهمة إصلاح الفرن سوى د. المشد الذي نجح في إصلاحه والإشراف على عملية نقله لبغداد.
بعدها أصبح د.يحيى المشد المتحدث الرسمي باسم البرنامج النووي العراقي ثم ترأس البرنامج النووي العراقي الفرنسي المشترك، وكانت أول واهم واخطر إنجازات المشد هي تسهيل مهمة العراق في الحصول على اليورانيوم المخصب من فرنسا.. وبعد قيام الثورة الإيرانية عجز النظام الإيراني الجديد عن سداد ديونه لدى شركة «الكونسرتوم» الفرنسية لإنتاج اليورانيوم، فعرض د. المشد على هذه الشركة شراء أسهم الحكومة الإيرانية باسم حكومة العراق ونجح في ذلك وأصبح باستطاعتها الحصول على اليورانيوم الذي تحتاجه وكان هذا المشهد هو بداية التحول الدرامي في سيناريو قتل د. المشد.
في مايو 1980 تم استدعاء د. المشد لفرنسا في مهمة بسيطة للغاية يستطيع أي مهندس أو خبير عادي أن يقوم بها على أكمل وجه. - ونلاحظ بداية خيط الأحداث ونقطة انطلاق الغموض .
كان دكتور المشد يقوم كل فترة بإرسال كشف اليورانيوم الذي يحتاجه كماً وكيفاً، وكان يطلق على اليورانيوم اسماً حركياً «الكعك الأصفر» وكان يتسلمها مندوب البرنامج في العراق ويبلغ د. المشد بما تم تسلمه ولكن آخر مرة اخبره انه تسلّم صنفا مختلفا وكمية مختلفة عما طلبه د. المشد فارسل د. المشد للمسئولين في فرنسا، في برنامج العمل النووي ليخبرهم بهذا الخطأ فردوا عليه بعد ثلاثة أيام وقالوا له: لقد جهزنا الكمية والصنف الذي تطلبه وعليك أن تأتي بنفسك لفحصها ووضع الشمع الأحمر على الشحنات بعد التأكد من صلاحيتها.
سافر د. المشد لفرنسا وكان مقرراً أن يعود قبل وفاته بيوم لكنه لم يجد مكاناً خالياً على أي طائرة متجهة لبغداد. وفجأة تم العثور على د.المشد مذبوحاً في غرفته، وقبل أن ننتقل لما جاء في التحقيقات نورد ما ذكره راديو «إسرائيل» تعليقاً على وفاة د. المشد نقلاً عن مصادر إسرائيلية: «انه سيكون من الصعب جداً على العراق مواصلة جهودها من اجل إنتاج سلاح نووي في أعقاب اغتيال د. يحيى المشد».. وفي صحيفة «يديعوت احرنوت» جاءت المقالة الافتتاحية بعنوان «الأوساط كلها في «إسرائيل» تلقت نبأ الاغتيال بسرور!!» أما فانونو اشهر علماء الذرة الصهاينة فقال:«إن موت د.المشد سيؤخر البرنامج النووي العراقي سنتيمتراً واحداً على الأقل..» هذا هو الجزء المعلن من شعور «إسرائيل» تجاه الحدث.
كانت تحركات البوليس الفرنسي منطقية وكالعادة بدأوا من بنات الليل، تحديداً «ماري كلود ماجال» التي شوهدت تتحدث مع د.المشد قبل صعوده لحجرته وقالت:«إن د. المشد رفض أن يقضي الليلة معها رغم محاولاتها المستميتة فانصرفت فوراً» ولكنها عادت وقالت إنها سمعت أصواتا في حجرة د.المشد بعد دخوله بعشر دقائق تقريباً، مما يعني استمرار وجودها في مركز الحدث، ثم لم تستطع هذه السيدة أن تقول شيئاً آخر، فقد تم اغتيالها بعد الحادث بأقل من شهر حيث دهمتها سيارة مسرعة فور خروجها من أحد البارات مما يعني وفاة الشاهدة الوحيدة التي كانت الأقرب لما حدث أو على الأقل هي آخر من شاهد د. المشد قبل دخوله لحجرته.
وبعد فترة بسيطة قيد الحادث ضد مجهول... وأصبحنا أمام ضحية من ضحايا الصراع المصري الإسرائيلي، وكم هائل من التساؤلات، ومحاولات كلها، صحيح أنها لن تعيد د. المشد لنا لكن ستساعدنا في إلقاء القبض على القاتل الحقيقي ولو معنويا. والبعض يظن أن القاتل قد يكون عراقياً، ويؤيد هذا الاحتمال فكرة أن يكون د.المشد هو المكلف رسميا بإدارة الاتصال بين فرنسا والعراق وربما خطر ببال المسئولين شعور بالخطر نظرا للعلاقات الوثيقة التي كانت تربط بين د.المشد ورئيس اللجنة العراقية الذرية السابق الدكتور حسين شهر ستاني والذي كان وقتها يقضي فترة العقوبة بالسجن لمدة عشر سنوات بسبب قيامه بأعمال مناهضة للنظام العراقي. طبعا لن ينفي هذا الاحتمال القرار الجمهوري الذي كان قد أصدره الرئيس العراقي السابق صدام حسين بصرف راتب تقاعدي شهرياً لأسرة المشد قدره 300 دينار استمر صرفه حتى أحداث حرب الخليج فيما اعتقد، بالإضافة لتعويض قدره 30 ألف دينار تم توجيهها لشراء منزل لأسرة د.المشد في الإسكندرية.
وهذا الاحتمال لا يتعدى نسبة 10% نظراً لان الدكتور المشد لم يبخل بتقديم أي جهد للحكومة العراقية خلال السنوات الطويلة التي قضاها هناك، مما ينفي فكرة مكافأته عن طريق التصفية الجسدية. الاحتمال الثاني –وهو أيضا ضعيف- يورط المخابرات الليبية في الحادث، ففي نفس توقيت قيام العراق بتصنيع قنبلة نووية كانت باكستان تقوم بنفس العمل وحملت مشروعها صبغة إسلامية مما دعا النظام الليبي للقيام بمساعدتها معنوياً ومادياً بمبلغ 2500 مليون دولار حتى يكون السبق لباكستان على العراق، والتي كانت تشهد علاقات مضطربة مع ليبيا وقتها.
أما الاحتمال الثالث وهو الأقوى بل انه ليس احتمالاً فهو حقيقة واضحة للعيان فان هذه الحقيقة تثبت وتشير بإصبع الاتهام إلى الموساد لان التقارير تثبت قيام «إسرائيل» بعمليات قرصنة ضد اليورانيوم المرسل للعراق ومحاولة الاستيلاء عليه، أو على الأقل إفساده.
هذا بالإضافة إلى دورها الرئيسي في تدمير قلب المفاعل النووي العراقي في ميناء طولون الفرنسي، والأرجح أنهم اكتشفوا أن التخلص من القطب الرئيسي في المشروع العراقي أسهل وارخص من عمليات القرصنة والتدمير المتكررة وبناء عليه قتلوا د.المشد.
من ناحية أخرى صرحت الحكومة الإسرائيلية بأن مقتل المشد سيؤخر العمل الذري العراقي لمدة عامين على الأقل لكنهم اكتشفوا بعد عام أن العمل العراقي لا يزال مستمراً وبناء عليه قاموا بقصف المفاعل العراقي في يونيو 1981 بعد اكتشافهم أن عمليات القتل والقرصنة والتخريب لم تُعق تقدم المشروع العراقي النووي، هذه الخطوة تثبت وتؤكد تورط الموساد في قتل د. المشد باعتبار أن ما قدمه للعراق كان مخيفاً وجعلهم يشعرون بالخطر
لقد عثر على جثة عالم الذرة العالمي والذي يبلغ الأربعين من عمره مذبوحا في أحد الفنادق خارج بلده والشيء الذي يدعو للشك هو أن هذا العالم عنصر فعال في برنامج التسليح النووي العراقي .
لقد عثر على جثة الدكتور يحيى المشد عالم الذرة المصري ظهر يوم السبت عام 1980 بالغرفة رقم 9041 في فندق المريديان بباريس.. وكان في هذا الوقت موفداً في مهمة رسمية بحكم منصبه الذي كان يشغله كمدير لمشروع التسليح النووي العراقي الفرنسي.
ففي ظهر هذا اليوم طرقت عاملة التنظيف باب حجرة المشد الذي علق عليه لافتة «ممنوع الإزعاج» وعندما فتحت الباب وجدته ملقى على الأرض وقد غطى رأسه غطاء سميك وهو يرتدي ملابسه الكاملة، والدماء تغرق رقبته وشعره ووجهه وثيابه والأرضية وجدران الغرفة فقامت بإبلاغ البوليس الفرنسي الذي سجل في تقريره «إن القاتل كان في الحجرة عندما دخلها القتيل الذي فوجئ به فقاومه بشدة وظهرت أثار المقاومة على رقبة وثياب القتيل الذي عوجل بضربات شديدة على رأسه، ثم كتمت أنفاسه بغطاء الفراش حتى مات .
يحيى المشد من مواليد 11/1/1932 وبعد دراسته التي أبدى فيها تفوقا رائعا حصل على بكالوريوس الهندسة قسم الكهرباء من جامعة الإسكندرية وكان ترتيبه الثالث على دفعته مما جعله يستحق بعثة دراسية عام 1956 لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كمبريدج - لندن - ولكن ولظروف العدوان الثلاثي تم تغيير مسار البعثة إلى موسكو، وقبل أن يسافر تم زفافه على إحدى بنات عمه وسافرت معه هناك ليقضيا ست سنوات يعود بعدها لمصر واحداً من أهم عشرة علماء على مستوى العالم في مجال التصميم والتحكم في المفاعلات النووية.
عقب عودته تم تعيينه في المفاعل الذري المصري «بأنشاص» بعدها بفترة بسيطة تلقى عرضاً للتدريس في النرويج وبالفعل سافر، ومعه زوجته أيضا، ليقوم بالتدريس في مجاله، وهناك تلقى عروضا كثيرة لمنحه الجنسية النرويجية بلغت أحيانا درجة المطاردة طوال اليوم، والمعروف أن النرويج هي إحدى مراكز اللوبي الصهيوني في أوروبا وهي التي خرج منها اتفاق أوسلو الشهير.
المهم أن الدكتور يحيى المشد رفض كل هذه العروض لكن أثار انتباهه هناك الإعلام الموجه لخدمة الصهيونية العالمية، وتجاهل حق الفلسطينيين وأزمتهم فما كان منه إلا أن جهز خطبة طويلة بشكل علمي منمق حول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وانتهز فرصة دعوته لإحدى الندوات المفتوحة وهناك قال كلمته التي أثارت إعجاب الكثيرين ولكنها أثارت غضب اللوبي الصهيوني والموساد في النرويج وكانت هذه الخطبة سببا في بداية ترصد خطواته وتعقبه، خصوصا وانه قد تحدث بلسان العلم في السياسة. وعندما يجتمع الاثنان على لسان واحد فالمجال مفتوح للاتهام بالعصبية والشوفينية كمبرر أول لإعلان الكراهية.. وبدأت المضايقات الشديدة للدكتور العالم من الجهات المعادية للعروبة ولفلسطين، فقرر الدكتور المشد العودة إلى القاهرة.
عاد يحيى المشد للقاهرة مرة أخرى وقام بالتدريس في جامعة الإسكندرية ... ثم طلبته جامعة بغداد فتمت إعارته لمدة أربع سنوات وكان المسئولون العراقيون قد طلبوه بعد أن حضر مؤتمرا علميا في أعقاب حرب 1973 في بغداد، وبعد أن انتهت مدة الإعارة تمسك به العراقيون وعرضوا عليه أي شيء يطلبه، ولم يطلب المشد سوى العمل في مؤسسة الطاقة الذرية العراقية إلى جانب التدريس لبعض الوقت في كلية التكنولوجيا.
وبذلك كتب د. يحيى المشد أول مشهد في سيناريو إعدامه. وفي إبريل 1979 تم تدمير قلب الفرن النووي للمفاعل العراقي «أوزوريس» في مخازن بلدة «لاسين سورمير» القريبة من ميناء طولون الفرنسي عشية إرساله إلى بغداد، طبعا التدمير حدث على يد الموساد ولم يكن بوسع أحد من العلماء القيام بمهمة إصلاح الفرن سوى د. المشد الذي نجح في إصلاحه والإشراف على عملية نقله لبغداد.
بعدها أصبح د.يحيى المشد المتحدث الرسمي باسم البرنامج النووي العراقي ثم ترأس البرنامج النووي العراقي الفرنسي المشترك، وكانت أول واهم واخطر إنجازات المشد هي تسهيل مهمة العراق في الحصول على اليورانيوم المخصب من فرنسا.. وبعد قيام الثورة الإيرانية عجز النظام الإيراني الجديد عن سداد ديونه لدى شركة «الكونسرتوم» الفرنسية لإنتاج اليورانيوم، فعرض د. المشد على هذه الشركة شراء أسهم الحكومة الإيرانية باسم حكومة العراق ونجح في ذلك وأصبح باستطاعتها الحصول على اليورانيوم الذي تحتاجه وكان هذا المشهد هو بداية التحول الدرامي في سيناريو قتل د. المشد.
في مايو 1980 تم استدعاء د. المشد لفرنسا في مهمة بسيطة للغاية يستطيع أي مهندس أو خبير عادي أن يقوم بها على أكمل وجه. - ونلاحظ بداية خيط الأحداث ونقطة انطلاق الغموض .
كان دكتور المشد يقوم كل فترة بإرسال كشف اليورانيوم الذي يحتاجه كماً وكيفاً، وكان يطلق على اليورانيوم اسماً حركياً «الكعك الأصفر» وكان يتسلمها مندوب البرنامج في العراق ويبلغ د. المشد بما تم تسلمه ولكن آخر مرة اخبره انه تسلّم صنفا مختلفا وكمية مختلفة عما طلبه د. المشد فارسل د. المشد للمسئولين في فرنسا، في برنامج العمل النووي ليخبرهم بهذا الخطأ فردوا عليه بعد ثلاثة أيام وقالوا له: لقد جهزنا الكمية والصنف الذي تطلبه وعليك أن تأتي بنفسك لفحصها ووضع الشمع الأحمر على الشحنات بعد التأكد من صلاحيتها.
سافر د. المشد لفرنسا وكان مقرراً أن يعود قبل وفاته بيوم لكنه لم يجد مكاناً خالياً على أي طائرة متجهة لبغداد. وفجأة تم العثور على د.المشد مذبوحاً في غرفته، وقبل أن ننتقل لما جاء في التحقيقات نورد ما ذكره راديو «إسرائيل» تعليقاً على وفاة د. المشد نقلاً عن مصادر إسرائيلية: «انه سيكون من الصعب جداً على العراق مواصلة جهودها من اجل إنتاج سلاح نووي في أعقاب اغتيال د. يحيى المشد».. وفي صحيفة «يديعوت احرنوت» جاءت المقالة الافتتاحية بعنوان «الأوساط كلها في «إسرائيل» تلقت نبأ الاغتيال بسرور!!» أما فانونو اشهر علماء الذرة الصهاينة فقال:«إن موت د.المشد سيؤخر البرنامج النووي العراقي سنتيمتراً واحداً على الأقل..» هذا هو الجزء المعلن من شعور «إسرائيل» تجاه الحدث.
كانت تحركات البوليس الفرنسي منطقية وكالعادة بدأوا من بنات الليل، تحديداً «ماري كلود ماجال» التي شوهدت تتحدث مع د.المشد قبل صعوده لحجرته وقالت:«إن د. المشد رفض أن يقضي الليلة معها رغم محاولاتها المستميتة فانصرفت فوراً» ولكنها عادت وقالت إنها سمعت أصواتا في حجرة د.المشد بعد دخوله بعشر دقائق تقريباً، مما يعني استمرار وجودها في مركز الحدث، ثم لم تستطع هذه السيدة أن تقول شيئاً آخر، فقد تم اغتيالها بعد الحادث بأقل من شهر حيث دهمتها سيارة مسرعة فور خروجها من أحد البارات مما يعني وفاة الشاهدة الوحيدة التي كانت الأقرب لما حدث أو على الأقل هي آخر من شاهد د. المشد قبل دخوله لحجرته.
وبعد فترة بسيطة قيد الحادث ضد مجهول... وأصبحنا أمام ضحية من ضحايا الصراع المصري الإسرائيلي، وكم هائل من التساؤلات، ومحاولات كلها، صحيح أنها لن تعيد د. المشد لنا لكن ستساعدنا في إلقاء القبض على القاتل الحقيقي ولو معنويا. والبعض يظن أن القاتل قد يكون عراقياً، ويؤيد هذا الاحتمال فكرة أن يكون د.المشد هو المكلف رسميا بإدارة الاتصال بين فرنسا والعراق وربما خطر ببال المسئولين شعور بالخطر نظرا للعلاقات الوثيقة التي كانت تربط بين د.المشد ورئيس اللجنة العراقية الذرية السابق الدكتور حسين شهر ستاني والذي كان وقتها يقضي فترة العقوبة بالسجن لمدة عشر سنوات بسبب قيامه بأعمال مناهضة للنظام العراقي. طبعا لن ينفي هذا الاحتمال القرار الجمهوري الذي كان قد أصدره الرئيس العراقي السابق صدام حسين بصرف راتب تقاعدي شهرياً لأسرة المشد قدره 300 دينار استمر صرفه حتى أحداث حرب الخليج فيما اعتقد، بالإضافة لتعويض قدره 30 ألف دينار تم توجيهها لشراء منزل لأسرة د.المشد في الإسكندرية.
وهذا الاحتمال لا يتعدى نسبة 10% نظراً لان الدكتور المشد لم يبخل بتقديم أي جهد للحكومة العراقية خلال السنوات الطويلة التي قضاها هناك، مما ينفي فكرة مكافأته عن طريق التصفية الجسدية. الاحتمال الثاني –وهو أيضا ضعيف- يورط المخابرات الليبية في الحادث، ففي نفس توقيت قيام العراق بتصنيع قنبلة نووية كانت باكستان تقوم بنفس العمل وحملت مشروعها صبغة إسلامية مما دعا النظام الليبي للقيام بمساعدتها معنوياً ومادياً بمبلغ 2500 مليون دولار حتى يكون السبق لباكستان على العراق، والتي كانت تشهد علاقات مضطربة مع ليبيا وقتها.
أما الاحتمال الثالث وهو الأقوى بل انه ليس احتمالاً فهو حقيقة واضحة للعيان فان هذه الحقيقة تثبت وتشير بإصبع الاتهام إلى الموساد لان التقارير تثبت قيام «إسرائيل» بعمليات قرصنة ضد اليورانيوم المرسل للعراق ومحاولة الاستيلاء عليه، أو على الأقل إفساده.
هذا بالإضافة إلى دورها الرئيسي في تدمير قلب المفاعل النووي العراقي في ميناء طولون الفرنسي، والأرجح أنهم اكتشفوا أن التخلص من القطب الرئيسي في المشروع العراقي أسهل وارخص من عمليات القرصنة والتدمير المتكررة وبناء عليه قتلوا د.المشد.
من ناحية أخرى صرحت الحكومة الإسرائيلية بأن مقتل المشد سيؤخر العمل الذري العراقي لمدة عامين على الأقل لكنهم اكتشفوا بعد عام أن العمل العراقي لا يزال مستمراً وبناء عليه قاموا بقصف المفاعل العراقي في يونيو 1981 بعد اكتشافهم أن عمليات القتل والقرصنة والتخريب لم تُعق تقدم المشروع العراقي النووي، هذه الخطوة تثبت وتؤكد تورط الموساد في قتل د. المشد باعتبار أن ما قدمه للعراق كان مخيفاً وجعلهم يشعرون بالخطر
مواضيع مماثلة
» مصطفي مشرفة ... اكذوبة مصرية علي طريق البحث عن رموز قومية
» سميرة موسي ... اكذوبة مصرية علي طريق البحث عن رموز قومية
» قاموس البحث العلمي
» طريقة فك رموز إطار السيارة
» طريقة فك رموز إطار السيارة
» سميرة موسي ... اكذوبة مصرية علي طريق البحث عن رموز قومية
» قاموس البحث العلمي
» طريقة فك رموز إطار السيارة
» طريقة فك رموز إطار السيارة
منتديات العلم والعلماء والمخترعين والمبتكرين .... :: المنتدي السياسي ( قضايا وطني مصر ) Political forum
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى