افتراضي ***كتاب وأدباء الرعب***
صفحة 1 من اصل 1
افتراضي ***كتاب وأدباء الرعب***
الكثير منا يهوى قصص الرعب ، ولكن البعض يهوى الكتابة عنها
يود أن يبرع فيها ، ويود لو صار أديب
رعب تنشر له قصصه وتصبح رمزاً مميزاً لأدب الرعب
تعالوا معنا في رحلة شيقة لنرى أشهر
أدباء الرعب .. كيف بدأو ؟ وماذا أصبحوا ؟
ثمة سؤالان هامان في عالم الأدب
الأول .. من هو الأب الروحي لأدب القصة
القصيرة ؟؟ ... إنه " بو " ...
الثاني .. من هو الأب الروحي ، لأدب
الرعب عامة ؟! إنه " بو " ...
"إدجار الآن بو "..
ولد إدجار آلان بو" في بوسطن .. من الأب "ديفيد بو" والأم "اليزابيث" ،
واللذان كانا يعملان كممثلين مغمورين ، في مسارح الدرجة الثالثة ليوفرا –
بالكاد – رزقهما ورزق أطفالهما..
كان "إدجار" هو ثاني ابنائهما ، وإذ جاء الطفل الثالث
، مات الأب ليترك أسرته الصغيرة مهب الريح ، مما دفع الأم "اليزابيث"
للانتقال الى "ريتشموند" حاملة معها أصغر طفليها ، وتاركة الابن الأكبر
"ويليام" لدي أقاربه في "بالتيمور" لتبدأ هي رحلة الكفاح لإيجاد قوت طفليها
، بينما السل ينهش صدرها كل يوم أكثر وأكثر..
وعندما أتم "إدجار" العامين من عمره ، ماتت أمه ، لتكمل دائرة يتمه هو وأخته
الصغيرة "روزالى" حتي قررت زوجة التارج الشهير مسز "فرانسيس آلان" أن تأخذ
"إدجار" ليعيش معها عوضاً عن الأطفال التى حرمت منهم لعقمها بينما
تبنت أسرة أخرى الطفلة "روزالى"..
كان هذا في عام 1811
ورغم محاولات مسز "آلان" المستميتة
لتبني الطفل "إدجار" إلا أن الزوج "جون آلان" رفض هذا رفضاً قاطعا ، لما كانت
لسمعة التمثيل من احتقار وجلب للعار ، فكيف يمنح اسمه لابن ممثلين ؟!
لكنه في الوقت ذاته تعهد بالإنفاق
على "إدجار" ورعايته ، خاصة مع وسامته وذكاءه الملحوظ ..
وفي السادسة من عمره ، انتقل "إدجار"
مع أسرته الجديدة إلى سكوتلاندا ثم إلى إنجلترا ليقضي فيها خمس سنوات ، حيث
درس في مدرسة "مانور" في "ستوك نوينجتن" والتى كانت عبارة عن قصر قديم ،
يحتوي على متاهة من الممرات ، جعلت مجرد الوصول إلى إحدي الغرف ، مغامرة
غامضة غير مأمونة العواقب...
وربما كانت هذه المدرسة هي المسئولة
عن القصور المظلمة في قصص "بو" بعد ذلك .. من يدري ؟!
وعندما بلغ "إدجار" الحادية عشر ، عاد مع أسرته إلى "ريتشموند" التى كانت –
على الرغم من جمالها – اخانقة بالنسبة لـ "إدجار" خاصة مع الجو الأرستقراطي السائد هناك ..
فهذا الجو دفه بالمرارة إلى روح "إدجار"
مع رفض "جون آلان" تبنيه أو منحه اسمه ، وجعلته هذه المرارة عصبياً ، كثير
الشجار ، الأمر الذي اعتبرته أسرته نكراناً للجميل ودفع الزوج لتذكيره
بأصله الوضيع مقيماً حدود العداء بينهما ..
ولكن هذا العداء لم يمنعه من إرسال "إدجار" إلى الجامعة في
"فيرجينيا" حيث بدأت آفة "إدجار" الكبرى ..
إدمان الخمر والقمار ..
ولم يقبل الزوج بهذا ، فأخرجه من
الجامعة ، ومنحه وظيفة متواضعة ، زادت من شعور "إدجار"بالمرارة ، وجعلته متواضعة ، زادت من شعور "إدجار" بالمرارة ، وجعلته يترك
منزله لينتقل إلى "بوسطن" ، حيث أصدر أولى مجموعاته الشعرية ، قبل أن يلتحق
بالجيش تحت اسم "إدجار بيري" ولكنه لم يحتمل الجيش طويلاً ، فأرسل
رسالة ندم إلى الزوج ، الذي قرر مسامحته ، ودفع لإخراجه من الجيش كما كان
سائداً في ذلك الوقت ..
ثم طرح "
بو " ثاني مجموعاته
الشعرية في "بالتيمور" قبل أن يعود ليلتحق بالأكاديمية العسكرية بعد أقل من
عام لتعود المشاكل..
امتناعه عن مواظبة الدراسة ، ووفاة
صديقته وراعيته الوحيدة مسز " آلان" قطع أى صلة له بالزوج ، الذي تزوج وقرر
التخلي عن "إدجار" نهائياً..
وهكذا انتقل "إدجار" للعيش مع عمته "كليم"
والتى كانت خياطة فقيرة في "بالتيمور" والتى استقبلت "إدجار"
بحرارة ، وقامت برعايته ، فأقام معها وبدأ في كتابة القصص القصيرة ، دون
فرصة لنشرها ، شاعراً بالإضطهاد ومسمياً نفسه "الذي تهوي عليه الكوارث
بسرعة"..
ولكن في عام 1833 أعلنت مسابقة للقصة
القصيرة والشعر ، بمكافأة قدرها خمسون دولاراً تدم إليها "إدجار" لتفوز قصته "رسالة في زجاجة" بالجائزة ، وكاد يفوز بجائزة الشعر أيضا ، لولا أن قرر
الحكام عدم منح الجائزتين للشخص ذاته ..
وكان أحد هؤلاء الحكام "جون كبندي"
الذي منح "إدجار" فرصة للعمل في مجلة ريتشموند الأدبية ، وعمل فيها "إدجار"
لفترة، قبل أن يصبح رئيس تحريرها..
وهكذا انتقل "إدجار" مع عمته "كليم" وابنتها
"فيرجينيا" التى تزوجه بعد ذلك ليؤسس أسرته أخيراً..
"دين كونتز"
حين كان ستيفن كينج لا يزال طفلاً
خرج والده ليبتاع سجائر و لم يعد أبدًا .. هكذا أصبح ستيفن كينج أشهر كتّاب
الرعب في العالم على الإطلاق ذو قصة مأساوية , وطفولة حرم فيها من أبيه ,
لكنه مقارنة بكاتبنا اليوم ( دين كونتز ) يعدّ محظوظًا نوعًا ..
فإذا اعتبرنا ستيفن كينج هو سيد
الرعب , فـ ( دين كونتز ) سيد التشويق عاش طفولة مريرة , ذاق فيها
الفقر في أشنع صوره , و الأسوأ أنه عاش مع والده مدمن الكحول الذي أحال
حياة أسرته جحيمًا لا نهاية له ..
و لأن طفولة كهذه لا تخرج إلا
منحرفًا , أو شخصًا يفعل كل ما في وسعه للهرب من هذه الحياة , قضى ( كونتز ) طفولته كلها يدرس
بمثابرة غير طبيعية , حتى ألحق نفسه بجامعة ( شيبنسبرج ) و أثبت فيها أنه
من الطلبة القلائل الذين سيحظون بمستقبل باهر , حتى تخرج منها عام 1967 ,
ليعمل مدرسًا للغة الإنجليزية في مدرسة ( ميتشيجان ) الثانوية , و هو عمل
لم يحبه ( كونتز ) قط ..
يكفي أن تعرف أن جزء من عمله كان
مساعدة الأطفال الفقراء , و أن من سبقه في هذا العمل تعرض للضرب المبرح من
هؤلاء الأطفال , و قضى بسببهم عدة أسابيع في المستشفى ..
لكنه لم يكن يملك خيارًا , فواصل
حياته المريرة , حتى قررت زوجته أن تقدم له عرضًا خاصًا ..
لقد أخبرته أنها ستعمل و تنفق عليه
لمدة خمس سنوات يتفرغ هو فيها للكتابة , و أخبرته أنه إن لم يتمكن خلال خمس
سنوات من النجاح في عالم الأدب , فلن ينجح أبدًا ..
و هكذا بدأ (
دين كونتز ) في قضاء وقت فراغه في العمل في
كتابة القصص , حتى خرجت أولى رواياته ( Star
Quest) و هي رواية
خيال علمي , حظيت بنجاح مقبول و دفعت ( كونتز ) لكتابة اثنى عشر رواية خيال علمي حتى صنف
أنه كاتب خيال علمي ..
لكن هذا لم يرضيه , فقرر تجربة نفسه
في روايات التشويق التي تحمل مسحة لا بأس بها من الرعب , ليحذره الناشرين
من أن هذه النقلة النوعية في كتاباته قد تصيب قراءه بالإرتباك , و أنه من
الأفضل له أن يتفرغ لروايات الخيال العلمي ..
بالطبع لم يحتمل ( دين كونتز ) العمل بهذه
النصيحى , فقرر نشر رواياته بأسماء مستعارة عديدة , لعل من أشهرها ( جون
هيل ) و ( براين كوفي ) و ( ديفيد آكستون ) , حتى سأم أن تحظى أسماء وهمية
بنجاحه , لينشر واحدة من أهم رواياته , و هي رواية ( همسات Whispers ) باسمه , لتصل إلى قمة المبيعات عام 1980 ..
و من هنا لم يتوقف نجاحه , بل وصلت
23 رواية أخرى له إلى قمة المبيعات , و أصبح (
دين كونتز ) واحد من
أهم و أشهر الكتاب الأمريكين , و أكثرهم غزارة .. يكفي أن الخمس سنوات التي
منحتها له زوجته لم تمر , حتى استقالت هي من العمل , ليعيش الإثنان من
أرباح كتبه التي لم تتوقف حتى لحظة كتابة هذه السطور ..
و وصف ( أكثرهم غزارة ) يستحقه بلا
جدال , فالرجل له 82 رواية منشورة و اثنان تحت الطبع من المتوقع أن ينشرا
خلال هذا العام , و هذه الملاحظة لم يخل لقاء معه دون أن يسأل عنها , و إن
كانت غزارته هذه قد أثرت على مستواه ,ليجيب عنها في هدوء , أن مستواه متروك
للقاريء و المبيعات المتزايدة كل مرة , و أن غزارته هذه لم تنقل لنا سوى
عشر الأفكار التي في رأسه , لدرجة أن الشيء الوحيد الذي يندم عليه هو أنه
لم يكتب أكثر !
لاحظ أيضًا أن رقم 82 رواية لا يشمل
روايات الأطفال و لا كتب الدراسات أو المقالات أو الأشعار التي كتبها ,
فالرجل لم يترك مجالاً لميكتب فيه , و بالطبع لم يجد مشقة في الوصول إلى
عالم السينما , تمامًا كما حدث ما ستيفن كينج ..
لكن ليست كل الروايات الجيدة تصلح
للسينما , بل إن ( كونتز ) اعترف أكثر من مرة أنه غير راض تمامًا عن
الأفلام التي أخذت من رواياته , لدرجة أن قرر أن يتم أي فيلم مأخوذ عن
أعماله تحت إشرافه و إما فلا ..
و لشدة نجاحه و أهميته كتبت دراسات
عديدة ع أدب كونتز , تحاول تفسير نجاحه الغير طبيعي , ليتلخص الأمر في
نقطتين ..
قدرته على صنع إيقاع سريع مليء
بالمفاجآت التي ترغم القاريء على التهام صفحاته ..
و قدرته على صنع شخصيات شديدة
الخصوصية و الكثافة , و الأه مثيرة للإهتمام , بحيث يرتبط بها القاريء
فعليًا , و يتابع ما يحدث لها أيًا ما كان ..
و على الرغم من طفولته المريعة إلا
أغلب روايات ( كونتز ) تتحدث دائمًا عن الأسر السعيدة , و الآباء
الذين على استعداد تام للتضحية بأي شيء من أجل أطفالهم , كأنه حاول أن
يعيش في رواياته تلك , كل ما لم يعشه على أرض الواقع ..
تيمة أخرى ستجدها في روايات كونتز و
بشدة , و هي تيمة ما حدث للمجتمع في الثلاثين سنة الأخيرة , و التغيرات
التي أصابت الكل على الصعيد الإجتماعي و الإقتصادي , فالرجل الذي ولد عام
1945 لا يزال عاجزًا عن استيعاب كل ما حدث و يحدث في العالم الآن .. لا
يزال يشعر بالحنين لزمن كان كل شيء فيه أبسط و أكثر جمالاً ..
اليوم نتحدث عن أستاذ جديد من أساتذة
الرعب المرموقين , بل و يمكننا أن نصفه بأنه أستاذ العديد من كتاب الرعب
المعاصرين باعترافهم هم , على رأسهم ( دين كونتز ) الذي وصفه ( إنه لشرف أن
يكون ماثيسون بيننا .. كلنا تعلمنا منه ) و (
ستيفنكينج ) الذي قال عنه : ( لقد اتجهت إلى كتابة الرعب من فرط تأثري
به ) .. كما أن ( راي برادبوري ) كاتب الرائعة ( 451 فهرنهايت ) وصفه
قائلاً : ( إنه واحد من أهم كتاب القرن العشرين على الإطلاق ) .
إذن فالموضوع مهم , و يبقى قبل أن
نبدأ أن نطرق بعد الأجراس في ذهنك .. هل سمعت عن المنزل المسكون ؟ .. منطقة
الشفق ؟ .. كابوس على ارتفاع 20 ألف قدم ؟ .. الرجل الأخير على الأرض ؟؟
حسن .. اليوم سنقترب من هذا كله ,
وسنعرف كل شيء ممكن معرفته عن هذا الرجل , و لنبدأ كالعادة بتاريخه ..
• بداية الأستاذ :
ولد ريتشارد
ماثيسون يوم 20 فبراير من عام 1926 في ولاية
نيويورك , حيث تلقى تعليمه ليتخرج بعد سنوات كصحفي نشط , و ليقاتل في
الحربالعالمية الثانية , التي عاد منها و قد قرر أن يتفرغ للكتابة هوايته
التي بدأها منذ عمر الثامنة , و التي لم تنتقل إلى مرحلة الإحتراف حتى عام
1950 , ففي ذلك العام نشر أولى قصصه القصيرة (
مولود من رجل و سيدة Born ofMan & Woman ) , و التي كانت تحكي عن طفل يتعرض لمعاملة
قاسية من والديه حولته إلى وحش آدمي , محبوس في قبو المنزل , تلك القصة
التي وجهت أنظار النقاد إليه كواحد من الكتاب الجدد ذوي الموهبة الطاغية .
و هكذا بدأت رحلة ( ماثيسون ) في عالم الأدب فكتب
العديد من القصص القصيرة التي كان ينشرها في مجلة (The Magazine of Fantasy
and Science Fiction ) , قبل أن يكتب رواية ( I
Am Legend) عام
1954 و التي تحكي عن طبيب اخترع مصل واق جربه على نفسه , ليصبح هو الناجي
الوحيد , من الحرب الفيروسية التي قضت على جميع البشر في كوكب الأرض , و
ليجد هذا الطبيب نفسه الوحيد في عالم من الموتى الأحياء و مصاصي الدماء ..
عن هذه الرواية يقول ( ماثيسون ) : ( كنت قد شاهدت فيلم دراكيولا و أنا
صغير .. تلك النسخة التي قدمها ( بيلا لوجوسي ) و التي أثارت خوفي في ذلك
الوقت و جعلتني أتساءل .. إذا كان مصاص دماء واحد يثير كل هذا الفزع ..
ماذا لو أصبح هناك عالم كامل من مصاصي الدماء ؟؟ )
هذه الرواية حققت نجاحًا ساحقًا , و
قفزت باسم ( ماثيسون ) إلى قوائم أعلى المبيعات لفترة طويلة , حتى أعقبها برواية
(The Shrinking Man ) عام 1956 ثم رواية ( آثارالصدى Stirs Of Echo) عام 1958 , ليصنف ( ريتشاردماثيسون ) كواحد من أهم كتاب
الرعب في عصره , و لتبدأ مشكلة ( ماثيسون ) الشخصية مع التصنيف ..
فـ(
ريتشترد ) كان من ألد أعداء تصنيف الأدب و
الأدباء , و طيلة عمره و هو يردد ( يجب على الكاتب أن يحطم كل قولب التصنيف
) , فلا وجود لرواية رعب أو كاتب , بل توجد رواية جيدة أو لا .. و ليثبت
للنقاد أنه لا يخضع لأي تصنيف , كتب (ماثيسون ) رواية ( Beardless Warriors) عام 1960 و التي تتحدث عن الحرب العالمية
الثانية , تلك الحرب التي رأى فيها أهولاً حفرت نفسها في ذاكرته , لتخرج
في صفحات هذه الرواية ..
و هنا نزع النقاد قبعاتهم احترامًا
للرجل , الذي قد لهم أدبًا خالصًا لا يخضع لأي تصنيف , ليواصل ( ماثيسون) كتابته للعديد من
الروايات نذكر منها هنا (The Night Stalker) و (
What Dream May Come True) و ( Hell House ) التي تعد أقسى رواية قصر مسكون كتبت على الإطلاق .. على
أي حال لا يمكننا هنا حصر جميع الروايات التي كتبها هذا العملاق , و لا
الكم الهائل من القصص القصيرة التي نشرت في مجموعات , لكننا سننتقل إلى
المرحلة الثانية التي بدت حتمية مع ( ريتشارد
ماثيسون ) .. السينما
..
• إلى عالم السينما ..
بدأت رحلة (
ماثيسون ) مع عالم السينما عام 1957 حين كتب
سيناريو (The Incredible Shrinking Man ) المأخوذ من روايته , ليخرجه له (جاك أرنولد ) , و هذا لم
يكن ليحدث لولا إصرار ( ماثيسون ) على هذا شرط أن يكون هو كاتب السيناريو حين باع حقوق
الرواية إلى شركة ( Universal ) , فلقد كان مغرمًا منذ صغره بالسينما , و
حين عرضت عليه الشركة شراء روايته , قرر أن تكون هذه هي بوابته إلى عالم
السينما .
الفيلم حقق نجاحًا ملحوظًا في ذلك
الوقت , رغم ضعف المؤثرات البصرية , إلا أنه كان الأول من نوعه , لكن ( ماثيسون ) قضى بعدها فترة لا
يكتب إلا بعض الحلقات التفلزيونية , قبل أن يعود للسينما بقوة بسيناريو ( منزل آشر ) المأخوذ من قصة
العبقري ( إدجار آلان بو ) و المسماة ( سقوط منزل آشر ) , و أخرج الفيلم
هذه المرة ( روجر كارمن ) , و كان النجاح ساحقًا مما دفع بـ ( ماثيسون ) إلى تحويل قصص أخرى
لـ( إدجار آلان بو ) إلى سيناريوهات مثل (PIT
AND THE PENDULUM)
سنة 1961 و (TALES OF TERROR ) سنة 1962 و (THE RAVEN ) سنة 1963 .
و في ذات السنة 1963 كاد ( ماثيسون ) أن يحصل على فرصة
عمله مع مخرجه المفضل ( ألفريد هيتشكوك ) , الذي أوكل إليه مهمة كتابة سيناريو ( The Birds ) , و كاد الأمر
يتم لولا أن اختلف ( ماثيسون ) معه حول بعض التفاصيل و منها كثرة الطيور في الفيلم , و
أن لقطات خوف البشر من الطيور و هم يحتمون في منازلهم هي الأهم , و بالطبع
لم يرق هذا لهيتشيكوك , و ضاعت الفرصة من (
ماثيسون ) لكن حين عرض
الفيلم ثبت أنه على حق ..
و أخيرًا جاء عام 1964 ليحول روايته ( I An Legend ) إلى فيلم رعب
إيطالي متوسط المستوى , لم يحظ على رضى ( ماثيسون ) على الإطلاق , لكنه كان الفيلم الذي أوحى
للمخرج ( جورج روميرو ) بفيلم (Night of the Living
Dead ) الذي يعد اقتباس تام لرواية ( ماثيسون ) كما قال هو بنفسه ..
و في عام 1976 حول روايته ( The
Beardless Warriors ) إلى فيلم بعنوان ( Young Warriors ) الذي
لم يحظ هو الآخر بالنجاح المتوقع , و للمرة الثانية كتب سيناريو مأخوذ من
روايته (I An Legend ) , ليحوله المخرج ( بوريس ساجال ) إلى فيلم بعنوان ( Omega Man ) عام 1971 من
بطولة النجم ( تشارلتون هيوستن ) , و ليحقق به نجاحًا لا بأس به لكن هذا
العام لم يمر هباءً ففيه تحولت قصته القصيرة ( مبارزة
Duel ) إلى فيلم تلفزيوني هائل النجاح , على يد المخرج الشاب حينها ( ستيفن سبيلبرج ) كأول فيلم طويل يعمل على إخراجه ..
القصة كانت تحكي عن تحدي بين سائق مهذب , و سائق شاحنة يطارده على الطريق
السريع , ليتحول الأمر بينهما إلى مبارزة حتى الموت , هي مأخوذة من واقعة
حقيقية تعرض لها ( ماثيسون ) حين كان يقود سيارته
ذات مرة ليبدأ سائق شاحنة مخمور في مطاردته فجأة ! .. القصة حولها (
سبيلبرج ) إلى تحفة فنية , لتصبح هي بدايته في عالم السينما , و تنبأ له
حينها ( ماثيسون ) بنجاح باهر كمخرج .. و قد كان
..
و يستمر النجاح السينمائي إذ حوّل روايته ( Hell House ) إلى سيناريو أخرجه له ( جون هوج ) عام
1973 , ليحقق نجاحًا ساحقًا , رشح به لجائزة أفضل فيلم رعب لهذا العام ..
لاحظ أنني أذكر لك أهم أفلامه , أما حصرها هي و الكم الهائل
من الحلقات التلفزيونية التي كتبها قد يستغرق أيامًا طويلة , فلقد كان ( ماثيسون ) نشطًا أكثر من اللازم , و هو الدرس الذي
تعلمه منه ( ستيفن كينج ) فيما بعد .. لا تتوقف عن الكتابة أبدًا ..
و بعيدًا عن الرعب , قام المخرج ( فينسنت وارد ) بتحويل
رواية (What Dreams May Come ) عام 1998 إلى
فيلم يحمل ذات الإسم , و قام بدور البطولة فيه ( روبين ويليامز ) , و فيه
نرى رحلة زوج عبر الجنة و النار بحثًا عن زوجته المنتحرة ..
الفيلم حمل طابعًا رومانسيًا أكثر من الرواية , و حصل على
أوسكار أفضل مؤثرات بصرية , لكن ( ماثيسون ) لام
صناع الفيلم على عدم الإلتزام المطلق بروايته , إذ كان يرى أن على من يريد
أن يحول قصصه إلى أفلام , أن يلتزم بها حرفيًا و في هذا لمسة غرور لا بأس
بها !
الذي التزم بالرواية حرفيًا كان المخرج ( ديفيد كوب ) الذي
حول رواية ( Stirs Of Echo ) إلى فيلم يحمل ذات
الإسم عام 1999 من بطولة النجم ( كيفين بيكون ) , و في نرى هوس زوج بالحفر
أرضية منزله , بعد تعرضه لتجربة تنويم مغناطيسي عجيبة , ليكتشف جثة فتاة
مدفونة في جدار قبو منزله .
الفيلم حقق النجاح المنتظر منه , و ليؤكد على أن قصص ( ماثيسون ) صالحة لإثارة
الفزع مهما طال بها الزمن .. و من المتوقع هذا العام أن نرى فيلمين مأخوذين
من قصصه ( ريتشارد ماثيسون )
أحدهما إعادة لـ (The Incredible Shrinking Man ) و الآخر هو ( The Box ) المأخوذ من أحد قصصه القصيرة ..
و لا يزال ( ماثيسون ) يعيش بيننا
حتى لحظة كتابة هذه السطور , و إن كان قد توقف عن الكتابة ليتفرغ لدراسة
الميتافيزيقيا و علوم ما وراء الطبيعة , بعد خمسين عامًا كتب خلالها 19
رواية و 25 كتابًا و ست مجموعات قصصية , و كم لا يحصى من سيناريوهات
السينما و التلفزيون , و بعد أن حصل على العديد من الجوائز في مجال الأدب ,
و عشق و احترام القراء و الكتاب على حد سواء ..
و نختتم حديثنا عنه بالنصيحة التي يقدمها
( ماثيسون ) للكتاب الجدد : ( لا تحاول أن تخضع لأي تصنيف .. بل
حاول دائمًا أن تحطم بما تكتب كل القوالب المتعارف عليها و ليكن همك الوحيد
هو أن تكتب رواية ممتعة ) .
[size=25]ستيفن كينج [/size]
ملك الرعب
ملك الرعب
حسنًا ... لا
يمكن لأحد أن يتحدث عن الرعب و عوالمه , و لا يذكر هذا الرجل و لهذا أسباب
يطول شرحها ..
بل إنه يمكننا أن نقول – و بلا أدنى
مبالغة – أن هذا الرجل حوّل مسار أدب الرعب و إلى الأبد , بأعماله التي لا
يمكن ذكرها دون أن تطرقأجراسًا في أذهان الجميع , حتى ممن لا يعرفونه ..
مدينة سالم .. البريق .. وداعًا
شاوشانك .. الميل الأخضر .. دورة المذؤوب .. بريق .. الرجل الراكض ..
هل تذكر أي منها ؟! .. عظيم .. اليوم
سنتعرف أكثر على هذا الرجل و عالمه ..
• سيرة ذاتية :
المشكلة أنه لا يمكننا التحدث عن أي
شخص دون أن نذكر المعلومات الأساسية في سيرته الذاتية , لذا سنمر بهذه
المعلومات سريعًا , ثم سنبدأ في القسم الممتع في الموضوع ..
ولد ( ستيفن إدوين كينج ) في
مدينة ( مين Maine ) في الواحد و العشرين من سبتمبر لعام 1947 , لكل من (
دونالد ) و ( نيللي كينج ) الذان انفصلا و ( ستيفن )
لا يزال طفلاً – لم يكن الأمر انفصالاً بالمعنى المفهوم .. لقد خرج الأب
لشراء السجائر كما قال , و لم يعد بعدها أبدًا ! - و ليفقد ( ستيفن ) إحساسه بالعائلة مبكرًا , و لتبدأ رحلة
انتقاله مع والدته عبر الولايات المتحدة , حتى انتهى به الأمر في ( مين )
حيث أخذت الأم تعمل كطاهية في مؤسسة لذوي الإحتياجات الخاصة , بينما تفرغ ( ستيفن ) للدراسة و لهوايته الأثيرة .. القراءة ..
التحق ( ستيفن ) بمدرسة ( Lisbon Falls ) و تخرج منها
ليلتحق بجامعة ( مين ) , و يذكر عنه أنه كان طالبًا نشيطًا في تلك الفترة ,
إذ انضم لإتحاد الطلاب , و أخذ يكتب سلسلة مقالات أسبوعية في مجلة الكلية
تحت اسم ( بوصلة مين Maine Campus ) هاجم فيها الحرب ضد فيتنام , رافضًا أن
تدخل أمريكا حربًا لا حق لها فيها كما كان يقول , و وواصل نشاطه هذا حتى
تخرج من الجامعة عام 1970 , ليتحول من طالب إلى مدرس في الجامعة , و قد حصل
على بعض التغيرات منها ارتفاع ضغط الدم و ضعف البصر و ثقب في طبلتي الأذن
!!
لكن الجامعة لم تترك له كل هذه الأمراض فحسب , بل تعرف فيها
على الفتاة الرقيقة ( تابثا ) التي أخذ يعمل من أجلها طوال فترة دراسته في
محل للملابس , و أخذ يبيع بعض القصص القصيرة للمجلات , حتى تمكن من الزواج
منها في 1971 و مازال يحيا معها حتى الآن في منزلها في ( مين ) , و رزق
منها بثلاث أطفال حتى الآن ..
لم تطل السيرة الذاتية كما وعدتك .. الآن يمكننا أن نتعرف
أكثر على الأديب .. على الملك ..
• بدايات ( كينج :
أول قصة قصيرة باعها (
ستيفن كينج ) كانت ( الأرض الزجاجية The
Glass Floor ) و باعها لمجلة (Startling
Mystery Stories ) و كان ذلك في عام 1967 , لكن أول رواية كتبها كانت ( كاري Carrie ) و التي تتحدث عن فتاة غريبة الأطوار
تمتك قدرة تحريك الأجسام عن بعد , و كان يكتب هذه الرواية كوسيلة لقتل وقت
الفراغ لديه , لكنه حين عرضها على دار نشر (Doubleday ) في ربيع 1973 ,
قامت الدار بنشرها على الفور , و أمام آراء النقاد المنبهرة بهذه الرواية ,
عرض عليه مدير تحرير الدار ( بيل تومبسون ) ترك مهنته في الجامعة كمدرس ,
وأن يتفرغ للكتابة تمامًا ..
لكن الصعوبات بدأت في مطارد ( ستيفن )
إذ اضطر للإنتقال بعائلته إلى جنوب ( مين ) بعد أن أصيبت والدته بالسرطان ,
و ظلّ يراعاها طيلة النهار , بينما كان يقضي الليل في غرفة صغيرة في جراج
المنزل , يكتب في روايته الثانية التي أسماها ( العودة الثانية ) قبل أن يقرر تغيير اسمها إلى ( حشد سالم Salem's Lot ) و فيها يحكي عن قرية من مصاصي الدماء يقوم بزيارتها
رجل و طفله الوحيد ..
و حين انتهت الرواية توفيت والدته أخيرًا عن عمر يناهز
التاسعة و الخمسين , فعاد ( ستيفن كينج ) ينتقل
بعائلته , و عاد لتفرغه التام للكتابة , لينتهي في في أوائل 1975 من روايتي
( الصمود The Stand ) و (
منطقة الموت Dead Zone ) , وكانت روايته ( كاري )
قد نشرت لتحقق نجاحًا مذهلاً , أكدّ له و للناشر أن قرار تركه للجامعة و
تفرغه للكتابة كان قرارًا حكيمًا بلا شك ..
و الواقع أن حمى الكتابة انتابت ( ستيفن
كينج ) , فأخذ رواياته تتلاحق بغزارة غير مسبوقة – لاحظ أننا نتحدث
عن روايات من القطع الكبير و لا يقل عدد صفحات الرواية عن السبعمائة صفحة
إلا نادراً – فكتب رواية ( البريق The Shining )
و التي تتحدث عن كاتب مجنون يقضي الشتاء مع عائلته في فندق مهجور , ثم
رواية ( كريستين Christine ) التي تتحدث عن
سيارة مسكونة , ثم بدأ في جمع قصصه القصيرة لينشرها في مجموعات قصصية من
أشهرها ( وردية الليل Night Shift ) ثم ( أربع دقائق بعد منتصف الليل Four Past Midnight ) , و
مع النجاح المتواصل , قرر المخرج الشهير ( برايان دي بالما ) تحويل رواية (
كاري ) إلى فيلم سينمائي , قامت ببطولته ( سيسي سباسيك ) و ( جون ترافولتا
) , فحظى الفيلم بنجاح مذهل خاصة مع أداء ( سيسي سباسيك ) العبقري للفتاة
المضطربة ذات القدرات الخارقة , حتى أنها رشحت لجائزة الأوسكار عن دورها في
هذا الفيلم .
و هكذا دخل ( ستيفن كينج ) عالم
السينما من أوسع أبوابه , فمع توالي رواياته , توالت افلامه , فقام المخرج
العبقري ( ستانلي كوبريك ) عام 1980 بتحويل روايته (
البريق ) إلى فيلم كابوسي مخيف , قام ببطولته ( جاك نيكلسون ) – لم
يعجب الفيلم ستيفن كينج فقام بإعادة إخراج الفيلم 1997 في صورة حلقات
تلفزيونية قام بجمعها فيما بعد – ثم قام المخرج ( جون كاربنتر ) الذي اشتهر
بسلسلة أفلام ( هالويين ) بتحويل رواية ( كريستين) إلى فيلم عام 1983 و
حصل به على جائزة أوسكار أفضل مؤثرات بصرية .. من رأى منكم الفيلم و رأى
المشهد الذي تقوم في السيارة بإصلاح ذاتها , سيعرف أن هذا المشهد يستحق
الجائزة .
و هكذا أصبح ( ستيفن كينج ) علامة
مميزة للرعب سواء على مستوى الروايات أو الأفلام , حتى أن النقاد أخذوا
يلقبونه ( ملك الرعب )
و بدأت الملايين تنهال على ( ستيفن ) فبنى قصره
الخاص في مدينته الأثيرة ( مين ) – غالبًا ما تدور أحداث رواياته في هذه
المدينة – و أخذ يكتب بلا توقف , ثم قرر استغلال وقته , فتعلم الإخراج ,
ليقوم هو أيضًا بتحويل قصصه إلى أفلام , لكنها لم تكن بجود كتابته , فتفرغ
لإخراج الحلقات التلفزيونية .
ثم و في عام 1994 قام المخرج ( فرانك دارابونت ) بتحويل
قصته القصيرة (Rita Hayworth and Shawshank Redemption ) و التي نشرها ( ستيفن ) في مجموعته القصصية (
الفصول المختلفة Different Seasons ) إلى واحد من أشهر الأفلام في
تاريخ السينما على الإطلاق تحت اسم ( وداعًا شاوشانك
Shawshank Redemption ) و كانت هذه نقلة تاريخية في حياة ( ستيفن كينج ) فهذا الفيلم لم يكن له أي علاقة بالرعب ,
لكنه كان يعكس قدرة ( ستيفن ) و تمكنه كأديب من
طراز خاص .. و هكذا نال احترام الجميع , حتى ممن لا يؤمنون بالرعب كأدب .
و عن هذا الفيلم نذكر حادثة طريفة , رواها ستيفن كينج في مقدمة مجموعته القصصية ( Everything Eventual ) إذ كان يقف ذات مرة في
السوبرماركت يثرثر مع سيدة لم تكن تعرفه , و حين ذكر لها اسمه , امتعضت و
قالت ( أنا لا أحب قصص الرعب , أرى أنها سخيفة ) , فسألها ( ستيفن ) مبتسمًا ( و مالذي تفضلينه إذن ؟! ) , فأجابت
السيدة ( الأفلام الإجتماعية .. وداعًا شاوشانك مثلاً .. هل رأيته ؟! ) , و
هنا اتسعت ابتسامة ( ستيفن ) أكثر و هو يجيب (
لم اره فحسب .. بل كتبت قصته كذلك ) !!
و مع النجاح تتوالى الملايين , و قد ذكر (
ستيفن كينج ) نفسه أن رصيده يزداد بمقدار عشرة ملايين دولار
أسبوعيًا , من أرباح إعادة طبع رواياته .. الرجل باع أكثر من 300 مليون
نسخة حتى الآن , و تترجم رواياته بأكثر من خمس و ثلاثين لغة , أي أنه لم
يتحول إلى كاتب , بل إلى ظاهرة تستأهل الدراسة .
لاحظ أن أدب الرعب يصنف على أنه ( أدب مسلي Pop Art ) و هذا
في الغرب , بينما نحن العرب , لا نتعامل معه إلا على إنه أدب أطفال , لكن
هذا الرجل – و بأدب الأطفال !! – ارتقى بأدب الرعب ليقف به إلى جوار كبار
الكتاب , بروايات تجاوزت الاثنان و أربعون رواية , و عدد لا ينتهي من القصص
القصيرة و المجموعات القصصية , و السيناريوهات التلفزيونية .
و لكن الرياح تأتي بما لا تتشتهي السفن , فهناك ذلك الحادث
الذي غيّر الكثير في حياة هذا الرجل .. فالذي حدث هو ..
• حادث مؤسف :
حدث هذا عام 1999 حين صدمت شاحنة ( ستيفن كينج ) , لتلقيه مهشم العظام , غارقًا في
دماءه على قارعة الطريق .. بالطبع تم نقله إلى المستشفى , و هناك تلقى
العلاج اللازم لكنه خرج منها بكسور صعبة الإلتئام و بضعف شديد في العصب
البصري , يهدده بالعمى في أية لحظة .
العجيب أنه لم يقضي وقته في المستشفى للراحة فحسب , بل كتب
هناك روايته القصيرة ( The Plant ) و نشرها
اليكترونيًا على أحد المواقع , على أن تكون قابلة للتحميل مقابل دولار واحد
.. يقال أن ارباح هذه الرواية فحسب كانت كافية ليشتري المستشفى التي يعالج
فيها !!
لكنه لم يشتري المستشفى , بل اشترى الشاحنة التي صدمته و
أحرقها في احتفال مهيب طلبًا للراحة النفسية !
و كأنما يخاف من العمى ازداد حماسه للكتابة , حتى أنه انتهى
مؤخرًا من سباعيته التي تحمل اسم ( برج الظلام Dark
Tower ) و موقعه على الانترنت يعلن أن هناك
روايات و مجموعات قصصية له ستطرح و حتى عام 2007 .
و صحيح أنه نال عشرات الجوائز حتى الآن من الجمعيات النقدية
على مستوى العالم , لكن أهم جائزة كانت ميدالية الإستحقاق التي قدمتها له
جمعية الكتاب الوطنية , لإسهامه الذي لن ينسى للأدب , و كان ذلك عام 2003 ,
و بهذه الجائزة توّج ( ستيفن كينج
) كواحد من أهم و أشهر كتاب القرن العشرين على الإطلاق .
و بينما تتوالى أفلام و روايات هذا الملك , سننهي المقال
بواحدة من أفضل الجمل التي قالها هو , و هي تلك التي وضعها في مقدمة كتابه ( On Writing ) و الذي يتحدث فيه عن فن الكتابة :
( القراءة مهمة جدًا لأي كاتب .. إن
من لا يوجد لديه وقت ليقرأ , لا يملك الأدوات اللازمة ليكتب )
شخص دون أن نذكر المعلومات الأساسية في سيرته الذاتية , لذا سنمر بهذه
المعلومات سريعًا , ثم سنبدأ في القسم الممتع في الموضوع ..
ولد ( ستيفن إدوين كينج ) في
مدينة ( مين Maine ) في الواحد و العشرين من سبتمبر لعام 1947 , لكل من (
دونالد ) و ( نيللي كينج ) الذان انفصلا و ( ستيفن )
لا يزال طفلاً – لم يكن الأمر انفصالاً بالمعنى المفهوم .. لقد خرج الأب
لشراء السجائر كما قال , و لم يعد بعدها أبدًا ! - و ليفقد ( ستيفن ) إحساسه بالعائلة مبكرًا , و لتبدأ رحلة
انتقاله مع والدته عبر الولايات المتحدة , حتى انتهى به الأمر في ( مين )
حيث أخذت الأم تعمل كطاهية في مؤسسة لذوي الإحتياجات الخاصة , بينما تفرغ ( ستيفن ) للدراسة و لهوايته الأثيرة .. القراءة ..
التحق ( ستيفن ) بمدرسة ( Lisbon Falls ) و تخرج منها
ليلتحق بجامعة ( مين ) , و يذكر عنه أنه كان طالبًا نشيطًا في تلك الفترة ,
إذ انضم لإتحاد الطلاب , و أخذ يكتب سلسلة مقالات أسبوعية في مجلة الكلية
تحت اسم ( بوصلة مين Maine Campus ) هاجم فيها الحرب ضد فيتنام , رافضًا أن
تدخل أمريكا حربًا لا حق لها فيها كما كان يقول , و وواصل نشاطه هذا حتى
تخرج من الجامعة عام 1970 , ليتحول من طالب إلى مدرس في الجامعة , و قد حصل
على بعض التغيرات منها ارتفاع ضغط الدم و ضعف البصر و ثقب في طبلتي الأذن
!!
لكن الجامعة لم تترك له كل هذه الأمراض فحسب , بل تعرف فيها
على الفتاة الرقيقة ( تابثا ) التي أخذ يعمل من أجلها طوال فترة دراسته في
محل للملابس , و أخذ يبيع بعض القصص القصيرة للمجلات , حتى تمكن من الزواج
منها في 1971 و مازال يحيا معها حتى الآن في منزلها في ( مين ) , و رزق
منها بثلاث أطفال حتى الآن ..
لم تطل السيرة الذاتية كما وعدتك .. الآن يمكننا أن نتعرف
أكثر على الأديب .. على الملك ..
• بدايات ( كينج :
أول قصة قصيرة باعها (
ستيفن كينج ) كانت ( الأرض الزجاجية The
Glass Floor ) و باعها لمجلة (Startling
Mystery Stories ) و كان ذلك في عام 1967 , لكن أول رواية كتبها كانت ( كاري Carrie ) و التي تتحدث عن فتاة غريبة الأطوار
تمتك قدرة تحريك الأجسام عن بعد , و كان يكتب هذه الرواية كوسيلة لقتل وقت
الفراغ لديه , لكنه حين عرضها على دار نشر (Doubleday ) في ربيع 1973 ,
قامت الدار بنشرها على الفور , و أمام آراء النقاد المنبهرة بهذه الرواية ,
عرض عليه مدير تحرير الدار ( بيل تومبسون ) ترك مهنته في الجامعة كمدرس ,
وأن يتفرغ للكتابة تمامًا ..
لكن الصعوبات بدأت في مطارد ( ستيفن )
إذ اضطر للإنتقال بعائلته إلى جنوب ( مين ) بعد أن أصيبت والدته بالسرطان ,
و ظلّ يراعاها طيلة النهار , بينما كان يقضي الليل في غرفة صغيرة في جراج
المنزل , يكتب في روايته الثانية التي أسماها ( العودة الثانية ) قبل أن يقرر تغيير اسمها إلى ( حشد سالم Salem's Lot ) و فيها يحكي عن قرية من مصاصي الدماء يقوم بزيارتها
رجل و طفله الوحيد ..
و حين انتهت الرواية توفيت والدته أخيرًا عن عمر يناهز
التاسعة و الخمسين , فعاد ( ستيفن كينج ) ينتقل
بعائلته , و عاد لتفرغه التام للكتابة , لينتهي في في أوائل 1975 من روايتي
( الصمود The Stand ) و (
منطقة الموت Dead Zone ) , وكانت روايته ( كاري )
قد نشرت لتحقق نجاحًا مذهلاً , أكدّ له و للناشر أن قرار تركه للجامعة و
تفرغه للكتابة كان قرارًا حكيمًا بلا شك ..
و الواقع أن حمى الكتابة انتابت ( ستيفن
كينج ) , فأخذ رواياته تتلاحق بغزارة غير مسبوقة – لاحظ أننا نتحدث
عن روايات من القطع الكبير و لا يقل عدد صفحات الرواية عن السبعمائة صفحة
إلا نادراً – فكتب رواية ( البريق The Shining )
و التي تتحدث عن كاتب مجنون يقضي الشتاء مع عائلته في فندق مهجور , ثم
رواية ( كريستين Christine ) التي تتحدث عن
سيارة مسكونة , ثم بدأ في جمع قصصه القصيرة لينشرها في مجموعات قصصية من
أشهرها ( وردية الليل Night Shift ) ثم ( أربع دقائق بعد منتصف الليل Four Past Midnight ) , و
مع النجاح المتواصل , قرر المخرج الشهير ( برايان دي بالما ) تحويل رواية (
كاري ) إلى فيلم سينمائي , قامت ببطولته ( سيسي سباسيك ) و ( جون ترافولتا
) , فحظى الفيلم بنجاح مذهل خاصة مع أداء ( سيسي سباسيك ) العبقري للفتاة
المضطربة ذات القدرات الخارقة , حتى أنها رشحت لجائزة الأوسكار عن دورها في
هذا الفيلم .
و هكذا دخل ( ستيفن كينج ) عالم
السينما من أوسع أبوابه , فمع توالي رواياته , توالت افلامه , فقام المخرج
العبقري ( ستانلي كوبريك ) عام 1980 بتحويل روايته (
البريق ) إلى فيلم كابوسي مخيف , قام ببطولته ( جاك نيكلسون ) – لم
يعجب الفيلم ستيفن كينج فقام بإعادة إخراج الفيلم 1997 في صورة حلقات
تلفزيونية قام بجمعها فيما بعد – ثم قام المخرج ( جون كاربنتر ) الذي اشتهر
بسلسلة أفلام ( هالويين ) بتحويل رواية ( كريستين) إلى فيلم عام 1983 و
حصل به على جائزة أوسكار أفضل مؤثرات بصرية .. من رأى منكم الفيلم و رأى
المشهد الذي تقوم في السيارة بإصلاح ذاتها , سيعرف أن هذا المشهد يستحق
الجائزة .
و هكذا أصبح ( ستيفن كينج ) علامة
مميزة للرعب سواء على مستوى الروايات أو الأفلام , حتى أن النقاد أخذوا
يلقبونه ( ملك الرعب )
و بدأت الملايين تنهال على ( ستيفن ) فبنى قصره
الخاص في مدينته الأثيرة ( مين ) – غالبًا ما تدور أحداث رواياته في هذه
المدينة – و أخذ يكتب بلا توقف , ثم قرر استغلال وقته , فتعلم الإخراج ,
ليقوم هو أيضًا بتحويل قصصه إلى أفلام , لكنها لم تكن بجود كتابته , فتفرغ
لإخراج الحلقات التلفزيونية .
ثم و في عام 1994 قام المخرج ( فرانك دارابونت ) بتحويل
قصته القصيرة (Rita Hayworth and Shawshank Redemption ) و التي نشرها ( ستيفن ) في مجموعته القصصية (
الفصول المختلفة Different Seasons ) إلى واحد من أشهر الأفلام في
تاريخ السينما على الإطلاق تحت اسم ( وداعًا شاوشانك
Shawshank Redemption ) و كانت هذه نقلة تاريخية في حياة ( ستيفن كينج ) فهذا الفيلم لم يكن له أي علاقة بالرعب ,
لكنه كان يعكس قدرة ( ستيفن ) و تمكنه كأديب من
طراز خاص .. و هكذا نال احترام الجميع , حتى ممن لا يؤمنون بالرعب كأدب .
و عن هذا الفيلم نذكر حادثة طريفة , رواها ستيفن كينج في مقدمة مجموعته القصصية ( Everything Eventual ) إذ كان يقف ذات مرة في
السوبرماركت يثرثر مع سيدة لم تكن تعرفه , و حين ذكر لها اسمه , امتعضت و
قالت ( أنا لا أحب قصص الرعب , أرى أنها سخيفة ) , فسألها ( ستيفن ) مبتسمًا ( و مالذي تفضلينه إذن ؟! ) , فأجابت
السيدة ( الأفلام الإجتماعية .. وداعًا شاوشانك مثلاً .. هل رأيته ؟! ) , و
هنا اتسعت ابتسامة ( ستيفن ) أكثر و هو يجيب (
لم اره فحسب .. بل كتبت قصته كذلك ) !!
و مع النجاح تتوالى الملايين , و قد ذكر (
ستيفن كينج ) نفسه أن رصيده يزداد بمقدار عشرة ملايين دولار
أسبوعيًا , من أرباح إعادة طبع رواياته .. الرجل باع أكثر من 300 مليون
نسخة حتى الآن , و تترجم رواياته بأكثر من خمس و ثلاثين لغة , أي أنه لم
يتحول إلى كاتب , بل إلى ظاهرة تستأهل الدراسة .
لاحظ أن أدب الرعب يصنف على أنه ( أدب مسلي Pop Art ) و هذا
في الغرب , بينما نحن العرب , لا نتعامل معه إلا على إنه أدب أطفال , لكن
هذا الرجل – و بأدب الأطفال !! – ارتقى بأدب الرعب ليقف به إلى جوار كبار
الكتاب , بروايات تجاوزت الاثنان و أربعون رواية , و عدد لا ينتهي من القصص
القصيرة و المجموعات القصصية , و السيناريوهات التلفزيونية .
و لكن الرياح تأتي بما لا تتشتهي السفن , فهناك ذلك الحادث
الذي غيّر الكثير في حياة هذا الرجل .. فالذي حدث هو ..
• حادث مؤسف :
حدث هذا عام 1999 حين صدمت شاحنة ( ستيفن كينج ) , لتلقيه مهشم العظام , غارقًا في
دماءه على قارعة الطريق .. بالطبع تم نقله إلى المستشفى , و هناك تلقى
العلاج اللازم لكنه خرج منها بكسور صعبة الإلتئام و بضعف شديد في العصب
البصري , يهدده بالعمى في أية لحظة .
العجيب أنه لم يقضي وقته في المستشفى للراحة فحسب , بل كتب
هناك روايته القصيرة ( The Plant ) و نشرها
اليكترونيًا على أحد المواقع , على أن تكون قابلة للتحميل مقابل دولار واحد
.. يقال أن ارباح هذه الرواية فحسب كانت كافية ليشتري المستشفى التي يعالج
فيها !!
لكنه لم يشتري المستشفى , بل اشترى الشاحنة التي صدمته و
أحرقها في احتفال مهيب طلبًا للراحة النفسية !
و كأنما يخاف من العمى ازداد حماسه للكتابة , حتى أنه انتهى
مؤخرًا من سباعيته التي تحمل اسم ( برج الظلام Dark
Tower ) و موقعه على الانترنت يعلن أن هناك
روايات و مجموعات قصصية له ستطرح و حتى عام 2007 .
و صحيح أنه نال عشرات الجوائز حتى الآن من الجمعيات النقدية
على مستوى العالم , لكن أهم جائزة كانت ميدالية الإستحقاق التي قدمتها له
جمعية الكتاب الوطنية , لإسهامه الذي لن ينسى للأدب , و كان ذلك عام 2003 ,
و بهذه الجائزة توّج ( ستيفن كينج
) كواحد من أهم و أشهر كتاب القرن العشرين على الإطلاق .
و بينما تتوالى أفلام و روايات هذا الملك , سننهي المقال
بواحدة من أفضل الجمل التي قالها هو , و هي تلك التي وضعها في مقدمة كتابه ( On Writing ) و الذي يتحدث فيه عن فن الكتابة :
( القراءة مهمة جدًا لأي كاتب .. إن
من لا يوجد لديه وقت ليقرأ , لا يملك الأدوات اللازمة ليكتب )
[size=21]
مواضيع مماثلة
» افتراضي كتاب تحلية المياه ومعالجتها من مصادرها الطبيعية
» افتراضي الأساطير المصرية
» منزل الرعب
» موسوعة الرعب A
» افتراضي ماذا حدث في الفندق تلك الليلة؟
» افتراضي الأساطير المصرية
» منزل الرعب
» موسوعة الرعب A
» افتراضي ماذا حدث في الفندق تلك الليلة؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى