نقد كتاب الأحكام المتعلقة بالطيران وآثاره
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب الأحكام المتعلقة بالطيران وآثاره
نقد كتاب الأحكام المتعلقة بالطيران وآثاره
المؤلف فايز بن عبد الكريم الفايز وقد تحدث الإحرام في الطائرة وكونه نوعين فقال:
"الإحرام في الطائرة؛ وفيه فرعان:
الفرع الأول: من أين يحرم القادم بالطائرة؟
مجال سير الطائرات هو الأجواء الهوائية لا الممرات الأرضية، وهل المرور في السماء، هو بمنزلة المرور على الأرض أم لا؟
فإن قيل: لا يشبهه في الحكم؛ فلا يلزم منه الإحرام في الجو وذلك لأنه لم يتجاوز الميقات، بل يصبح إذا هبط في محيط المواقيت أي دونها وأقرب منها إلى مكة ميقاتيا، فيحرم حينئذ من مكانه الذي هبط فيه لقوله (ص)((من كان دون ذلك فمهله من أهله))
وإن قيل: هو مثله؛ لزم المار في الجو ما يلزم المار بالأرض أو محاذاته.
وبحكم أن هذه المسألة من المسائل النازلة فللعلماء المعاصرين فيها قولان:
القول الأول:
أن المرور الجوي كالمرور الأرضي سواء بسواء، وأن المار بسماء الميقات يلزمه ما يلزم المار بالميقات.
وبهذا قال أكثر العلماء المعاصرين، ومنهم: أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية: عبدالعزيز ابن باز ، وعبدالرزاق عفيفي، وعبدالله بن قعود ، وعبدالله بن غديان . وأعضاء مجمع الفقه الإسلامي بجدة بالأغلبية، ومنهم: عبدالله بن حميد ، ومحمد العثيمين وبكر أبو زيد، ووهبة الزحيلي .وغيرهم غفر الله لهم.
القول الثاني:
المرور بسماء الميقات لا يعد كالمرور بأرضه وليس مثله في الحكم.
وإلى هذا ذهب بعض العلماء المعاصرين، منهم: الطاهر بن عاشور ، وعبدالله بن زيد آل محمود ، ومصطفى الزرقا وعبدالله بن كنون وغيرهم غفر الله لهم."
والحقيقة أنه لا يوجد مواقيت أرضية كما لا وجود لما يسمى الإحرام في كتاب الله فالنية والاستعداد تكون من أى مكان وهو الفج كما قال تعالى:
" يأتوك رجالا وعلى كل ضامر من كل فج عميق "
ومن ثم لا وجود لما اخترعته الروايات من مواقيت مكانية خاصة أن تلك المواقيت معدودة أربعة أو خمسة وهى لا تكفى كل الجهات ومن ثم اخترع الفقهاء من عندهم مواقيت للجهات الأخرى كرابغ
وتحدث عن أدلة الفريقين :
"أدلتهم:
استدل أصحاب القول الأول القائلون أن المرور الجوي كالمرور الأرضي سواء بسواء بما يلي:
1 - اللغة، ووجه الدلالة فيها من وجهين:
الأول: من مر بسماء القرية أو المحلة أو المدينة فقد مر بها، وهذا واضح كل الوضوح، ودال أوضح الدلالة على أن المار بسماء الميقات مار بالميقات.
فيقال: مر الطير الفلاني بكذا يعني بسمائه، وكذا الطائرة .
الثاني: لفظ: ((من أتى عليهن)) معجز في الدلالة على المرور في سماء الميقات؛ لأن لفظ (على) تدل على العلو والارتفاع مهما بلغ، فيشمل حينئذ راكب الطائرة وغيرها .
2 - من السنة: حديث ابن عباس قال: ((وقت رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، وقال: هن لهن ولمن أتى عليهن))
وجه الدلالة:
لفظه يشمل المرور في سماء الميقات .
3 - التخريج على أقوال الفقهاء:
يشتهر عند الفقهاء بلا خلاف الهواء يتبع القرار في مسائل ، وقد دل على معناه قول الله تعالى: { ... الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} .
وفرعوا عليه مسائل، منها: من ملك أرضا ملك سماءها ، والمصلي فوق جبل أبي قبيس - وهو علو الكعبة - يكون مصليا إلى الكعبة والواقف فوق جبل أو على شجرة في عرفة واقف بها وهواء المسجد منه
4 - القياس: المقصود الأكبر في الميقات هو البعد عن مكة وسماء الميقات مثله في البعد أو هي أقرب الأشياء إلى الميقات من جهة السماء، فهي مثله في الحكم.
ولهذا المعنى لا خلاف في جواز الإحرام من محاذاة الميقات إذا كان مثله في البعد
إلى مكة ولم يتمكن من القدوم عليه .
5 - سماء الميقات مثل أرضه لم يفرق الشرع بينهما، ومن ادعى الفرق فعليه أن يأتي بالدليل، ولا دليل .
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون المرور بسماء الميقات لا يعد كالمرور بأرضه وليس مثله بما يلي:
1 - المحلق في السماء لم يصل إلى الأرض، فلا يعد واصلا إلى الميقات
واعترض عليه:
بأن اشتراط مماسة أرض الميقات لا دليل عليه في ألفاظ الشريعة، ولا مقاصدها، ولا تسنده اللغة .
2 - الميقات الذي حدده رسول الله (ص)هو الميقات الأرضي لا الجوي ، بدليل أن هذا هو المعروف في عهد النبي (ص)والصحابة ولم يفهموا إلا هذا، فلا نحدث فهما آخر أوسع منه.
واعترض عليه:
أ - بأن ادعاء أن هذا مراد رسول الله (ص)فقط باطل، لأنه مجرد دعوى، وحال رسول الله (ص)لا يدل على تقييد كلامه بوقت؛ لأنه (ص)رسول البشرية إلى قيام الساعة،وهو المؤيد بالوحي من ربه ، {وما كان ربك نسيا} .
ب - فهم أصحاب النبي (ص)هو توسيع دلالة المعاني الشرعية بحسب ما تقتضيه اللغة وما يتجدد من وقائع - ومنه: قول: عبدالله لامرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، وما لي لا ألعن من لعن رسول الله (ص)(يعني قوله: لعن الواشمات والمستوشمات .. الخ) وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأته لقد وجدته، قال الله عز وجل: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} .
ومثل هذا الفهم يتوافق تمام الاتفاق مع القول بأن راكب الطائرة إذا مر بسماء الميقات ولم يحرم منها أثم بتركه الإحرام من الميقات، لقوله (ص)((هن لهن ولمن أتى عليهن)) ولقول ابن تيمية - رحمه الله -: (فهذا الذي حملته الجن إلى عرفة قد ترك ما أمره الله به قبل الوقوف) - يريد الإحرام من الميقات لأنه مر بسمائه.
3 - قول أكثر الفقهاء: من لم يمر بالميقات ولا بمحاذاته يحرم على بعد مرحلتين
من مكة، نخرج على كلامهم:
القادم في الطائرة لا يمر بالميقات، ولا محاذاته، فيحرم على بعد مرحلتين من مكة، ومطار جدة يزيد في البعد عن مكة مرحلتين فيجوز الإحرام منه.
واعترض عليه:
بأن مسألة المرور الجوي لم تكن في تصور الفقهاء، فلا يحمل كلامهم على مقصودها .
والمرور الجوي من خارج الميقات لا تعدو أحكامه أحكام المرور الأرضي على الصحيح، لانطباق كلمة المرور عليه لفظا ومعنى كما سبق . وعلى فرض أن المار بسماء الميقات لم يمر به حقيقة، فهو مثله في الحكم وذلك لكونه محاذيا له ."
ورجح الفايز القول الأول مع أنه لا يوجد دليل على شىء لأن لو كان هناك وحى فسيكون هناك مكان للقادمين من الغرب من جهة مصر الحالية أو حتى من مكان عمان وهو ما بين نجد واليمن وقال في الترجيح:
"الراجح:
ما ذهب إليه أصحاب القول الأول لقوته وإمكان الرد على أدلة القول الثاني. ... وعليه فإن من يمر بسماء الميقات فيجب عليه الإحرام إذا كان مريدا النسك لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
((هن لهن ولمن مر عليهن)) وإلا كان آثما لأنه إما أن يكون داخلا في النص حقيقة أو في معناه.
ومن يمر بمحاذاة سماء الميقات، فهذا يلزمه الإحرام محاذاة الميقات ، وإن أراد أن يرجع إلى الميقات ثم يحرم منه بعد أن يهبط فهذا له، لأن الرجوع إلى أرض الميقات رجوع إلى الأصل المتفق عليه، وإن كان فيه كلفة ومشقة فالأولى عدمه، لأن الشرع جاء باليسر ورفع الحرج. وأما إذا كانت الطائرة لا تمر بسماء الميقات ولا بمحاذاته وهذا يتصور بالمرور غرب جدة مباشرة في حالات نادرة فإنه يحرم على بعد مرحلتين من مكة، لكونها مسافة أقرب المواقيت إلى مكة "
وتحدث عما يماه الفرع الثانى فقال :
"الفرع الثاني: الإحرام في الطائرة قبل الميقات احتياطا.
لا خلاف بين أهل العلم في صحة الإحرام قبل الميقات، وقد نقل الإجماع على هذا النووي وابن المنذر .
وإنما اختلفوا في الأفضل والمكروه من الإحرام من الميقات أو قبله على قولين:
القول الأول:
لا بأس بالإحرام قبل الميقات، أو من دويرة أهله، بل هو الأفضل ويشترطون أن يكون في أشهر الحج، وأن يأمن من الوقوع في المحظورات.
وإليه ذهب الحنفية ، وقول عند الشافعي ، وأحد القولين في المذهب الشافعي .
القول الثاني:
أن الإحرام من الميقات أفضل، ويكره الإحرام قبله.
وإليه ذهب مالك وهو الأصح عند الشافعية وهو مذهب أحمد وهو قول إسحاق بن راهوية، وعطاء، والحسن البصري."
ثم استعرض الأدلة فقال :
"الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول القائلون بجواز الإحرام قبل الميقات بالأدلة الآتية:
1 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - لما سئل عن قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} قال: تحرم من دويرة أهلك .
اعترض عليه:
إن صح الأثر فسنة النبي (ص)أولى بالاتباع، مع أن شيخ الإسلام قد فسره فقال:
(آراء عمر وعلي - - أن تسافر للحج سفرا وللعمرة سفرا، وإلا فهما لم ينشأ الإحرام من دويرة الأهل، ولا فعل ذلك رسول الله (ص)ولا أحد من خلفائه) .
2 - حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي (ص)قال: ((من أهل من المسجد الأقصى بحجة أو عمرة غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر)) .
وجه الدلالة:
جواز الإهلال بالحج أو العمرة قبل الميقات.
يمكن أن يعترض عليه:
أن الحديث ضعيف، قال: النووي إسناده ليس بالقوي
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بكراهية الإحرام قبل الميقات بالأدلة الآتية:
1 - أنه فعل النبي (ص)فهو إنما أحرم من الميقات كما في حديث جابر - رضي الله عنه - وغيره، وهو لا يفعل إلا الأفضل .
2 - قوله (ص)((يستمتع أحدكم بحله ما استطاع، فإنه لا يدري ما يعرض له في إحرامه)) .
3 - أنه لا يأمن إذا تقدم بالإحرام أن يقع في محظورات الإحرام، كما أن فيه مشقة على النفس فكره كالوصال في الصوم .
4 - ما ورد من آثار عن الصحابة في كراهتهم للتقدم بالإحرام قبل الميقات، ومنها:
ما رواه الحسن أن عمران بن الحصين أحرم من البصرة فكره له ذلك عمر بن الخطاب .
كما كره ذلك عثمان - رضي الله عنه - من بعض من فعله ."
وتلك الأدلة معناها أن لا مكان محدد للاحرام أساسا وإنما بين الله أن الإحرام يكون من الفج وهو بلد الحاج
ورجح الفايز الإحرام من الميقات ذاته فقال :
طالراجح:
لا شك أن فعل النبي (ص)في إحرامه من الميقات هو الفيصل في المسألة، فقد ثبت في أحاديث صحاح لا تكاد تقاومها أدلة القول الأول.
وقد نقل ابن عبد البر: (أن الإحرام من المواقيت أفضل وهي السنة المجمع عليها، سنها رسول الله (ص)لأمته وعمل بها الصحابة معه وبعده ووجد عليها عمل المسلمين) .
لذا فإن الراجح أن السنة والأفضل الإحرام من المواقيت وعدم تقدمها، اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
والإحرام قبل الميقات وإن كان مكروها على الصحيح، إلا أن الكراهة تزول إذا كان ثمة مسوغ شرعي، ومن ذلك الإحرام في الطائرة قبل الميقات بقليل احتياطا نظرا لسرعة الطائرة في الوصول للميقات ومجاوزته .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز ــ رحمه الله ــ: (ومن المعلوم أن الإحرام قبل المواقيت صحيح، وإنما الخلاف في كراهته وعدمها، ومن أحرم قبلها احتياطا خوفا من مجاوزتها بغير إحرام فلا كراهة في حقه) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 17/ 24.
وقال أيضا: (القادم من طريق الجو أو البحر إذا حاذى الميقات مثل صاحب البر إذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو في البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة وسرعة السفينة أو الباخرة) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 17/ 25.وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: (الإحرام بالطائرة ينبغي للإنسان أن يحتاط فيه، وذلك لأن الطائرة سريعة المرور، فلهذا ينبغي أن يحتاط ويحرم قبل خمس دقائق أو دقيقتين ونحو ذلك) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين 21/ 387.
لذا فلا كراهة في الإحرام قبل الميقات بقليل لراكبي الطائرة احتياطا."
والحقيقة أن لا مكان محدد للإحرام حسب القرآن المهم هو النية والا ستعداد من أى مكان
المؤلف فايز بن عبد الكريم الفايز وقد تحدث الإحرام في الطائرة وكونه نوعين فقال:
"الإحرام في الطائرة؛ وفيه فرعان:
الفرع الأول: من أين يحرم القادم بالطائرة؟
مجال سير الطائرات هو الأجواء الهوائية لا الممرات الأرضية، وهل المرور في السماء، هو بمنزلة المرور على الأرض أم لا؟
فإن قيل: لا يشبهه في الحكم؛ فلا يلزم منه الإحرام في الجو وذلك لأنه لم يتجاوز الميقات، بل يصبح إذا هبط في محيط المواقيت أي دونها وأقرب منها إلى مكة ميقاتيا، فيحرم حينئذ من مكانه الذي هبط فيه لقوله (ص)((من كان دون ذلك فمهله من أهله))
وإن قيل: هو مثله؛ لزم المار في الجو ما يلزم المار بالأرض أو محاذاته.
وبحكم أن هذه المسألة من المسائل النازلة فللعلماء المعاصرين فيها قولان:
القول الأول:
أن المرور الجوي كالمرور الأرضي سواء بسواء، وأن المار بسماء الميقات يلزمه ما يلزم المار بالميقات.
وبهذا قال أكثر العلماء المعاصرين، ومنهم: أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية: عبدالعزيز ابن باز ، وعبدالرزاق عفيفي، وعبدالله بن قعود ، وعبدالله بن غديان . وأعضاء مجمع الفقه الإسلامي بجدة بالأغلبية، ومنهم: عبدالله بن حميد ، ومحمد العثيمين وبكر أبو زيد، ووهبة الزحيلي .وغيرهم غفر الله لهم.
القول الثاني:
المرور بسماء الميقات لا يعد كالمرور بأرضه وليس مثله في الحكم.
وإلى هذا ذهب بعض العلماء المعاصرين، منهم: الطاهر بن عاشور ، وعبدالله بن زيد آل محمود ، ومصطفى الزرقا وعبدالله بن كنون وغيرهم غفر الله لهم."
والحقيقة أنه لا يوجد مواقيت أرضية كما لا وجود لما يسمى الإحرام في كتاب الله فالنية والاستعداد تكون من أى مكان وهو الفج كما قال تعالى:
" يأتوك رجالا وعلى كل ضامر من كل فج عميق "
ومن ثم لا وجود لما اخترعته الروايات من مواقيت مكانية خاصة أن تلك المواقيت معدودة أربعة أو خمسة وهى لا تكفى كل الجهات ومن ثم اخترع الفقهاء من عندهم مواقيت للجهات الأخرى كرابغ
وتحدث عن أدلة الفريقين :
"أدلتهم:
استدل أصحاب القول الأول القائلون أن المرور الجوي كالمرور الأرضي سواء بسواء بما يلي:
1 - اللغة، ووجه الدلالة فيها من وجهين:
الأول: من مر بسماء القرية أو المحلة أو المدينة فقد مر بها، وهذا واضح كل الوضوح، ودال أوضح الدلالة على أن المار بسماء الميقات مار بالميقات.
فيقال: مر الطير الفلاني بكذا يعني بسمائه، وكذا الطائرة .
الثاني: لفظ: ((من أتى عليهن)) معجز في الدلالة على المرور في سماء الميقات؛ لأن لفظ (على) تدل على العلو والارتفاع مهما بلغ، فيشمل حينئذ راكب الطائرة وغيرها .
2 - من السنة: حديث ابن عباس قال: ((وقت رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، وقال: هن لهن ولمن أتى عليهن))
وجه الدلالة:
لفظه يشمل المرور في سماء الميقات .
3 - التخريج على أقوال الفقهاء:
يشتهر عند الفقهاء بلا خلاف الهواء يتبع القرار في مسائل ، وقد دل على معناه قول الله تعالى: { ... الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} .
وفرعوا عليه مسائل، منها: من ملك أرضا ملك سماءها ، والمصلي فوق جبل أبي قبيس - وهو علو الكعبة - يكون مصليا إلى الكعبة والواقف فوق جبل أو على شجرة في عرفة واقف بها وهواء المسجد منه
4 - القياس: المقصود الأكبر في الميقات هو البعد عن مكة وسماء الميقات مثله في البعد أو هي أقرب الأشياء إلى الميقات من جهة السماء، فهي مثله في الحكم.
ولهذا المعنى لا خلاف في جواز الإحرام من محاذاة الميقات إذا كان مثله في البعد
إلى مكة ولم يتمكن من القدوم عليه .
5 - سماء الميقات مثل أرضه لم يفرق الشرع بينهما، ومن ادعى الفرق فعليه أن يأتي بالدليل، ولا دليل .
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون المرور بسماء الميقات لا يعد كالمرور بأرضه وليس مثله بما يلي:
1 - المحلق في السماء لم يصل إلى الأرض، فلا يعد واصلا إلى الميقات
واعترض عليه:
بأن اشتراط مماسة أرض الميقات لا دليل عليه في ألفاظ الشريعة، ولا مقاصدها، ولا تسنده اللغة .
2 - الميقات الذي حدده رسول الله (ص)هو الميقات الأرضي لا الجوي ، بدليل أن هذا هو المعروف في عهد النبي (ص)والصحابة ولم يفهموا إلا هذا، فلا نحدث فهما آخر أوسع منه.
واعترض عليه:
أ - بأن ادعاء أن هذا مراد رسول الله (ص)فقط باطل، لأنه مجرد دعوى، وحال رسول الله (ص)لا يدل على تقييد كلامه بوقت؛ لأنه (ص)رسول البشرية إلى قيام الساعة،وهو المؤيد بالوحي من ربه ، {وما كان ربك نسيا} .
ب - فهم أصحاب النبي (ص)هو توسيع دلالة المعاني الشرعية بحسب ما تقتضيه اللغة وما يتجدد من وقائع - ومنه: قول: عبدالله لامرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، وما لي لا ألعن من لعن رسول الله (ص)(يعني قوله: لعن الواشمات والمستوشمات .. الخ) وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأته لقد وجدته، قال الله عز وجل: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} .
ومثل هذا الفهم يتوافق تمام الاتفاق مع القول بأن راكب الطائرة إذا مر بسماء الميقات ولم يحرم منها أثم بتركه الإحرام من الميقات، لقوله (ص)((هن لهن ولمن أتى عليهن)) ولقول ابن تيمية - رحمه الله -: (فهذا الذي حملته الجن إلى عرفة قد ترك ما أمره الله به قبل الوقوف) - يريد الإحرام من الميقات لأنه مر بسمائه.
3 - قول أكثر الفقهاء: من لم يمر بالميقات ولا بمحاذاته يحرم على بعد مرحلتين
من مكة، نخرج على كلامهم:
القادم في الطائرة لا يمر بالميقات، ولا محاذاته، فيحرم على بعد مرحلتين من مكة، ومطار جدة يزيد في البعد عن مكة مرحلتين فيجوز الإحرام منه.
واعترض عليه:
بأن مسألة المرور الجوي لم تكن في تصور الفقهاء، فلا يحمل كلامهم على مقصودها .
والمرور الجوي من خارج الميقات لا تعدو أحكامه أحكام المرور الأرضي على الصحيح، لانطباق كلمة المرور عليه لفظا ومعنى كما سبق . وعلى فرض أن المار بسماء الميقات لم يمر به حقيقة، فهو مثله في الحكم وذلك لكونه محاذيا له ."
ورجح الفايز القول الأول مع أنه لا يوجد دليل على شىء لأن لو كان هناك وحى فسيكون هناك مكان للقادمين من الغرب من جهة مصر الحالية أو حتى من مكان عمان وهو ما بين نجد واليمن وقال في الترجيح:
"الراجح:
ما ذهب إليه أصحاب القول الأول لقوته وإمكان الرد على أدلة القول الثاني. ... وعليه فإن من يمر بسماء الميقات فيجب عليه الإحرام إذا كان مريدا النسك لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
((هن لهن ولمن مر عليهن)) وإلا كان آثما لأنه إما أن يكون داخلا في النص حقيقة أو في معناه.
ومن يمر بمحاذاة سماء الميقات، فهذا يلزمه الإحرام محاذاة الميقات ، وإن أراد أن يرجع إلى الميقات ثم يحرم منه بعد أن يهبط فهذا له، لأن الرجوع إلى أرض الميقات رجوع إلى الأصل المتفق عليه، وإن كان فيه كلفة ومشقة فالأولى عدمه، لأن الشرع جاء باليسر ورفع الحرج. وأما إذا كانت الطائرة لا تمر بسماء الميقات ولا بمحاذاته وهذا يتصور بالمرور غرب جدة مباشرة في حالات نادرة فإنه يحرم على بعد مرحلتين من مكة، لكونها مسافة أقرب المواقيت إلى مكة "
وتحدث عما يماه الفرع الثانى فقال :
"الفرع الثاني: الإحرام في الطائرة قبل الميقات احتياطا.
لا خلاف بين أهل العلم في صحة الإحرام قبل الميقات، وقد نقل الإجماع على هذا النووي وابن المنذر .
وإنما اختلفوا في الأفضل والمكروه من الإحرام من الميقات أو قبله على قولين:
القول الأول:
لا بأس بالإحرام قبل الميقات، أو من دويرة أهله، بل هو الأفضل ويشترطون أن يكون في أشهر الحج، وأن يأمن من الوقوع في المحظورات.
وإليه ذهب الحنفية ، وقول عند الشافعي ، وأحد القولين في المذهب الشافعي .
القول الثاني:
أن الإحرام من الميقات أفضل، ويكره الإحرام قبله.
وإليه ذهب مالك وهو الأصح عند الشافعية وهو مذهب أحمد وهو قول إسحاق بن راهوية، وعطاء، والحسن البصري."
ثم استعرض الأدلة فقال :
"الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول القائلون بجواز الإحرام قبل الميقات بالأدلة الآتية:
1 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - لما سئل عن قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} قال: تحرم من دويرة أهلك .
اعترض عليه:
إن صح الأثر فسنة النبي (ص)أولى بالاتباع، مع أن شيخ الإسلام قد فسره فقال:
(آراء عمر وعلي - - أن تسافر للحج سفرا وللعمرة سفرا، وإلا فهما لم ينشأ الإحرام من دويرة الأهل، ولا فعل ذلك رسول الله (ص)ولا أحد من خلفائه) .
2 - حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي (ص)قال: ((من أهل من المسجد الأقصى بحجة أو عمرة غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر)) .
وجه الدلالة:
جواز الإهلال بالحج أو العمرة قبل الميقات.
يمكن أن يعترض عليه:
أن الحديث ضعيف، قال: النووي إسناده ليس بالقوي
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بكراهية الإحرام قبل الميقات بالأدلة الآتية:
1 - أنه فعل النبي (ص)فهو إنما أحرم من الميقات كما في حديث جابر - رضي الله عنه - وغيره، وهو لا يفعل إلا الأفضل .
2 - قوله (ص)((يستمتع أحدكم بحله ما استطاع، فإنه لا يدري ما يعرض له في إحرامه)) .
3 - أنه لا يأمن إذا تقدم بالإحرام أن يقع في محظورات الإحرام، كما أن فيه مشقة على النفس فكره كالوصال في الصوم .
4 - ما ورد من آثار عن الصحابة في كراهتهم للتقدم بالإحرام قبل الميقات، ومنها:
ما رواه الحسن أن عمران بن الحصين أحرم من البصرة فكره له ذلك عمر بن الخطاب .
كما كره ذلك عثمان - رضي الله عنه - من بعض من فعله ."
وتلك الأدلة معناها أن لا مكان محدد للاحرام أساسا وإنما بين الله أن الإحرام يكون من الفج وهو بلد الحاج
ورجح الفايز الإحرام من الميقات ذاته فقال :
طالراجح:
لا شك أن فعل النبي (ص)في إحرامه من الميقات هو الفيصل في المسألة، فقد ثبت في أحاديث صحاح لا تكاد تقاومها أدلة القول الأول.
وقد نقل ابن عبد البر: (أن الإحرام من المواقيت أفضل وهي السنة المجمع عليها، سنها رسول الله (ص)لأمته وعمل بها الصحابة معه وبعده ووجد عليها عمل المسلمين) .
لذا فإن الراجح أن السنة والأفضل الإحرام من المواقيت وعدم تقدمها، اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
والإحرام قبل الميقات وإن كان مكروها على الصحيح، إلا أن الكراهة تزول إذا كان ثمة مسوغ شرعي، ومن ذلك الإحرام في الطائرة قبل الميقات بقليل احتياطا نظرا لسرعة الطائرة في الوصول للميقات ومجاوزته .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز ــ رحمه الله ــ: (ومن المعلوم أن الإحرام قبل المواقيت صحيح، وإنما الخلاف في كراهته وعدمها، ومن أحرم قبلها احتياطا خوفا من مجاوزتها بغير إحرام فلا كراهة في حقه) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 17/ 24.
وقال أيضا: (القادم من طريق الجو أو البحر إذا حاذى الميقات مثل صاحب البر إذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو في البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة وسرعة السفينة أو الباخرة) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 17/ 25.وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: (الإحرام بالطائرة ينبغي للإنسان أن يحتاط فيه، وذلك لأن الطائرة سريعة المرور، فلهذا ينبغي أن يحتاط ويحرم قبل خمس دقائق أو دقيقتين ونحو ذلك) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين 21/ 387.
لذا فلا كراهة في الإحرام قبل الميقات بقليل لراكبي الطائرة احتياطا."
والحقيقة أن لا مكان محدد للإحرام حسب القرآن المهم هو النية والا ستعداد من أى مكان
رضا البطاوى- عضو ممتاز
-
عدد الرسائل : 3616
العمر : 56
العمل : معلم
تاريخ التسجيل : 18/07/2011
مواضيع مماثلة
» نقد كتاب الخطأ الطبي مفهومه وآثاره
» تحقيق فى المسائل الست الكرام المتعلقة بجمع أحاديث الإحرام
» نقد كتاب ذم القضاء وتقلد الأحكام
» نقد كتاب أثر السياق في دلالة السكوت على الأحكام
» نقد كتاب الأحكام الشرعية للنعل والانتعال
» تحقيق فى المسائل الست الكرام المتعلقة بجمع أحاديث الإحرام
» نقد كتاب ذم القضاء وتقلد الأحكام
» نقد كتاب أثر السياق في دلالة السكوت على الأحكام
» نقد كتاب الأحكام الشرعية للنعل والانتعال
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى