نقد كتاب إعجاز الإسلام في محاربة الزنا والتحرش بالردع والوقاية
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب إعجاز الإسلام في محاربة الزنا والتحرش بالردع والوقاية
نقد كتاب إعجاز الإسلام في محاربة الزنا والتحرش بالردع والوقاية
المؤلف محمود عبد الله نجا والكتاب يدور حول انتشار الفاحشة في زمننا وفى مقدمته قال :
"مقدمة:
ظن أهل الشهوات في زماننا أنهم أحرار في عقولهم وأجسادهم يتصرفون فيها بما تمليه عليهم شهواتهم فالزواج عندهم مقيد للحريات والعفة وستر العورات عندهم رجعية لا تواكب العصر ولا تستحق العفيفة عندهم إلا القذف في عفتها ولا فرق بين الرجال والنساء في الملبس أو التصرفات ولم يعد للمحارم عندهم وزن ولا احترام للأنساب
وقد أخبرنا النبي (ص) بوقوع وشيوع هذا البلاء العظيم فقال: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويكثر الجهل ويكثر الزنا ويكثر شرب الخمر ويقل الرجال وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) وقال: (والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيرهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط) ولا شك أن الفاحشة إذا انتشرت في أمة فإنه دليل هلاكها وخسرانها وقد توعد الله من انتشرت فيهم الفاحشة بالطواعين والأوجاع والأمراض التي لم تكن في أسلافهم قال (ص): (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم)
وبالرغم من كل ما وصلت إليه حضارة الإنسان في زماننا المعاصر من علم ومادية إلا أنها تبقى عاجزة عجزا كليا في الجانب التشريعي الذي يحفظ على الناس النفس والعقل والنسل والمال والأعراض "
والأحاديث التى ذكرها أولها باطل لأنه لا يوجد ما يسملا علامات الساعة فلو وجدت لعرف موعدها الذى أخفاه الله فقال :
" لا يعلمها إلا هو"
وهو كثرة الخمر والزنا بأنواعه وغير ذلك فقد كان زمن النبى(ص) نفسه ملىء بها وفى عهد لوط فتلك ألأمور مرتبطة ببعضها ومع هذا لم تقم القيامة والحديث ظاهر البطلان لأنه اتهام مباشر للأمة في عهد النبى(ص) بأنها سترتكب كل تلك المنكرات وهو ما لم يحدث وهو اتهام مباشر بالكفر لمن قال الله فيهم :
" رضى الله عنهم ورضوا عنه"
وأما الحديث الثالث فمعناه صحيح نوعا ما فظهور الأمراض في الزناة أمر معروف
وتحدث نجا عن كيفية تعامل القانون الوضعى مع صيانة أعراض الناس فقال:
"كيف تعامل القانون الوضعي مع قضية صيانة الأعراض؟
من اللافت للنظر أن القوانين الوضعية في كافة البلدان قد تخبطت وأخطأت في تعاملها مع قضية صيانة الأعراض فمن ناحية تفرض قوانين صارمة لمعاقبة الذين يتحرشون جنسيا قد تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام ومن ناحية أخرى لا توجد عقوبات للزناة طالما أن فعل الزنا قد تم برضا الطرفين ولا توجد عقوبات لمن يشيعون الفاحشة في المجتمع من خلال نشرهم للخلاعة والمجون والعري بكافة الأشكال وفي كل أنواع الإعلام المرئي والمقروء والمسموع
والمجتمعات الإسلامية العربية عندما تقلد المجتمعات الغربية في طريقة تعاملها مع قضية التحرش الجنسي فهي بذلك تنفذ حديث النبي (ص) (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟) وحتى لا أتهم بالتجني على الغرب ومن تبعهم من العرب دعونا نقارن بين طريقة تعامل الغرب مع قضية التحرش الجنسي وبين ما تطالب به بعض الجمعيات العربية المناهضة للتحرش فعلى موقع الموسوعة القانونية نولو (Nolo) في مقال بعنوان منع التحرشات الجنسية في العمل وعلى موقع أوقفوا العنف ضد المرأة في مقال بعنوان طرق الوقاية والتخطيط نجد أن أهم طرق مكافحة التحرش الجنسي عند الغرب تتمثل في سن القوانين والعقوبات وإلغاء الفروق بين الجنسين وإنشاء برامج التوعية التي تعمل على تعديل أنماط السلوك الاجتماعية والثقافية للرجل
وفي داخل المجتمعات الإسلامية العربية ظهر سباق محموم من أجل تقليد الغرب في تعاملهم في قضية التحرشات الجنسية فعلى سبيل المثال نشرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة جاء فيه ما ملخصه (للمرأة الحق في التمتع على قدم المساواة مع الرجل بكل حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وفي حماية هذه الحقوق والحريات ينبغي للدول أن تدين العنف ضد المرأة وأن تدرج في القوانين المحلية جزاءات جنائية أو مدنية أو جزاءات عمل إدارية بحق من يصيبون من النساء بالأضرار بإيقاع العنف عليهن وأن تتخذ جميع التدابير المناسبة لتعديل أنماط السلوك الاجتماعية والثقافية للرجل والمرأة ولإزالة التحيز والممارسات التقليدية وكل الممارسات الأخرى المستندة إلى دونية أي من الجنسين أو تفوقه أو إلى القوالب الجامدة فيما يتعلق بدور الرجل والمرأة)
وواضح طبعا في الإعلان السابق أنه لا توجد إشارة من قريب أو من بعيد توجه سلوكيات وملابس المرأة التي غالبا ما تكون سبب فتنة الرجال ودفعه إلى التحرش بها كما لا توجد إشارة إلى دور الالتزام بالسلوك الإسلامي المانع للاختلاط في منع التحرش الجنسي بالإضافة إلى طلب إزالة الفوارق بين الرجل والمرأة ثقافيا وبذلك تضمن هذه الجمعيات الانفلات الجنسي بالتراضي بين طرفيه في ظل حماية القانون الذي يعاقب التحرش دون علاج لأسبابه
وللأسف الشديد فقد خطي القانون المصري أيضا في نفس اتجاه القوانين الغربية التي تجرم التحرش الجنسي بدون وضع ضوابط تحول دون وصول النفس البشرية الضعيفة إلى هذه الجريمة الشنعاء حيث تم تغليظ عقوبة التحرش الجنسي بالنساء والأطفال والاغتصاب وصنفت جرائم العنف الأسري ضمن جرائم "البلطجة" ورفعت العقوبة في مرسوم أصدره المجلس العسكري في بعض تلك الحالات إلى السجن المؤبد والإعدام
وعندما خرج قانون التحرش الجنسي الجديد في مصر إلى النور تعالت هذه الأصوات التي تعارض تطبيق الحدود بقبول هذا القانون الجديد بالتحية والترحيب ليس نصرة للإسلام (و الله أعلم بحال القلوب) ولكن لأن الفاحشة التي أرادوا لها أن تشيع بين الناس سوف تكون في حماية القانون فللمرأة الآن الحق في أن تلبس ما تشاء أو لا تلبس وللشباب والفتيات الحق في الخلاعة في الشوارع كيف شاءوا بعد أن أمنوا التحرش جنسيا وبقوة القانون وبدلا من أن تنتهك الأعراض بالقوة سوف تنتهك تحت مسمى القبول والرضا بين الطرفين كما يحدث في المجتمعات الغربية التي تحارب التحرش الجنسي وتبارك كافة أنواع العلاقات الجنسية طالما قامت على الرضا
و أرجو ألا يظن أحد أنني ضد هذا القانون بل أنا معه قلبا وقالبا ...فالذي لا يعلمه الذين صفقوا لهذا القانون وهم قد رفضوا تطبيق الحدود الإسلامية أن هذا القانون هو تطبيق لحد من حدود الله وهو حد الحرابة الذي قال فيه تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} "
ومن الفقرات السابقة نجد ان القوانين الوضعية لا تحل المشاكل وإنما تزيد منها وتجعل الزنى مباحا بالتراضى
وتساءل نجا عن عقوبات القانون الوضعى هل هى كافية لمنع التحرش فقال :
" هل عقوبات القانون الوضعي كافية لردع التحرش جنسيا؟
قبل الإجابة على هذا السؤال من الناحية العلمية أنقل لكم رد أحد شباب الإنترنت ممن سيطبق عليه القانون من الشباب المحروم من الزواج والمحاط بفتن النساء من كل جانب حيث قال (طبعا قانون جميل لكن يا رب ما يكون بمثابة رخصة للبنات تمشي من غير ملابس إذ لو حصل هذا لأعدموا الشباب كله)
وهذا التعليق مع بساطته يلخص وجه التعارض في تعامل القانون الوضعي مع النفس البشرية وهو لا يفهم قوانينها الربانية التي جبلت عليها فالقانون الوضعي يضع الناس بين نارين نار العقوبات ونار شيوع الفواحش بلا قانون يردعها ولا يعرف القانون الوضعي شيء اسمه
الوقاية من التحرش الجنسي بمنع شيوع الفواحش بكافة أشكالها بل انه على العكس يقوم على حماية الفواحش باسم القانون وقد ذكرني هذا الحال المتعارض للقانون الوضعي بقول الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
و هذا هو الغرب الذي شجع على السفور والاختلاط بدعوى أنه لا فرق بين الرجل والمرأة يعترف باستحالة القضاء على التحرشات الجنسية فيقول أستاذ العلوم الاجتماعية وعلم الجريمة مويرا كارمودي (Moira Carmody) في مقالة بعنوان منع العنف الجنسي عند البالغين من خلال التعليم (التحرشات الجنسية تزداد ولا زالت تحتاج إلى المزيد من الجهد لمنعها ويقول بالرغم من أهمية القانون في التعامل مع التحرشات الجنسية إلا أنه يبقى أداة عقاب بعد وقوع الجريمة مما يجعلنا في حاجة شديدة إلى برامج توعية تحول دون وقوع التحرش الجنسي "
والكلام السابق يعد دعوة صريحة إلى نشر الزنا بالتراضي بدلا من الوقوع في التحرشات الجنسية وهذا يعد دعوة صريحة إلى الانحلال بين أفراد البشرية بسبب فشل القوانين البشرية في القضاء على التحرشات الجنسية "
إذا إجابة نجا هى أن القانون الوضعى هو دعوة صريحة لاباحة الزنى بالتراضى كبديل للتحرش وبين نجا أن التحرش لا يقع من جانب الرجال وحدهم بل يقع من جانب النساء أيضا كما فعلت امرأة العزيز فقال:
...فالتحرش الجنسي من وجهة نظر الإسلام هو امتداد طبيعي لتحرك غير طبيعي في شهوات النفس فالطبيعي هو ما يحدث بين الرجل وامرأته في الحلال قال تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} وغير الطبيعي هو ما كان وراء ذلك فالرجل والمرأة على السواء إن تحركت الشهوة فيهما يطلب أحدهما الآخر إما بالحلال أو بالحرام والحرام قد يكون بالتراضي فيسمى زنا وقد يرفض أحد الطرفين أن يزني مع الآخر فيسعى الطرف المرفوض في تحقيق غايته بشتى الوسائل التي تعرف باسم التحرشات الجنسية ولما كان الرجل أقوى من المرأة فقد اشتهر أن التحرشات الجنسية تقع فقط من الرجل تجاه المرأة ولكن الإسلام يفضح النفوس الخبيثة ويبين أن المرأة أيضا قد تمارس التحرش الجنسي إذا امتلكت المنصب والجمال فبحكم جمالها ومن خلال منصبها تدعوه إلى الزنا فان أبي تسلطت عليه بمنصبها ويذكر لنا القرآن الكريم أشهر قصة تحرش جنسي في التاريخ تمارسها امرأة على رجل وهي قصة امرأة العزيز مع نبي الله يوسف (ص) التي راودته عن نفسها بجمالها {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون} فلما رفض أن يطاوعها في شهوتها ويزني بها مارست سلطتها عليه متحرشة به بقوة السلطة {قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين}
وحدثنا عن حكم الله في مجاربة الزنى والتحرش فقال :
" إعجاز التشريع الإسلامي في محاربة الزنا والتحرش الجنسي:
أما القانون الرباني فلا ينظر للمشكلة بنظرة جزئية بل بنظرة شاملة ويحلها بالحل الشامل الذي يعلم حقيقة النفس البشرية ويعلم ما يصلحها فكان له مع حماية الأعراض شأن آخر يقوم على فهم طبيعة واحتياجات النفس البشرية قال تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب} والشهوة في ذاتها ليست خطأ بل هي جبلة في الإنسان ولكن حب الشهوة وتزيينها للعقل هو الخطأ وليس أعظم في تزيينها وتأجيجها في النفوس من الاختلاط "
والخطا في كلام نجا هو تزيين الشهوة للعقل وغنما هو تزيينها للنفس فالعقل لا يزين له وإنما يزين للنفس ممثله في الشهوة الداخلية لأن العقل يرفض كل الباطل ومنها التزيين
وحدثنا عن العقوبات الرادعة فقال :
"أولا: العقوبات الرادعة
بدأ الإسلام بفرض العقوبات المشددة لمنع الزنا والتحرشات الجنسية فمن اللافت للنظر أن سورة النور في حربها على الفاحشة لم تبدأ ببيان فضل العفاف وذكر محاسنه والتنفير من ضده بل ولم تخوف الزاني بعقاب الآخرة ولكن بدأت ببيان عقوبات الزناة وخوض الألسنة في أعراض المحصنات والذين يحبون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا فقال تعالى في عقوبة الزناة: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) مع المبالغة في التنكيل بهم (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) والتشهير بهم (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) ومنعهم من زواج أهل العفة (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) وقال تعالى في عقوبة خوض اللسان في الفواحش وقذف المحصنات (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) وقال الله في عقوبة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
يقول عصام بن صالح العويد في مقال بعنوان (أسوار سورة النور) تعليقا على عقوبة الزنا في صدر سورة النور (فكان النور الأول لحماية المجتمع من شيوع زنى الفرج هو "المجتمع الطارد" لهذه الرذائل فبدأ الله سورة النور بهذه الشدة لأنه العقاب الأقوى والأكثر ردعا والأبقى أثرا فإن قيل: فأين التخويف بعذاب الآخرة بدلا من شدة العقوبة في الدنيا؟ فالجواب أنه قد جاء كثيرا في ثنايا السورة وفي غيرها ولكن الفاحشة إذا فارت في القلب طغت على نور العقل فقلما يردعها تذكر الآخرة إلا عند عباد الله المخلصين بينما الخوف من الجلد والفضيحة والخوف من نبذ المجتمع ينزع الله به مالا ينزع بالقرآن)
ثم جعل الله حد الحرابة لمعاقبة كل من سولت له نفسه سفك الدماء وسلب الأموال وهتك الأعراض وإهلاك الحرث والنسل يقول عبد الفتاح إدريس في مقال بعنوان (التحرش الجنسي من منظور إسلامي) مبينا كيف يعاقب المتحرش بحد الحرابة فيقول (و التحرش بالنساء يتضمن إفسادا في الأرض بحسبانه متضمنا قطع الطريق على المتحرش بها أو إلجائها إلى الطريق الضيقة بغية النيل منها أو سماعها ما تكره أو إجبارها على الرضوخ له بطريقة أو أخرى وقد يتضمن إخافتها أو إرعابها لتحقيق مقصوده وذلك يكون جريمة حرابة متكاملة الأركان باعتبار أن الحرابة وفق ما عرفها به بعض الفقهاء ..ومن ثم فإنه يرد في حق المتحرشين بالنساء العقوبتان الدنيوية والأخروية الواردتان في قول الله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} 33 المائدة وذلك لقطع دابر هذه الجريمة من المجتمع)
ويؤكد الدكتور محمد صالح المنجد في الفتوى رقم 41682 بعنوان " الحكم فيمن يسطو ويسرق ويغتصب بالسلاح" فالحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال والناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج منقول بتصرف)"
إذا حدثنا الرجل عن عقوبات الآخرة التى قد تردع البعض وعقوبات الدنيا وهى الجلد للزناة وشهود الزور والقتل لمشيعى الفاحشة ومرتكبيها بالاكراه
وحدثنا عن التربية في الصغر على العفة فقال :
"ثانيا: الوقاية من خلال تربية النفوس على العفة
لم يفرض الله الحدود لإقامة الدولة الإسلامية ولكن فرضها لحماية كيان دولة إسلامية قائمة من الانهيار فمع الحدود هناك نظام الوقاية الذي يمنع الناس من الوقوع في محارم الله بحيث إذا تيسرت سبل الوقاية وأخطأ الفرد المسلم فساعتها لا مناص من العقاب
ولذا فبعد أن بين الله كيف نطهر المجتمع من الفواحش بتطبيق العقوبات المشددة انتقلت سورة النور إلى المرحلة التالية من إشاعة نور العفة بين الناس لكي تحول بينهم وبين الوقوع في الشهوات والعقوبات فدعت إلى تخفيف نار الشهوة في النفوس بنهيها عن اتباع خطوات الشيطان التي تأمر بالفاحشة (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم) ثم بين أهمية غض البصر وأهميته في كبح جماح الشهوة وحفظ الفروج للرجال والنساء {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}وحث على ستر المرأة لزينتها حتى لا يفتن بها الرجال {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وفي مقابل كف النفس عن إشباع الغريزة الجنسية بالحرام شجع المولى تبارك وتعالى على تيسير الزواج الحلال حتى لا يحدث كبت نفسي قد يؤدي إلى انفجار غير محسوب فقال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} وأمر بالعفاف في غير وجود الزواج {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} وجاء الحبيب (ص) بالدواء المعين على الاستعفاف فقال (ص) عن علاج الشهوة بالصوم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)"
والحديث المستشهد به عن كون الصوم علاج لمشكلة الشهوة يتناقض مع كون العلاج هو الاستعفاف وهو الصبر على ألم عدم قضاء الشهوة حتى يغنى الله الفقير كما قال حتى يتزوج فقال :
" وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله"
فالصوم لو كان علاجا لكان صوما بالليل والنهار وليس صوما بالنهار فقط لأن الشهوة موجودة في الليل والنهار كما عاتب الله من جامعوا زوجاتهم في ليل رمضان ظانين بهذا أنهم يخونون الله فقال :
" علم الله أنكم كنتم تختانون انفسكم "
وحدثنا الرجل عن كون الاختلاط يزيد من نار الشهوة فقال :
"ولأن الاختلاط بين الرجال والنساء يؤجج نار الشهوة ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه فقد حرص شرعنا الحنيف على منع الاختلاط بين الجنسين قال تعالى {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} فقد دلت هذه الآية على أن الأصل احتجاب النساء عن الرجال وعدم الاختلاط لاسيما في دور العلم حرصا على طهارة قلوب الرجال والنساء وقال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} فأمرهن بالقرار ثم منعهن من الخروج غير متحجبات ومع قرارهن في البيوت منع رسول الله الله (ص) الرجال الأجانب من الدخول عليهن فقال (إياكم والدخول على النساء فلما قيل له: الحمو؟ قال: الحمو الموت) متفق عليه وهذا يدل على أن الأمر بالقرار ليس خاصا بنساء النبي الله (ص) بل ونهى الشرع عن خلو الرجل بالمرأة فقال (ص) (لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم) "
وهذا الكلام مغلوط فآية الحجاب لا تتعرض للاختلاط في الأماكن العامة وإنما تتعرض لمسألة عدم التزيد في الضيافة بمعنى أن الضيف إذا أراد طعاما أو شرابا من نساء البيت عليه أن يتحدث معهم من ةخلف جدار أو ستار أو باب مقفل حتى لا يرى عوراتهن التى كثيرا ما تكون مكشوفة في حجراتهن
وأما القرار في البيوت فلا يعنى حبس النساء في البيوت وغنما يعنى مشاركتهن في العمل الوظيفى لأن النساء يخرجن للتسوق والتعلم والاستفتاء كما فعلت المجادلة في زوجها
وأما حكاية الخلوة فباطل حديثها أن الرسول(ص09 اختلى بالمرأة المجادلة وأباح الله اختلاء الرجل بمن يريد زواجها للحديث في اتفاقات الزواج فقال :
" ولا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا"
فحديث الرجل مع المرأة للضرورة مباح وقد أباح الله دخول الرجل الغريب أو الصديق البيت في حالة عدم وجود أحد أى رجل إن سمح رب البيت لقضاء ضرورة فقال :
" فإن لم تجدوا فيها أحد فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم"
فمثلا السباك أو مصلح شىء تفتح الله المرأة للدخول لقضاء حاجاتهم في إصلاح الفاسد والصديق الذى جاء لأخذ شىء من البيت تسمح له بدخول البيت لاعطائه ما يريد فالله لا يريد تعطيل مصالح العباد
وكعادة الكثير من القوم الذين يظنون أن الاستشهاد بأقوال الكفار في بعض ما يوافق ديننا دليل على صحته تحدث الرجل فقال :
" أبحاث الغرب العلمية تشهد بإعجاز الإسلام في تعامله مع الزنا والتحرش الجنسي
لعلنا نلاحظ فيما سبق من الأوامر الربانية حرص الإسلام على الفصل بين الجنسين حتى لا يضع النار بجوار البنزين ...
ولأن حرص الإسلام على الفصل بين الجنسين حتى لا يضع النار بجوار البنزين هو الصحيح النافع للبشرية فقد جاءت كثير من أبحاث الغرب لتثبت كذبهم ولتثبت للعالم أن الإسلام دين كل زمان ومكان وأنه من الله الخبير العليم الذي يعرف النفس البشرية حق المعرفة لأنه خالقها وبالتالي يعرف ما يصلحها {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فالفصل بين الجنسين هو من أسمى سبل الحماية للرجل والمرأة على السواء من الوقوع تحت وطأة ضغوط الشهوة الجنسية وما تسببه من آلام نفسية وعدم قدرة على الإبداع بالإضافة إلى شيوع الزنا والتحرشات الجنسية"
والفصل بين الجنسين الذى يقول به نجا وأمثاله لا وجود له في الإسلام فلو قلنا به لكان معناه ألا تتواجد الزوجة مع زوجها ولا الابنة مع أبيها وأخيها وجدها وعمها .. ولكان معناه ألا تسأل امرأة عالم كما سألت المجادلة رسول الله(ص) ولا بايع الرسول(ص) المهاجرات
والموجود هو قرار المتزوجات في بيوتهن طالما لا يوجد ضرورة أى حكم لخروجهن مثل زيارة الأبوين والأقارب والتعزية والتهنئة والوقوف بجانب الجارات وأما غير المتزوجات فيخرجن للتعلم في أماكن منفصلة عن الشباب المتعلم كلما أمكن ابعادهم عن بعضهم منعا لمشاكل كثيرة وتضييع للوقت
ونقل الرجل لنا مقالات كتبها الغربيون في الموضوع فقال :
في مقال نشرته النيويورك تايمز للكاتبة إليزابيث ويل ناقشت فكرة الفصل بين الجنسين في التعليم لوجود فروق بيولوجية بين الجنسين وكيف أدى هذا الفصل إلى تحسن أداء الجنسين وبالرغم من أن هذه الفكرة ما زالت تلقي معارضة شديدة إلا أن الواقع يثبت أنها سوف تتغلب وتنجح برغم المعارضة فقد أصدرت شعبة التعليم الاتحادية في أمريكا نظما سهلت للولايات والمناطق فتح مدارسها وفصولها الغير مختلطة الخاصة وبعد أن كان عدد المدارس أحادية الجنس اثنتان فقط في كل الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1995 فقد قفز العدد إلى أكثر من ثلاثمائة وستين مدرسةمنتشرة في طول البلاد وعرضها ويتوقع الخبراء أن يزيد هذا العدد خلال العام 2008 - 2009 11
ويبدو أن هذا التوقع كان سليما بنسبة 100 % ففي مقال للكاتب ديفيد هولثاس تم نشره في عام 2010 يقول بأن عدد المدارس التي تفصل بين الجنسين في الولايات المتحدة الأمريكية قد وصل إلى 550 مدرسة وليس هذا فقط بل وأشار إلى أن هذا الفصل بين الجنسين في التعليم قد انتشر أيضا في الأرجنتين وكندا وغيرها الكثير وإن كان هذا الانتشار ما زال مصحوبا بالجدل حول أهميته وفاعليته بين مؤيد ومعارض 12
وجاءت نتائج اجتماع المنظمة الدولية للتعليم العام الغير مختلط في المؤتمر الدولي السابع بولاية فلوريدا في عام 2011 ليؤكد على أن هذا الفصل بين الجنسين في العملية التعليمية يؤدي إلى تحسن ملموس في أداء كلا الجنسين بشرط تحسن أداء المعلم وقدرته على التعامل مع هذا الفصل بطريقة جيدة 13
ومع أن التقارير السابقة لا تريد أن تعترف بأن السبب الرئيسي في فشل التعليم المختلط هو انشغال أحد الجنسين بالآخر ومحاولة الإيقاع به إما بالرضا (الزنا) أو الغصب (التحرشات الجنسية) إلا أن تقرير المؤسسة التعليمية في أمريكا للعام 2011 عن التحرشات الجنسية في المدارس والذي كتبه نائب الرئيس جو بايدن ووزيرة التعليم آرني دنكان وفيه يعترفان بزيادة الاعتداءات الجنسية في المدارس لدرجة خطيرة تصل إلى واحد لكل عشرة أفراد وما خفي كان أعظم لأن أغلب التحرشات الجنسية لا يتم الإبلاغ عنها وأضف إلى ذلك حالات الزنا التي تتم بكثرة بين طلاب المدارس
ونأتي إلى قاصمة ظهر المجتمع الغربي الذي يدعو إلى التحرر من قيود الأخلاق ففي تقرير نشرته الحملة القومية لمنع الحمل في سن المراهقة عن نسب الحمل في سن ما دون العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية يقول التقرير (حوالي 34 % من البنات يحدث لهن الحمل على الأقل مرة واحدة دون سن العشرين وأن حوالي 79 % منهن غير متزوجات أي أن حملهن جاء من سفاح إما بالزنا أو نتيجة للتحرشات الجنسية المنتشرة في المدارس والجامعات 15
وفي تقرير آخر نشره معهد غوتماشر (Guttmacher Institute) عام 2012 يقول التقرير (أن نسب الحمل قبل سن العشرين بدأت تزداد بقوة من بعد العام 2009 وأن حوالي 7 من كل 10 من كلا الجنسين يمارسون الجنس قبل سن 19 سنة وتزداد النسب في المدارس العليا عن المدارس المتوسطة)
وعليه فالذين يطالبون بالفصل بين الجنسين في التعليم في الدول الغربية ليس فقط من أجل تحسين أداء الطلاب لاختلافاتهم البيولوجية ولكن أيضا لحماية أبنائهم من طلاب المدارس والجامعات من الاعتداءات الجنسية التي حتما ستقع بسب الاختلافات البيولوجية التي تقضي بميل أحد الجنسين إلى الآخر ولحماية البنات من الحمل المبكر خارج إطار الزوجية وما يتبعه من أعباء جسدية ونفسية ومالية وعندما أقول بأن الاعتداءات الجنسية حتما ستقع بين الجنسين بسب الاختلافات البيولوجية التي تقضي بميل أحد الجنسين إلى الآخر فهذا ليس لكوني أنقل ما يقول الإسلام فقط (وإن كان ليكفينا) بل إن الغرب نفسه بدأ يناقش هذه المسألة بطريقة علمية حيث كتبت الصحف والدوريات العلمية الأجنبية عن تأثير الاختلاط بين الجنسين في أماكن العمل والمؤسسات الدراسية فمثلا كتب بات هاجان في صحيفة التيليجراف تحت عنوان "الرجال يفقدوا عقولهم في وجود نساء جميلات فقال (الرجال الذين يقضون حتى بضع دقائق في صحبة امرأة جذابة يكونون أقل أداء بشكل ملحوظ في الاختبارات المصممة لقياس وظائف المخ من أولئك الذين يتحدثون مع أشخاص لا يجدون بهم جاذبية خاصة) 1
وبالبحث عن الدراسة العلمية التي استند إليها مقال بات هاجان في التيليجراف وجدتها منشورة في دورية علمية وقد قام بهذه الدراسة جيمس روني سنة 2003 تحت عنوان "تأثير التعرض البصري للجنس الآخر على الأداء الادراكي حيث قام الباحث باختبار التغيرات العقلية والنفسية عند النظر إلى امرأة أو صورتها وقد خلصت هذه الدراسة إلى أن الرجال ينشغلون بالتفكير في تلك المرأة مما يؤثر بالسلب على أعمالهم وربما يحدث ذلك دون وعي منهم أن ردود أفعالهم قد تغيرت
وفي دراسة علمية أحدث (2009) أجراها مجموعة من الباحثين على رأسهم جون كاريمانز (Johan Karremans) نشرت في دورية علمية تحت عنوان "التفاعل مع النساء يمكن أن يضعف الأداء الإدراكي للرجال"وقد أجريت هذه الدراسة في أماكن العمل والمدارس المختلطة وقد أظهرت هذه الدراسة أن نظر الرجل إلى المرأة ولو لبضعة دقائق يؤدي إلى تغيرات كبيرة في التصرف والمزاج والشخصية مما يدفع بالرجل إلى مزيد من الاقتراب من المرأة لإقامة علاقة وأوضحت الدراسة أن هذا التصرف ربما يتم دون وعي من صاحبه حيث يصرف كثير من تركيزه إلى المرأة فلا يجد ما يكفي للتركيز في عمله "
وهذه الاستشهادات لا تهم المسلم في شىء فهى ليست دليل عندنا لأن الدليل هو قول الله في الوحى وحده وإنما هم يحاولون خداع بعضهم بدراسات لو بحثنا سنجد غيرها يمثل الوجهة المضادة وينتصر لها وغلا كيف انتشرت تلك الفاحشة في تلك المجتمعات إلا لم يكن بسبب دراسات جنونية أخرى تسببت في المشاكل وتلك الدراسات تعود لعلمى النفس والاجتماع من خلال علاج أمراض الكبت والكآبة وغيرهم
العلوم أو المقولات الكفرية تتعامل مع ألأمور من وجهات نظر مختلفة فمن يبيحون الفواحش لم يبيحوها لنشرها وإنما أباحوها كى تروج بعض التجارات المحرمة التى يريدون التربح من خلفها كأدوية الانتصاب والاثارة وأدوات التبرج والملابس المثيرة والترويج لسلع معينة
وتحدث الرجل عن ابحاث أخرى فقال :
"سبق الإسلام في المساواة بين الرجل والمرأة في حفظ البصر والفرج وفي عقوبة الزنا لاعتباره أن كلاهما يتأثر جنسيا بالآخر
في الواقع الدراسات السابقة تركز أكثر على حال الرجال في وجود النساء دون وصف الحالة العقلية للمرأة في وجود الرجال وكأن الرجال وحدهم هم من يتأثرون جنسيا بالمرأة ...وبالبحث العلمي عن تأثر المرأة عقليا بوجود الرجل وجدت أنه قد شاع لزمن طويل أن الرجال أكثر ميلا وتفكيرا في الجنس من النساء حتى انتشرت شائعة غير علمية تقول أن الرجال يفكرون بالجنس بمعدل مرة كل سبع ثواني فمثلا في مقال كتبه ريتشارد ساين بعنوان مقارنة الدافع الجنسي عند الرجال والنساء يقول (أغلب الرجال بطبيعتهم الوراثية لا يستطيعون الكف عن التفكير في الجنس وأن الدافع الجنسي عند الرجال أكبر منه بكثير مما هو عند النساء)
ولكن بالبحث العلمي المتأني وجدت أن هناك أبحاث علمية حديثة بدأت تنفي هذه الشائعة وتقول أن النساء يتأثرن بالرجال مثل تأثر الرجال بالنساء بل وربما في بعض الأحيان يكون تأثر المرأة أكبر وهذا ما يجعل للإسلام السبق العلمي في مساواته بين الرجل والمرأة في قضية غض
البصر وحفظ الفرج وعقوبة الزنا ومن هذه الأبحاث على سبيل المثال البحث الذي أجراه د تيري فيشر أستاذ علم النفس بجامعة أوهايو عام 2012 والذي توصل فيه إلى أن مقولة أن الرجال يفكرون في الجنس أكثر بكثير من النساء تعتبر شائعة غير علمية تتأثر بثقافة البيئة أكثر ما تستند إلى البحث العلمي ....وهذا البحث الأخير يكاد يقترب من التشريع الإسلامي في مساواته بين الرجل والمرأة من حيث التفكير الجنسي في الآخر ولذا ساوي الله بين الجنسين في التكليف بغض البصر وحفظ الفرج وفي عقوبة الزنا ولعل البعض يتهم المرأة أكثر ما يتهم الرجل بحجة أن المرأة هي التي دفعته بزينتها وتبرجها إلى فعل التحرش فأقول كلا وألف كلا لأن المرأة وإن خالفت ربها بإظهار زينتها وتبرجها فلا ينبغي أبدا للرجل أن يطلق بصره فيصيب من هذه وتلك حتى تتمكن الشهوة من قلبه فتدفعه إما إلى الزنا أو إلى التحرش الجنسي ومعلوم من القرآن أن الله عاقب الزانية والزاني بنفس العقاب بالرغم من أن الله قدم الزانية على الزاني {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} فجعل الله عقوبة الاثنين واحدة وقدم ذكر الزانية ليلفت الانتباه إلى أن المرأة بزينتها وتبرجها وجمالها الذي جبلت عليه أكثر إثارة ولفتا لانتباه الرجل أكثر من تأثر المرأة بالرجل وساوى الله عقوبة الزاني بالزانية لتساوي تفكير كل منهما في الآخر وطلب كل منهما للآخر فكلاهما مجبول على التفكير الجنسي في الآخر ولذا فقد حمى الله النساء من الرجال بأمره إياهم بغض البصر {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} وحمى الله الرجال من النساء بأمره إياهن بغض البصر وإخفاء الزينة {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فسبحان الله العليم بأحوال النفوس وبما يصلحها {ولا ينبئك مثل خبير}
يقول زهير الأعرجي في كتابه (الانحراف الاجتماعي وأساليب العلاج في الإسلام) في باب الجناية والإغراء الشديد (فلو كان الإغراء هو أساس وقوع الزنا فقط لخفف الله العقوبة على الزاني ولشدد العقوبة على الزانية ولكن لأن الإسلام تعامل مع هذه الحالات قبل ارتكاب الجريمة من خلال تهذيب النفس لمقاومة الإغراء مهما كان حجمه فإذا كانت النفس قد استجابت للتهذيب الديني فليس هناك إغراء يؤثر فيها فالنفس قد تغري الفرد بالنظر إلى الكاسيات العاريات إلا أن قوة الإرادة التي ربتها الشريعة الإسلامية في نفس المؤمن تدفعه إلى غض البصر فإذا خالف ونظر كان مخالفا للشريعة قبل أن يؤثر فيه الإغراء ولذا يتساوى مع الزانية في العقوبة على الرغم من تقديم الزانية على الزاني في الترتيب اللفظي الذي ربما أراد منه القرآن حث المجتمع على ملاحظة دور الإغراء في ارتكاب مثل تلك المخالفات الشرعية "
وبناء على ما سبق فنجا هنا يقرر أن الرجل والمرأة كلاهما مسئولان عن الجريمة الشهوانية ومن ثم كانت الأوامر الإلهية لهما واحد بغض البصر وحفظ الفرج وكذلك العقوبة كانت لهما واحدة عند ارتكاب جرم الزنى أو التحرش وهو كلام صحيح
المؤلف محمود عبد الله نجا والكتاب يدور حول انتشار الفاحشة في زمننا وفى مقدمته قال :
"مقدمة:
ظن أهل الشهوات في زماننا أنهم أحرار في عقولهم وأجسادهم يتصرفون فيها بما تمليه عليهم شهواتهم فالزواج عندهم مقيد للحريات والعفة وستر العورات عندهم رجعية لا تواكب العصر ولا تستحق العفيفة عندهم إلا القذف في عفتها ولا فرق بين الرجال والنساء في الملبس أو التصرفات ولم يعد للمحارم عندهم وزن ولا احترام للأنساب
وقد أخبرنا النبي (ص) بوقوع وشيوع هذا البلاء العظيم فقال: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويكثر الجهل ويكثر الزنا ويكثر شرب الخمر ويقل الرجال وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) وقال: (والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيرهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط) ولا شك أن الفاحشة إذا انتشرت في أمة فإنه دليل هلاكها وخسرانها وقد توعد الله من انتشرت فيهم الفاحشة بالطواعين والأوجاع والأمراض التي لم تكن في أسلافهم قال (ص): (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم)
وبالرغم من كل ما وصلت إليه حضارة الإنسان في زماننا المعاصر من علم ومادية إلا أنها تبقى عاجزة عجزا كليا في الجانب التشريعي الذي يحفظ على الناس النفس والعقل والنسل والمال والأعراض "
والأحاديث التى ذكرها أولها باطل لأنه لا يوجد ما يسملا علامات الساعة فلو وجدت لعرف موعدها الذى أخفاه الله فقال :
" لا يعلمها إلا هو"
وهو كثرة الخمر والزنا بأنواعه وغير ذلك فقد كان زمن النبى(ص) نفسه ملىء بها وفى عهد لوط فتلك ألأمور مرتبطة ببعضها ومع هذا لم تقم القيامة والحديث ظاهر البطلان لأنه اتهام مباشر للأمة في عهد النبى(ص) بأنها سترتكب كل تلك المنكرات وهو ما لم يحدث وهو اتهام مباشر بالكفر لمن قال الله فيهم :
" رضى الله عنهم ورضوا عنه"
وأما الحديث الثالث فمعناه صحيح نوعا ما فظهور الأمراض في الزناة أمر معروف
وتحدث نجا عن كيفية تعامل القانون الوضعى مع صيانة أعراض الناس فقال:
"كيف تعامل القانون الوضعي مع قضية صيانة الأعراض؟
من اللافت للنظر أن القوانين الوضعية في كافة البلدان قد تخبطت وأخطأت في تعاملها مع قضية صيانة الأعراض فمن ناحية تفرض قوانين صارمة لمعاقبة الذين يتحرشون جنسيا قد تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام ومن ناحية أخرى لا توجد عقوبات للزناة طالما أن فعل الزنا قد تم برضا الطرفين ولا توجد عقوبات لمن يشيعون الفاحشة في المجتمع من خلال نشرهم للخلاعة والمجون والعري بكافة الأشكال وفي كل أنواع الإعلام المرئي والمقروء والمسموع
والمجتمعات الإسلامية العربية عندما تقلد المجتمعات الغربية في طريقة تعاملها مع قضية التحرش الجنسي فهي بذلك تنفذ حديث النبي (ص) (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟) وحتى لا أتهم بالتجني على الغرب ومن تبعهم من العرب دعونا نقارن بين طريقة تعامل الغرب مع قضية التحرش الجنسي وبين ما تطالب به بعض الجمعيات العربية المناهضة للتحرش فعلى موقع الموسوعة القانونية نولو (Nolo) في مقال بعنوان منع التحرشات الجنسية في العمل وعلى موقع أوقفوا العنف ضد المرأة في مقال بعنوان طرق الوقاية والتخطيط نجد أن أهم طرق مكافحة التحرش الجنسي عند الغرب تتمثل في سن القوانين والعقوبات وإلغاء الفروق بين الجنسين وإنشاء برامج التوعية التي تعمل على تعديل أنماط السلوك الاجتماعية والثقافية للرجل
وفي داخل المجتمعات الإسلامية العربية ظهر سباق محموم من أجل تقليد الغرب في تعاملهم في قضية التحرشات الجنسية فعلى سبيل المثال نشرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة جاء فيه ما ملخصه (للمرأة الحق في التمتع على قدم المساواة مع الرجل بكل حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وفي حماية هذه الحقوق والحريات ينبغي للدول أن تدين العنف ضد المرأة وأن تدرج في القوانين المحلية جزاءات جنائية أو مدنية أو جزاءات عمل إدارية بحق من يصيبون من النساء بالأضرار بإيقاع العنف عليهن وأن تتخذ جميع التدابير المناسبة لتعديل أنماط السلوك الاجتماعية والثقافية للرجل والمرأة ولإزالة التحيز والممارسات التقليدية وكل الممارسات الأخرى المستندة إلى دونية أي من الجنسين أو تفوقه أو إلى القوالب الجامدة فيما يتعلق بدور الرجل والمرأة)
وواضح طبعا في الإعلان السابق أنه لا توجد إشارة من قريب أو من بعيد توجه سلوكيات وملابس المرأة التي غالبا ما تكون سبب فتنة الرجال ودفعه إلى التحرش بها كما لا توجد إشارة إلى دور الالتزام بالسلوك الإسلامي المانع للاختلاط في منع التحرش الجنسي بالإضافة إلى طلب إزالة الفوارق بين الرجل والمرأة ثقافيا وبذلك تضمن هذه الجمعيات الانفلات الجنسي بالتراضي بين طرفيه في ظل حماية القانون الذي يعاقب التحرش دون علاج لأسبابه
وللأسف الشديد فقد خطي القانون المصري أيضا في نفس اتجاه القوانين الغربية التي تجرم التحرش الجنسي بدون وضع ضوابط تحول دون وصول النفس البشرية الضعيفة إلى هذه الجريمة الشنعاء حيث تم تغليظ عقوبة التحرش الجنسي بالنساء والأطفال والاغتصاب وصنفت جرائم العنف الأسري ضمن جرائم "البلطجة" ورفعت العقوبة في مرسوم أصدره المجلس العسكري في بعض تلك الحالات إلى السجن المؤبد والإعدام
وعندما خرج قانون التحرش الجنسي الجديد في مصر إلى النور تعالت هذه الأصوات التي تعارض تطبيق الحدود بقبول هذا القانون الجديد بالتحية والترحيب ليس نصرة للإسلام (و الله أعلم بحال القلوب) ولكن لأن الفاحشة التي أرادوا لها أن تشيع بين الناس سوف تكون في حماية القانون فللمرأة الآن الحق في أن تلبس ما تشاء أو لا تلبس وللشباب والفتيات الحق في الخلاعة في الشوارع كيف شاءوا بعد أن أمنوا التحرش جنسيا وبقوة القانون وبدلا من أن تنتهك الأعراض بالقوة سوف تنتهك تحت مسمى القبول والرضا بين الطرفين كما يحدث في المجتمعات الغربية التي تحارب التحرش الجنسي وتبارك كافة أنواع العلاقات الجنسية طالما قامت على الرضا
و أرجو ألا يظن أحد أنني ضد هذا القانون بل أنا معه قلبا وقالبا ...فالذي لا يعلمه الذين صفقوا لهذا القانون وهم قد رفضوا تطبيق الحدود الإسلامية أن هذا القانون هو تطبيق لحد من حدود الله وهو حد الحرابة الذي قال فيه تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} "
ومن الفقرات السابقة نجد ان القوانين الوضعية لا تحل المشاكل وإنما تزيد منها وتجعل الزنى مباحا بالتراضى
وتساءل نجا عن عقوبات القانون الوضعى هل هى كافية لمنع التحرش فقال :
" هل عقوبات القانون الوضعي كافية لردع التحرش جنسيا؟
قبل الإجابة على هذا السؤال من الناحية العلمية أنقل لكم رد أحد شباب الإنترنت ممن سيطبق عليه القانون من الشباب المحروم من الزواج والمحاط بفتن النساء من كل جانب حيث قال (طبعا قانون جميل لكن يا رب ما يكون بمثابة رخصة للبنات تمشي من غير ملابس إذ لو حصل هذا لأعدموا الشباب كله)
وهذا التعليق مع بساطته يلخص وجه التعارض في تعامل القانون الوضعي مع النفس البشرية وهو لا يفهم قوانينها الربانية التي جبلت عليها فالقانون الوضعي يضع الناس بين نارين نار العقوبات ونار شيوع الفواحش بلا قانون يردعها ولا يعرف القانون الوضعي شيء اسمه
الوقاية من التحرش الجنسي بمنع شيوع الفواحش بكافة أشكالها بل انه على العكس يقوم على حماية الفواحش باسم القانون وقد ذكرني هذا الحال المتعارض للقانون الوضعي بقول الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
و هذا هو الغرب الذي شجع على السفور والاختلاط بدعوى أنه لا فرق بين الرجل والمرأة يعترف باستحالة القضاء على التحرشات الجنسية فيقول أستاذ العلوم الاجتماعية وعلم الجريمة مويرا كارمودي (Moira Carmody) في مقالة بعنوان منع العنف الجنسي عند البالغين من خلال التعليم (التحرشات الجنسية تزداد ولا زالت تحتاج إلى المزيد من الجهد لمنعها ويقول بالرغم من أهمية القانون في التعامل مع التحرشات الجنسية إلا أنه يبقى أداة عقاب بعد وقوع الجريمة مما يجعلنا في حاجة شديدة إلى برامج توعية تحول دون وقوع التحرش الجنسي "
والكلام السابق يعد دعوة صريحة إلى نشر الزنا بالتراضي بدلا من الوقوع في التحرشات الجنسية وهذا يعد دعوة صريحة إلى الانحلال بين أفراد البشرية بسبب فشل القوانين البشرية في القضاء على التحرشات الجنسية "
إذا إجابة نجا هى أن القانون الوضعى هو دعوة صريحة لاباحة الزنى بالتراضى كبديل للتحرش وبين نجا أن التحرش لا يقع من جانب الرجال وحدهم بل يقع من جانب النساء أيضا كما فعلت امرأة العزيز فقال:
...فالتحرش الجنسي من وجهة نظر الإسلام هو امتداد طبيعي لتحرك غير طبيعي في شهوات النفس فالطبيعي هو ما يحدث بين الرجل وامرأته في الحلال قال تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} وغير الطبيعي هو ما كان وراء ذلك فالرجل والمرأة على السواء إن تحركت الشهوة فيهما يطلب أحدهما الآخر إما بالحلال أو بالحرام والحرام قد يكون بالتراضي فيسمى زنا وقد يرفض أحد الطرفين أن يزني مع الآخر فيسعى الطرف المرفوض في تحقيق غايته بشتى الوسائل التي تعرف باسم التحرشات الجنسية ولما كان الرجل أقوى من المرأة فقد اشتهر أن التحرشات الجنسية تقع فقط من الرجل تجاه المرأة ولكن الإسلام يفضح النفوس الخبيثة ويبين أن المرأة أيضا قد تمارس التحرش الجنسي إذا امتلكت المنصب والجمال فبحكم جمالها ومن خلال منصبها تدعوه إلى الزنا فان أبي تسلطت عليه بمنصبها ويذكر لنا القرآن الكريم أشهر قصة تحرش جنسي في التاريخ تمارسها امرأة على رجل وهي قصة امرأة العزيز مع نبي الله يوسف (ص) التي راودته عن نفسها بجمالها {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون} فلما رفض أن يطاوعها في شهوتها ويزني بها مارست سلطتها عليه متحرشة به بقوة السلطة {قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين}
وحدثنا عن حكم الله في مجاربة الزنى والتحرش فقال :
" إعجاز التشريع الإسلامي في محاربة الزنا والتحرش الجنسي:
أما القانون الرباني فلا ينظر للمشكلة بنظرة جزئية بل بنظرة شاملة ويحلها بالحل الشامل الذي يعلم حقيقة النفس البشرية ويعلم ما يصلحها فكان له مع حماية الأعراض شأن آخر يقوم على فهم طبيعة واحتياجات النفس البشرية قال تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب} والشهوة في ذاتها ليست خطأ بل هي جبلة في الإنسان ولكن حب الشهوة وتزيينها للعقل هو الخطأ وليس أعظم في تزيينها وتأجيجها في النفوس من الاختلاط "
والخطا في كلام نجا هو تزيين الشهوة للعقل وغنما هو تزيينها للنفس فالعقل لا يزين له وإنما يزين للنفس ممثله في الشهوة الداخلية لأن العقل يرفض كل الباطل ومنها التزيين
وحدثنا عن العقوبات الرادعة فقال :
"أولا: العقوبات الرادعة
بدأ الإسلام بفرض العقوبات المشددة لمنع الزنا والتحرشات الجنسية فمن اللافت للنظر أن سورة النور في حربها على الفاحشة لم تبدأ ببيان فضل العفاف وذكر محاسنه والتنفير من ضده بل ولم تخوف الزاني بعقاب الآخرة ولكن بدأت ببيان عقوبات الزناة وخوض الألسنة في أعراض المحصنات والذين يحبون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا فقال تعالى في عقوبة الزناة: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) مع المبالغة في التنكيل بهم (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) والتشهير بهم (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) ومنعهم من زواج أهل العفة (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) وقال تعالى في عقوبة خوض اللسان في الفواحش وقذف المحصنات (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) وقال الله في عقوبة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
يقول عصام بن صالح العويد في مقال بعنوان (أسوار سورة النور) تعليقا على عقوبة الزنا في صدر سورة النور (فكان النور الأول لحماية المجتمع من شيوع زنى الفرج هو "المجتمع الطارد" لهذه الرذائل فبدأ الله سورة النور بهذه الشدة لأنه العقاب الأقوى والأكثر ردعا والأبقى أثرا فإن قيل: فأين التخويف بعذاب الآخرة بدلا من شدة العقوبة في الدنيا؟ فالجواب أنه قد جاء كثيرا في ثنايا السورة وفي غيرها ولكن الفاحشة إذا فارت في القلب طغت على نور العقل فقلما يردعها تذكر الآخرة إلا عند عباد الله المخلصين بينما الخوف من الجلد والفضيحة والخوف من نبذ المجتمع ينزع الله به مالا ينزع بالقرآن)
ثم جعل الله حد الحرابة لمعاقبة كل من سولت له نفسه سفك الدماء وسلب الأموال وهتك الأعراض وإهلاك الحرث والنسل يقول عبد الفتاح إدريس في مقال بعنوان (التحرش الجنسي من منظور إسلامي) مبينا كيف يعاقب المتحرش بحد الحرابة فيقول (و التحرش بالنساء يتضمن إفسادا في الأرض بحسبانه متضمنا قطع الطريق على المتحرش بها أو إلجائها إلى الطريق الضيقة بغية النيل منها أو سماعها ما تكره أو إجبارها على الرضوخ له بطريقة أو أخرى وقد يتضمن إخافتها أو إرعابها لتحقيق مقصوده وذلك يكون جريمة حرابة متكاملة الأركان باعتبار أن الحرابة وفق ما عرفها به بعض الفقهاء ..ومن ثم فإنه يرد في حق المتحرشين بالنساء العقوبتان الدنيوية والأخروية الواردتان في قول الله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} 33 المائدة وذلك لقطع دابر هذه الجريمة من المجتمع)
ويؤكد الدكتور محمد صالح المنجد في الفتوى رقم 41682 بعنوان " الحكم فيمن يسطو ويسرق ويغتصب بالسلاح" فالحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال والناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج منقول بتصرف)"
إذا حدثنا الرجل عن عقوبات الآخرة التى قد تردع البعض وعقوبات الدنيا وهى الجلد للزناة وشهود الزور والقتل لمشيعى الفاحشة ومرتكبيها بالاكراه
وحدثنا عن التربية في الصغر على العفة فقال :
"ثانيا: الوقاية من خلال تربية النفوس على العفة
لم يفرض الله الحدود لإقامة الدولة الإسلامية ولكن فرضها لحماية كيان دولة إسلامية قائمة من الانهيار فمع الحدود هناك نظام الوقاية الذي يمنع الناس من الوقوع في محارم الله بحيث إذا تيسرت سبل الوقاية وأخطأ الفرد المسلم فساعتها لا مناص من العقاب
ولذا فبعد أن بين الله كيف نطهر المجتمع من الفواحش بتطبيق العقوبات المشددة انتقلت سورة النور إلى المرحلة التالية من إشاعة نور العفة بين الناس لكي تحول بينهم وبين الوقوع في الشهوات والعقوبات فدعت إلى تخفيف نار الشهوة في النفوس بنهيها عن اتباع خطوات الشيطان التي تأمر بالفاحشة (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم) ثم بين أهمية غض البصر وأهميته في كبح جماح الشهوة وحفظ الفروج للرجال والنساء {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}وحث على ستر المرأة لزينتها حتى لا يفتن بها الرجال {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وفي مقابل كف النفس عن إشباع الغريزة الجنسية بالحرام شجع المولى تبارك وتعالى على تيسير الزواج الحلال حتى لا يحدث كبت نفسي قد يؤدي إلى انفجار غير محسوب فقال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} وأمر بالعفاف في غير وجود الزواج {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} وجاء الحبيب (ص) بالدواء المعين على الاستعفاف فقال (ص) عن علاج الشهوة بالصوم (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)"
والحديث المستشهد به عن كون الصوم علاج لمشكلة الشهوة يتناقض مع كون العلاج هو الاستعفاف وهو الصبر على ألم عدم قضاء الشهوة حتى يغنى الله الفقير كما قال حتى يتزوج فقال :
" وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله"
فالصوم لو كان علاجا لكان صوما بالليل والنهار وليس صوما بالنهار فقط لأن الشهوة موجودة في الليل والنهار كما عاتب الله من جامعوا زوجاتهم في ليل رمضان ظانين بهذا أنهم يخونون الله فقال :
" علم الله أنكم كنتم تختانون انفسكم "
وحدثنا الرجل عن كون الاختلاط يزيد من نار الشهوة فقال :
"ولأن الاختلاط بين الرجال والنساء يؤجج نار الشهوة ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه فقد حرص شرعنا الحنيف على منع الاختلاط بين الجنسين قال تعالى {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} فقد دلت هذه الآية على أن الأصل احتجاب النساء عن الرجال وعدم الاختلاط لاسيما في دور العلم حرصا على طهارة قلوب الرجال والنساء وقال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} فأمرهن بالقرار ثم منعهن من الخروج غير متحجبات ومع قرارهن في البيوت منع رسول الله الله (ص) الرجال الأجانب من الدخول عليهن فقال (إياكم والدخول على النساء فلما قيل له: الحمو؟ قال: الحمو الموت) متفق عليه وهذا يدل على أن الأمر بالقرار ليس خاصا بنساء النبي الله (ص) بل ونهى الشرع عن خلو الرجل بالمرأة فقال (ص) (لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم) "
وهذا الكلام مغلوط فآية الحجاب لا تتعرض للاختلاط في الأماكن العامة وإنما تتعرض لمسألة عدم التزيد في الضيافة بمعنى أن الضيف إذا أراد طعاما أو شرابا من نساء البيت عليه أن يتحدث معهم من ةخلف جدار أو ستار أو باب مقفل حتى لا يرى عوراتهن التى كثيرا ما تكون مكشوفة في حجراتهن
وأما القرار في البيوت فلا يعنى حبس النساء في البيوت وغنما يعنى مشاركتهن في العمل الوظيفى لأن النساء يخرجن للتسوق والتعلم والاستفتاء كما فعلت المجادلة في زوجها
وأما حكاية الخلوة فباطل حديثها أن الرسول(ص09 اختلى بالمرأة المجادلة وأباح الله اختلاء الرجل بمن يريد زواجها للحديث في اتفاقات الزواج فقال :
" ولا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا"
فحديث الرجل مع المرأة للضرورة مباح وقد أباح الله دخول الرجل الغريب أو الصديق البيت في حالة عدم وجود أحد أى رجل إن سمح رب البيت لقضاء ضرورة فقال :
" فإن لم تجدوا فيها أحد فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم"
فمثلا السباك أو مصلح شىء تفتح الله المرأة للدخول لقضاء حاجاتهم في إصلاح الفاسد والصديق الذى جاء لأخذ شىء من البيت تسمح له بدخول البيت لاعطائه ما يريد فالله لا يريد تعطيل مصالح العباد
وكعادة الكثير من القوم الذين يظنون أن الاستشهاد بأقوال الكفار في بعض ما يوافق ديننا دليل على صحته تحدث الرجل فقال :
" أبحاث الغرب العلمية تشهد بإعجاز الإسلام في تعامله مع الزنا والتحرش الجنسي
لعلنا نلاحظ فيما سبق من الأوامر الربانية حرص الإسلام على الفصل بين الجنسين حتى لا يضع النار بجوار البنزين ...
ولأن حرص الإسلام على الفصل بين الجنسين حتى لا يضع النار بجوار البنزين هو الصحيح النافع للبشرية فقد جاءت كثير من أبحاث الغرب لتثبت كذبهم ولتثبت للعالم أن الإسلام دين كل زمان ومكان وأنه من الله الخبير العليم الذي يعرف النفس البشرية حق المعرفة لأنه خالقها وبالتالي يعرف ما يصلحها {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فالفصل بين الجنسين هو من أسمى سبل الحماية للرجل والمرأة على السواء من الوقوع تحت وطأة ضغوط الشهوة الجنسية وما تسببه من آلام نفسية وعدم قدرة على الإبداع بالإضافة إلى شيوع الزنا والتحرشات الجنسية"
والفصل بين الجنسين الذى يقول به نجا وأمثاله لا وجود له في الإسلام فلو قلنا به لكان معناه ألا تتواجد الزوجة مع زوجها ولا الابنة مع أبيها وأخيها وجدها وعمها .. ولكان معناه ألا تسأل امرأة عالم كما سألت المجادلة رسول الله(ص) ولا بايع الرسول(ص) المهاجرات
والموجود هو قرار المتزوجات في بيوتهن طالما لا يوجد ضرورة أى حكم لخروجهن مثل زيارة الأبوين والأقارب والتعزية والتهنئة والوقوف بجانب الجارات وأما غير المتزوجات فيخرجن للتعلم في أماكن منفصلة عن الشباب المتعلم كلما أمكن ابعادهم عن بعضهم منعا لمشاكل كثيرة وتضييع للوقت
ونقل الرجل لنا مقالات كتبها الغربيون في الموضوع فقال :
في مقال نشرته النيويورك تايمز للكاتبة إليزابيث ويل ناقشت فكرة الفصل بين الجنسين في التعليم لوجود فروق بيولوجية بين الجنسين وكيف أدى هذا الفصل إلى تحسن أداء الجنسين وبالرغم من أن هذه الفكرة ما زالت تلقي معارضة شديدة إلا أن الواقع يثبت أنها سوف تتغلب وتنجح برغم المعارضة فقد أصدرت شعبة التعليم الاتحادية في أمريكا نظما سهلت للولايات والمناطق فتح مدارسها وفصولها الغير مختلطة الخاصة وبعد أن كان عدد المدارس أحادية الجنس اثنتان فقط في كل الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1995 فقد قفز العدد إلى أكثر من ثلاثمائة وستين مدرسةمنتشرة في طول البلاد وعرضها ويتوقع الخبراء أن يزيد هذا العدد خلال العام 2008 - 2009 11
ويبدو أن هذا التوقع كان سليما بنسبة 100 % ففي مقال للكاتب ديفيد هولثاس تم نشره في عام 2010 يقول بأن عدد المدارس التي تفصل بين الجنسين في الولايات المتحدة الأمريكية قد وصل إلى 550 مدرسة وليس هذا فقط بل وأشار إلى أن هذا الفصل بين الجنسين في التعليم قد انتشر أيضا في الأرجنتين وكندا وغيرها الكثير وإن كان هذا الانتشار ما زال مصحوبا بالجدل حول أهميته وفاعليته بين مؤيد ومعارض 12
وجاءت نتائج اجتماع المنظمة الدولية للتعليم العام الغير مختلط في المؤتمر الدولي السابع بولاية فلوريدا في عام 2011 ليؤكد على أن هذا الفصل بين الجنسين في العملية التعليمية يؤدي إلى تحسن ملموس في أداء كلا الجنسين بشرط تحسن أداء المعلم وقدرته على التعامل مع هذا الفصل بطريقة جيدة 13
ومع أن التقارير السابقة لا تريد أن تعترف بأن السبب الرئيسي في فشل التعليم المختلط هو انشغال أحد الجنسين بالآخر ومحاولة الإيقاع به إما بالرضا (الزنا) أو الغصب (التحرشات الجنسية) إلا أن تقرير المؤسسة التعليمية في أمريكا للعام 2011 عن التحرشات الجنسية في المدارس والذي كتبه نائب الرئيس جو بايدن ووزيرة التعليم آرني دنكان وفيه يعترفان بزيادة الاعتداءات الجنسية في المدارس لدرجة خطيرة تصل إلى واحد لكل عشرة أفراد وما خفي كان أعظم لأن أغلب التحرشات الجنسية لا يتم الإبلاغ عنها وأضف إلى ذلك حالات الزنا التي تتم بكثرة بين طلاب المدارس
ونأتي إلى قاصمة ظهر المجتمع الغربي الذي يدعو إلى التحرر من قيود الأخلاق ففي تقرير نشرته الحملة القومية لمنع الحمل في سن المراهقة عن نسب الحمل في سن ما دون العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية يقول التقرير (حوالي 34 % من البنات يحدث لهن الحمل على الأقل مرة واحدة دون سن العشرين وأن حوالي 79 % منهن غير متزوجات أي أن حملهن جاء من سفاح إما بالزنا أو نتيجة للتحرشات الجنسية المنتشرة في المدارس والجامعات 15
وفي تقرير آخر نشره معهد غوتماشر (Guttmacher Institute) عام 2012 يقول التقرير (أن نسب الحمل قبل سن العشرين بدأت تزداد بقوة من بعد العام 2009 وأن حوالي 7 من كل 10 من كلا الجنسين يمارسون الجنس قبل سن 19 سنة وتزداد النسب في المدارس العليا عن المدارس المتوسطة)
وعليه فالذين يطالبون بالفصل بين الجنسين في التعليم في الدول الغربية ليس فقط من أجل تحسين أداء الطلاب لاختلافاتهم البيولوجية ولكن أيضا لحماية أبنائهم من طلاب المدارس والجامعات من الاعتداءات الجنسية التي حتما ستقع بسب الاختلافات البيولوجية التي تقضي بميل أحد الجنسين إلى الآخر ولحماية البنات من الحمل المبكر خارج إطار الزوجية وما يتبعه من أعباء جسدية ونفسية ومالية وعندما أقول بأن الاعتداءات الجنسية حتما ستقع بين الجنسين بسب الاختلافات البيولوجية التي تقضي بميل أحد الجنسين إلى الآخر فهذا ليس لكوني أنقل ما يقول الإسلام فقط (وإن كان ليكفينا) بل إن الغرب نفسه بدأ يناقش هذه المسألة بطريقة علمية حيث كتبت الصحف والدوريات العلمية الأجنبية عن تأثير الاختلاط بين الجنسين في أماكن العمل والمؤسسات الدراسية فمثلا كتب بات هاجان في صحيفة التيليجراف تحت عنوان "الرجال يفقدوا عقولهم في وجود نساء جميلات فقال (الرجال الذين يقضون حتى بضع دقائق في صحبة امرأة جذابة يكونون أقل أداء بشكل ملحوظ في الاختبارات المصممة لقياس وظائف المخ من أولئك الذين يتحدثون مع أشخاص لا يجدون بهم جاذبية خاصة) 1
وبالبحث عن الدراسة العلمية التي استند إليها مقال بات هاجان في التيليجراف وجدتها منشورة في دورية علمية وقد قام بهذه الدراسة جيمس روني سنة 2003 تحت عنوان "تأثير التعرض البصري للجنس الآخر على الأداء الادراكي حيث قام الباحث باختبار التغيرات العقلية والنفسية عند النظر إلى امرأة أو صورتها وقد خلصت هذه الدراسة إلى أن الرجال ينشغلون بالتفكير في تلك المرأة مما يؤثر بالسلب على أعمالهم وربما يحدث ذلك دون وعي منهم أن ردود أفعالهم قد تغيرت
وفي دراسة علمية أحدث (2009) أجراها مجموعة من الباحثين على رأسهم جون كاريمانز (Johan Karremans) نشرت في دورية علمية تحت عنوان "التفاعل مع النساء يمكن أن يضعف الأداء الإدراكي للرجال"وقد أجريت هذه الدراسة في أماكن العمل والمدارس المختلطة وقد أظهرت هذه الدراسة أن نظر الرجل إلى المرأة ولو لبضعة دقائق يؤدي إلى تغيرات كبيرة في التصرف والمزاج والشخصية مما يدفع بالرجل إلى مزيد من الاقتراب من المرأة لإقامة علاقة وأوضحت الدراسة أن هذا التصرف ربما يتم دون وعي من صاحبه حيث يصرف كثير من تركيزه إلى المرأة فلا يجد ما يكفي للتركيز في عمله "
وهذه الاستشهادات لا تهم المسلم في شىء فهى ليست دليل عندنا لأن الدليل هو قول الله في الوحى وحده وإنما هم يحاولون خداع بعضهم بدراسات لو بحثنا سنجد غيرها يمثل الوجهة المضادة وينتصر لها وغلا كيف انتشرت تلك الفاحشة في تلك المجتمعات إلا لم يكن بسبب دراسات جنونية أخرى تسببت في المشاكل وتلك الدراسات تعود لعلمى النفس والاجتماع من خلال علاج أمراض الكبت والكآبة وغيرهم
العلوم أو المقولات الكفرية تتعامل مع ألأمور من وجهات نظر مختلفة فمن يبيحون الفواحش لم يبيحوها لنشرها وإنما أباحوها كى تروج بعض التجارات المحرمة التى يريدون التربح من خلفها كأدوية الانتصاب والاثارة وأدوات التبرج والملابس المثيرة والترويج لسلع معينة
وتحدث الرجل عن ابحاث أخرى فقال :
"سبق الإسلام في المساواة بين الرجل والمرأة في حفظ البصر والفرج وفي عقوبة الزنا لاعتباره أن كلاهما يتأثر جنسيا بالآخر
في الواقع الدراسات السابقة تركز أكثر على حال الرجال في وجود النساء دون وصف الحالة العقلية للمرأة في وجود الرجال وكأن الرجال وحدهم هم من يتأثرون جنسيا بالمرأة ...وبالبحث العلمي عن تأثر المرأة عقليا بوجود الرجل وجدت أنه قد شاع لزمن طويل أن الرجال أكثر ميلا وتفكيرا في الجنس من النساء حتى انتشرت شائعة غير علمية تقول أن الرجال يفكرون بالجنس بمعدل مرة كل سبع ثواني فمثلا في مقال كتبه ريتشارد ساين بعنوان مقارنة الدافع الجنسي عند الرجال والنساء يقول (أغلب الرجال بطبيعتهم الوراثية لا يستطيعون الكف عن التفكير في الجنس وأن الدافع الجنسي عند الرجال أكبر منه بكثير مما هو عند النساء)
ولكن بالبحث العلمي المتأني وجدت أن هناك أبحاث علمية حديثة بدأت تنفي هذه الشائعة وتقول أن النساء يتأثرن بالرجال مثل تأثر الرجال بالنساء بل وربما في بعض الأحيان يكون تأثر المرأة أكبر وهذا ما يجعل للإسلام السبق العلمي في مساواته بين الرجل والمرأة في قضية غض
البصر وحفظ الفرج وعقوبة الزنا ومن هذه الأبحاث على سبيل المثال البحث الذي أجراه د تيري فيشر أستاذ علم النفس بجامعة أوهايو عام 2012 والذي توصل فيه إلى أن مقولة أن الرجال يفكرون في الجنس أكثر بكثير من النساء تعتبر شائعة غير علمية تتأثر بثقافة البيئة أكثر ما تستند إلى البحث العلمي ....وهذا البحث الأخير يكاد يقترب من التشريع الإسلامي في مساواته بين الرجل والمرأة من حيث التفكير الجنسي في الآخر ولذا ساوي الله بين الجنسين في التكليف بغض البصر وحفظ الفرج وفي عقوبة الزنا ولعل البعض يتهم المرأة أكثر ما يتهم الرجل بحجة أن المرأة هي التي دفعته بزينتها وتبرجها إلى فعل التحرش فأقول كلا وألف كلا لأن المرأة وإن خالفت ربها بإظهار زينتها وتبرجها فلا ينبغي أبدا للرجل أن يطلق بصره فيصيب من هذه وتلك حتى تتمكن الشهوة من قلبه فتدفعه إما إلى الزنا أو إلى التحرش الجنسي ومعلوم من القرآن أن الله عاقب الزانية والزاني بنفس العقاب بالرغم من أن الله قدم الزانية على الزاني {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} فجعل الله عقوبة الاثنين واحدة وقدم ذكر الزانية ليلفت الانتباه إلى أن المرأة بزينتها وتبرجها وجمالها الذي جبلت عليه أكثر إثارة ولفتا لانتباه الرجل أكثر من تأثر المرأة بالرجل وساوى الله عقوبة الزاني بالزانية لتساوي تفكير كل منهما في الآخر وطلب كل منهما للآخر فكلاهما مجبول على التفكير الجنسي في الآخر ولذا فقد حمى الله النساء من الرجال بأمره إياهم بغض البصر {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} وحمى الله الرجال من النساء بأمره إياهن بغض البصر وإخفاء الزينة {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فسبحان الله العليم بأحوال النفوس وبما يصلحها {ولا ينبئك مثل خبير}
يقول زهير الأعرجي في كتابه (الانحراف الاجتماعي وأساليب العلاج في الإسلام) في باب الجناية والإغراء الشديد (فلو كان الإغراء هو أساس وقوع الزنا فقط لخفف الله العقوبة على الزاني ولشدد العقوبة على الزانية ولكن لأن الإسلام تعامل مع هذه الحالات قبل ارتكاب الجريمة من خلال تهذيب النفس لمقاومة الإغراء مهما كان حجمه فإذا كانت النفس قد استجابت للتهذيب الديني فليس هناك إغراء يؤثر فيها فالنفس قد تغري الفرد بالنظر إلى الكاسيات العاريات إلا أن قوة الإرادة التي ربتها الشريعة الإسلامية في نفس المؤمن تدفعه إلى غض البصر فإذا خالف ونظر كان مخالفا للشريعة قبل أن يؤثر فيه الإغراء ولذا يتساوى مع الزانية في العقوبة على الرغم من تقديم الزانية على الزاني في الترتيب اللفظي الذي ربما أراد منه القرآن حث المجتمع على ملاحظة دور الإغراء في ارتكاب مثل تلك المخالفات الشرعية "
وبناء على ما سبق فنجا هنا يقرر أن الرجل والمرأة كلاهما مسئولان عن الجريمة الشهوانية ومن ثم كانت الأوامر الإلهية لهما واحد بغض البصر وحفظ الفرج وكذلك العقوبة كانت لهما واحدة عند ارتكاب جرم الزنى أو التحرش وهو كلام صحيح
رضا البطاوى- عضو ممتاز
-
عدد الرسائل : 3619
العمر : 56
العمل : معلم
تاريخ التسجيل : 18/07/2011
مواضيع مماثلة
» نظرات فى كتاب تحريم الإسلام الزنا والشذوذ الجنسي
» نقد كتاب الحرية في الإسلام
» نقد كتاب الجزية في الإسلام
» نقد كتاب المحدّث في الإسلام
» نظرات فى كتاب المسؤولية التربوية في الإسلام
» نقد كتاب الحرية في الإسلام
» نقد كتاب الجزية في الإسلام
» نقد كتاب المحدّث في الإسلام
» نظرات فى كتاب المسؤولية التربوية في الإسلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى