نقد كتاب اتحاف الخلان في الكلام على حديث خلق آدم على صورة الرحمن
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب اتحاف الخلان في الكلام على حديث خلق آدم على صورة الرحمن
نقد كتاب اتحاف الخلان في الكلام على حديث خلق آدم على صورة الرحمن
الكتاب من تأليف سعد بن ضيدان السبيعي وهو من أهل العصر وهو يدور حول إثبات رواية خلق أدم على صورة الرحمن ومعناها ويكفى رد الرواية بكلمة صورة الرحمن فالرحمن تنزه عن الصور والصورة هى تعنى وجود جسم له كالمخلوقات وهو ما يتنافى مع قوله تعالى "ليس كمثله شىء" وفى مقدمته قال السبيعى:
" أما بعد:فهذا المبحث تكلمت فيه على حديث "خلق أدم على صورة الرحمن" فقمت بتخريجه، وجمع طرقه، والكلام على علله، وبيان من صححه من العلم، ومن ضعفه ثم تكلمت على معنى هذا الحديث، وما جاء في معناه من أحاديث، ومايدل عليه، وذكرت أقوال المخالفين وما جاء في الرد عليهم وقد أسميته بـ"اتحاف الخلان بالكلام على حديث خلق أدم على صورة الرحمن"
وقد أوضح السبيعى رأيه مباشرة بأنه يصدق الرواية لنقله الكلام التالى عن ابن تيمية فقال:
"ومن أنفس ما كتب في الكلام على الحديث، وما جاء في معناه من أحاديث، كحديث أبي هريرة مرفوعا عند البخاري (3326) (6227) ومسلم (7163): (خلق الله أدم على صورته، طوله سبعون ذراعا الحديث)ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم "بيان تلبيس الجهمية" في رده على الرازي فقد بين أنه لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في هذا الحديث عائد إلى الله تعالى، وأن سياق الأحاديث كلها تدل على ذلكثم أوضح المسألة بما لامزيد عليه، فرد على المخالفين القائلين بأن الضمير في الحديث يعود على أدم (ص) من ثلاثة وعشرون وجها، ورد على من قال بأن الضمير في الحديث يعود على المضروب من ثلاثة عشر وجها وأثبت أن الضمير يعود على الله عزوجل، ودافع عن حديث"خلق أدم على صورة الرحمن"،فراجعه فإنه مهم أقول وأليس الشأن هنا إثبات الصورة لله عز وجل فهذا له موضع آخر، فالنصوص في إثبات الصورة لله جل في علاه متواترة في السنة، وأجمع على ذلك سلف الأمة"
السبيعى هنا يتحدث عن أنه لا توجد مشكلة فى وجود صورة لله تعالى عن ذلك علوا كبيرا لأن الصورة ثابتة بالروايات وهو كلام لا يقوله من يصدق بقوله تعالى "ليس كمثله شىء"
الروايات وإن اجمعت وأجمع الناس عليها فهى كذب على الله ورسوله(ص) الذى لم يقل شىء من هذا العبث فى ذات الله لأن التعبير يثبت وجود جسم ووجود حدود لله ووجود أجزاء لله لأن أى جسم مكون من أجزاء فالمقولة هى كوارث متتالية تجعل الله وكأنه واحد صاحبنا من المخلوقات تعالى عن ذلك علوا كبيرا
هرب الرجل من صورة الرحمن للحديث عن كون صورة آدم (ص)على صورة الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا فقال :
"إنما الشأن الكلام على حديث: (خلق آدم على صورة الرحمن)،وحديث: (خلق الله آدم على صورته)"
استهل الرجل الكتاب بالحديث عن إثبات صحة الحديث فقال :
صحة حديث: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)
الحديث جاء من ثلاثة طرق:
الطريق الأول:
أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (498) , وابن أبي عاصم في السنة (529)،والحارث في مسنده (24)،وابن خزيمة في التوحيد (44)، و الآجري في الشريعة (725) (3/ 1152)،والطبراني في الكبير (13404)، والدارقطني في الصفات (50) ,والحاكم في المستدرك (3296)،والبيهقي في الأسماء والصفات (432)،وابن بطة في الإبانة (2573) كلهم من طريق جرير بن عبدالحميد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: (لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)
الطريق الثاني:
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (45) من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء مرسلا بلفظ: (لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)
الطريق الثالث:
أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (1243) وابن أبي عاصم في السنة (533) وابن بطة في الإبانة (2575)
من طريق عبدالله بن لهيعة عن أبي يونس سليم بن جبير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): (من قاتل فليجتنب الوجه , فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن)والدارقطني في الصفات (51) من طريق ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة
أقول هذا الحديث بطريقه الأول أعله الإمام ابن خزيمة بعلل ثلاث:
الأولى: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده , فأرسله الثوري ولم يقل عن ابن عمر
الثانية: أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت
الثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء
أقول والعلة الرابعة:
حديث حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليس بمحفوظ
قال يحيى بن سعيد القطان عن حبيب بن أبي ثابت: حديثه عن عطاء ليس بمحفوظ وقال العقيلي: وله عن عطاء أحاديث لايتابع عليها منها حديث عائشه لاتسبخي عنه
والعلة الخامسة:
في سماع عطاء بن أبي رباح من ابن عمر قال الإمام أحمد: لم يسمع عطاء من ابن عمر
وقال علي بن المديني: رأى ابن عمر ولم يسمع منه
مع أن عطاء قد رأى ابن عمر كما عند البخاري معلقا، وذكر الطبراني أحاديث فيها تصريح عطاء بالسماع من ابن عمر والا يصح منها شيء
والعلة السادسة:
جرير بن عبدالحميد الضبي نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ
قال الذهبي ذكر البيهقي في سننه في ثلاثين حديثا لجرير بن عبدالحميد قال: قد نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ
أقول وقد تفرد به أيضا عن الأعمش!
قال الدارقطني: حديث لاتقبحوا الوجه تفرد به جرير بن عبدالحميد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء
الجواب عن العلة الأولى:
أن هذه ليست بعلة لأمور ثلاث:
1 - أن سفيان الثوري وإن كان أتقن من الأعمش إلا أن الأعمش أحفظ منه، فهى زيادة ثقة مقبوله
2 - أن الإمام ابن تيمية لم يجعل حديث الثوري المرسل معارضا لحديث الأعمش المسند المرفوع
قال : (عطاء بن أبي رباح إذا أرسل هذا الحديث عن النبي (ص) فلابد أن يكون قد سمعه من أحد، وإذا كان في أحد الطريقين قد بين أنه أخذه عن ابن عمر كان هذا بيانا وتفسيرا لما تركه وحذفه من الطريق الأخرى، ولم يكن هذا اختلافا أصلا)
3 - أن الإمام أحمد ذكر أن الثوري رواه موقوفا على ابن عمر ففي ترجمة أبي إسحاق ابن شاقلا ت 369 هـ قال: وأما أحمد بن حنبل فذكر أن الثوري أوقفه على ابن عمر وفي قال المروذي: قلت لأبي عبدالله: كيف تقول في حديث النبي (ص) " خلق آدم على صورته"؟
قال الأعمش: يقول: عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن) فأما الثوري فأوقفه يعني حديث ابن عمر وهذا يخالف ما أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (1/ 86) من طريق سفيان الثوري , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء مرسلا ,
وبهذا يجاب عن الطريق الثاني، أقول ولعل الإمام أحمد يقصد بالوقف الإرسال
الجواب عن العلة الثانية:
أن الأعمش من المقلين من التدليس، وذكره الحافظ ابن حجر في مراتب المدلسين في المرتبة الثانية أي ممن يحتمل تدلسيهم
الجواب عن العلة الرابعة:
يجاب عنها بأن جرير بن عبدالحميد الضبي يحدث من كتابه غالبا والتغير الذي حصل له لاتصح نسبته إليه، وإنما هو وهم!
قال أبو حاتم: صدوق، تغير قبل موته وحجبه أولاده
قال الذهبي: وكذا نقل أبوالعباس النباتي هذا الكلام في ترجمة جرير بن عبدالحميد وإنما المعروف هذا عن جرير بن حازم وقال ابن حجر وذكر صاحب الحافل :عن أبي حاتم: أنه تغير قبل موته فحجبه أولاده وهذا ليس بمستقيم، فإن هذا إنما وقع لجرير بن حازم، فكأنه اشتبه على صاحب الحافل أقول والذي يظهر أن هذا هو عمدة الإمام البيهقي، فلم أجد أحدا ذكر هذا غيره
والطريق الثالث: ضعيف , في سنده عبدالله بن لهيعة , والمحفوظ في الحديث مارواه أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ) على صورته) عند أحمد (2/ 244)"
وقد انتهى السبيعى إلى أن الحديث ليس صحيحا فقال:
"فالخلاصة أن الحديث معلول بالإرسال وعنعنة حبيب بن أبي ثابت وحديثه أيضا عن عطاء ليس بمحفوظ وعطاء لم يسمع من ابن عمر نص على ذلك أحمد وابن المديني
فصل في من صحح الحديث
1 - الإمام أحمد قال إسحاق الكوسج سمعت أحمد يقول: هذا الحديث صحيح
2 - الإمام إسحاق ابن راهوية قال حرب الكرماني في كتاب السنة سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن ،وقال: صحيح وألا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي وفي ترجمة أبي إسحاق ابن شاقلا (ت 369 هـ) قال: وهذا الحديث يذكر عن إسحاق بن راهويه: أنه صحيح مرفوع
3 - وأبوعبدالله الحاكم في المستدرك (2/ 48) قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
4 - ابن تيمية في نقض التأسيس في دفاعه عن هذا الحديث
5 - الحافظ الذهبي في السير (5/ 450) قال: صح من حديث ابن عمر
6 - الحافظ ابن حجر في الفتح (5/ 226) قال: رجاله ثقات -
أقول وقد جاء الحديث من رواية كل من:
معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعا عند البخاري (3326) (6227) ومسلم (7163) بلفظ: (خلق الله أدم على صورته، طوله سبعون ذراعا الحديث)ورواه قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة مرفوعا عند مسلم (6655) بلفظ: (إذا فاتل أحدكم أخاه، فليجتنب الوجه، فإن الله خلق أدم على صورته)ورواه أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة عند أحمد (2/ 244)،وابن حبان في صحيحه (5605) إحسان بلفظ:"إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق أدم على صورته ورواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عند البخاري في الأدب المفرد (173) بلفظ:"لا تقولن قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإن الله عز وجل خلق أدم (ص) على صورته"
وقد جاء عن الإمام مالك إنكار الحديث فروى العقيلي في كتاب الضعفاء (2/ 647) عن مقدام بن داود قال ثنا أبو زيد أحمد بن أبي الغمر والحارث بن مسكين قالا حدثنا عبدالرحمن بن القاسم قال سألت مالك عن من يحدث بالحديث الذي قالوا إن الله خلق أدم على صورته فأنكر ذلك مالك إنكارا شديدا، ونهى أن يتحدث به أحد، فقيل له كإن ناسا من أهل العلم يتحدثون به، فقال: من هم؟ فقيل محمد بن عجلان وأبي الزناد فقال: لم يكن يعرف ابن عجلان هذه الأشياء ولم يكن عالما وذكر أبا الزناد فقال إنه لم يزل عاملا لهؤلاء حتى مات وكان صاحب عمال يتبعهم
أقول الحديث لم ينفرد به محمد بن عجلان فقد توبع عليه قال الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 419):الحديث في أن الله خلق آدم على صورته لم ينفرد به ابن عجلان، فقد رواه همام، عن قتادة، عن أبى موسى أيوب (أقول الصواب: أبو أيوب يحيى بن مالك المراغي)، عن أبى هريرة ورواه شعيب، وابن عيينة، عن أبى الزناد، عن الاعرج، عن أبى هريرة ورواه معمر، عن همام، عن أبى هريرة ورواه جماعة كالليث بن سعد وغيره، عن ابن عجلان، عن المقبرى، عن أبى هريرة ورواه شعيب أيضا وغيره، عن أبى الزناد، عن موسى بن أبى عثمان، عن أبى هريرة ورواه جماعة عن ابن لهيعة، عن الاعرج، وأبى يونس، عن أبى هريرة ورواه جرير، عن الاعمش، عن حبيب بن أبى ثابت، عن ابن عمر، عن النبي (ص)وله طرق أخر، قال حرب: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح عن رسول الله (ص)أن آدم خلق على صورة الرحمن وقال الكوسج: سمعت أحمد ابن حنبل يقول: هذا الحديث صحيح قلت: وهو مخرج في الصحاح وأبو الزناد فعمدة في الدين، وابن عجلان صدوق من علماء المدينة وأجلائهم ومفتيهم، وغيره أحفظ منه وقال في سير أعلام النبلاء (5/ 450):الخبر لم ينفرد به ابن عجلان، بل ولا أبو الزناد، فقد رواه شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد، ورواه قتادة عن أبي أيوب المراغي، عن أبي هريرة، ورواه ابن لهيعة، عن الأعرج وأبي يونس،عن أبي هريرة، ورواه معمر، عن همام، عن أبي هريرة، وصح أيضا من حديث ابن عمر وقد قال إسحاق بن راهويه عالم خراسان: صح هذا عن رسول الله (ص) فهذا الصحيح مخرج في كتابي البخاري ومسلم وقد عذر الذهبي الإمام مالك في ذلك فقال في السير (8/ 104): (أنكر الإمام مالك ذلك، لأنه لم يثبت عنده ولااتصل به فهو معذور"
الرجل هنا وصل إلى أن هناك من صح عنده الحديث ومع هذا هناك من حذر من تصديقه
الحديث بكل رواياته التى جاء فيها حديث كاذب يخالف قوله تعالى " "فاضربوا فوق الأعناق"
فضرب ما فوق الأعناق يعنى ضرب الوجه وضرب الرأس فهما ما فوق العنق فلو كان ضرب الوجه محرما ما أوجب الله ضربه هو أو ضرب البنان فى الحرب
وأما الروايات الأخرى التى ورد فيها ذكر طول آدم(ص) فمتناقضة ما بين السبعين ذراع والستين ذراع
ثم تناول السبيعى مرجع الضمير فى كلمه صورته فقال:
"فصل في اختلاف أهل العلم إلى ما يعود إليه الضمير في قوله (ص):"خلق الله أدم على صورته":
القول الأول:خلق الله آدم (ص)على صورته أي على صورة آدم!أي أن الله صور صورة أدم قبل خلقه ثم خلقه على تلك الصورة!وهذا القول ذكر للإمام أحمد عن بعض محدثي البصرة وعزاه ابن قتيبة إلى قوم من أصحاب الكلام وقال به أبو ثور إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي الفقيه، كما في ترجمة عبدالوهاب الوراق المتوفى سنة 251هـ ،وفي ترجمة أبي جعفر الوراق المعروف "بحمدان" المتوفى سنة 271هـ وقال به أيضا محمد بن حبان البستي ("والهاء" راجعة إلى آدم ) واختاره فخر الدين الرازي وقد روى هذا عن الإمام أحمد، وألا يصح عنه لأمرين:
أولا: أنكر الحافظ الذهبي ذلك عن الإمام احمد وأبطله في ترجمة حمدان بن الهيثم، قال الإمام الذهبي: أتى بشيء منكرا عن أحمد بن حنبل في معنى قوله (ص): (إن الله خلق أدم على صورته)زعم أنه قال على صور الله صورة أدم قبل خلقه، ثم خلقه على تلك الصورة، فأما أن يكون خلق الله أدم على صورته فلا، فقد قال تعالى: (ليس كمثله شيء)
قال يحيى بن منده في مناقب أحمد قال المظفر بن أحمد الخياط في كتاب السنة وحمدان بن الهيثم يزعم أن احمد قال صور الله صورة أدم قبل خلقه، وأبو الشيخ فوثقه في كتاب الطبقات
ثانيا: أن الإمام أحمد صح عنه خلاف هذا القول فقد قال الحافظ الذهبي ويدل على بطلان روايته ما رواه حمدان بن علي الوراق الذي هو أشهر من حمدان بن الهيثم، وأقدم أنه سمع أحمد بن حنبل، وسأله رجل عن حديث "خلق أدم على صورته"على صورة ادم! فقال أحمد: فأين الذي يروى عن النبي (ص)"إن الله خلق ادم على صورة الرحمن"؟! ثم قال أحمد: وأي صورة لأدم قبل أن يخلق والضمير لو كان عائدا إلى أدم فإن المعنى لايستقيم، والا فائدة من ذلك وقد أنكر ذلك الإمام أحمد في رواية أبي طالب وقال: من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي، وأي صورة لأدم قبل أن يخلق قال ابن قتيبة: ولو كان المراد هذا , ما كان في الكلام فائدة , ومن يشك في أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته , والسباع على صورها , الأنعام على صورها؟!
قال الإمام ابن تيمية:
(أنه إذا قيل: إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورة آدم , أولا تقبحوا الوجه , ولا يقل أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك ,فإن الله خلق آدم على صورة آدم , كان هذا من أفسد الكلام , فإنه لا يكون بين العلة والحكم مناسبة أصلا , فإن كون آدم مخلوقا على صورة آدم , فأي تفسير فسر به فليس في ذلك مناسبة للنهي عن ضرب وجوه بنية , ولا عن تقبيحها وتقبيح ما يشبهها , وإنما دخل التلبيس بهذا التأويل حيث فرق الحديث المروي فروى قوله (إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه) مفردا , وروي قوله (إن الله خلق آدم على صورته) مفردا , أما مع أداء الحديث على وجهه فإن عود الضمير إلى آدم يمتنع فيه , وذلك أن خلق آدم على صورة آدم سواء كان فيه تشريف لآدم أو كان فيه إخبار مجرد بالواقع فلا يناسب هذا الحكم) فذكر ثلاثة وعشرون وجها تدل على فساد هذا القول وبطلانه، بما لا مزيد عليه فانظرها
قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين : إذا كان الضمير راجع إلى أدم فلا فائدة من ذلك، بأنه إذا ليس يشك أحد أن الله خالق كل شيء على صورته وأنه خلق الأنعام والسباع على صورها فأي فائدة في الحمل على ذلك؟!
القول الثاني:
أن الضمير يعود للمضروب وقال بهذا القول:الإمام محمد بن خزيمة قال : معنى قوله (خلق أدم على صورته) الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم أراد رسول الله (ص)أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب! وابن حبان قال عن الحديث: (يريد به صورة المضروب , لأن الضارب إذا ضرب وجه أخيه المسلم ضرب وجها خلق الله آدم على صورته وأبو الشيخ الأصفهاني وعزاه الحافظ ابن حجر للأكثر وقد رد الإمام أحمد ذلك ففي كتاب السنة للطبراني حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي إن رجلا قال: خلق آدم على صورته أي صورة الرجل فقال كذب هو قول الجهمية وأي فائدة في هذا! وقد رد هذا القول الإمام ابن تيمية من ثلاثة عشرة وجها في كلام نفيس جدا لا مزيد عليه وقال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين: ورد تأويله بأن الضمير عائد على ابن أدم المضروب بأنه لا فائدة فيه إذ الخلق عالمون بأن أدم خلق على خلق ولده وأن وجهه كوجوههم، فيرد على هذا التوجيه كله بالرواية المشهورة " لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن"
القول الثالث: أن هذا من باب إضافة الخلق إليه قال الإمام ابن خزيمة في الكلام على حديث خلق الله أدم على صورة الرحمن:معنى هذا الخير عندنا أن إضاقة الصورة إلى الرحمن في هذا الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه لأن الخلق يضاف إلى الرحمن، وكذلك الصورة تضاف إلى الرحمن لأن الله صورها، ألم تسمع قوله عز وجل (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه )
قال محمد بن عثيمين في الكلام على حديث: (خلق الله أدم على صورته):
الإضافة هنا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه فقوله (على صورته) مثل قوله في آدم (ونفخت فيه من روحي) ولا يمكن أن الله عز وجل أعطى آدم جزءا من روحه بل المراد الروح التي خلقها الله عز وجل لكن إضافتها إلى الله بخصوصها من باب التشريف كما نقول: عباد الله، يشمل الكافر والمسلم والمؤمن والشهيد والصديق والنبي، لكننا لو قلنا: محمد بن عبد الله هذه إضافة خاصة ليست كالعبودية السابقة فقوله: (خلق آدم على صورته) يعني صورة من الصور التي خلقها الله وصورها، كما قال تعالى: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) والمصور آدم،إذا: فآدم على صورة الله يعني أن الله هو صوره على هذه الصورة التي تعد أحسن صورة في المخلوقات (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) فإضافة الصورة إليه من باب التشريف كأنه عز وجل اعتنى بهذه الصورة ومن أجل ذلك لا تضرب الوجه فتعيبه حسا، ولا تقبحه فتقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فتعيبه معنى فمن أجل أنه الصورة التي صورها الله وأضافها إلي نفسه تشريفا وتكريما لا تقبيحها بعيب حسي ولا بعيب معنوي ثم هل يعتبر هذا الجواب تحريفا أم له نظير؟ نقول له نظير، كما: في بيت الله، وناقة الله، وعبد الله، لأن هذه الصورة (أي: صورة آدم) منفصلة بائنة من الله، وكل شيء أضافه إلى نفسه وهو منفصل بائن عنه فهو من المخلوقات
والصواب أن هذا من باب من باب إضافة الصفات إليه ومن باب إضافة الصفة إلى موصوفها
وقد رد الإمام ابن تيمية هذا القول من عشرة وجوه
وقد رجح محمد بن عثيمين أن الأسلم حمل الحديث على ظاهره، وأنه لايلزم من كون الشيء على صورة شيء أن يكون مماثلا له من كل وجه وقال ما دمنا نجد أن لظاهر الحديث مساغا في اللغة العربية وإمكانا في العقل، فالواجب حمل الكلام عليه، ونحن وجدنا أن الصورة لايلزم منها مماثلة الصورة الأخرى، وحينئذ يكون الأسلم أن نحمله على ظاهره
القول الرابع: أن الضمير يعود إلى الله عز وجل، وهذا يقتضي نوعا من المشابهه فقط، وألا يقتضي تماثلا لافي حقيقة وألاقدر، وألا يلزم من كون الشيء على صورة شيء أخر أن يكون مماثلا له، فيثبت الحديث من غير تكييف وألا تمثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وهو مذهب أهل السنة والجماعة
قال الإمام أحمد: نقول كما في الحديث وقال: لا نفسره مالنا أن نفسره كما جاء الحديث وإسحاق بن راهوية عبدالله بن الزبير الحميدي وسفيان بن عيينه قال الإمام أحمد سمعت الحميدي وحدثنا سفيان بهذا الحديث (خلق أدم على صورة الرحمن) ويقول هذا حق ويتكلم وابن عيينه ساكت قال: ما ينكر ابن عيينه قوله ابن قتيبة الدينوري قال: (والذي عندي والله أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد)
الإمام الآجري قال : هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف؟ ولم؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر
*القاضي محمد بن الحسين أبويعلى الفراء قال : ليس في حمله على ظاهره مايزيل صفاته ولايخرجها عما تستحقه لأننا نطلق تسمية الصورة عليه لا كالصور كما أطلقنا تسمية ذات ونفس لاكالذوات والأنفس
وقال: ونقر بأن الرحمن خلق آدم على صورته رواه أحمد بن حنبل وابن خزيمة وغيرهما وأبوالقاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني الملقب بقوام السنة المتوفى سنة 535هـ قال: أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة، ولايطعن عليه بذلك، بل لايؤخذ عنه فحسب
الإمام النووي قال: من العلماء من يمسك عن تأويلها ويقول: بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد، ولها معنى يليق بها، وهذا مذهب جمهور السلف، وهو أحوط وأسلم، والثاني: أنها تتأول على حسب ما يليق بتنزيه الله تعالى، وأنه ليس كمثله شيء
الإمام ابن تيمية قال: (لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى، فإنه مستفيض من طرق متعددة، عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك)
وقال : (لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم، كأبي ثوروابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة)
الإمام الذهبي قال: أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله ونسكت كما سكت السلف مع الجزم بأن الله ليس كمثله شئ وقال: فنؤمن به ونفوض ونسلم ولا نخوض فيما لا يعنينا مع علمنا بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير الحافظ ابن حجر قال: فتعين إجراء مافي ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه، أو من تأويله على ما يليق بالرحمن جل جلاله "
نقل الرجل عشرات الأقوال فى الضمير وكأن المشكلة فى الضمير وليس فى الروايات كلها ثم قال :
"روى البخاري (6227) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ (ص) قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآن"
ولو سلمنا بأن الرواية صحيحة وما هى بصحيحة فهذا معناه التالى :
ان صورة الله طولها60 ذراعا أو70 ذراعا كما فى الرواية المناقضة فأصبح الله بذلك محدودا له جسم له أبعاض لأن آدم(ص) له أبعاض أى أعضاء وأصبح لله فرج كما لآدم(ص)كما له إست ... وهو كلام يجرنا إلى عشرات النقائص فى الذات الإلهية التى تعالت عن كل نقص
الرواية تقول أن الله أمر آدم(ص) فور خلقه بالذهاب للسلام على الملائكة وهو ما يناقض أن أول شىء أن الله علمه البيان أى الأسماء كلها كما قال تعالى " وعلم آدم الأسماء كلها " وقال " خلق الإنسان علمه البيان"
الرواية فى أخرها تتحدث عن صورة آدم(ص) وليس فيها ذكر لصورة الله المزعومة
أن من ألفوا الرواية أرادوا الضحك علينا فأى سرير سينام عليه آدم(ص) وأى بيت سيأويه فالسرير بمقياس المتر يحتاج 36 متر طولا والعرض على الأقل عشرة أمتار فمن أى شجر سيصنع هذا السرير ؟ والبيت الذى سيأويه يجب أن يكون ارتفاعه على الأقل 36 مترا وكى يتحرك فيه لابد أن تكون مساحة الحجرة فيه 150 متر جدرانها ترتفع36 متر فى السماء
ألم يفكر من يصدقون الرواية أن آدم(ص) يحتاج لكى يشرب جرعة واحد حوالى 3 أمتار مكعبة من الماء وأنه يحتاج لكى يأكل ثلاثة أو أربعة أطنان من الطعام فى الوجبة الواحدة ؟
ألم يفكروا أن الرجل لكى يرفع قدم وينزل قدم لابد أن يفكك الأرض تحت قدميه تفكيكا لأن ثقله سيكون أكثر من عشرة أطنان ألم يفكروا أنهم لو استند على أى مخلوق فى الأرض فإنه سيحطمه تماما بسبب ثقله
الكتاب من تأليف سعد بن ضيدان السبيعي وهو من أهل العصر وهو يدور حول إثبات رواية خلق أدم على صورة الرحمن ومعناها ويكفى رد الرواية بكلمة صورة الرحمن فالرحمن تنزه عن الصور والصورة هى تعنى وجود جسم له كالمخلوقات وهو ما يتنافى مع قوله تعالى "ليس كمثله شىء" وفى مقدمته قال السبيعى:
" أما بعد:فهذا المبحث تكلمت فيه على حديث "خلق أدم على صورة الرحمن" فقمت بتخريجه، وجمع طرقه، والكلام على علله، وبيان من صححه من العلم، ومن ضعفه ثم تكلمت على معنى هذا الحديث، وما جاء في معناه من أحاديث، ومايدل عليه، وذكرت أقوال المخالفين وما جاء في الرد عليهم وقد أسميته بـ"اتحاف الخلان بالكلام على حديث خلق أدم على صورة الرحمن"
وقد أوضح السبيعى رأيه مباشرة بأنه يصدق الرواية لنقله الكلام التالى عن ابن تيمية فقال:
"ومن أنفس ما كتب في الكلام على الحديث، وما جاء في معناه من أحاديث، كحديث أبي هريرة مرفوعا عند البخاري (3326) (6227) ومسلم (7163): (خلق الله أدم على صورته، طوله سبعون ذراعا الحديث)ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم "بيان تلبيس الجهمية" في رده على الرازي فقد بين أنه لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في هذا الحديث عائد إلى الله تعالى، وأن سياق الأحاديث كلها تدل على ذلكثم أوضح المسألة بما لامزيد عليه، فرد على المخالفين القائلين بأن الضمير في الحديث يعود على أدم (ص) من ثلاثة وعشرون وجها، ورد على من قال بأن الضمير في الحديث يعود على المضروب من ثلاثة عشر وجها وأثبت أن الضمير يعود على الله عزوجل، ودافع عن حديث"خلق أدم على صورة الرحمن"،فراجعه فإنه مهم أقول وأليس الشأن هنا إثبات الصورة لله عز وجل فهذا له موضع آخر، فالنصوص في إثبات الصورة لله جل في علاه متواترة في السنة، وأجمع على ذلك سلف الأمة"
السبيعى هنا يتحدث عن أنه لا توجد مشكلة فى وجود صورة لله تعالى عن ذلك علوا كبيرا لأن الصورة ثابتة بالروايات وهو كلام لا يقوله من يصدق بقوله تعالى "ليس كمثله شىء"
الروايات وإن اجمعت وأجمع الناس عليها فهى كذب على الله ورسوله(ص) الذى لم يقل شىء من هذا العبث فى ذات الله لأن التعبير يثبت وجود جسم ووجود حدود لله ووجود أجزاء لله لأن أى جسم مكون من أجزاء فالمقولة هى كوارث متتالية تجعل الله وكأنه واحد صاحبنا من المخلوقات تعالى عن ذلك علوا كبيرا
هرب الرجل من صورة الرحمن للحديث عن كون صورة آدم (ص)على صورة الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا فقال :
"إنما الشأن الكلام على حديث: (خلق آدم على صورة الرحمن)،وحديث: (خلق الله آدم على صورته)"
استهل الرجل الكتاب بالحديث عن إثبات صحة الحديث فقال :
صحة حديث: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)
الحديث جاء من ثلاثة طرق:
الطريق الأول:
أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (498) , وابن أبي عاصم في السنة (529)،والحارث في مسنده (24)،وابن خزيمة في التوحيد (44)، و الآجري في الشريعة (725) (3/ 1152)،والطبراني في الكبير (13404)، والدارقطني في الصفات (50) ,والحاكم في المستدرك (3296)،والبيهقي في الأسماء والصفات (432)،وابن بطة في الإبانة (2573) كلهم من طريق جرير بن عبدالحميد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: (لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)
الطريق الثاني:
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (45) من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء مرسلا بلفظ: (لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)
الطريق الثالث:
أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (1243) وابن أبي عاصم في السنة (533) وابن بطة في الإبانة (2575)
من طريق عبدالله بن لهيعة عن أبي يونس سليم بن جبير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): (من قاتل فليجتنب الوجه , فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن)والدارقطني في الصفات (51) من طريق ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة
أقول هذا الحديث بطريقه الأول أعله الإمام ابن خزيمة بعلل ثلاث:
الأولى: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده , فأرسله الثوري ولم يقل عن ابن عمر
الثانية: أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت
الثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء
أقول والعلة الرابعة:
حديث حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليس بمحفوظ
قال يحيى بن سعيد القطان عن حبيب بن أبي ثابت: حديثه عن عطاء ليس بمحفوظ وقال العقيلي: وله عن عطاء أحاديث لايتابع عليها منها حديث عائشه لاتسبخي عنه
والعلة الخامسة:
في سماع عطاء بن أبي رباح من ابن عمر قال الإمام أحمد: لم يسمع عطاء من ابن عمر
وقال علي بن المديني: رأى ابن عمر ولم يسمع منه
مع أن عطاء قد رأى ابن عمر كما عند البخاري معلقا، وذكر الطبراني أحاديث فيها تصريح عطاء بالسماع من ابن عمر والا يصح منها شيء
والعلة السادسة:
جرير بن عبدالحميد الضبي نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ
قال الذهبي ذكر البيهقي في سننه في ثلاثين حديثا لجرير بن عبدالحميد قال: قد نسب في أخر عمره إلى سوء الحفظ
أقول وقد تفرد به أيضا عن الأعمش!
قال الدارقطني: حديث لاتقبحوا الوجه تفرد به جرير بن عبدالحميد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء
الجواب عن العلة الأولى:
أن هذه ليست بعلة لأمور ثلاث:
1 - أن سفيان الثوري وإن كان أتقن من الأعمش إلا أن الأعمش أحفظ منه، فهى زيادة ثقة مقبوله
2 - أن الإمام ابن تيمية لم يجعل حديث الثوري المرسل معارضا لحديث الأعمش المسند المرفوع
قال : (عطاء بن أبي رباح إذا أرسل هذا الحديث عن النبي (ص) فلابد أن يكون قد سمعه من أحد، وإذا كان في أحد الطريقين قد بين أنه أخذه عن ابن عمر كان هذا بيانا وتفسيرا لما تركه وحذفه من الطريق الأخرى، ولم يكن هذا اختلافا أصلا)
3 - أن الإمام أحمد ذكر أن الثوري رواه موقوفا على ابن عمر ففي ترجمة أبي إسحاق ابن شاقلا ت 369 هـ قال: وأما أحمد بن حنبل فذكر أن الثوري أوقفه على ابن عمر وفي قال المروذي: قلت لأبي عبدالله: كيف تقول في حديث النبي (ص) " خلق آدم على صورته"؟
قال الأعمش: يقول: عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن) فأما الثوري فأوقفه يعني حديث ابن عمر وهذا يخالف ما أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (1/ 86) من طريق سفيان الثوري , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء مرسلا ,
وبهذا يجاب عن الطريق الثاني، أقول ولعل الإمام أحمد يقصد بالوقف الإرسال
الجواب عن العلة الثانية:
أن الأعمش من المقلين من التدليس، وذكره الحافظ ابن حجر في مراتب المدلسين في المرتبة الثانية أي ممن يحتمل تدلسيهم
الجواب عن العلة الرابعة:
يجاب عنها بأن جرير بن عبدالحميد الضبي يحدث من كتابه غالبا والتغير الذي حصل له لاتصح نسبته إليه، وإنما هو وهم!
قال أبو حاتم: صدوق، تغير قبل موته وحجبه أولاده
قال الذهبي: وكذا نقل أبوالعباس النباتي هذا الكلام في ترجمة جرير بن عبدالحميد وإنما المعروف هذا عن جرير بن حازم وقال ابن حجر وذكر صاحب الحافل :عن أبي حاتم: أنه تغير قبل موته فحجبه أولاده وهذا ليس بمستقيم، فإن هذا إنما وقع لجرير بن حازم، فكأنه اشتبه على صاحب الحافل أقول والذي يظهر أن هذا هو عمدة الإمام البيهقي، فلم أجد أحدا ذكر هذا غيره
والطريق الثالث: ضعيف , في سنده عبدالله بن لهيعة , والمحفوظ في الحديث مارواه أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ) على صورته) عند أحمد (2/ 244)"
وقد انتهى السبيعى إلى أن الحديث ليس صحيحا فقال:
"فالخلاصة أن الحديث معلول بالإرسال وعنعنة حبيب بن أبي ثابت وحديثه أيضا عن عطاء ليس بمحفوظ وعطاء لم يسمع من ابن عمر نص على ذلك أحمد وابن المديني
فصل في من صحح الحديث
1 - الإمام أحمد قال إسحاق الكوسج سمعت أحمد يقول: هذا الحديث صحيح
2 - الإمام إسحاق ابن راهوية قال حرب الكرماني في كتاب السنة سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن ،وقال: صحيح وألا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي وفي ترجمة أبي إسحاق ابن شاقلا (ت 369 هـ) قال: وهذا الحديث يذكر عن إسحاق بن راهويه: أنه صحيح مرفوع
3 - وأبوعبدالله الحاكم في المستدرك (2/ 48) قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
4 - ابن تيمية في نقض التأسيس في دفاعه عن هذا الحديث
5 - الحافظ الذهبي في السير (5/ 450) قال: صح من حديث ابن عمر
6 - الحافظ ابن حجر في الفتح (5/ 226) قال: رجاله ثقات -
أقول وقد جاء الحديث من رواية كل من:
معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعا عند البخاري (3326) (6227) ومسلم (7163) بلفظ: (خلق الله أدم على صورته، طوله سبعون ذراعا الحديث)ورواه قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة مرفوعا عند مسلم (6655) بلفظ: (إذا فاتل أحدكم أخاه، فليجتنب الوجه، فإن الله خلق أدم على صورته)ورواه أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة عند أحمد (2/ 244)،وابن حبان في صحيحه (5605) إحسان بلفظ:"إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق أدم على صورته ورواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عند البخاري في الأدب المفرد (173) بلفظ:"لا تقولن قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإن الله عز وجل خلق أدم (ص) على صورته"
وقد جاء عن الإمام مالك إنكار الحديث فروى العقيلي في كتاب الضعفاء (2/ 647) عن مقدام بن داود قال ثنا أبو زيد أحمد بن أبي الغمر والحارث بن مسكين قالا حدثنا عبدالرحمن بن القاسم قال سألت مالك عن من يحدث بالحديث الذي قالوا إن الله خلق أدم على صورته فأنكر ذلك مالك إنكارا شديدا، ونهى أن يتحدث به أحد، فقيل له كإن ناسا من أهل العلم يتحدثون به، فقال: من هم؟ فقيل محمد بن عجلان وأبي الزناد فقال: لم يكن يعرف ابن عجلان هذه الأشياء ولم يكن عالما وذكر أبا الزناد فقال إنه لم يزل عاملا لهؤلاء حتى مات وكان صاحب عمال يتبعهم
أقول الحديث لم ينفرد به محمد بن عجلان فقد توبع عليه قال الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 419):الحديث في أن الله خلق آدم على صورته لم ينفرد به ابن عجلان، فقد رواه همام، عن قتادة، عن أبى موسى أيوب (أقول الصواب: أبو أيوب يحيى بن مالك المراغي)، عن أبى هريرة ورواه شعيب، وابن عيينة، عن أبى الزناد، عن الاعرج، عن أبى هريرة ورواه معمر، عن همام، عن أبى هريرة ورواه جماعة كالليث بن سعد وغيره، عن ابن عجلان، عن المقبرى، عن أبى هريرة ورواه شعيب أيضا وغيره، عن أبى الزناد، عن موسى بن أبى عثمان، عن أبى هريرة ورواه جماعة عن ابن لهيعة، عن الاعرج، وأبى يونس، عن أبى هريرة ورواه جرير، عن الاعمش، عن حبيب بن أبى ثابت، عن ابن عمر، عن النبي (ص)وله طرق أخر، قال حرب: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح عن رسول الله (ص)أن آدم خلق على صورة الرحمن وقال الكوسج: سمعت أحمد ابن حنبل يقول: هذا الحديث صحيح قلت: وهو مخرج في الصحاح وأبو الزناد فعمدة في الدين، وابن عجلان صدوق من علماء المدينة وأجلائهم ومفتيهم، وغيره أحفظ منه وقال في سير أعلام النبلاء (5/ 450):الخبر لم ينفرد به ابن عجلان، بل ولا أبو الزناد، فقد رواه شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد، ورواه قتادة عن أبي أيوب المراغي، عن أبي هريرة، ورواه ابن لهيعة، عن الأعرج وأبي يونس،عن أبي هريرة، ورواه معمر، عن همام، عن أبي هريرة، وصح أيضا من حديث ابن عمر وقد قال إسحاق بن راهويه عالم خراسان: صح هذا عن رسول الله (ص) فهذا الصحيح مخرج في كتابي البخاري ومسلم وقد عذر الذهبي الإمام مالك في ذلك فقال في السير (8/ 104): (أنكر الإمام مالك ذلك، لأنه لم يثبت عنده ولااتصل به فهو معذور"
الرجل هنا وصل إلى أن هناك من صح عنده الحديث ومع هذا هناك من حذر من تصديقه
الحديث بكل رواياته التى جاء فيها حديث كاذب يخالف قوله تعالى " "فاضربوا فوق الأعناق"
فضرب ما فوق الأعناق يعنى ضرب الوجه وضرب الرأس فهما ما فوق العنق فلو كان ضرب الوجه محرما ما أوجب الله ضربه هو أو ضرب البنان فى الحرب
وأما الروايات الأخرى التى ورد فيها ذكر طول آدم(ص) فمتناقضة ما بين السبعين ذراع والستين ذراع
ثم تناول السبيعى مرجع الضمير فى كلمه صورته فقال:
"فصل في اختلاف أهل العلم إلى ما يعود إليه الضمير في قوله (ص):"خلق الله أدم على صورته":
القول الأول:خلق الله آدم (ص)على صورته أي على صورة آدم!أي أن الله صور صورة أدم قبل خلقه ثم خلقه على تلك الصورة!وهذا القول ذكر للإمام أحمد عن بعض محدثي البصرة وعزاه ابن قتيبة إلى قوم من أصحاب الكلام وقال به أبو ثور إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي الفقيه، كما في ترجمة عبدالوهاب الوراق المتوفى سنة 251هـ ،وفي ترجمة أبي جعفر الوراق المعروف "بحمدان" المتوفى سنة 271هـ وقال به أيضا محمد بن حبان البستي ("والهاء" راجعة إلى آدم ) واختاره فخر الدين الرازي وقد روى هذا عن الإمام أحمد، وألا يصح عنه لأمرين:
أولا: أنكر الحافظ الذهبي ذلك عن الإمام احمد وأبطله في ترجمة حمدان بن الهيثم، قال الإمام الذهبي: أتى بشيء منكرا عن أحمد بن حنبل في معنى قوله (ص): (إن الله خلق أدم على صورته)زعم أنه قال على صور الله صورة أدم قبل خلقه، ثم خلقه على تلك الصورة، فأما أن يكون خلق الله أدم على صورته فلا، فقد قال تعالى: (ليس كمثله شيء)
قال يحيى بن منده في مناقب أحمد قال المظفر بن أحمد الخياط في كتاب السنة وحمدان بن الهيثم يزعم أن احمد قال صور الله صورة أدم قبل خلقه، وأبو الشيخ فوثقه في كتاب الطبقات
ثانيا: أن الإمام أحمد صح عنه خلاف هذا القول فقد قال الحافظ الذهبي ويدل على بطلان روايته ما رواه حمدان بن علي الوراق الذي هو أشهر من حمدان بن الهيثم، وأقدم أنه سمع أحمد بن حنبل، وسأله رجل عن حديث "خلق أدم على صورته"على صورة ادم! فقال أحمد: فأين الذي يروى عن النبي (ص)"إن الله خلق ادم على صورة الرحمن"؟! ثم قال أحمد: وأي صورة لأدم قبل أن يخلق والضمير لو كان عائدا إلى أدم فإن المعنى لايستقيم، والا فائدة من ذلك وقد أنكر ذلك الإمام أحمد في رواية أبي طالب وقال: من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي، وأي صورة لأدم قبل أن يخلق قال ابن قتيبة: ولو كان المراد هذا , ما كان في الكلام فائدة , ومن يشك في أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته , والسباع على صورها , الأنعام على صورها؟!
قال الإمام ابن تيمية:
(أنه إذا قيل: إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورة آدم , أولا تقبحوا الوجه , ولا يقل أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك ,فإن الله خلق آدم على صورة آدم , كان هذا من أفسد الكلام , فإنه لا يكون بين العلة والحكم مناسبة أصلا , فإن كون آدم مخلوقا على صورة آدم , فأي تفسير فسر به فليس في ذلك مناسبة للنهي عن ضرب وجوه بنية , ولا عن تقبيحها وتقبيح ما يشبهها , وإنما دخل التلبيس بهذا التأويل حيث فرق الحديث المروي فروى قوله (إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه) مفردا , وروي قوله (إن الله خلق آدم على صورته) مفردا , أما مع أداء الحديث على وجهه فإن عود الضمير إلى آدم يمتنع فيه , وذلك أن خلق آدم على صورة آدم سواء كان فيه تشريف لآدم أو كان فيه إخبار مجرد بالواقع فلا يناسب هذا الحكم) فذكر ثلاثة وعشرون وجها تدل على فساد هذا القول وبطلانه، بما لا مزيد عليه فانظرها
قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين : إذا كان الضمير راجع إلى أدم فلا فائدة من ذلك، بأنه إذا ليس يشك أحد أن الله خالق كل شيء على صورته وأنه خلق الأنعام والسباع على صورها فأي فائدة في الحمل على ذلك؟!
القول الثاني:
أن الضمير يعود للمضروب وقال بهذا القول:الإمام محمد بن خزيمة قال : معنى قوله (خلق أدم على صورته) الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم أراد رسول الله (ص)أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب! وابن حبان قال عن الحديث: (يريد به صورة المضروب , لأن الضارب إذا ضرب وجه أخيه المسلم ضرب وجها خلق الله آدم على صورته وأبو الشيخ الأصفهاني وعزاه الحافظ ابن حجر للأكثر وقد رد الإمام أحمد ذلك ففي كتاب السنة للطبراني حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي إن رجلا قال: خلق آدم على صورته أي صورة الرجل فقال كذب هو قول الجهمية وأي فائدة في هذا! وقد رد هذا القول الإمام ابن تيمية من ثلاثة عشرة وجها في كلام نفيس جدا لا مزيد عليه وقال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين: ورد تأويله بأن الضمير عائد على ابن أدم المضروب بأنه لا فائدة فيه إذ الخلق عالمون بأن أدم خلق على خلق ولده وأن وجهه كوجوههم، فيرد على هذا التوجيه كله بالرواية المشهورة " لا تقبحوا الوجه , فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن"
القول الثالث: أن هذا من باب إضافة الخلق إليه قال الإمام ابن خزيمة في الكلام على حديث خلق الله أدم على صورة الرحمن:معنى هذا الخير عندنا أن إضاقة الصورة إلى الرحمن في هذا الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه لأن الخلق يضاف إلى الرحمن، وكذلك الصورة تضاف إلى الرحمن لأن الله صورها، ألم تسمع قوله عز وجل (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه )
قال محمد بن عثيمين في الكلام على حديث: (خلق الله أدم على صورته):
الإضافة هنا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه فقوله (على صورته) مثل قوله في آدم (ونفخت فيه من روحي) ولا يمكن أن الله عز وجل أعطى آدم جزءا من روحه بل المراد الروح التي خلقها الله عز وجل لكن إضافتها إلى الله بخصوصها من باب التشريف كما نقول: عباد الله، يشمل الكافر والمسلم والمؤمن والشهيد والصديق والنبي، لكننا لو قلنا: محمد بن عبد الله هذه إضافة خاصة ليست كالعبودية السابقة فقوله: (خلق آدم على صورته) يعني صورة من الصور التي خلقها الله وصورها، كما قال تعالى: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) والمصور آدم،إذا: فآدم على صورة الله يعني أن الله هو صوره على هذه الصورة التي تعد أحسن صورة في المخلوقات (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) فإضافة الصورة إليه من باب التشريف كأنه عز وجل اعتنى بهذه الصورة ومن أجل ذلك لا تضرب الوجه فتعيبه حسا، ولا تقبحه فتقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فتعيبه معنى فمن أجل أنه الصورة التي صورها الله وأضافها إلي نفسه تشريفا وتكريما لا تقبيحها بعيب حسي ولا بعيب معنوي ثم هل يعتبر هذا الجواب تحريفا أم له نظير؟ نقول له نظير، كما: في بيت الله، وناقة الله، وعبد الله، لأن هذه الصورة (أي: صورة آدم) منفصلة بائنة من الله، وكل شيء أضافه إلى نفسه وهو منفصل بائن عنه فهو من المخلوقات
والصواب أن هذا من باب من باب إضافة الصفات إليه ومن باب إضافة الصفة إلى موصوفها
وقد رد الإمام ابن تيمية هذا القول من عشرة وجوه
وقد رجح محمد بن عثيمين أن الأسلم حمل الحديث على ظاهره، وأنه لايلزم من كون الشيء على صورة شيء أن يكون مماثلا له من كل وجه وقال ما دمنا نجد أن لظاهر الحديث مساغا في اللغة العربية وإمكانا في العقل، فالواجب حمل الكلام عليه، ونحن وجدنا أن الصورة لايلزم منها مماثلة الصورة الأخرى، وحينئذ يكون الأسلم أن نحمله على ظاهره
القول الرابع: أن الضمير يعود إلى الله عز وجل، وهذا يقتضي نوعا من المشابهه فقط، وألا يقتضي تماثلا لافي حقيقة وألاقدر، وألا يلزم من كون الشيء على صورة شيء أخر أن يكون مماثلا له، فيثبت الحديث من غير تكييف وألا تمثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وهو مذهب أهل السنة والجماعة
قال الإمام أحمد: نقول كما في الحديث وقال: لا نفسره مالنا أن نفسره كما جاء الحديث وإسحاق بن راهوية عبدالله بن الزبير الحميدي وسفيان بن عيينه قال الإمام أحمد سمعت الحميدي وحدثنا سفيان بهذا الحديث (خلق أدم على صورة الرحمن) ويقول هذا حق ويتكلم وابن عيينه ساكت قال: ما ينكر ابن عيينه قوله ابن قتيبة الدينوري قال: (والذي عندي والله أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد)
الإمام الآجري قال : هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف؟ ولم؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر
*القاضي محمد بن الحسين أبويعلى الفراء قال : ليس في حمله على ظاهره مايزيل صفاته ولايخرجها عما تستحقه لأننا نطلق تسمية الصورة عليه لا كالصور كما أطلقنا تسمية ذات ونفس لاكالذوات والأنفس
وقال: ونقر بأن الرحمن خلق آدم على صورته رواه أحمد بن حنبل وابن خزيمة وغيرهما وأبوالقاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني الملقب بقوام السنة المتوفى سنة 535هـ قال: أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة، ولايطعن عليه بذلك، بل لايؤخذ عنه فحسب
الإمام النووي قال: من العلماء من يمسك عن تأويلها ويقول: بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد، ولها معنى يليق بها، وهذا مذهب جمهور السلف، وهو أحوط وأسلم، والثاني: أنها تتأول على حسب ما يليق بتنزيه الله تعالى، وأنه ليس كمثله شيء
الإمام ابن تيمية قال: (لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى، فإنه مستفيض من طرق متعددة، عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك)
وقال : (لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم، كأبي ثوروابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة)
الإمام الذهبي قال: أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله ونسكت كما سكت السلف مع الجزم بأن الله ليس كمثله شئ وقال: فنؤمن به ونفوض ونسلم ولا نخوض فيما لا يعنينا مع علمنا بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير الحافظ ابن حجر قال: فتعين إجراء مافي ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه، أو من تأويله على ما يليق بالرحمن جل جلاله "
نقل الرجل عشرات الأقوال فى الضمير وكأن المشكلة فى الضمير وليس فى الروايات كلها ثم قال :
"روى البخاري (6227) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ (ص) قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآن"
ولو سلمنا بأن الرواية صحيحة وما هى بصحيحة فهذا معناه التالى :
ان صورة الله طولها60 ذراعا أو70 ذراعا كما فى الرواية المناقضة فأصبح الله بذلك محدودا له جسم له أبعاض لأن آدم(ص) له أبعاض أى أعضاء وأصبح لله فرج كما لآدم(ص)كما له إست ... وهو كلام يجرنا إلى عشرات النقائص فى الذات الإلهية التى تعالت عن كل نقص
الرواية تقول أن الله أمر آدم(ص) فور خلقه بالذهاب للسلام على الملائكة وهو ما يناقض أن أول شىء أن الله علمه البيان أى الأسماء كلها كما قال تعالى " وعلم آدم الأسماء كلها " وقال " خلق الإنسان علمه البيان"
الرواية فى أخرها تتحدث عن صورة آدم(ص) وليس فيها ذكر لصورة الله المزعومة
أن من ألفوا الرواية أرادوا الضحك علينا فأى سرير سينام عليه آدم(ص) وأى بيت سيأويه فالسرير بمقياس المتر يحتاج 36 متر طولا والعرض على الأقل عشرة أمتار فمن أى شجر سيصنع هذا السرير ؟ والبيت الذى سيأويه يجب أن يكون ارتفاعه على الأقل 36 مترا وكى يتحرك فيه لابد أن تكون مساحة الحجرة فيه 150 متر جدرانها ترتفع36 متر فى السماء
ألم يفكر من يصدقون الرواية أن آدم(ص) يحتاج لكى يشرب جرعة واحد حوالى 3 أمتار مكعبة من الماء وأنه يحتاج لكى يأكل ثلاثة أو أربعة أطنان من الطعام فى الوجبة الواحدة ؟
ألم يفكروا أن الرجل لكى يرفع قدم وينزل قدم لابد أن يفكك الأرض تحت قدميه تفكيكا لأن ثقله سيكون أكثر من عشرة أطنان ألم يفكروا أنهم لو استند على أى مخلوق فى الأرض فإنه سيحطمه تماما بسبب ثقله
رضا البطاوى- عضو ممتاز
-
عدد الرسائل : 3616
العمر : 56
العمل : معلم
تاريخ التسجيل : 18/07/2011
مواضيع مماثلة
» نقد كتاب الكلام على حديث امرأتي لا ترد يد لامس
» نقد كتاب اتحاف شباب الإسلام بأحكام الغسل من الجنابة و الاحتلام
» نقد كتاب صفة الجنة في سورة الرحمن
» قراءة فى كتاب أحاديث في ذم الكلام وأهله
» قراءة فى كتاب الكلام المنظوم مما قيل في الجاثوم
» نقد كتاب اتحاف شباب الإسلام بأحكام الغسل من الجنابة و الاحتلام
» نقد كتاب صفة الجنة في سورة الرحمن
» قراءة فى كتاب أحاديث في ذم الكلام وأهله
» قراءة فى كتاب الكلام المنظوم مما قيل في الجاثوم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى