قراءة فى كتاب وارث الانبياء (ص)
صفحة 1 من اصل 1
قراءة فى كتاب وارث الانبياء (ص)
قراءة فى كتاب وارث الانبياء (ص)
الكتاب من تاليف محمد مهدى الآصفى
ويستهل الكتاب بمقدمة غريبة عن وارث الأنبياء(ًص)حيث يطلب له السلام والآصفى يقصد به الحسين فيقول:
"المقدمة
السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح نبي الله السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله السلام عليك يا وارث موسي كليم الله السلام عليك يا وارث عيسي روح الله السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله السلام عليك يا وارث امير المؤمنين ولي الله"
وهو كلام يخالف كتاب الله حيث جعل الله كل المسلمين ورثة للأنبياء(ص)أى ورثة لكتاب وهو وحى الله فقال:
"ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هوالفضل الكبير"
فالآية حتى لو فسرناها بأنهم الأنبياء(ص) فالحسن ليس نبيا ولو فسرناها بالمسلمين سيكون واحد من الناس الوارثين
وقد استهل الآصفى الكتاب بتعريف الوراثة فقال:
"الوراثة
مفهوم (الوارث) من ابرز المفاهيم الواردة في هذه الزيارة، وقد عرفت به الزيارة، ونقف هنا قليلا عند كلمة (الوراثة).
الوراثة البايولوجية:
وهي انتقال الخصائص الشخصية والاجتماعية من جيل إلي جيل اومن فئة إلي فئة او من شخص إلي شخص.
الوراثة الحضارية:
و كما تنتقل بالوراثة الخصائص الحياتية والعضوية من جيل إلي جيل كذلك تنتقل الخصائص الحضارية والثقافية من جيل إلي آخر، و من فئة اجتماعية إلي فئة اجتماعية اخري والوراثة والتكامل الحضاريان هما سلم الكمال في تاريخ الإنسان، والإنسان يتكون بالتدريج، وتتكون فيه خصائصه ومكوناته خلال تاريخ طويل. إننا عندما نلاحظ سلوكا اجتماعيا معينا او نموذجا معينا من الناس فإننا نلاحظ فيه اختزالا شديدا لتاريخ طويل من حياة الإنسان وحضارته وفكره وجهده ومعيشته، وكل منا يرث من حيث يشعر او لا يشعر اجيالا من اسلافه.
التاريخ الحضاري للانسان"
قطعا لا توجد وراثة جسمية لأننا من نفس الأبوين جميعا بدون استثناء ومع هذا هناك اختلافات كثيرة بيننا فى الكثير من الأمور ولا توجد وراثة حضارية بدليل أن الرسل(ص) أنفسهم معظمهم عاشوا فى حضارات كافرة ومع هذا هم من غيروها بإسلامهم وتركهم للحضارات الكافرة
وقد انتهى الآصفى من كلامه إلى التالى:
"فالإنسان: مجموعة من المواريث الحضارية التي ينقلها كل جيل إلي الجيل الذي ياتي من بعده، بعد ان يتلقاها من الجيل السابق وينميها ويطورها. وهكذا تتحرك الحضارة الإنسانية عبر الاجيال، وتنتقل من جيل إلي آخر، وتنمو وتتطور بموجب قانون الوراثة وتنتقل الافكار والعقائد والتصورات والاعراف والتقاليد والاخلاق من جيل إلي آخر، ولا يمكن ان تكون الحضارات مرة واحدة وفجاة وخلال جيل واحد، وانما تتكون بصورة تدريجية عبر قرون طويلة وخلال التاريخ"
وما قاله الآصفى يخالف أن الإنسان يولد صفحة بيضاء لا يعلم أى شىء كما قال تعالى:
" والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ومن ثم لا توجد مواريث حضارية وإنما يوجد تعليم من المجتمع لأفراده الصغار وهو ما عبر عنه الكفار بقولهم الذى قصه الله:
" إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون"
وحدثنا الرجل عن المواريث الجاهلية والإسلامية فقال:
"المواريث الحضارية بين الاسلام والجاهلية
هناك مجموعتان من المواريث الحضارية يتوارثهما الناس جيلا بعد جيل في جهتين متقابلتين: المواريث الحضارية الإلهية والمواريث الحضارية الجاهلية. ومواريث الحضارة الربانية في حياة الإنسان هي التي تلقاها الإنسان جيلا بعد جيل من الانبياء والمرسلين والصديقين، وترسخت وتاصلت خلال هذه المسافة الزمنية الطويلة في حياة الإنسان. إن الإيمان بالله تعالي والتسليم المطلق له تعالي وتعبيد الناس لله عز وجل وتحكيم شريعته في حياة الإنسان، ورفض الطاغوت والتمرد عليه و كسر شوكته و سلطانه و مجابهته بالنفس والمال وافلاذ الاكباد ليس ظاهرة جديدة في حياة الإنسان، و لا تخص مرحلة من مراحل حياة هذا الإنسان، وإنما هو ميراث اجتماعي ضخم يتوارثه الإنسان جيلا بعد جيل في تاريخه، ويتصل هذا الميراث الحضاري بأنبياء الله، ويمتد في حياة الإنسان عبر جهاد الانبياء و دعوتهم وتبليغهم له. وفي حياة كل نبي من الانبياء والمرسلين يزداد هذا الميراث الحضاري عمقا واصالة و نضجا عبر الصراع المستمر القائم بين هاتين الحضارتين، وعبر الجهود التي يتحملها الانبياء وانصارهم في حمل الدعوه وتبليغها إلي الناس؛ فتتبلور عبر هذه المسيرة الحضارية المفاهيم الرسالية اكثر من ذي قبل، ويتأصل الجهاد والدعوة إلي الله واصولها واساليبها في حياة الإنسان في خط تصاعدي. كما يصح العكس ايضا فتتصاعد الذنوب والمعاصي والإسراف والتكبر والاستكبار في الطرف الآخر، ويتعمق هذا الحقد في نفوسهم، وتتطور اساليبهم في مواجهة الدعاة إلي الله كلما تتسع الحضارة الجاهلية، وتنمو وتتطور بصورة تصاعدية مستمرة"
وبناء على ما سبق فالناس يتوارثون الأديان التى سماها الرجل الحضارات والحقيقة أنه ليس توارث بالمعنى المعروف ولكنه تقليد فى ظل أديان الكفار وأما فى الإسلام فهو تفكير فى الحق
وأعادنا الآصفى لنقطة المقدمة فرغم اقراره فى الفقرة بوراثة المسلمين بقوله" ومواريث الحضارة الربانية في حياة الإنسان هي التي تلقاها الإنسان جيلا بعد جيل من الانبياء والمرسلين والصديقين" وهى أن الحسين هى الوارث الوحيد للإسلام فقال:
"الحسين وارث الانبياء
وسيد الشهداء ابو عبدالله الحسين وارث هذه المسيرة الحضارية الربانية الضخمة التي تمتد عبر حياة وجهود ودعوة الانبياء والمرسلين والشهداء والصديقين ، وتأتي واقعة الطف امتدادا لهذا الجهاد التاريخي المستميت مع الجاهلية. إن الحسين يوم الطف كان امتدادا واختزالا وتأصيلا لهذه الحركة الربانية الممتدة في عمق التاريخ. وتأتي الخصائص الحسينية التي جسدتها واقعة الطف يوم عاشوراء امتدادا لهذه المواريث الحضارية والاخلاقية التي ورثها الحسين من اسلافه الطاهرين ـ الانبياء والمرسلين والشهداء والصديقين ـ فالإخلاص لله والتضحية والبذل والعطاء والشجاعة والصمود والصرامة والصبر وعزة النفس وإباء الضيم، والاستقامة في الدعوة إلي الله والتمرد علي الطاغوت والرفض والتسليم لله، وغير ذلك من الخصائص الحسينية التي تجسدت في معركة الطف؛ ليست خصائص وظواهر فردية، وإنما هي مواريث حضارية ورسالية عريقة ورثها الحسين من آبائه الطاهرين في هذه المسيرة الربانية من آدم صفوة الله، و نوح نبي الله، وإبراهيم خليل الله، و موسي كليم الله، و عيسي روح الله ، و من المصطفي رسول الله (ص)،ومن علي بن ابي طالب ولي الله. فالحسين حصيلة هذه المسيرة الحضارية الإلهية و نتيجتها و ثمرة هذه الشجرة المباركة وهذا هو سر اصالة و عراقة و قوة وقعة الطف وما تجلي فيها من خصائص الحركة الربانية في التاريخ و سر إستمرار و بقاء هذه الوقعة في التاريخ. كما ان الجيش الاموي كان يرث في ساحة الطف خصائص الجاهلية من الظلم والاستكبار والتهافت علي حطام الدنيا والقهر والقسوة والإرهاب والاضطهاد."
وكله ما قاله الرجل هو كلام يضرب المسيرة الشيعية نفسها فى مقتل فإذا كان الحسين هو الوارث الوحيد فبقية الأئمة لا قيمة لهم وهم لم يرثوا الوحى كما ورثه الحسين
والغريب أن الرجل يركز على واقعة الطف وحدها وكأن حياة الحسين قبلها لا تعنى أى شىء والرجل قبلها لم يرث شىء
وحدثنا عن الشجرتين الطيبة والخبيثة فقال:
"الشجرة الخبيثة والشجرة الطيبة في كتاب الله
وهذه المسيرة الحضارية هي الكلمة والشجرة الطيبة التي تضرب اصولها في عمق التاريخ، وتمتد فروعها إلي اعماق المستقبل، و هي ذات قرار مكين في الارض، تؤتي ثمارها بإذن الله كل حين، وهذه الشجرة ثابتة قوية لا تهزها الاعاصير والعواصف اما الحضارة الجاهلية فهي الكلمة الخبيثة والشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الارض مالها من قرار، ورغم قدمها فهي ضعيفة و مهزوزة و علي ارض رخوة وغير ذات قرار مكين تقتلعها الأعاصير وتلقي بها علي قارعة الطريق، يقول تعالي: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء - تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون - ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض مالها من قرار).ومن العجب ان هاتين الحضارتين تمتدان معا إلي اعماق التاريخ، إلي هابيل و قابيل، وتتكونان معا عبر الاجيال، ومع ذلك فهما تختلفان في العراقة والاصالة والثبات، فالحضارة الإلهية اصيلة عريقة ذات جذور قوية ثابتة وراسخة لا تحركها الاعاصير الهوجاء، والحضارة الجاهلية مهزوزة ضعيفة مبتورة الجذور مالها من قرار. و هذا هوالفارق بين هاتين الحضارتين اللتين يتوارثهما الإنسان."
وهذا الكلام هو تكرار لما قاله عن الجاهلية والإسلام ويحدثنا عن سر القوة فى الشجرة الطيبة فيقول:
"سر القوة والثبات في الشجرة الطيبة:
والسر في ذلك: ان الحضارة الإلهية تستمد حيوتها من العقل والضمير والقلب، والحضارة الجاهلية تستمد وجودها من الاهواء والشهوات، تلك تستمد كيانها من الإيمان والعقيدة، وهذه تستمد وجودها من الاحقاد والاهواء، تلك تستمد وجودها من الإيمان والتسليم لله، وهذه تستمد وجودها من اتباع الشيطان، تلك تختزل كل ما في حضارة الإنسان من قيم واخلاق و فضائل، وهذه تختزل كل ما في تاريخ الإنسان من احقاد وضغائن وشهوات. وهذا الفارق هو الذي يهب الاولي القوة والمتانة والثبات في وجه الاعاصير والهزات والابتلاءات، ويسلب الثانية القرار والثبات، ويدعهامهزوزة غير ذات قرار. ولذلك فإن الآية الكريمة تعقب علي هذا الاختلاف في الاصول والجذور بقوله تعالي: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء).فاولئك يمنحهم الله الثبات في القول في الحياة الدنيا و في الآخرة، و هؤلاء يسلبهم الله تعالي الثبات والهدي ويدعهم في الضلالة."
وما قاله الآصفى عن استمداد الحضارة الإلهية حيوتها من العقل والضمير والقلبه و خطأ فاحش فالرب لا يستمد من مخلوقاته شىء وإنما مخلوقاته تستمد العدل من وحيه كما قال تعالى :
" شرع لكم من الدين "
وعاد الرجل للحديث عن الحسين ومفهوم الوارث فى زيارته فقال:
"لماذا التأكيد لمفهوم الوارث في زيارة الحسين؟
لقد ورد في هذا المفهوم في اكثر من زيارة، وكان هناك عناية خاصة لدي اهل البيت في إبراز هذا المفهوم في حياة الحسين ؛ ذلك لان معركة الطف من اصدق مشاهد صراع الحضارات في التاريخ، لقد جسد الحسين الصراع بين الحق والباطل في كربلاء، فكانت معركة الطف تبلورا حقيقيا لهذا الصراع التاريخي بين الحق والباطل، ولذلك نجد في هذه المعركة انبل القيم والمفاهيم الربانية في طرف، واخس الرذائل والاهواء الشيطانية في طرف آخر، ويأتي تأكيد الوراثة في زيارة الحسين :اولا ـ للتنبيه علي عراقة واصالة الجهاد الحسيني، وانه ليس ظاهرة فردية في حياة الإمام الحسين ، وانما هي خاصية عريقة للمسيرة الإلهية علي وجه الارض، ورثها الحسين عمن كان قبله من الانبياء والائمة الدعاة إلي الله، و هذا هو سر قوة وصلابة الموقف الحسيني في كربلاء رغم عدم التكافؤ الواضح بين معسكر الحسين ومعسكر بني امية في كربلاء. و ثانيا ـ إذا كانت هذه الحركة بهذه الدرجة من الاصالة والعراقة والعمق والقوة والمتانة التاريخية فلابد ان تنتصر علي الجبهة المناوئة التي كان يتزعمها الحاكم الاموي يزيد بن معاوية. وليس الانتصار هنا بمعني الانتصار العسكري في ساحة القتال، فقد كان الجيش الاموي هو المنتصر في ساحة القتال إذا فسرنا الانتصار بهذا المعني الظاهري وانما الانتصار هنا بمعناه الرسالي وانتصار خط علي خط، و لاشك ان المعكسر الحسيني هو المعسكر المنتصر بهذا المعني من النصر، فإن العمق التاريخي والاصالة والعراقة والمتانة التي يملكها هذا الخط لابد وان يؤهله لنصر الله تعالي.
إن المعركة بين هاتين الجبهتين في كربلاء كانت معركة ميدانية و حضارية بالمعني العميق لهذه الكلمة، والفئة التي تنتصر هي التي تثبت امام الزوابع والاعاصير، وهي الفئة التي تستمد دوافعها من العقيدة والإيمان، وتمتد جذورها إلي اعماق التاريخ في حياة الانبياء والمرسلين و جهادهم و دعوتهم، و هذا هو سر انتصار الثورة الحسينية. ثالثا ـ لا تتوقف هذه المعركة عند وقعة الطف، فهي حلقة واحدة من سلسلة من المواقف الجهادية والتضحيات والبذل والعطاء في سبيل الله، تبدا منذ ايام نوح و قبله، وتمتد إلي ان ياذن الله تعالي بالاضمحلال الكامل للجاهلية علي وجه الارض. و سر دوام واستمرار هذه الحركة هو أصالتها و عراقتها وامتدادها العميق في الحضارة الإنسانية الصالحة، وليست هذه الحركة نبتة اجتثت من فوق الارض مالها من قرار، وانما هي شجرة طيبة ممتدة الجذور والأصول إلي اعماق تاريخ الإسلام والإيمان. وكما ورث الحسين هذا الميراث من ابيه المرتضي وجده المصطفي (ص) واسلافه الطاهرين من الانبياء المرسلين؛ فإن اجيال المؤمنين والمجاهدين والدعاة إلي الله تعالي سوف يرثون من الحسين هذا الميراث، ويتحركون علي خطاه ، ويرثون منه الخصائص والمواريث التي تجلت يوم عاشوراء في كربلاء. وهذا هو سر استمرارية الثورة الحسينية في كربلاء."
التركيز على واقعة الطف باعتبارها التجسيد الوحيد للصراع بين الحق والباطل هو كلام فارغ باطل وماذا إذا عن معارك النبى(ص) أو حتى عن معارك على ضد نفس الناس فى الطف
الرجل يخترع من عنده ما يبطل كل تاريخ الحق من أجل واقعة واحدة وعندما أدرك خطأ كون الحسين الوارث الوحيد جعل الناس شركاء أو ورثة الحسين فقال :
"آلية الارتباط و مادة الارتباط
الحسين وارث الانبياء والصالحين: ونحن ورثة الحسين ، وميراثنا الذي نرثه من الحسين هو مواريث الانبياء، وواسطة العقد في هذا الارتباط هو يوم الطف، فلابد لهذا الارتباط من ان يمر بمحطات تفعيل في التاريخ، تحافظ علي حرارة الخط وحيويته لئلا تضعف وتبرد، ويوم الطف عقد الواسطة و حلقة الارتباط، ولابد من هذه الحلقات في التاريخ لئلا ينقطع الخط. وهنا نواجه سؤالين: الاول: كيف نرتبط وماهي آلية الارتباط؟ الثاني: ماهي المواريث التي نرثها من الانبياء عبر يوم الطف؟ والسؤال الثاني غير السؤال الاول"
وعادة للكلام مرة أخرى عن واقعة الطف فقال:
"آلية الارتباط
مأساة الطف هي حلقة الارتباط، ولولا امثال هذه الايام لانقطع الخط، فهي تستقطب عواطف الجمهور واحاسيسهم وحبهم و ... وهذه العواطف والمشاعر هي آلية الارتباط والمحافظة علي قوة وحيوة وفاعلية الارتباط. والإحياء السنوي لذكري الحسين والبكاء وإقامة مجالس العزاء، و خروج مواكب العزاء في الشوارع ماهي إلا و سائل تعبير عن هذه العاطفة القوية التي يشعر بها المسلمون تجاه سيد الشهداء ، ولابد من هذه العاطفة ولابد من التعبير عن هذه العاطفة للإبقاء علي ارتباط الامة بكوكبة شهداء كربلاء، ولولا هذا الزخم العاطفي القوي لم تبق الثورة قوية و فاعلة في وجدان الامة إلي اليوم، ولذلك اكد اهل البيت: اهمية إقامة مجالس العزاء وتشجيع المسلمين علي البكاء علي مصاب الحسين ... ولكن ذلك كله ـ و رغم اهميته الكبيرة ـ ليس هو الميراث. إن طريقة التعبير عن عواطفنا تجاه مصاب الحسين شي ء، و مادة الارتباط والمواريث التي نرثها من الحسين شي ء آخر، ولئن كانت الاولي تعد للثانية وتؤهل الإنسان لها فهي بالتاكيد غير الثانية، و هذه العواطف والمجالس وسيلة واداة لتحقيق وتفعيل تلك المواريث في حياتنا وتاريخنا، وإن كان بعض المؤمنين يتصورون ان الارتباط بالحسين هو في إقامة المجالس والبكاء و خروج المسيرات الحسينية. إن زيارة (وارث) تبين لنا ان واقع و حقيقة الارتباط بالحسين بالمواريث التي نرثها منه ، كما ان ارتباط الحسين بالانبياء بالمواريث التي ورثها من آدم و نوح وابراهيم و موسي وعيسي والمصطفي (ص) والمرتضي ، و هذا هو ميراث الحسين من الانبياء وميراثنا من الحسين ، فكما ورث ابوعبدالله الحسين مواريث الدعوة والجهاد من سلفه الطاهر كذلك نرث نحن هذا الميراث الإلهي الكبير من الحسين. و هي هي حقيقة الارتباط و حقيقة الوارثة.
ويوم الطف هو واسطة العقد بيننا وبين هذه المسيرة الحضارية الربانية الكادحة علي وجه الارض، وبقدر ما نحمل من رسالة الحسين و دعوته و جهاده و مواقفه الشامخة الصلبة يكون ارتباطنا بالحسين و علاقتنا بيوم الطف؛ و عند ذلك يسهل قياس الارتباط والعلاقة بكربلاء، فإن المقاييس واضحة لا تقبل الخطا"
الآصفى هنا يجعل مجالس العزاء والبكاء وغير ذلك من مظاهر الحزن المزعومة هى الرباط بين الحسين والشيعة وهو كلام لو فكر فيه الشيعة لوجدوا أنه تكريس لوضع الهزيمة فبدلا من أن يقوموا بالانتصار على قوى الشر التى تسببت فى تلك المآسى المزعومة تركوها تترعرع وتكبر واكتفوا هم بالبكاء وإيذاء أنفسهم
وحدثنا الآصفى عن المواريث فقال :
"ماهي المواريث؟
وها نحن نقرا في هذه الزيارة المواريث التي ورثها الحسين من سلفه لنقيس انفسنا بها و علاقتنا بكربلاء. «اشهد انك قد اقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وامرت بالمعروف، و نهيت عن المنكر، واطعت الله ورسوله حتي اتاك اليقين».وتأتي هذه الشهادة للحسين بإقامة الصلاة عقيب التحية له بعنوان الوارث، و كان هذه الشهادة تأتي تأكيدا لوراثة الحسين، وتشخيصا للمواريث التي ورثها الحسين من سلفه: و هي: إقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، الامر بالمعروف، النهي عن المنكر، والطاعة لله و رسوله حتي اليقين، هذه مواريث الحسين من سلفه: و مواريثنا نحن من الحسين وترد هذه الشهادة للحسين: في اكثر الزيارات الحسينية المطلقة والمخصوصة، وكان هناك عناية خاصة بإبراز هذا البعد الموروث من ابعاد حركة الإمام الحسين والتنبيه إلي ان الارتباط به يتم بموجب هذه النقاط، و نورد بعض هذه الفقرات من الزيارات المطلقة والمخصوصة الواردة فيهما، ففي الزيارة المطلقة الثانية: «اشهد انك قد بلغت، ونصحت، ووفيت، واوفيت، وجاهدت في سبيل الله».والتبليغ والتضحية والوفاء للرسالة والإيفاء بالمسؤولية والجهاد في سبيل الله، وقريب من هذا المضمون في الزيارة المطلقة الثالثة والرابعة والسادسة والسابعة. و في مخصوصة الليلة الاولي من رجب: «اشهد انك قد امرت بالقسط والعدل، ودعوت إليهما، وانك صادق صديق، صدقت فيما دعوت إليه».و في مخصوصة ليلة النصف من رجب قريب من المضامين السابقة، و في مخصوصة ليالي القدر ويومي العيدين: «اشهد انك قد اقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وامرت بالمعروف، و نهيت عن المنكر، وتلوت الكتاب حق تلاوته، و جاهدت في الله حق جهاده، و صبرت علي الاذي في جنبه محتسبا حتي اتاك اليقين».
وتضاف هنا إلي قائمة المواريث الحسينية تلاوة الكتاب حق تلاوته، والجهاد في سبيل الله حق الجهاد، والصبر علي الاذي في جنب الله محتسبا حتي اليقين، وقريب منه في مخصوصة ليلة العيدين و مخصوصة ليلة عرفة ويومها. و بهذه الطريقة الإيحائية الرائعة تجعل هذه الزيارات الزائر في الاجواء الرسالية لكربلاء، والتي ورثها الحسين من سلفه الطاهرين: واورثها لخلفه الذين ياتون من بعده علي هداه و خطه."
وما قاله الآصفى عن شهادة أهل عصرنا ومن قبلهم ممن لم يشاهدوا الحسين هى شهادة زور فهم لم يروا شىء فكيف يشهدون على ما لم يروه فمثلهم كمثل الكفار الذين لم يشهدوا خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم ومع هذا يتحدثون عنهم حكايات وخرافات أنهم كان مع الله مساعدين فى الخلق حتى قال الله فيهم :
" ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا"
الشهادة تحتاج لرؤية أى علم ولذا قال الابن الأكبر لاخوته :
"وما شهدنا إلا بما علمنا"
الكتاب من تاليف محمد مهدى الآصفى
ويستهل الكتاب بمقدمة غريبة عن وارث الأنبياء(ًص)حيث يطلب له السلام والآصفى يقصد به الحسين فيقول:
"المقدمة
السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح نبي الله السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله السلام عليك يا وارث موسي كليم الله السلام عليك يا وارث عيسي روح الله السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله السلام عليك يا وارث امير المؤمنين ولي الله"
وهو كلام يخالف كتاب الله حيث جعل الله كل المسلمين ورثة للأنبياء(ص)أى ورثة لكتاب وهو وحى الله فقال:
"ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هوالفضل الكبير"
فالآية حتى لو فسرناها بأنهم الأنبياء(ص) فالحسن ليس نبيا ولو فسرناها بالمسلمين سيكون واحد من الناس الوارثين
وقد استهل الآصفى الكتاب بتعريف الوراثة فقال:
"الوراثة
مفهوم (الوارث) من ابرز المفاهيم الواردة في هذه الزيارة، وقد عرفت به الزيارة، ونقف هنا قليلا عند كلمة (الوراثة).
الوراثة البايولوجية:
وهي انتقال الخصائص الشخصية والاجتماعية من جيل إلي جيل اومن فئة إلي فئة او من شخص إلي شخص.
الوراثة الحضارية:
و كما تنتقل بالوراثة الخصائص الحياتية والعضوية من جيل إلي جيل كذلك تنتقل الخصائص الحضارية والثقافية من جيل إلي آخر، و من فئة اجتماعية إلي فئة اجتماعية اخري والوراثة والتكامل الحضاريان هما سلم الكمال في تاريخ الإنسان، والإنسان يتكون بالتدريج، وتتكون فيه خصائصه ومكوناته خلال تاريخ طويل. إننا عندما نلاحظ سلوكا اجتماعيا معينا او نموذجا معينا من الناس فإننا نلاحظ فيه اختزالا شديدا لتاريخ طويل من حياة الإنسان وحضارته وفكره وجهده ومعيشته، وكل منا يرث من حيث يشعر او لا يشعر اجيالا من اسلافه.
التاريخ الحضاري للانسان"
قطعا لا توجد وراثة جسمية لأننا من نفس الأبوين جميعا بدون استثناء ومع هذا هناك اختلافات كثيرة بيننا فى الكثير من الأمور ولا توجد وراثة حضارية بدليل أن الرسل(ص) أنفسهم معظمهم عاشوا فى حضارات كافرة ومع هذا هم من غيروها بإسلامهم وتركهم للحضارات الكافرة
وقد انتهى الآصفى من كلامه إلى التالى:
"فالإنسان: مجموعة من المواريث الحضارية التي ينقلها كل جيل إلي الجيل الذي ياتي من بعده، بعد ان يتلقاها من الجيل السابق وينميها ويطورها. وهكذا تتحرك الحضارة الإنسانية عبر الاجيال، وتنتقل من جيل إلي آخر، وتنمو وتتطور بموجب قانون الوراثة وتنتقل الافكار والعقائد والتصورات والاعراف والتقاليد والاخلاق من جيل إلي آخر، ولا يمكن ان تكون الحضارات مرة واحدة وفجاة وخلال جيل واحد، وانما تتكون بصورة تدريجية عبر قرون طويلة وخلال التاريخ"
وما قاله الآصفى يخالف أن الإنسان يولد صفحة بيضاء لا يعلم أى شىء كما قال تعالى:
" والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ومن ثم لا توجد مواريث حضارية وإنما يوجد تعليم من المجتمع لأفراده الصغار وهو ما عبر عنه الكفار بقولهم الذى قصه الله:
" إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون"
وحدثنا الرجل عن المواريث الجاهلية والإسلامية فقال:
"المواريث الحضارية بين الاسلام والجاهلية
هناك مجموعتان من المواريث الحضارية يتوارثهما الناس جيلا بعد جيل في جهتين متقابلتين: المواريث الحضارية الإلهية والمواريث الحضارية الجاهلية. ومواريث الحضارة الربانية في حياة الإنسان هي التي تلقاها الإنسان جيلا بعد جيل من الانبياء والمرسلين والصديقين، وترسخت وتاصلت خلال هذه المسافة الزمنية الطويلة في حياة الإنسان. إن الإيمان بالله تعالي والتسليم المطلق له تعالي وتعبيد الناس لله عز وجل وتحكيم شريعته في حياة الإنسان، ورفض الطاغوت والتمرد عليه و كسر شوكته و سلطانه و مجابهته بالنفس والمال وافلاذ الاكباد ليس ظاهرة جديدة في حياة الإنسان، و لا تخص مرحلة من مراحل حياة هذا الإنسان، وإنما هو ميراث اجتماعي ضخم يتوارثه الإنسان جيلا بعد جيل في تاريخه، ويتصل هذا الميراث الحضاري بأنبياء الله، ويمتد في حياة الإنسان عبر جهاد الانبياء و دعوتهم وتبليغهم له. وفي حياة كل نبي من الانبياء والمرسلين يزداد هذا الميراث الحضاري عمقا واصالة و نضجا عبر الصراع المستمر القائم بين هاتين الحضارتين، وعبر الجهود التي يتحملها الانبياء وانصارهم في حمل الدعوه وتبليغها إلي الناس؛ فتتبلور عبر هذه المسيرة الحضارية المفاهيم الرسالية اكثر من ذي قبل، ويتأصل الجهاد والدعوة إلي الله واصولها واساليبها في حياة الإنسان في خط تصاعدي. كما يصح العكس ايضا فتتصاعد الذنوب والمعاصي والإسراف والتكبر والاستكبار في الطرف الآخر، ويتعمق هذا الحقد في نفوسهم، وتتطور اساليبهم في مواجهة الدعاة إلي الله كلما تتسع الحضارة الجاهلية، وتنمو وتتطور بصورة تصاعدية مستمرة"
وبناء على ما سبق فالناس يتوارثون الأديان التى سماها الرجل الحضارات والحقيقة أنه ليس توارث بالمعنى المعروف ولكنه تقليد فى ظل أديان الكفار وأما فى الإسلام فهو تفكير فى الحق
وأعادنا الآصفى لنقطة المقدمة فرغم اقراره فى الفقرة بوراثة المسلمين بقوله" ومواريث الحضارة الربانية في حياة الإنسان هي التي تلقاها الإنسان جيلا بعد جيل من الانبياء والمرسلين والصديقين" وهى أن الحسين هى الوارث الوحيد للإسلام فقال:
"الحسين وارث الانبياء
وسيد الشهداء ابو عبدالله الحسين وارث هذه المسيرة الحضارية الربانية الضخمة التي تمتد عبر حياة وجهود ودعوة الانبياء والمرسلين والشهداء والصديقين ، وتأتي واقعة الطف امتدادا لهذا الجهاد التاريخي المستميت مع الجاهلية. إن الحسين يوم الطف كان امتدادا واختزالا وتأصيلا لهذه الحركة الربانية الممتدة في عمق التاريخ. وتأتي الخصائص الحسينية التي جسدتها واقعة الطف يوم عاشوراء امتدادا لهذه المواريث الحضارية والاخلاقية التي ورثها الحسين من اسلافه الطاهرين ـ الانبياء والمرسلين والشهداء والصديقين ـ فالإخلاص لله والتضحية والبذل والعطاء والشجاعة والصمود والصرامة والصبر وعزة النفس وإباء الضيم، والاستقامة في الدعوة إلي الله والتمرد علي الطاغوت والرفض والتسليم لله، وغير ذلك من الخصائص الحسينية التي تجسدت في معركة الطف؛ ليست خصائص وظواهر فردية، وإنما هي مواريث حضارية ورسالية عريقة ورثها الحسين من آبائه الطاهرين في هذه المسيرة الربانية من آدم صفوة الله، و نوح نبي الله، وإبراهيم خليل الله، و موسي كليم الله، و عيسي روح الله ، و من المصطفي رسول الله (ص)،ومن علي بن ابي طالب ولي الله. فالحسين حصيلة هذه المسيرة الحضارية الإلهية و نتيجتها و ثمرة هذه الشجرة المباركة وهذا هو سر اصالة و عراقة و قوة وقعة الطف وما تجلي فيها من خصائص الحركة الربانية في التاريخ و سر إستمرار و بقاء هذه الوقعة في التاريخ. كما ان الجيش الاموي كان يرث في ساحة الطف خصائص الجاهلية من الظلم والاستكبار والتهافت علي حطام الدنيا والقهر والقسوة والإرهاب والاضطهاد."
وكله ما قاله الرجل هو كلام يضرب المسيرة الشيعية نفسها فى مقتل فإذا كان الحسين هو الوارث الوحيد فبقية الأئمة لا قيمة لهم وهم لم يرثوا الوحى كما ورثه الحسين
والغريب أن الرجل يركز على واقعة الطف وحدها وكأن حياة الحسين قبلها لا تعنى أى شىء والرجل قبلها لم يرث شىء
وحدثنا عن الشجرتين الطيبة والخبيثة فقال:
"الشجرة الخبيثة والشجرة الطيبة في كتاب الله
وهذه المسيرة الحضارية هي الكلمة والشجرة الطيبة التي تضرب اصولها في عمق التاريخ، وتمتد فروعها إلي اعماق المستقبل، و هي ذات قرار مكين في الارض، تؤتي ثمارها بإذن الله كل حين، وهذه الشجرة ثابتة قوية لا تهزها الاعاصير والعواصف اما الحضارة الجاهلية فهي الكلمة الخبيثة والشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الارض مالها من قرار، ورغم قدمها فهي ضعيفة و مهزوزة و علي ارض رخوة وغير ذات قرار مكين تقتلعها الأعاصير وتلقي بها علي قارعة الطريق، يقول تعالي: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء - تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون - ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض مالها من قرار).ومن العجب ان هاتين الحضارتين تمتدان معا إلي اعماق التاريخ، إلي هابيل و قابيل، وتتكونان معا عبر الاجيال، ومع ذلك فهما تختلفان في العراقة والاصالة والثبات، فالحضارة الإلهية اصيلة عريقة ذات جذور قوية ثابتة وراسخة لا تحركها الاعاصير الهوجاء، والحضارة الجاهلية مهزوزة ضعيفة مبتورة الجذور مالها من قرار. و هذا هوالفارق بين هاتين الحضارتين اللتين يتوارثهما الإنسان."
وهذا الكلام هو تكرار لما قاله عن الجاهلية والإسلام ويحدثنا عن سر القوة فى الشجرة الطيبة فيقول:
"سر القوة والثبات في الشجرة الطيبة:
والسر في ذلك: ان الحضارة الإلهية تستمد حيوتها من العقل والضمير والقلب، والحضارة الجاهلية تستمد وجودها من الاهواء والشهوات، تلك تستمد كيانها من الإيمان والعقيدة، وهذه تستمد وجودها من الاحقاد والاهواء، تلك تستمد وجودها من الإيمان والتسليم لله، وهذه تستمد وجودها من اتباع الشيطان، تلك تختزل كل ما في حضارة الإنسان من قيم واخلاق و فضائل، وهذه تختزل كل ما في تاريخ الإنسان من احقاد وضغائن وشهوات. وهذا الفارق هو الذي يهب الاولي القوة والمتانة والثبات في وجه الاعاصير والهزات والابتلاءات، ويسلب الثانية القرار والثبات، ويدعهامهزوزة غير ذات قرار. ولذلك فإن الآية الكريمة تعقب علي هذا الاختلاف في الاصول والجذور بقوله تعالي: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء).فاولئك يمنحهم الله الثبات في القول في الحياة الدنيا و في الآخرة، و هؤلاء يسلبهم الله تعالي الثبات والهدي ويدعهم في الضلالة."
وما قاله الآصفى عن استمداد الحضارة الإلهية حيوتها من العقل والضمير والقلبه و خطأ فاحش فالرب لا يستمد من مخلوقاته شىء وإنما مخلوقاته تستمد العدل من وحيه كما قال تعالى :
" شرع لكم من الدين "
وعاد الرجل للحديث عن الحسين ومفهوم الوارث فى زيارته فقال:
"لماذا التأكيد لمفهوم الوارث في زيارة الحسين؟
لقد ورد في هذا المفهوم في اكثر من زيارة، وكان هناك عناية خاصة لدي اهل البيت في إبراز هذا المفهوم في حياة الحسين ؛ ذلك لان معركة الطف من اصدق مشاهد صراع الحضارات في التاريخ، لقد جسد الحسين الصراع بين الحق والباطل في كربلاء، فكانت معركة الطف تبلورا حقيقيا لهذا الصراع التاريخي بين الحق والباطل، ولذلك نجد في هذه المعركة انبل القيم والمفاهيم الربانية في طرف، واخس الرذائل والاهواء الشيطانية في طرف آخر، ويأتي تأكيد الوراثة في زيارة الحسين :اولا ـ للتنبيه علي عراقة واصالة الجهاد الحسيني، وانه ليس ظاهرة فردية في حياة الإمام الحسين ، وانما هي خاصية عريقة للمسيرة الإلهية علي وجه الارض، ورثها الحسين عمن كان قبله من الانبياء والائمة الدعاة إلي الله، و هذا هو سر قوة وصلابة الموقف الحسيني في كربلاء رغم عدم التكافؤ الواضح بين معسكر الحسين ومعسكر بني امية في كربلاء. و ثانيا ـ إذا كانت هذه الحركة بهذه الدرجة من الاصالة والعراقة والعمق والقوة والمتانة التاريخية فلابد ان تنتصر علي الجبهة المناوئة التي كان يتزعمها الحاكم الاموي يزيد بن معاوية. وليس الانتصار هنا بمعني الانتصار العسكري في ساحة القتال، فقد كان الجيش الاموي هو المنتصر في ساحة القتال إذا فسرنا الانتصار بهذا المعني الظاهري وانما الانتصار هنا بمعناه الرسالي وانتصار خط علي خط، و لاشك ان المعكسر الحسيني هو المعسكر المنتصر بهذا المعني من النصر، فإن العمق التاريخي والاصالة والعراقة والمتانة التي يملكها هذا الخط لابد وان يؤهله لنصر الله تعالي.
إن المعركة بين هاتين الجبهتين في كربلاء كانت معركة ميدانية و حضارية بالمعني العميق لهذه الكلمة، والفئة التي تنتصر هي التي تثبت امام الزوابع والاعاصير، وهي الفئة التي تستمد دوافعها من العقيدة والإيمان، وتمتد جذورها إلي اعماق التاريخ في حياة الانبياء والمرسلين و جهادهم و دعوتهم، و هذا هو سر انتصار الثورة الحسينية. ثالثا ـ لا تتوقف هذه المعركة عند وقعة الطف، فهي حلقة واحدة من سلسلة من المواقف الجهادية والتضحيات والبذل والعطاء في سبيل الله، تبدا منذ ايام نوح و قبله، وتمتد إلي ان ياذن الله تعالي بالاضمحلال الكامل للجاهلية علي وجه الارض. و سر دوام واستمرار هذه الحركة هو أصالتها و عراقتها وامتدادها العميق في الحضارة الإنسانية الصالحة، وليست هذه الحركة نبتة اجتثت من فوق الارض مالها من قرار، وانما هي شجرة طيبة ممتدة الجذور والأصول إلي اعماق تاريخ الإسلام والإيمان. وكما ورث الحسين هذا الميراث من ابيه المرتضي وجده المصطفي (ص) واسلافه الطاهرين من الانبياء المرسلين؛ فإن اجيال المؤمنين والمجاهدين والدعاة إلي الله تعالي سوف يرثون من الحسين هذا الميراث، ويتحركون علي خطاه ، ويرثون منه الخصائص والمواريث التي تجلت يوم عاشوراء في كربلاء. وهذا هو سر استمرارية الثورة الحسينية في كربلاء."
التركيز على واقعة الطف باعتبارها التجسيد الوحيد للصراع بين الحق والباطل هو كلام فارغ باطل وماذا إذا عن معارك النبى(ص) أو حتى عن معارك على ضد نفس الناس فى الطف
الرجل يخترع من عنده ما يبطل كل تاريخ الحق من أجل واقعة واحدة وعندما أدرك خطأ كون الحسين الوارث الوحيد جعل الناس شركاء أو ورثة الحسين فقال :
"آلية الارتباط و مادة الارتباط
الحسين وارث الانبياء والصالحين: ونحن ورثة الحسين ، وميراثنا الذي نرثه من الحسين هو مواريث الانبياء، وواسطة العقد في هذا الارتباط هو يوم الطف، فلابد لهذا الارتباط من ان يمر بمحطات تفعيل في التاريخ، تحافظ علي حرارة الخط وحيويته لئلا تضعف وتبرد، ويوم الطف عقد الواسطة و حلقة الارتباط، ولابد من هذه الحلقات في التاريخ لئلا ينقطع الخط. وهنا نواجه سؤالين: الاول: كيف نرتبط وماهي آلية الارتباط؟ الثاني: ماهي المواريث التي نرثها من الانبياء عبر يوم الطف؟ والسؤال الثاني غير السؤال الاول"
وعادة للكلام مرة أخرى عن واقعة الطف فقال:
"آلية الارتباط
مأساة الطف هي حلقة الارتباط، ولولا امثال هذه الايام لانقطع الخط، فهي تستقطب عواطف الجمهور واحاسيسهم وحبهم و ... وهذه العواطف والمشاعر هي آلية الارتباط والمحافظة علي قوة وحيوة وفاعلية الارتباط. والإحياء السنوي لذكري الحسين والبكاء وإقامة مجالس العزاء، و خروج مواكب العزاء في الشوارع ماهي إلا و سائل تعبير عن هذه العاطفة القوية التي يشعر بها المسلمون تجاه سيد الشهداء ، ولابد من هذه العاطفة ولابد من التعبير عن هذه العاطفة للإبقاء علي ارتباط الامة بكوكبة شهداء كربلاء، ولولا هذا الزخم العاطفي القوي لم تبق الثورة قوية و فاعلة في وجدان الامة إلي اليوم، ولذلك اكد اهل البيت: اهمية إقامة مجالس العزاء وتشجيع المسلمين علي البكاء علي مصاب الحسين ... ولكن ذلك كله ـ و رغم اهميته الكبيرة ـ ليس هو الميراث. إن طريقة التعبير عن عواطفنا تجاه مصاب الحسين شي ء، و مادة الارتباط والمواريث التي نرثها من الحسين شي ء آخر، ولئن كانت الاولي تعد للثانية وتؤهل الإنسان لها فهي بالتاكيد غير الثانية، و هذه العواطف والمجالس وسيلة واداة لتحقيق وتفعيل تلك المواريث في حياتنا وتاريخنا، وإن كان بعض المؤمنين يتصورون ان الارتباط بالحسين هو في إقامة المجالس والبكاء و خروج المسيرات الحسينية. إن زيارة (وارث) تبين لنا ان واقع و حقيقة الارتباط بالحسين بالمواريث التي نرثها منه ، كما ان ارتباط الحسين بالانبياء بالمواريث التي ورثها من آدم و نوح وابراهيم و موسي وعيسي والمصطفي (ص) والمرتضي ، و هذا هو ميراث الحسين من الانبياء وميراثنا من الحسين ، فكما ورث ابوعبدالله الحسين مواريث الدعوة والجهاد من سلفه الطاهر كذلك نرث نحن هذا الميراث الإلهي الكبير من الحسين. و هي هي حقيقة الارتباط و حقيقة الوارثة.
ويوم الطف هو واسطة العقد بيننا وبين هذه المسيرة الحضارية الربانية الكادحة علي وجه الارض، وبقدر ما نحمل من رسالة الحسين و دعوته و جهاده و مواقفه الشامخة الصلبة يكون ارتباطنا بالحسين و علاقتنا بيوم الطف؛ و عند ذلك يسهل قياس الارتباط والعلاقة بكربلاء، فإن المقاييس واضحة لا تقبل الخطا"
الآصفى هنا يجعل مجالس العزاء والبكاء وغير ذلك من مظاهر الحزن المزعومة هى الرباط بين الحسين والشيعة وهو كلام لو فكر فيه الشيعة لوجدوا أنه تكريس لوضع الهزيمة فبدلا من أن يقوموا بالانتصار على قوى الشر التى تسببت فى تلك المآسى المزعومة تركوها تترعرع وتكبر واكتفوا هم بالبكاء وإيذاء أنفسهم
وحدثنا الآصفى عن المواريث فقال :
"ماهي المواريث؟
وها نحن نقرا في هذه الزيارة المواريث التي ورثها الحسين من سلفه لنقيس انفسنا بها و علاقتنا بكربلاء. «اشهد انك قد اقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وامرت بالمعروف، و نهيت عن المنكر، واطعت الله ورسوله حتي اتاك اليقين».وتأتي هذه الشهادة للحسين بإقامة الصلاة عقيب التحية له بعنوان الوارث، و كان هذه الشهادة تأتي تأكيدا لوراثة الحسين، وتشخيصا للمواريث التي ورثها الحسين من سلفه: و هي: إقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، الامر بالمعروف، النهي عن المنكر، والطاعة لله و رسوله حتي اليقين، هذه مواريث الحسين من سلفه: و مواريثنا نحن من الحسين وترد هذه الشهادة للحسين: في اكثر الزيارات الحسينية المطلقة والمخصوصة، وكان هناك عناية خاصة بإبراز هذا البعد الموروث من ابعاد حركة الإمام الحسين والتنبيه إلي ان الارتباط به يتم بموجب هذه النقاط، و نورد بعض هذه الفقرات من الزيارات المطلقة والمخصوصة الواردة فيهما، ففي الزيارة المطلقة الثانية: «اشهد انك قد بلغت، ونصحت، ووفيت، واوفيت، وجاهدت في سبيل الله».والتبليغ والتضحية والوفاء للرسالة والإيفاء بالمسؤولية والجهاد في سبيل الله، وقريب من هذا المضمون في الزيارة المطلقة الثالثة والرابعة والسادسة والسابعة. و في مخصوصة الليلة الاولي من رجب: «اشهد انك قد امرت بالقسط والعدل، ودعوت إليهما، وانك صادق صديق، صدقت فيما دعوت إليه».و في مخصوصة ليلة النصف من رجب قريب من المضامين السابقة، و في مخصوصة ليالي القدر ويومي العيدين: «اشهد انك قد اقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وامرت بالمعروف، و نهيت عن المنكر، وتلوت الكتاب حق تلاوته، و جاهدت في الله حق جهاده، و صبرت علي الاذي في جنبه محتسبا حتي اتاك اليقين».
وتضاف هنا إلي قائمة المواريث الحسينية تلاوة الكتاب حق تلاوته، والجهاد في سبيل الله حق الجهاد، والصبر علي الاذي في جنب الله محتسبا حتي اليقين، وقريب منه في مخصوصة ليلة العيدين و مخصوصة ليلة عرفة ويومها. و بهذه الطريقة الإيحائية الرائعة تجعل هذه الزيارات الزائر في الاجواء الرسالية لكربلاء، والتي ورثها الحسين من سلفه الطاهرين: واورثها لخلفه الذين ياتون من بعده علي هداه و خطه."
وما قاله الآصفى عن شهادة أهل عصرنا ومن قبلهم ممن لم يشاهدوا الحسين هى شهادة زور فهم لم يروا شىء فكيف يشهدون على ما لم يروه فمثلهم كمثل الكفار الذين لم يشهدوا خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم ومع هذا يتحدثون عنهم حكايات وخرافات أنهم كان مع الله مساعدين فى الخلق حتى قال الله فيهم :
" ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا"
الشهادة تحتاج لرؤية أى علم ولذا قال الابن الأكبر لاخوته :
"وما شهدنا إلا بما علمنا"
رضا البطاوى- عضو ممتاز
-
عدد الرسائل : 3617
العمر : 56
العمل : معلم
تاريخ التسجيل : 18/07/2011
مواضيع مماثلة
» قراءة فى كتاب حفظ الأسرار
» قراءة في كتاب المسترجلة
» قراءة فى كتاب الآن يا عمر
» قراءة في كتاب القوامة
» قراءة فى كتاب لا تغضب
» قراءة في كتاب المسترجلة
» قراءة فى كتاب الآن يا عمر
» قراءة في كتاب القوامة
» قراءة فى كتاب لا تغضب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى