نقد كتاب أقسام المولى في اللسان
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب أقسام المولى في اللسان
نقد كتاب أقسام المولى في اللسان
الكتاب من تـأليف الشيخ المفيد
استهل الرجل كتابه بذكر أن كلمة المولى لها عشرة أوجه أى معانى فقال:
"المولى ينقسم في اللغة على عشرة أوجه "
وبعد هذا بدأ بأول المعانى من كتاب الله فقال:
أولها الأولى وهو والأصل والعماد الذي ترجع إليه المعاني في باقي الأقسام قال الله تعالى في سورة الحديد فاليوم لا يؤخذ منكم فدية و لا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم و بئس المصير يريد جل اسمه هي أولى بكم على ما جاء في التفسير و ذكره أهل اللغة المحققون قال لبيد
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وامامها
يريد أولى المخافة و لسنا نعلم من أهل اللغة في المعنى خلافا "
المعنى هنا ليس أولى بكم وإنما المعنى هى ناصركم المعذب لكم وهى سخرية من الكفار
ثم ذكر المعنى الثانى وهو:
"والثاني مالك الرق قال الله تعالى ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شي ء و هو كل على مولاه يريد مالكه والأمر في هذا المعنى أبين من أن يحتاج فيه إلى الاستشهاد "
وكلامه صحيح ثم بين بعض معانى المولى فقال :
" والثالث المعتق والرابع المعتق والخامس ابن العم قال الشاعر
مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنشروا بيننا ما كان مدفونا"
والرجل هنا يقول أن المولى الثالث من مالك الرق الذى يعتق الرقيق والرابع المعتق وهو الرقيق نفسه وإلا كان الثالث والرابع معناها واحد والخامس عنده المولى بمعنى القريب كابن العم كما فى بيت الشعر
ثم ذكر المعنى السادس فقال:
"والسادس الناصر قال الله جل و عز ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولى لهم يريد لا ناصر لهم "
ثم السابع وهو :
"والسابع المتولي يتضمن الجريرة و يحوز الميراث "
ثم ذكر الثامن والتاسع والعاشر فقال:
" والثامن الحليف والتاسع الجار والعاشر الإمام السيد المطاع"
وهذه المعانى هى حسب السياقات التى تستخدم فيها وما ذكره فيه نسيان امعانى اخرى مثل :
الفرد أو المخلوق أو الإنسان كما فى قوله تعالى :
"يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا"
ثم قال المفيد :
وهذه الأقسام التسعة بعد الأولى إذا تؤمل المعنى فيها وجد راجعا إلى الأولى ومأخوذا منه لأن مالك الرق لما كان أولى بتدبير عبده من غيره كان مولاه والمعتق لما كان أولى بميراث المعتق من غيره كان لذلك مولاه والمعتق لما كان أولى بمعتقه في تحمل جريرته واتصف به ممن أعتقه غيره كان مولاه أيضا لذلك وابن العم لما كان أولى بالميراث ممن بعد عن نسبه واولى بنصرة ابن عمه من الأجنبي كان مولى لأجل ذلك والناصر لما اختص بالنصرة فصار بها أولى كان من أجل ذلك مولى والمتولي لتضمن الجريرة لما ألزم نفسه ما يلزم المعتق كان بذلك أولى ممن لم يقبل الولاء و صار به أولى لميراثه فكان لذلك مولى والحليف لاحق في معناه بالمتولي فلهذا السبب كان مولى والجار لما كان أولى بنصرة جاره ممن بعد عن داره واولى بالشفعة في عقاره فلذا كان أولى والإمام المطاع لما كان له من طاعة الرعية و تدبيرهم ما يماثل الواجب بملك الرق كان لذلك أولى فصار جميع المعاني فيما حددناه يرجع إلى معنى الأولى و يكشف عن نتيجة ما ذكرناه في حقيقته ووصفناه "
وفى الكلام أخطاء هى :
الأول أن المعتق أولى بميراث المعتق من غيره وهو ما يخالف كتاب الله فى ان الورثة هم أولى الأرحام والمالك السابق للمعتوق لا يرثه لقوله تعالى " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض "
الثانى أن المعتق أولى بمعتقه في تحمل جريرته وهو كلام مخالف لكتاب الله فلا أحد يتحمل جريرة أى وزر أحد أخر لا فى الدنيا ولا فى الأخرة كما قال تعالى " ولا تزر وزارة وزر أخرى"
الثالث أن ابن العم اولى بنصرة ابن عمه من الأجنبي وهو ما يخالف أن النصرة لصاحب الحق وليس للقريب وهو المسلم أيا كان كما قال تعالى:
" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"
الرابع أن الجار أولى بنصرة جاره فالمسلم لا ينصر إلا صاحب حق وفى الرواية انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال تمنعه من الظلك فذلك نصرك إياه"
وبعد هذا تحدث المفيد عن أهل السنة يكذبون المعنى الأول فقال:
"وقد حمل العناد الناصبة على أن جحد بعضهم أن يكون الأولى أحد أقسام المولى أو يحصل ذلك في معناه واعترف بعضهم أنفة من العناد وادعوا أنه مجاز من الأقسام وفيما قدمناه من الدليل على أنه الأصل والعماد بيان فضيحة هؤلاء الأوغاد على أنه لا فصل بينهم و بين من جحد الأقسام التسعة واقتصر به على الأول فادعى فيها الاستعارة والمجاز بل هو بهذه الدعوى أقرب إلى الصواب لما شرحناه"
وكلام المفيد بلا أدلة فلم يذكر نصوص السنة النافية للمعنى الأول وهو معنى لو فهمه الرجل لما قاله فكون النار مولى الكفار هى المعذبة لهم معنى لا يتضمن معنى النصرة فالنصرة أن تمنع الأذى بينما النصرة فى النار ان تصيب بالأذى الكفار والله هنا يسخر من الكفار بذكر معنى المولى
ثم حدثنا المفيد بحديث غديرلا خم كدليل على نصرة على فقال :
"باب طرف من الاستدلال على إمامة أمير المؤمنين بما استفاض عن النبي (ص) في يوم الغدير من المقال
قد أجمع حملة الأخبار واتفق نقلة الآثار على أن النبي (ص) جمع الناس بغدير خم عند مرجعه من حجة الوداع ثم واجه جماعتهم بالخطاب
فقال ألست أولى بكم منكم فلما أذعنوا له بالإقرار قال لهم على النسق من غير فصل في الكلام فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله
فقررهم (ص) على فرض طاعته عليهم بصريح الكلام ثم عطف على اللفظ الخاص بما ينطوي على معناه و جاء فيه بحرف العطف من الفاء التي لا يبتدأ بها الكلام فدل على أنه الأولى دون ما سواه لما ثبت من حكمته واراد به البيان إذ لو لم يرد ذلك واراد ما عداه لكان مستأنفا لمقال لا تعلق له بالمتقدم جاعلا لحرف العطف حرف الاستئناف وهذا ما لا يقع إلا من أحد نفسين أحدهما جاهل باللغة والكلام والآخر قاصد إلى التعمية والألغاز ورسول الله (ص) يجل عن الوصفين و ينزه عن النقص في الصفات وشيء آخر لا يخلو رسول الله (ص) فيما يلفظ به من عبارة مولى من وجهين لا ثالث لهما على البيان إما أن يكون مراده فيه المعنى الذي قرر به الأنام من فرض الطاعة على ما ذكرناه أو يكون أراد غيره من الأقسام فإن كان مراده من ذلك فرض طاعته على الأنام فه والذي نذهب إليه و قد صحت الإمامة لأمير المؤمنين وان كان مراده سواه من الأقسام فقد عبر عن مراده بكلام يحتمل خلاف ما أراد و ليس في العقل دليل على ما أراد و هذا ما لا يقع إلا من جاهل ناقص عاجز عن البيان أو متعمد لإضلال المخاطبين عن الغرض و عدوله عن الإفهام و قد أجل الله نبيه عن هذين القسمين واشباههما من النقص عن الكمال و شي ء آخر هو اذا كان لفظ مولى ينقسم على عشرة أقسام ثم اعتبرنا ثمانية منها فأخرج لنا الاعتبار أن النبي (ص) لم يقصد إلى شي ء منها ولم يرده على وجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب ثبت أنه (ص) أراد الخارج عنها من الأقسام أو بعضه كائنا ما كان لا محالة إذ كان لا يخلو كلامه ص من مراد و هذا مما لا شك فيه و لا ارتياب فنظرنا في القسم الذي يلي الأول على ما رتبناه و هو مالك الرق فوجدناه مما لا يجوز أن يقصده النبي ع لأنه لم يكن علي مالكا لرق كل من ملك النبي ص رقه فيكون بذلك مولى من كان مولاه و نظرنا في الذي يليه وهو المعتق وكان القول فيه كالقول في مالك الرق سواء لأن أمير المؤمنين لم يكن معتقا لكل من أعتقه النبي ص من الرق فيكون لذلك مولاه و لا كان معتقا من رق و لا الرسول كذلك حاشاهما من ذلك ولم يجز أن يعني من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه لأن هذا لغو من الكلام مع معرفة الجميع بأن عليا ابن عم الرسول (ص) و علمهم يقينا بالاضطرار بأن ابن عم الرجل وابن عم جميع بني عمه على كل حال و لا يجوز أن يريد الناصر لأن المسلمين كلهم أنصار من نصره النبي (ص) فلا معنى لتخصيصه من الجماعة بما قد شاركته فيه على البيان لأن هذا ه والعبث في الفعل واللغو في الكلام و لم يكن كل من تولى النبي ع تولى عليا و لا يجوز أن يخبر بذلك كله لتنافي الكلام و لا يجب أن يكون قد أوجبه لأمرين الأول أنه خاطب الكافة ولم يكونوا بأسرهم أولياء على معنى الاعتزاء إليه بضمان الجرائر واستحقاق الميراث والثاني للاتفاق على أن ذلك لم يكن واجبا في شي ء من الأزمان و لا يجوز أن يكون قصد معنى الحليف لأنه لم يكن ع حليفا لجميع حلفاء النبي (ص) و لا معنى لإرادته بلفظ مولى الجار لأنه قد كان معروفا عند جميع من عرف منزلة علي أنه جار من جاوره النبي (ص) في الدار بحلوله معه في المكان و لا إذا افترقا بالأسفار و لم يجب أن يكون علي جارا لجيران النبي (ص) و كان الخبر عن ذلك كذبا من الأخبار مع أنه لو كان حقا لم يكن فيه فائدة توجب جمع الناس لها و تقريرهم على الطاعة و تعظيم الشأن فلم يبق إلا أنه ما أراد بقوله من كنت مولاه فعلي مولاه إلا الإمامة التي يعبر عنها تارة بلفظ أولى ويعبر عنها بصريح فرض الطاعة فإنه أحرى وهذا واضح البرهان"
المفيد هنا تناول مسألة دلالة الرواية على ما يريد من كون على مولى المؤمنين وهو كلام لا يفيد اختصاص على بشىء دون المؤمنين لأن كل المسلمين موالى أى أولياء لبعض كما قال تعالى:
"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"
ومن ثم لا يوجد دليل على مسألة الإمامة أى الخلافة بعد النبى(ص)
وبعد هذا استشهد المفيد بأقوال الشعراء على المعنى فقال:
"باب شواهد الإمامة من هذا المقال بشعر الفصحاء من الشعراء:
ومما يدل على ما ذكرناه ما تواترت به الأخبار أن حسان بن ثابت شاعر رسول الله ص استأذن النبي (ص) في يوم الغدير أن يقول شعرا في ذلك المقام فأذن له فأنشأ يقول
يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم واسمع بالرسول مناديا
فقال و من مولاكم ووليكم فقالوا و لم يبدوا هناك التعاديا
إلهك مولانا وانت نبينا فلن تجدن منا لك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني رضيتك من بعدي إماما و هاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه و كن للذي عادى عليا معاديا
فقال له النبي (ص) لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك
فلولا أن النبي (ص) أراد بما ذكره في ذلك المقام النص على إمامة أمير المؤمنين على حسب ما صرح به حسان في هذا المقال لما دعا له النبي ص بالتأييد و مدحة من أجله واثنى عليه و لو كان عليه واله السلام عنى غيره من أقسام المولى لأنكر على حسان و لم يقره على ما اعتقده فيه و بين له غلطه فيما حكاه لأنه محال مع نصب الله تعالى نبيه للبيان أن يشهد بصحة الباطل و هو على الضلال أن يمدح على الغلط من الاعتقاد و في شهادته (ص) بصدق حسان فيما حكاه و نظمه الكلام بمدحه عليه و دعائه له بالتأييد من أجله على ما بيناه دليل على صحة ما ذكرناه و شاهد على أن المولى عبارة في اللغة عن الإمام لفهم حسان والجماعة ذلك منها بما شرحناه "
رواية حسان فيها ما فيها ولكن كيف علم النبى(ص) أنه يموت أولا ثم عليا بعده وكيف علم الكسب فى الغد وهو إمامة على والموت من الغيب الذى لا يعلمه إلا الله كما قال تعالى:
"إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت"
النبى (ص) لا يعلم الغيب كما قال " ولا أعلم الغيب" وكما قال " لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الهير وما مسنى السوء"
إذا رواية حسان موضوعة منحولة ثم قال المفيد:
"ومن ذلك ما تطابقت به الأخبار و نقله رواة السير والآثار و دونه حملة العربية والأشعار من قول قيس بن سعد بن عبادة سيد نقباء رسول الله (ص) من الأنصار و معه راية أمير المؤمنين و هو بين يديه بصفين في قصيدته اللامية التي أولها
قلت لما بغى العدو علينا حسبنا ربنا و نعم الوكيل
حسبنا ربنا الذي فتح البصرة بالأمس والحديث طويل
حتى انتهى إلى قوله:
وعلي إمامنا وامام لسوانا أتى به التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه فهذا مولاه خطب جليل
إن ما قاله النبي على الأمة حتم ما فيه قال و قيل
وفي هذا الشعر دليلان على ما ذكرناه أحدهما أن المولى يتضمن الإمامة عند أهل اللسان للاتفاق على فصاحة قيس وانه لا يجوز عليه أن يعبر عن معنى ما لا يقع عليه من اللفظ عند أهل الفصاحة لا سيما في النظم الذي يعتمد صاحبه فيه الفصاحة والبيان والثاني إقرار أمير المؤمنين قيسا و ترك نكيره وهو ينشد بحضرته ويشهد بالإمامة له و يحتج به على الأعداء وامير المؤمنين ممن لا يقر على باطل ولا يمسك عن الإنكار لا سيما مع ارتفاع التقية عنه و تمكنه من الإنكار"
نغس ما قيل فى رواية حسان يقال فى رواية قيس فهى موضوعة لعدم علم النبى(ص) بالغيب خاصة غيب الموت
ومن ذلك احتجاج أمير المؤمنين لنفسه بذلك في جوابه لمعاوية عن كتابه إليه من الشام و قد رام الافتخار فقال :
أعلي يفتخر ابن آكلة الأكباد ثم قال لعبيد الله بن أبي رافع اكتب
محمد النبي أخي وصنوي وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يمسي ويضحي يطير مع الملائكة ابن أمي و بنت محمد سكني وعرسي فخالط لحمها بدمي و لحمي وسبطا أحمد ولداي منها فأيكم له سهم كسهمي سبقتكم إلى الإسلام طرا صغيرا ما بلغت أوان حلمي
واوجب لي ولايته عليكم رسول الله يوم غدير خم
فأوجب الحجة على خصمه بالإمامة على الجماعة فقال النبي (ص) فيه يوم الغدير ما قال و هذا الشعر منقول عنه على الظاهر والانتشار "
الكلام هنا متناقص فلو كان على أخو محمد(ص) ما زوجه ابنته لأنه فى تلك الحالة محرم عليها لكونه عمها والرواية كمعظم الروايات موضوعة ثم ذكر الرواية التالية:
"ومما يدل على ما ذكرناه أيضا في هذا الباب قول الأخطل و هو رجل نصراني لا يتحيز إلى فرقة من فرق الإسلام و لا يتهم بالعصبية للشعر للشيعة و لا يطعن عليه في العلم باللسان في قصيدته التي يمدح فيها عبد الملك بن مروان فقد علمت الكافة عداوته لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب
فما وجدت فيها قريش لأمرها أعف واوفى من أبيك وامجدا
فأورى بزنديه و لو كان غيره غداة اختلاف الناس يوري لأصلدا
فأصبحت مولاها من الناس كلهم واحرى قريش أن تهاب و تحمدا
فمدحه بالإمامة و رئاسة الجماعة واقتصر في العبارة على ذلك وانه أولى به من الناس كافة على لفظة مولى لإفادتها في اللغة و معرفة أهلها بأنها عبارة عنه و دالة على معناه و هذا بين لا خفاء فيه على منصف و لا ارتياب فيه "
والاستدلال بكلام نصرانى على حكم إسلامى لا يجوز لأن كلام المسلم نفسه ليس دليلا على حكم وإنما الحكم لله وحده
ثم قال المفيد:
"وهذا الكميت بن زيد الأسدي وان لم يكن الحجة به في اللغة كحسان وقيس بن سعد فإنه لا حجة فيها على حال و قد أجمع أهل العلم بالعربية على فضله و ثقته في روايته لها واستشهدوا بشعره على صحة بعض ما اختلف منها و قال الأعرابي كان الكميت بن زيد أعرف الناس بلغات العرب واشعارها و كان أوكد ما دعاه إلى التشيع والقول بالنص على إمامة أمير المؤمنين قول النبي ص يوم الغدير من كنت مولاه فعلي مولاه
وذلك قوله في قصيدته العينية
ويوم الدوح دوح غدير خم أبان له الولاية ل واطيعا
ولكن الرجال تبايعوها فلم أر مثلها خطرا مبيعا
فلولا أن لفظة مولى تفيد الإمامة لما جاز من الكميت وهو من أهل المعرفة باللغة بحيث ما وصفناه أن يحكم لأمير المؤمنين بالإمامة بها و لا أن يحتج بذلك في شعره والطريق إلى العلم بمقداره في المعرفة باللسان و يجعله في نظمه الذي تسير عنه الركبان عند الناصبة في الاعتقاد والشبهة به داخلة عليه في باب الاستدلال كيف يجوز أن تلحقه التهمة في الجهل بالعربية عند الخاصة والعامة من الناس و كيف يجوز أن يعرف بالعصبية في هذا الباب فإنه حمل لفظا عربيا غير محتمل عند أهله على الوجوه كلها والأسباب ولم يوجد أحد من نظرائه فعل مثل ذلك لعصبية ولا عناد ولئن جاز هذا عليه مع ما وصفناه ليجوزن على جرير والفرزدق والأخطل بل على لبيد و زهير وامرئ القيس حتى لا يصح الاستشهاد بشي ء من أشعارهم على غريب القرآن و لا على لغة و لا على إعراب و هذا قول من صار إليه ظهر جهله عند العقلاء فصح مما أثبتناه من هذه الأشعار و دلائلها ما ذكرناه من برهان قول رسول الله (ص) على إمامة أمير المؤمنين "
وما ذكره المفيد من جواز الاستشهاد على معانى القرآن يأقوال الشهراء والفصحاء هو ضرب من الخبل اشتركت فيه الشيعة والسنة وغيرهم فقد تركوا كتاب الله الذى يفسر بعضه بعضا إلى كلام المخلوقين الذين يكذبون خاصة الشعراء
اللفظ مولاكم فى القرآن لا يدل على الإمامة وإنما معناه النصرة ولو كانت النار مولى الكفار بمعنى إمامهم فهذا كلام جنونى فالنار ليست رئيسة لهم لأن مهمة الرئيس هى نصرة أصحابه والكفار وهم أصحابه يذلون ولا ينصرون
الكتاب من تـأليف الشيخ المفيد
استهل الرجل كتابه بذكر أن كلمة المولى لها عشرة أوجه أى معانى فقال:
"المولى ينقسم في اللغة على عشرة أوجه "
وبعد هذا بدأ بأول المعانى من كتاب الله فقال:
أولها الأولى وهو والأصل والعماد الذي ترجع إليه المعاني في باقي الأقسام قال الله تعالى في سورة الحديد فاليوم لا يؤخذ منكم فدية و لا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم و بئس المصير يريد جل اسمه هي أولى بكم على ما جاء في التفسير و ذكره أهل اللغة المحققون قال لبيد
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وامامها
يريد أولى المخافة و لسنا نعلم من أهل اللغة في المعنى خلافا "
المعنى هنا ليس أولى بكم وإنما المعنى هى ناصركم المعذب لكم وهى سخرية من الكفار
ثم ذكر المعنى الثانى وهو:
"والثاني مالك الرق قال الله تعالى ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شي ء و هو كل على مولاه يريد مالكه والأمر في هذا المعنى أبين من أن يحتاج فيه إلى الاستشهاد "
وكلامه صحيح ثم بين بعض معانى المولى فقال :
" والثالث المعتق والرابع المعتق والخامس ابن العم قال الشاعر
مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنشروا بيننا ما كان مدفونا"
والرجل هنا يقول أن المولى الثالث من مالك الرق الذى يعتق الرقيق والرابع المعتق وهو الرقيق نفسه وإلا كان الثالث والرابع معناها واحد والخامس عنده المولى بمعنى القريب كابن العم كما فى بيت الشعر
ثم ذكر المعنى السادس فقال:
"والسادس الناصر قال الله جل و عز ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولى لهم يريد لا ناصر لهم "
ثم السابع وهو :
"والسابع المتولي يتضمن الجريرة و يحوز الميراث "
ثم ذكر الثامن والتاسع والعاشر فقال:
" والثامن الحليف والتاسع الجار والعاشر الإمام السيد المطاع"
وهذه المعانى هى حسب السياقات التى تستخدم فيها وما ذكره فيه نسيان امعانى اخرى مثل :
الفرد أو المخلوق أو الإنسان كما فى قوله تعالى :
"يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا"
ثم قال المفيد :
وهذه الأقسام التسعة بعد الأولى إذا تؤمل المعنى فيها وجد راجعا إلى الأولى ومأخوذا منه لأن مالك الرق لما كان أولى بتدبير عبده من غيره كان مولاه والمعتق لما كان أولى بميراث المعتق من غيره كان لذلك مولاه والمعتق لما كان أولى بمعتقه في تحمل جريرته واتصف به ممن أعتقه غيره كان مولاه أيضا لذلك وابن العم لما كان أولى بالميراث ممن بعد عن نسبه واولى بنصرة ابن عمه من الأجنبي كان مولى لأجل ذلك والناصر لما اختص بالنصرة فصار بها أولى كان من أجل ذلك مولى والمتولي لتضمن الجريرة لما ألزم نفسه ما يلزم المعتق كان بذلك أولى ممن لم يقبل الولاء و صار به أولى لميراثه فكان لذلك مولى والحليف لاحق في معناه بالمتولي فلهذا السبب كان مولى والجار لما كان أولى بنصرة جاره ممن بعد عن داره واولى بالشفعة في عقاره فلذا كان أولى والإمام المطاع لما كان له من طاعة الرعية و تدبيرهم ما يماثل الواجب بملك الرق كان لذلك أولى فصار جميع المعاني فيما حددناه يرجع إلى معنى الأولى و يكشف عن نتيجة ما ذكرناه في حقيقته ووصفناه "
وفى الكلام أخطاء هى :
الأول أن المعتق أولى بميراث المعتق من غيره وهو ما يخالف كتاب الله فى ان الورثة هم أولى الأرحام والمالك السابق للمعتوق لا يرثه لقوله تعالى " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض "
الثانى أن المعتق أولى بمعتقه في تحمل جريرته وهو كلام مخالف لكتاب الله فلا أحد يتحمل جريرة أى وزر أحد أخر لا فى الدنيا ولا فى الأخرة كما قال تعالى " ولا تزر وزارة وزر أخرى"
الثالث أن ابن العم اولى بنصرة ابن عمه من الأجنبي وهو ما يخالف أن النصرة لصاحب الحق وليس للقريب وهو المسلم أيا كان كما قال تعالى:
" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"
الرابع أن الجار أولى بنصرة جاره فالمسلم لا ينصر إلا صاحب حق وفى الرواية انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال تمنعه من الظلك فذلك نصرك إياه"
وبعد هذا تحدث المفيد عن أهل السنة يكذبون المعنى الأول فقال:
"وقد حمل العناد الناصبة على أن جحد بعضهم أن يكون الأولى أحد أقسام المولى أو يحصل ذلك في معناه واعترف بعضهم أنفة من العناد وادعوا أنه مجاز من الأقسام وفيما قدمناه من الدليل على أنه الأصل والعماد بيان فضيحة هؤلاء الأوغاد على أنه لا فصل بينهم و بين من جحد الأقسام التسعة واقتصر به على الأول فادعى فيها الاستعارة والمجاز بل هو بهذه الدعوى أقرب إلى الصواب لما شرحناه"
وكلام المفيد بلا أدلة فلم يذكر نصوص السنة النافية للمعنى الأول وهو معنى لو فهمه الرجل لما قاله فكون النار مولى الكفار هى المعذبة لهم معنى لا يتضمن معنى النصرة فالنصرة أن تمنع الأذى بينما النصرة فى النار ان تصيب بالأذى الكفار والله هنا يسخر من الكفار بذكر معنى المولى
ثم حدثنا المفيد بحديث غديرلا خم كدليل على نصرة على فقال :
"باب طرف من الاستدلال على إمامة أمير المؤمنين بما استفاض عن النبي (ص) في يوم الغدير من المقال
قد أجمع حملة الأخبار واتفق نقلة الآثار على أن النبي (ص) جمع الناس بغدير خم عند مرجعه من حجة الوداع ثم واجه جماعتهم بالخطاب
فقال ألست أولى بكم منكم فلما أذعنوا له بالإقرار قال لهم على النسق من غير فصل في الكلام فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله
فقررهم (ص) على فرض طاعته عليهم بصريح الكلام ثم عطف على اللفظ الخاص بما ينطوي على معناه و جاء فيه بحرف العطف من الفاء التي لا يبتدأ بها الكلام فدل على أنه الأولى دون ما سواه لما ثبت من حكمته واراد به البيان إذ لو لم يرد ذلك واراد ما عداه لكان مستأنفا لمقال لا تعلق له بالمتقدم جاعلا لحرف العطف حرف الاستئناف وهذا ما لا يقع إلا من أحد نفسين أحدهما جاهل باللغة والكلام والآخر قاصد إلى التعمية والألغاز ورسول الله (ص) يجل عن الوصفين و ينزه عن النقص في الصفات وشيء آخر لا يخلو رسول الله (ص) فيما يلفظ به من عبارة مولى من وجهين لا ثالث لهما على البيان إما أن يكون مراده فيه المعنى الذي قرر به الأنام من فرض الطاعة على ما ذكرناه أو يكون أراد غيره من الأقسام فإن كان مراده من ذلك فرض طاعته على الأنام فه والذي نذهب إليه و قد صحت الإمامة لأمير المؤمنين وان كان مراده سواه من الأقسام فقد عبر عن مراده بكلام يحتمل خلاف ما أراد و ليس في العقل دليل على ما أراد و هذا ما لا يقع إلا من جاهل ناقص عاجز عن البيان أو متعمد لإضلال المخاطبين عن الغرض و عدوله عن الإفهام و قد أجل الله نبيه عن هذين القسمين واشباههما من النقص عن الكمال و شي ء آخر هو اذا كان لفظ مولى ينقسم على عشرة أقسام ثم اعتبرنا ثمانية منها فأخرج لنا الاعتبار أن النبي (ص) لم يقصد إلى شي ء منها ولم يرده على وجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب ثبت أنه (ص) أراد الخارج عنها من الأقسام أو بعضه كائنا ما كان لا محالة إذ كان لا يخلو كلامه ص من مراد و هذا مما لا شك فيه و لا ارتياب فنظرنا في القسم الذي يلي الأول على ما رتبناه و هو مالك الرق فوجدناه مما لا يجوز أن يقصده النبي ع لأنه لم يكن علي مالكا لرق كل من ملك النبي ص رقه فيكون بذلك مولى من كان مولاه و نظرنا في الذي يليه وهو المعتق وكان القول فيه كالقول في مالك الرق سواء لأن أمير المؤمنين لم يكن معتقا لكل من أعتقه النبي ص من الرق فيكون لذلك مولاه و لا كان معتقا من رق و لا الرسول كذلك حاشاهما من ذلك ولم يجز أن يعني من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه لأن هذا لغو من الكلام مع معرفة الجميع بأن عليا ابن عم الرسول (ص) و علمهم يقينا بالاضطرار بأن ابن عم الرجل وابن عم جميع بني عمه على كل حال و لا يجوز أن يريد الناصر لأن المسلمين كلهم أنصار من نصره النبي (ص) فلا معنى لتخصيصه من الجماعة بما قد شاركته فيه على البيان لأن هذا ه والعبث في الفعل واللغو في الكلام و لم يكن كل من تولى النبي ع تولى عليا و لا يجوز أن يخبر بذلك كله لتنافي الكلام و لا يجب أن يكون قد أوجبه لأمرين الأول أنه خاطب الكافة ولم يكونوا بأسرهم أولياء على معنى الاعتزاء إليه بضمان الجرائر واستحقاق الميراث والثاني للاتفاق على أن ذلك لم يكن واجبا في شي ء من الأزمان و لا يجوز أن يكون قصد معنى الحليف لأنه لم يكن ع حليفا لجميع حلفاء النبي (ص) و لا معنى لإرادته بلفظ مولى الجار لأنه قد كان معروفا عند جميع من عرف منزلة علي أنه جار من جاوره النبي (ص) في الدار بحلوله معه في المكان و لا إذا افترقا بالأسفار و لم يجب أن يكون علي جارا لجيران النبي (ص) و كان الخبر عن ذلك كذبا من الأخبار مع أنه لو كان حقا لم يكن فيه فائدة توجب جمع الناس لها و تقريرهم على الطاعة و تعظيم الشأن فلم يبق إلا أنه ما أراد بقوله من كنت مولاه فعلي مولاه إلا الإمامة التي يعبر عنها تارة بلفظ أولى ويعبر عنها بصريح فرض الطاعة فإنه أحرى وهذا واضح البرهان"
المفيد هنا تناول مسألة دلالة الرواية على ما يريد من كون على مولى المؤمنين وهو كلام لا يفيد اختصاص على بشىء دون المؤمنين لأن كل المسلمين موالى أى أولياء لبعض كما قال تعالى:
"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"
ومن ثم لا يوجد دليل على مسألة الإمامة أى الخلافة بعد النبى(ص)
وبعد هذا استشهد المفيد بأقوال الشعراء على المعنى فقال:
"باب شواهد الإمامة من هذا المقال بشعر الفصحاء من الشعراء:
ومما يدل على ما ذكرناه ما تواترت به الأخبار أن حسان بن ثابت شاعر رسول الله ص استأذن النبي (ص) في يوم الغدير أن يقول شعرا في ذلك المقام فأذن له فأنشأ يقول
يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم واسمع بالرسول مناديا
فقال و من مولاكم ووليكم فقالوا و لم يبدوا هناك التعاديا
إلهك مولانا وانت نبينا فلن تجدن منا لك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني رضيتك من بعدي إماما و هاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه و كن للذي عادى عليا معاديا
فقال له النبي (ص) لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك
فلولا أن النبي (ص) أراد بما ذكره في ذلك المقام النص على إمامة أمير المؤمنين على حسب ما صرح به حسان في هذا المقال لما دعا له النبي ص بالتأييد و مدحة من أجله واثنى عليه و لو كان عليه واله السلام عنى غيره من أقسام المولى لأنكر على حسان و لم يقره على ما اعتقده فيه و بين له غلطه فيما حكاه لأنه محال مع نصب الله تعالى نبيه للبيان أن يشهد بصحة الباطل و هو على الضلال أن يمدح على الغلط من الاعتقاد و في شهادته (ص) بصدق حسان فيما حكاه و نظمه الكلام بمدحه عليه و دعائه له بالتأييد من أجله على ما بيناه دليل على صحة ما ذكرناه و شاهد على أن المولى عبارة في اللغة عن الإمام لفهم حسان والجماعة ذلك منها بما شرحناه "
رواية حسان فيها ما فيها ولكن كيف علم النبى(ص) أنه يموت أولا ثم عليا بعده وكيف علم الكسب فى الغد وهو إمامة على والموت من الغيب الذى لا يعلمه إلا الله كما قال تعالى:
"إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت"
النبى (ص) لا يعلم الغيب كما قال " ولا أعلم الغيب" وكما قال " لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الهير وما مسنى السوء"
إذا رواية حسان موضوعة منحولة ثم قال المفيد:
"ومن ذلك ما تطابقت به الأخبار و نقله رواة السير والآثار و دونه حملة العربية والأشعار من قول قيس بن سعد بن عبادة سيد نقباء رسول الله (ص) من الأنصار و معه راية أمير المؤمنين و هو بين يديه بصفين في قصيدته اللامية التي أولها
قلت لما بغى العدو علينا حسبنا ربنا و نعم الوكيل
حسبنا ربنا الذي فتح البصرة بالأمس والحديث طويل
حتى انتهى إلى قوله:
وعلي إمامنا وامام لسوانا أتى به التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه فهذا مولاه خطب جليل
إن ما قاله النبي على الأمة حتم ما فيه قال و قيل
وفي هذا الشعر دليلان على ما ذكرناه أحدهما أن المولى يتضمن الإمامة عند أهل اللسان للاتفاق على فصاحة قيس وانه لا يجوز عليه أن يعبر عن معنى ما لا يقع عليه من اللفظ عند أهل الفصاحة لا سيما في النظم الذي يعتمد صاحبه فيه الفصاحة والبيان والثاني إقرار أمير المؤمنين قيسا و ترك نكيره وهو ينشد بحضرته ويشهد بالإمامة له و يحتج به على الأعداء وامير المؤمنين ممن لا يقر على باطل ولا يمسك عن الإنكار لا سيما مع ارتفاع التقية عنه و تمكنه من الإنكار"
نغس ما قيل فى رواية حسان يقال فى رواية قيس فهى موضوعة لعدم علم النبى(ص) بالغيب خاصة غيب الموت
ومن ذلك احتجاج أمير المؤمنين لنفسه بذلك في جوابه لمعاوية عن كتابه إليه من الشام و قد رام الافتخار فقال :
أعلي يفتخر ابن آكلة الأكباد ثم قال لعبيد الله بن أبي رافع اكتب
محمد النبي أخي وصنوي وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يمسي ويضحي يطير مع الملائكة ابن أمي و بنت محمد سكني وعرسي فخالط لحمها بدمي و لحمي وسبطا أحمد ولداي منها فأيكم له سهم كسهمي سبقتكم إلى الإسلام طرا صغيرا ما بلغت أوان حلمي
واوجب لي ولايته عليكم رسول الله يوم غدير خم
فأوجب الحجة على خصمه بالإمامة على الجماعة فقال النبي (ص) فيه يوم الغدير ما قال و هذا الشعر منقول عنه على الظاهر والانتشار "
الكلام هنا متناقص فلو كان على أخو محمد(ص) ما زوجه ابنته لأنه فى تلك الحالة محرم عليها لكونه عمها والرواية كمعظم الروايات موضوعة ثم ذكر الرواية التالية:
"ومما يدل على ما ذكرناه أيضا في هذا الباب قول الأخطل و هو رجل نصراني لا يتحيز إلى فرقة من فرق الإسلام و لا يتهم بالعصبية للشعر للشيعة و لا يطعن عليه في العلم باللسان في قصيدته التي يمدح فيها عبد الملك بن مروان فقد علمت الكافة عداوته لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب
فما وجدت فيها قريش لأمرها أعف واوفى من أبيك وامجدا
فأورى بزنديه و لو كان غيره غداة اختلاف الناس يوري لأصلدا
فأصبحت مولاها من الناس كلهم واحرى قريش أن تهاب و تحمدا
فمدحه بالإمامة و رئاسة الجماعة واقتصر في العبارة على ذلك وانه أولى به من الناس كافة على لفظة مولى لإفادتها في اللغة و معرفة أهلها بأنها عبارة عنه و دالة على معناه و هذا بين لا خفاء فيه على منصف و لا ارتياب فيه "
والاستدلال بكلام نصرانى على حكم إسلامى لا يجوز لأن كلام المسلم نفسه ليس دليلا على حكم وإنما الحكم لله وحده
ثم قال المفيد:
"وهذا الكميت بن زيد الأسدي وان لم يكن الحجة به في اللغة كحسان وقيس بن سعد فإنه لا حجة فيها على حال و قد أجمع أهل العلم بالعربية على فضله و ثقته في روايته لها واستشهدوا بشعره على صحة بعض ما اختلف منها و قال الأعرابي كان الكميت بن زيد أعرف الناس بلغات العرب واشعارها و كان أوكد ما دعاه إلى التشيع والقول بالنص على إمامة أمير المؤمنين قول النبي ص يوم الغدير من كنت مولاه فعلي مولاه
وذلك قوله في قصيدته العينية
ويوم الدوح دوح غدير خم أبان له الولاية ل واطيعا
ولكن الرجال تبايعوها فلم أر مثلها خطرا مبيعا
فلولا أن لفظة مولى تفيد الإمامة لما جاز من الكميت وهو من أهل المعرفة باللغة بحيث ما وصفناه أن يحكم لأمير المؤمنين بالإمامة بها و لا أن يحتج بذلك في شعره والطريق إلى العلم بمقداره في المعرفة باللسان و يجعله في نظمه الذي تسير عنه الركبان عند الناصبة في الاعتقاد والشبهة به داخلة عليه في باب الاستدلال كيف يجوز أن تلحقه التهمة في الجهل بالعربية عند الخاصة والعامة من الناس و كيف يجوز أن يعرف بالعصبية في هذا الباب فإنه حمل لفظا عربيا غير محتمل عند أهله على الوجوه كلها والأسباب ولم يوجد أحد من نظرائه فعل مثل ذلك لعصبية ولا عناد ولئن جاز هذا عليه مع ما وصفناه ليجوزن على جرير والفرزدق والأخطل بل على لبيد و زهير وامرئ القيس حتى لا يصح الاستشهاد بشي ء من أشعارهم على غريب القرآن و لا على لغة و لا على إعراب و هذا قول من صار إليه ظهر جهله عند العقلاء فصح مما أثبتناه من هذه الأشعار و دلائلها ما ذكرناه من برهان قول رسول الله (ص) على إمامة أمير المؤمنين "
وما ذكره المفيد من جواز الاستشهاد على معانى القرآن يأقوال الشهراء والفصحاء هو ضرب من الخبل اشتركت فيه الشيعة والسنة وغيرهم فقد تركوا كتاب الله الذى يفسر بعضه بعضا إلى كلام المخلوقين الذين يكذبون خاصة الشعراء
اللفظ مولاكم فى القرآن لا يدل على الإمامة وإنما معناه النصرة ولو كانت النار مولى الكفار بمعنى إمامهم فهذا كلام جنونى فالنار ليست رئيسة لهم لأن مهمة الرئيس هى نصرة أصحابه والكفار وهم أصحابه يذلون ولا ينصرون
رضا البطاوى- عضو ممتاز
-
عدد الرسائل : 3619
العمر : 56
العمل : معلم
تاريخ التسجيل : 18/07/2011
مواضيع مماثلة
» نقد كتاب وسائل المولى في ذكر المولى
» قراءة فى كتاب من آفات اللسان الفحش والتفحش والبذاءة والفجور
» أقسام الجهلاء فى الإسلام
» نقد كتاب كتاب الديوان في العهد النبوي
» نقد كتاب فصل الخطاب فى تحريف كتاب رب الأرباب
» قراءة فى كتاب من آفات اللسان الفحش والتفحش والبذاءة والفجور
» أقسام الجهلاء فى الإسلام
» نقد كتاب كتاب الديوان في العهد النبوي
» نقد كتاب فصل الخطاب فى تحريف كتاب رب الأرباب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى