قراءة فى كتاب حجاب المرأة ولباسها في الصلاة
صفحة 1 من اصل 1
قراءة فى كتاب حجاب المرأة ولباسها في الصلاة
قراءة فى كتاب حجاب المرأة ولباسها في الصلاة
المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 78هـ)
يبدو أنه لا يوجد كتاب بهذا الاسم لابن تيمية وإنما قام الألبانى محقق الكتاب بانتزاع بعض الفصول من كتب اخرى وضمها إلى بعضها وأطلق عليها اسم الكتاب الذى نتناوله وقد استهل الكتاب بفصل فى لباس الصلاة فقال :
"فصل في "اللباس في الصلاة"
وهو أخذ الزينة عند كل مسجد: الذي يسميه الفقهاء: "باب ستر العورة في الصلاة" فإن طائفة من الفقهاء ظنوا أن الذي يستر في الصلاة هو الذي يستر عن أعين الناظرين وهو العورة وأخذ ما يستر في الصلاة من قوله: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ثم قال {ولا يبدين زينتهن} يعني الباطنة {إلا لبعولتهن} الآية، فقالوا: يجوز لها في الصلاة أن تبدي الزينة الظاهرة دون الباطنة
والسلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين:
- فقال: ابن مسعود ومن وافقه هي الثياب
- وقال ابن عباس ومن وافقه: هو ما في الوجه واليدين،
مثل الكحل والخاتم وعلى هذين القولين تنازع الفقهاء في النظر إلى المرأة الأجنبية
فقيل: يجوز النظر لغير شهوة إلى وجهها ويديها وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وقول في مذهب أحمد
وقيل: لا يجوز وهو ظاهر مذهب أحمد قال: كل شيء منها عورة حتى ظفرها وهو قول مالك
وحقيقة الأمر: أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة وزينة غير ظاهرة وجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوي المحارم وأما الباطنة فلا تبديها إلا للزوج وذوي المحارم"
فى الفقرة أخطاء عديدة:
الأول كون الزينة عند كل مسجد اللباس ونص الآية "يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"هنا خاطب الله بنى آدم(ص) وهم أولاد الإنسان الأول فيقول :خذوا زينتكم عند كل مسجد والمراد افعلوا واجبكم لدى كل حكم وأخذ الزينة هو أخذ ما أتاهم الرسول(ص) وهو حكم الله مصداق لقوله بسورة الحشر"وما أتاكم الرسول فخذوه"وهذا يعنى طاعة كل حكم يأتى به ويطلب منهم فيقول كلوا أى اطعموا الطعام واشربوا أى ارتووا من الأشربة ولا يسرفوا أى لا يفرطوا فى طاعة حكم الله ويبين لهم أنه لا يحب المسرفين وهم الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"فإن الله لا يحب الكافرين"والمراد أنه لا يرحم من يفرط فى طاعته ولو اعتبرنا الزينة اللباس لكان هذا محالا لأن الإنسان لا يحمل ملابسه عندما يذهب إلى منطقة أو بلد مخالفة لمنطقة سكنه كما أن هذا معناه إباحة العرى والقذارة خارج المساجد وهو ما لم يقل به أحد
الثانى أن المرأة وحدها كلها عورة والحق أن المرأة والرجل كلاهما عورة بعضها مورى أى مخفى وبعضها ظاهر كما قال تعالى" فوسوس لهما الشيطان ليبدى ما ورى عنهما من سوءاتهما" وقال " فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سواءتهما" وقال " ينزع عنهما لباسهما ليريهما سواءتهما"
فهنا الرجل والمرأة على حد سواء كلاهما سوءة أى عورة وكل منهما من سوءته ما يغطيه الملابس ومنها ما هو معرى من الملابس
الثالث أن الزينة هى الثياب والكحل والخاتم وأشباههم أو الوجه واليدين
والزينة تطلق على جسم المرأة كله كما قال تعالى" ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن" فنتيجة ضرب أى رفع الأرجل هو انكشاف الزينة والزينة هى التى يظهرها رفع الرجل هى السيقان والأفخاذ وما علاهما فلو قلنا أنها الملابس وما شاكلها فلا معنى بضرب الأرجل لأن الملابس ظاهرة فوقهما رفعت الأرجل أم لا
الرابع أن ما يبدى فى الصلاة يبدى للناظرين المباح لهم النظر وبالقطع ليس كل ما يخفى الصلاة يظهر للناظرين المذكورين فمثلا أثداء الأم واجب كشفها لرضاعة اطفالها وعورة الأطفال كلها تكشف للأبوين أو الاخوة والأخوات عند الطفولة المبكرة لغسل مكان البول والبراز من قبل الرضع وأحيانا من يكبرونهم بسنة أو أكثر وبالمقابل فإن كشف العورتين للأبوين عند الكبر فى حالة العجز أو النسيان واجبة لغسلهما من البول والبراز ومن ثم فليست عورة الصلاة المغطاة هى العورة التى ينظر لها المباح لهم النظر فهناك لكل حالة حكم والمتعارف عليه للكل هو :
أن النساء فى البيت يلبسن ثوبا واحدا ويعرين بعض أيديهن أو أرجلهن وشعرهن ولكنهن لا يكن عاريات تماما أو مظهرات للأثداء مثلا أو المهابل أو السوءات وهذا هو المباح النظر له للكل وأما الزوج فيباح له التعرى التام والأطفال الرضع والأبناء والأبوين والنساء يباح لهم النظر عند الرضاعة وأما غيرهم فلا
ثم قال خبلا وهو أن النساء كانت تخرج بلا جلباب :
"وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره"
وهذا معناه أنهن يخرجن عرايا لأنهن بلا جلابيب ومن ثم فقوله لظهور الوجوه واليدين هو تناقض لأنهن فى تلك الحال مكشوفات تماما لكونهن بلا جلابيب
وفى الفقرة التالية نجد القول :
"ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} حجب النساء عن الرجال وكان ذلك لما تزوج النبي (ص) زينب بنت جحش فأرخى النبي (ص) الستر ومنع أنسا أن ينظر ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك عام خيبر قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإلا فهي ملكت يمينه فحجبها فلما أمر الله أن لا يسألن إلا من وراء حجاب وأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن و"الجلباب" هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره: الرداء وتسميه العامة الإزار وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها وقد حكى عبيدة وغيره: أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها ومن جنسه النقاب فكن النساء ينتقبن وفي الصحيح: "أن المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين" فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب: كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت ألا تظهرها للأجانب فما بقي يحل للأجانب النظر إلا الثياب الظاهرة فابن مسعود ذكر آخر الأمرين وابن عباس ذكر أول الأمرين"
الخطأ هنا هو أن آية الجلابيب تعنى الحجاب وهو الفصل بين الرجال والنساء وهو خبل فى الفهم فالآية تقول "يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما"
فهنا لا ذكر للرجال حتى يكون هناك فصل والمطلوب واضح وهو إطالة الجلابيب والسبب أن يعلمن حكم الله بإطالته فينفذنه حتى لا يؤذين أى لا يعاقبن فمن تخالف حكم ارتداء الجلباب الطويل فى الأماكن العامة يجب ضربها وهو عقابها حتى لا تعود لذلك
ثم بين أن المرأة تظهر لمملوكها الزينة الباطنة فقال :
"وعلى هذا فقوله: {أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن} يدل على أن لها أن تبدي الزينة الباطنة لمملوكها وفيه قولان:
- قيل المراد الإماء والإماء الكتابيات كما قاله ابن المسيب ورجحه أحمد وغيره
- وقيل: هو المملوك الرجل: كما قاله ابن عباس وغيره وهذا مذهب الشافعي وغيره وهو الرواية الأخرى عن أحمد فهذا يقتضي جواز نظر العبد إلى مولاته
وقد جاءت بذلك أحاديث وهذا لأجل الحاجة لأنها محتاجة إلى مخاطبة عبدها أكثر من حاجتها إلى رؤية الشاهد والعامل والخاطب فإذا جاز نظر أولئك فنظر العبد أولى وليس في هذا ما يوجب أن يكون محرما يسافر بها كغير أولي الإربة فإنهم يجوز لهم النظر وليسوا محارم يسافرون بها
فليس كل من جاز له النظر جاز له السفر بها ولا الخلوة بها بل عبدها ينظر إليها للحاجة وإن كان لا يخلو بها ولا يسافر بها فإنه لم يدخل في قوله (ص): "لا تسافر المرأة إلا مع زوج أو ذي محرم" فإنه يجوز له أن يتزوجها إذا عتق كما يجوز لزوج أختها أن يتزوجها إذا طلق أختها والمحرم: من تحرم عليه على التأبيد ولهذا قال ابن عمر: سفر المرأة مع عبدها ضيعة
فالآية رخصت في إبداء الزينة لذوي المحارم وغيرهم وحديث السفر ليس فيه إلا ذوو المحارم وذكر في الآية {أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن} و {غير أولي الأربة} وهي لا تسافر معهم وقوله: {أو نسائهن} قال: احتراز عن النساء المشركات فلا تكون المشركة قابلة للمسلمة ولا تدخل معهن الحمام لكن قد كن النسوة اليهوديات يدخلن على عائشة وغيرها فيرين وجهها ويديها بخلاف الرجال فيكون هذا في الزينة الظاهرة في حق النساء الذميات وليس للذميات أن يطلعن على الزينة الباطنة ويكون الظهور والبطون بحسب ما يجوز لها إظهاره ولهذا كان أقاربها تبدي لهن الباطنة وللزوج خاصة ليست للأقارب وقوله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} دليل على أنها تغطي العنق فيكون من الباطن لا الظاهر ما فيه من القلادة وغيرها"
والفقرة بها اخطاء هى :
الأول ابداء الزينة الباطنة للمملوك وهو ما يخالف أن مماليك المرأة الرجال لا يجوز لهم الاطلاع على كامل عورة المرأة وإنما لهم الاطلاع على المتعارف عليه عموما وهو رؤية بعض ذراع المرأة وبعض رجلها حتى الركبة وشعرها باعتبارهم من أهل البيت
الثانى أن نسائهن تعنى المسلمات دون غيرهن والخطأ أن نسائهن كلمة على اطلاقها سواء كن مسلمات او كافرات خاصة أن فى أيام الدعوة الأولى كان كثير من الأمهات والخالات والعمات والبنات كافرات وهؤلاء يجوز لهن رؤية ما لا يراه غيرهم
ثم عقد فصلا في ستر النساء والرجال فقال :
"فصل في ستر النساء والرجال:
فهذا ستر النساء عن الرجال وستر الرجال عن الرجال والنساء عن النساء في العورة الخاصة كما قال (ص): "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة" وكما قال: "احفظ عورتك إلا عن زوجتك أو ما ملكت يمينك"قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟قال: إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها قلت: فإذا كان أحدنا خاليا؟ قال: "فالله أحق أن يستحيا منه"
نجد هنا فهم خاطىء للرواية الأولى والثانية فالرواية الأولى "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة" تعنى عدم نظرة الرجل لعورة الرجل والمرأة لعورة المرأة وهو ما يخالف قوله فى أول الفقرة "فهذا ستر النساء عن الرجال"
ونجد الخبل فى الاستحياء من الله بعدم رؤية الله للعورة فالاستحياء من الله يكون فى عدم عمل الذنوب وأما التعرى الجزئى أو الكامل المباح فليس هذا استحياء من الله وإنما عصيان لله لأن الله أباح التعرى عند الاغتسال وعند جماع المرأة وعند الجلوس فى البيت مع المباح لهم النظر
ثم نجد الاستدلال الخاطىء فى القول التالى:
"ونهى أن يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد والمرأة إلى المرأة في ثوب واحد" وقال عن الأولاد: " مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع"
فهذا نهي عن النظر والمس لعورة النظير لما في ذلك من القبح والفحش وأما الرجال مع النساء فلأجل شهوة النكاح فهذان نوعان وفي الصلاة نوع ثالث فإن المرأة لو صلت وحدها كانت مأمورة بالاختمار وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها فأخذ الزينة في الصلاة لحق الله فليس لأحد أن يطوف بالبيت عريانا ولو كان وحده بالليل ولا يصلي عريانا ولو كان وحده فعلم أن أخذ الزينة في الصلاة لم يكن ليحتجب عن الناس فهذا نوع وهذا نوع"
والاستدلال الخاطىء هنا هو أن التفرقة فى المضاجع تعنى عدم مشاهدة الاخوة والأخوات لأجزاء من عورات بعضهم المتعارف عليها فى البيوت
ثم بين أن ما يستر فى الصلاة يجوز كشفه فى غيرها فقال :
"وحينئذ فقد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة وقد يبدي في الصلاة ما يستره عن الرجال فالأول: مثل المنكبين فإن النبي (ص) نهى أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء فهذا لحق الصلاة ويجوز له كشف منكبيه للرجال خارج الصلاة, وكذلك المرأة الحرة تختمر في الصلاة كما قال النبي (ص): " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" وهي لا تختمر عند زوجها ولا عند ذوي محارمها فقد جاز لها إبداء الزينة الباطنة لهؤلاء ولا يجوز لها في الصلاة أن تكشف رأسها لهؤلاء ولا لغيرهم وعكس ذلك: الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ بل لا تبدي إلا الثياب وأما ستر ذلك في الصلاة فلا يجب باتفاق المسلمين بل يجوز لها كشف الوجه بالإجماع وإن كان من الزينة الباطنة وكذلك اليدان يجوز إبداؤهما في الصلاة عند جمهور العلماء كأبي حنيفة والشافعي وغيرهما وهو إحدى الروايتين عن أحمد وكذلك القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة وهو الأقوى فإن عائشة جعلته من الزينة الظاهرة قالت: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قالت: "الفتخ" حلق من فضة تكون في أصابع الرجلين رواه ابن أبي حاتم فهذا دليل على أن النساء كن يظهرن أقدامهن أولا كما يظهرن الوجه واليدين فإنهن كن يرخين ذيولهن فهي إذا مشت قد يظهر قدمها ولم يكن يمشين في خفاف وأحذية وتغطية هذا في الصلاة فيه حرج عظيم وأم سلمة قالت: "تصلي المرأة في ثوب سابغ يغطي ظهور قدميها " فهي إذا سجدت قد يبدو باطن القدم وبالجملة: قد ثبت بالنص والإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها وإنما ذلك إذا خرجت وحينئذ فتصلي في بيتها وإن بدا وجهها ويداها وقدماها كما كن يمشين أولا قبل الأمر بإدناء الجلابيب عليهن فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر لا طردا ولا عكسا وابن مسعود رضي الله عنه لما قال: الزينة الظاهرة هي الثياب لم يقل إنها كلها عورة حتى ظفرها بل هذا قول أحمد يعني به أنها تستره في الصلاة فإن الفقهاء يسمون ذلك: "باب ستر العورة" وليس هذا من ألفاظ الرسول ولا في الكتاب والسنة أن ما يستره المصلي فهو عورة بل قال تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} ونهى النبي (ص) أن يطوف بالبيت عريانا فالصلاة أولى وسئل عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: "أو لكلكم ثوبان؟ " وقال في الثوب الواحد: "إن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به" ونهى أن يصلي الرجل في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء5 فهذا دليل على أنه يؤمر في الصلاة بستر العورة: الفخذ وغيره وإن جوزنا للرجل النظر إلى ذلك فإذا قلنا على أحد القولين وهو إحدى الروايتين عن أحمد: أن العورة هي السوءتان وأن الفخذ ليست بعورة فهذا في جواز نظر الرجل إليها ليس هو في الصلاة والطواف فلا يجوز أن يصلي الرجل مكشوف الفخذين سواء قيل هما عورة أو لا ولا يطوف عريانا بل عليه أن يصلي في ثوب واحد ولا بد من ذلك إن كان ضيقا اتزر به وإن كان واسعا التحف به كما أنه لو صلى وحده في بيت كان عليه تغطية ذلك باتفاق العلماء
وأما صلاة الرجل بادي الفخذين مع القدرة على الإزار فهذا لا يجوز ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف ومن بنى هذا على الروايتين في العورة كما فعله طائفة فقد غلطوا ولم يقل أحمد ولا غيره: أن المصلي يصلي على هذه الحال كيف وأحمد يأمره بستر المنكبين؟ فكيف يبيح له كشف الفخذ؟ فهذا هذا وقد اختلف في وجوب ستر العورة إذا كان الرجل خاليا ولم يختلف في أنه في الصلاة لا بد من اللباس وأنه لا تجوز الصلاة عريانا مع القدرة على اللباس باتفاق العلماء ولهذا جوز أحمد وغيره للعراة أن يصلوا قعودا ويكون إمامهم وسطهم بخلاف خارج الصلاة هذا الستر لحرمة الصلاة لا لأجل النظر وقد قال النبي (ص) في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده لما قال: يا رسول الله، فإذا كان أحدنا خاليا؟ قال: "فالله أحق أن يستحيا منه من الناس" فإذا كان هذا خارج الصلاة فهو في الصلاة أحق أن يستحيا منه فتؤخذ الزينة لمناجاته سبحانه وتعالى ولهذا قال ابن عمر لغلامه نافع لما رآه يصلي حاسرا: أرأيت لو خرجت إلى الناس كنت تخرج هكذا؟ قال: لا قال: فالله أحق من يتجمل له
وفي الحديث الصحيح لما قيل له (ص) الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا فقال: "إن الله جميل يحب الجمال" وهذا كما أمر المصلي بالطهارة والنظافة والطيب فقد أمر النبي (ص) "أن تتخذ المساجد في البيوت وتنظف وتطيب" وعلى هذا فيستتر في الصلاة أبلغ مما يستتر الرجل من الرجل والمرأة من المرأة ولهذا أمرت المرأة أن تختمر في الصلاة وأما وجهها ويداها وقدماها فهي إنما نهيت عن إبداء ذلك للأجانب لم تنه عن إبدائه للنساء ولا لذوي المحارم، فعلم أنه ليس من جنس عورة الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة التي نهي عنها لأجل الفحش وقبح كشف العورة بل هذا من مقدمات الفاحشة فكان النهي عن إبدائها نهيا عن مقدمات الفاحشة كما قال في الآية: {ذلك أزكى لهم} وقال في آية الحجاب: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} فنهى عن هذا سدا للذريعة لا أنه عورة مطلقة لا في الصلاة ولا غيرها فهذا هذا وأمر المرأة في الصلاة بتغطية يديها بعيد جدا واليدان يسجدان كما يسجد الوجه والنساء على عهد النبي (ص) إنما كان لهن قمص وكن يصنعن الصنائع والقمص عليهن فتبدي المرأة يديها إذا عجنت وطحنت وخبزت ولو كان ستر اليدين في الصلاة واجبا لبينه النبي (ص) وكذلك القدمان وإنما أمر بالخمار فقط مع القميص فكن وأما الثوب التي كانت المرأة ترخيه وسألت عن ذلك النبي (ص) فقال: "شبرا" فقلن: إذن تبدو سوقهن؟ فقال: "ذراع لا يزدن عليه" وقول عمر بن أبي ربيعة:
كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول فهذا كان إذا خرجن من البيوت ولهذا سئل عن المرأة تجر ذيلها على المكان القذر فقال: "يطهره ما بعده" وأما في نفس البيت فلم تكن تلبس ذلك كما أن الخفاف اتخذها النساء بعد ذلك لستر السوق إذا خرجن وهن لا يلبسنها في البيوت ولهذا قلن: إذن تبدوا سوقهن وكان المقصود تغطية الساق لأن الثوب إذا كان فوق الكعبين بدا الساق عند المشي
وقد روي: "أعروا النساء يلزمن الحجال" يعني إذا لم يكن لها ما تلبسه في الخروج لزمت بيتها وكن نساء المسلمين يصلين في بيوتهن وقد قال النبي (ص): "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن" ولم يؤمرن مع القمص إلا بالخمر لم تؤمر بما يغطي رجليها لا خف ولا جورب ولا بما يغطي يديها لا بقفازين ولا غير ذلك
فدل على أنه لا يجب عليها في الصلاة ستر ذلك إذا لم يكن عندها رجال أجانب وقد روي: "أن الملائكة لا تنظر إلى الزينة الباطنة فإذا وضعت خمارها وقميصها لم ينظر إليها" وروي في ذلك حديث عن خديجة فهذا القدر للقميص والخمار هو المأمور به لحق الصلاة كما يؤمر الرجل إذا صلى في ثوب واسع أن يلتحف به فيغطي عورته ومنكبيه والمنكبان في حقه كالرأس في حق المرأة لأنه يصلي في قميص أو ما يقوم مقام القميص وهو في الإحرام لا يلبس على بدنه ما يقدر له كالقميص والجبة كما أن المرأة لا تنتقب ولا تلبس القفازين وأما رأسه فلا يخمره"
والفقرات السابقة بها أخطاء تتمثل فى التالى :
الأول حرمة حسر الرجل رأسه فى الصلاة وهو قولهم ولهذا قال ابن عمر لغلامه نافع لما رآه يصلي حاسرا: أرأيت لو خرجت إلى الناس كنت تخرج هكذا؟ قال: لا قال: فالله أحق من يتجمل له" وهو كلام يناقض قوله فى أخر الفقرات" وأما رأسه فلا يخمره"
الثانى أن من حق الرجل اظهار بعض العورة فى الحج وهو كلام فارغ فالله حرم التعرى فى الصلاة فكيف يأمر بتعرية الكتف والمنكب فى الحج حيث المكان اعظم حرمة من أى مكان أخر كما قال تعالى " اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى" فهنا المخلوع فقط النعال وليس الملابس التى تروى الروايات بلبسها وهو ملابس تكشف العورة فى أعظم مكان فأى كفر أكبر من ارتكاب ذنب رؤية العورة المغلظة وغير المغلظة عند السجود المعروف حيث يظهر لكل حاج خلف حاج عورة الأخر بسبب هذا اللباس غير المخيط
الثالث حرمة تنقب المرأة فى الحج وحرمة لبسها القفازين وهو كلام يمكن تحويره لو أخذنا أن كلمة المحرمة فأعطيناها معنى المحرمة على أهلها فساعتها يكون المعنى أن المرأة تكشف وجهها ويديها لأقاربها
وبالقطع لا يوجد نص فى النقاب غير هذا ولا يمكن استنباط حكم وجوب النقاب فى غير الحج من هذا النص لأن نصوص القرآن تقول برؤية الرجال لحسن النساء مثل " ولو أعجبك حسنهن" وقوله " ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" وحسن النساء لا يمكن ظهوره إلا من خلال أشياء مكشوفة كالوجوه واليدين فلو قلنا أن المسلمات منتقبات فكيف بحسن المشركات هنا؟
ثم تناول وجه المرأة فقال :
"ووجه المرأة فيه قولان في مذهب أحمد وغيره:
- قيل: إنه كرأس الرجل فلا يغطى
- وقيل: إنه كيديه فلا يغطى بالنقاب والبرقع ونحو ذلك مما صنع على قدره وهذا هو الصحيح فإن النبي (ص) لم ينه إلا عن القفازين والنقاب
وكن النساء يدنين على وجوههن ما يسترها من الرجال من غير وضع ما يجافيها عن الوجه فعلم أن وجهها كيدي الرجل ويديها وذلك أن المرأة كلها عورة كما تقدم فلها أن تغطي وجهها ويديها لكن بغير اللباس المصنوع بقدر العضو كما أن الرجل لا يلبس السراويل ويلبس الإزار والله سبحانه وتعالى أعلم
وعليه ففي الحديث دليل على أن وجه المرأة ليس بعورة وإلا لأمرها (ص) أن تستره وهذا لا ينافي أن التغطية أفضل كما شرحته في "الحجاب" وإنما الكلام في الوجوب فتنبه"
الخطأ هنا ان وجه المرأة ليس بعورة وهو ما يخالف كون العورة منها ما ورى أى أخفى من السوءة ومنها ما ظهر وهما معا العورة فى قوله تعالى "فوسوس لهما الشيطان ليبدى ما ورى عنهما من سوءاتهما"
ثم ذكر الألبانى استنباطات لابن تيمية فى حديث عن سورة النور وهو تقريبا نفس الكلام المذكور فى الفصلين السابقين فقال:
"معاني الاستنباط من سورة النور:
ومن كلامه رحمه الله تعالى في جوابه واستنباطه من معاني سورة النور في معنى ما تقدم قوله المرأة يجب أن تصان وتحفظ بما لا يجب مثله في الرجل ولهذا خصت بالاحتجاب وترك إبداء الزينة وترك التبرج فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ما لا يجب في حق الرجل لأن ظهور النساء سبب الفتنة والرجال قوامون عليهن وقال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم} الآية إلى قوله: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} فأمر الله سبحانه الرجال والنساء بالغض من البصر وحفظ الفرج كما أمرهم جميعا بالتوبة
وأمر النساء خصوصا بالاستتار وأن لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ومن استثناه الله تعالى في الآية فما ظهر من الزينة هو الثياب الظاهرة فهذا لا جناح عليها في إبدائها إذا لم يكن في ذلك محذور آخر فإن هذه لا بد من إبدائها وهذا قول ابن مسعود وغيره وهو المشهور عن أحمد
وقال ابن عباس: الوجه واليدان من الزينة الظاهرة وهي الرواية الثانية عن أحمد وهو قول طائفة من العلماء كالشافعي وغيره وأمر سبحانه النساء بإرخاء الجلابيب لئلا يعرفن ولا يؤذين وهذا دليل على القول الأول وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره: أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رءوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق وثبت في الصحيح أن المرأة المحرمة تنهى عن الانتقاب والقفازين وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن وقد نهى الله تعالى عما يوجب العلم بالزينة الخفية بالسمع أو غيره فقال: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} وقال: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فلما نزل ذلك عمد نساء المؤمنين إلى خمرهن فشققنهن وأرخينها على أعناقهن و"الجيب": هو شق في طول القميص فإذا ضربت المرأة بالخمار على الجيب سترت عنقها وأمرت بعد ذلك أن ترخي من جلبابها والإرخاء إنما يكون إذا خرجت من البيت فأما إذا كانت في البيت فلا تؤمر بذلك"
المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 78هـ)
يبدو أنه لا يوجد كتاب بهذا الاسم لابن تيمية وإنما قام الألبانى محقق الكتاب بانتزاع بعض الفصول من كتب اخرى وضمها إلى بعضها وأطلق عليها اسم الكتاب الذى نتناوله وقد استهل الكتاب بفصل فى لباس الصلاة فقال :
"فصل في "اللباس في الصلاة"
وهو أخذ الزينة عند كل مسجد: الذي يسميه الفقهاء: "باب ستر العورة في الصلاة" فإن طائفة من الفقهاء ظنوا أن الذي يستر في الصلاة هو الذي يستر عن أعين الناظرين وهو العورة وأخذ ما يستر في الصلاة من قوله: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ثم قال {ولا يبدين زينتهن} يعني الباطنة {إلا لبعولتهن} الآية، فقالوا: يجوز لها في الصلاة أن تبدي الزينة الظاهرة دون الباطنة
والسلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين:
- فقال: ابن مسعود ومن وافقه هي الثياب
- وقال ابن عباس ومن وافقه: هو ما في الوجه واليدين،
مثل الكحل والخاتم وعلى هذين القولين تنازع الفقهاء في النظر إلى المرأة الأجنبية
فقيل: يجوز النظر لغير شهوة إلى وجهها ويديها وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وقول في مذهب أحمد
وقيل: لا يجوز وهو ظاهر مذهب أحمد قال: كل شيء منها عورة حتى ظفرها وهو قول مالك
وحقيقة الأمر: أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة وزينة غير ظاهرة وجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوي المحارم وأما الباطنة فلا تبديها إلا للزوج وذوي المحارم"
فى الفقرة أخطاء عديدة:
الأول كون الزينة عند كل مسجد اللباس ونص الآية "يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"هنا خاطب الله بنى آدم(ص) وهم أولاد الإنسان الأول فيقول :خذوا زينتكم عند كل مسجد والمراد افعلوا واجبكم لدى كل حكم وأخذ الزينة هو أخذ ما أتاهم الرسول(ص) وهو حكم الله مصداق لقوله بسورة الحشر"وما أتاكم الرسول فخذوه"وهذا يعنى طاعة كل حكم يأتى به ويطلب منهم فيقول كلوا أى اطعموا الطعام واشربوا أى ارتووا من الأشربة ولا يسرفوا أى لا يفرطوا فى طاعة حكم الله ويبين لهم أنه لا يحب المسرفين وهم الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"فإن الله لا يحب الكافرين"والمراد أنه لا يرحم من يفرط فى طاعته ولو اعتبرنا الزينة اللباس لكان هذا محالا لأن الإنسان لا يحمل ملابسه عندما يذهب إلى منطقة أو بلد مخالفة لمنطقة سكنه كما أن هذا معناه إباحة العرى والقذارة خارج المساجد وهو ما لم يقل به أحد
الثانى أن المرأة وحدها كلها عورة والحق أن المرأة والرجل كلاهما عورة بعضها مورى أى مخفى وبعضها ظاهر كما قال تعالى" فوسوس لهما الشيطان ليبدى ما ورى عنهما من سوءاتهما" وقال " فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سواءتهما" وقال " ينزع عنهما لباسهما ليريهما سواءتهما"
فهنا الرجل والمرأة على حد سواء كلاهما سوءة أى عورة وكل منهما من سوءته ما يغطيه الملابس ومنها ما هو معرى من الملابس
الثالث أن الزينة هى الثياب والكحل والخاتم وأشباههم أو الوجه واليدين
والزينة تطلق على جسم المرأة كله كما قال تعالى" ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن" فنتيجة ضرب أى رفع الأرجل هو انكشاف الزينة والزينة هى التى يظهرها رفع الرجل هى السيقان والأفخاذ وما علاهما فلو قلنا أنها الملابس وما شاكلها فلا معنى بضرب الأرجل لأن الملابس ظاهرة فوقهما رفعت الأرجل أم لا
الرابع أن ما يبدى فى الصلاة يبدى للناظرين المباح لهم النظر وبالقطع ليس كل ما يخفى الصلاة يظهر للناظرين المذكورين فمثلا أثداء الأم واجب كشفها لرضاعة اطفالها وعورة الأطفال كلها تكشف للأبوين أو الاخوة والأخوات عند الطفولة المبكرة لغسل مكان البول والبراز من قبل الرضع وأحيانا من يكبرونهم بسنة أو أكثر وبالمقابل فإن كشف العورتين للأبوين عند الكبر فى حالة العجز أو النسيان واجبة لغسلهما من البول والبراز ومن ثم فليست عورة الصلاة المغطاة هى العورة التى ينظر لها المباح لهم النظر فهناك لكل حالة حكم والمتعارف عليه للكل هو :
أن النساء فى البيت يلبسن ثوبا واحدا ويعرين بعض أيديهن أو أرجلهن وشعرهن ولكنهن لا يكن عاريات تماما أو مظهرات للأثداء مثلا أو المهابل أو السوءات وهذا هو المباح النظر له للكل وأما الزوج فيباح له التعرى التام والأطفال الرضع والأبناء والأبوين والنساء يباح لهم النظر عند الرضاعة وأما غيرهم فلا
ثم قال خبلا وهو أن النساء كانت تخرج بلا جلباب :
"وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره"
وهذا معناه أنهن يخرجن عرايا لأنهن بلا جلابيب ومن ثم فقوله لظهور الوجوه واليدين هو تناقض لأنهن فى تلك الحال مكشوفات تماما لكونهن بلا جلابيب
وفى الفقرة التالية نجد القول :
"ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} حجب النساء عن الرجال وكان ذلك لما تزوج النبي (ص) زينب بنت جحش فأرخى النبي (ص) الستر ومنع أنسا أن ينظر ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك عام خيبر قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإلا فهي ملكت يمينه فحجبها فلما أمر الله أن لا يسألن إلا من وراء حجاب وأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن و"الجلباب" هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره: الرداء وتسميه العامة الإزار وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها وقد حكى عبيدة وغيره: أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها ومن جنسه النقاب فكن النساء ينتقبن وفي الصحيح: "أن المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين" فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب: كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت ألا تظهرها للأجانب فما بقي يحل للأجانب النظر إلا الثياب الظاهرة فابن مسعود ذكر آخر الأمرين وابن عباس ذكر أول الأمرين"
الخطأ هنا هو أن آية الجلابيب تعنى الحجاب وهو الفصل بين الرجال والنساء وهو خبل فى الفهم فالآية تقول "يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما"
فهنا لا ذكر للرجال حتى يكون هناك فصل والمطلوب واضح وهو إطالة الجلابيب والسبب أن يعلمن حكم الله بإطالته فينفذنه حتى لا يؤذين أى لا يعاقبن فمن تخالف حكم ارتداء الجلباب الطويل فى الأماكن العامة يجب ضربها وهو عقابها حتى لا تعود لذلك
ثم بين أن المرأة تظهر لمملوكها الزينة الباطنة فقال :
"وعلى هذا فقوله: {أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن} يدل على أن لها أن تبدي الزينة الباطنة لمملوكها وفيه قولان:
- قيل المراد الإماء والإماء الكتابيات كما قاله ابن المسيب ورجحه أحمد وغيره
- وقيل: هو المملوك الرجل: كما قاله ابن عباس وغيره وهذا مذهب الشافعي وغيره وهو الرواية الأخرى عن أحمد فهذا يقتضي جواز نظر العبد إلى مولاته
وقد جاءت بذلك أحاديث وهذا لأجل الحاجة لأنها محتاجة إلى مخاطبة عبدها أكثر من حاجتها إلى رؤية الشاهد والعامل والخاطب فإذا جاز نظر أولئك فنظر العبد أولى وليس في هذا ما يوجب أن يكون محرما يسافر بها كغير أولي الإربة فإنهم يجوز لهم النظر وليسوا محارم يسافرون بها
فليس كل من جاز له النظر جاز له السفر بها ولا الخلوة بها بل عبدها ينظر إليها للحاجة وإن كان لا يخلو بها ولا يسافر بها فإنه لم يدخل في قوله (ص): "لا تسافر المرأة إلا مع زوج أو ذي محرم" فإنه يجوز له أن يتزوجها إذا عتق كما يجوز لزوج أختها أن يتزوجها إذا طلق أختها والمحرم: من تحرم عليه على التأبيد ولهذا قال ابن عمر: سفر المرأة مع عبدها ضيعة
فالآية رخصت في إبداء الزينة لذوي المحارم وغيرهم وحديث السفر ليس فيه إلا ذوو المحارم وذكر في الآية {أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن} و {غير أولي الأربة} وهي لا تسافر معهم وقوله: {أو نسائهن} قال: احتراز عن النساء المشركات فلا تكون المشركة قابلة للمسلمة ولا تدخل معهن الحمام لكن قد كن النسوة اليهوديات يدخلن على عائشة وغيرها فيرين وجهها ويديها بخلاف الرجال فيكون هذا في الزينة الظاهرة في حق النساء الذميات وليس للذميات أن يطلعن على الزينة الباطنة ويكون الظهور والبطون بحسب ما يجوز لها إظهاره ولهذا كان أقاربها تبدي لهن الباطنة وللزوج خاصة ليست للأقارب وقوله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} دليل على أنها تغطي العنق فيكون من الباطن لا الظاهر ما فيه من القلادة وغيرها"
والفقرة بها اخطاء هى :
الأول ابداء الزينة الباطنة للمملوك وهو ما يخالف أن مماليك المرأة الرجال لا يجوز لهم الاطلاع على كامل عورة المرأة وإنما لهم الاطلاع على المتعارف عليه عموما وهو رؤية بعض ذراع المرأة وبعض رجلها حتى الركبة وشعرها باعتبارهم من أهل البيت
الثانى أن نسائهن تعنى المسلمات دون غيرهن والخطأ أن نسائهن كلمة على اطلاقها سواء كن مسلمات او كافرات خاصة أن فى أيام الدعوة الأولى كان كثير من الأمهات والخالات والعمات والبنات كافرات وهؤلاء يجوز لهن رؤية ما لا يراه غيرهم
ثم عقد فصلا في ستر النساء والرجال فقال :
"فصل في ستر النساء والرجال:
فهذا ستر النساء عن الرجال وستر الرجال عن الرجال والنساء عن النساء في العورة الخاصة كما قال (ص): "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة" وكما قال: "احفظ عورتك إلا عن زوجتك أو ما ملكت يمينك"قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟قال: إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها قلت: فإذا كان أحدنا خاليا؟ قال: "فالله أحق أن يستحيا منه"
نجد هنا فهم خاطىء للرواية الأولى والثانية فالرواية الأولى "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة" تعنى عدم نظرة الرجل لعورة الرجل والمرأة لعورة المرأة وهو ما يخالف قوله فى أول الفقرة "فهذا ستر النساء عن الرجال"
ونجد الخبل فى الاستحياء من الله بعدم رؤية الله للعورة فالاستحياء من الله يكون فى عدم عمل الذنوب وأما التعرى الجزئى أو الكامل المباح فليس هذا استحياء من الله وإنما عصيان لله لأن الله أباح التعرى عند الاغتسال وعند جماع المرأة وعند الجلوس فى البيت مع المباح لهم النظر
ثم نجد الاستدلال الخاطىء فى القول التالى:
"ونهى أن يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد والمرأة إلى المرأة في ثوب واحد" وقال عن الأولاد: " مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع"
فهذا نهي عن النظر والمس لعورة النظير لما في ذلك من القبح والفحش وأما الرجال مع النساء فلأجل شهوة النكاح فهذان نوعان وفي الصلاة نوع ثالث فإن المرأة لو صلت وحدها كانت مأمورة بالاختمار وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها فأخذ الزينة في الصلاة لحق الله فليس لأحد أن يطوف بالبيت عريانا ولو كان وحده بالليل ولا يصلي عريانا ولو كان وحده فعلم أن أخذ الزينة في الصلاة لم يكن ليحتجب عن الناس فهذا نوع وهذا نوع"
والاستدلال الخاطىء هنا هو أن التفرقة فى المضاجع تعنى عدم مشاهدة الاخوة والأخوات لأجزاء من عورات بعضهم المتعارف عليها فى البيوت
ثم بين أن ما يستر فى الصلاة يجوز كشفه فى غيرها فقال :
"وحينئذ فقد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة وقد يبدي في الصلاة ما يستره عن الرجال فالأول: مثل المنكبين فإن النبي (ص) نهى أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء فهذا لحق الصلاة ويجوز له كشف منكبيه للرجال خارج الصلاة, وكذلك المرأة الحرة تختمر في الصلاة كما قال النبي (ص): " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" وهي لا تختمر عند زوجها ولا عند ذوي محارمها فقد جاز لها إبداء الزينة الباطنة لهؤلاء ولا يجوز لها في الصلاة أن تكشف رأسها لهؤلاء ولا لغيرهم وعكس ذلك: الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ بل لا تبدي إلا الثياب وأما ستر ذلك في الصلاة فلا يجب باتفاق المسلمين بل يجوز لها كشف الوجه بالإجماع وإن كان من الزينة الباطنة وكذلك اليدان يجوز إبداؤهما في الصلاة عند جمهور العلماء كأبي حنيفة والشافعي وغيرهما وهو إحدى الروايتين عن أحمد وكذلك القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة وهو الأقوى فإن عائشة جعلته من الزينة الظاهرة قالت: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قالت: "الفتخ" حلق من فضة تكون في أصابع الرجلين رواه ابن أبي حاتم فهذا دليل على أن النساء كن يظهرن أقدامهن أولا كما يظهرن الوجه واليدين فإنهن كن يرخين ذيولهن فهي إذا مشت قد يظهر قدمها ولم يكن يمشين في خفاف وأحذية وتغطية هذا في الصلاة فيه حرج عظيم وأم سلمة قالت: "تصلي المرأة في ثوب سابغ يغطي ظهور قدميها " فهي إذا سجدت قد يبدو باطن القدم وبالجملة: قد ثبت بالنص والإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها وإنما ذلك إذا خرجت وحينئذ فتصلي في بيتها وإن بدا وجهها ويداها وقدماها كما كن يمشين أولا قبل الأمر بإدناء الجلابيب عليهن فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر لا طردا ولا عكسا وابن مسعود رضي الله عنه لما قال: الزينة الظاهرة هي الثياب لم يقل إنها كلها عورة حتى ظفرها بل هذا قول أحمد يعني به أنها تستره في الصلاة فإن الفقهاء يسمون ذلك: "باب ستر العورة" وليس هذا من ألفاظ الرسول ولا في الكتاب والسنة أن ما يستره المصلي فهو عورة بل قال تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} ونهى النبي (ص) أن يطوف بالبيت عريانا فالصلاة أولى وسئل عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: "أو لكلكم ثوبان؟ " وقال في الثوب الواحد: "إن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به" ونهى أن يصلي الرجل في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء5 فهذا دليل على أنه يؤمر في الصلاة بستر العورة: الفخذ وغيره وإن جوزنا للرجل النظر إلى ذلك فإذا قلنا على أحد القولين وهو إحدى الروايتين عن أحمد: أن العورة هي السوءتان وأن الفخذ ليست بعورة فهذا في جواز نظر الرجل إليها ليس هو في الصلاة والطواف فلا يجوز أن يصلي الرجل مكشوف الفخذين سواء قيل هما عورة أو لا ولا يطوف عريانا بل عليه أن يصلي في ثوب واحد ولا بد من ذلك إن كان ضيقا اتزر به وإن كان واسعا التحف به كما أنه لو صلى وحده في بيت كان عليه تغطية ذلك باتفاق العلماء
وأما صلاة الرجل بادي الفخذين مع القدرة على الإزار فهذا لا يجوز ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف ومن بنى هذا على الروايتين في العورة كما فعله طائفة فقد غلطوا ولم يقل أحمد ولا غيره: أن المصلي يصلي على هذه الحال كيف وأحمد يأمره بستر المنكبين؟ فكيف يبيح له كشف الفخذ؟ فهذا هذا وقد اختلف في وجوب ستر العورة إذا كان الرجل خاليا ولم يختلف في أنه في الصلاة لا بد من اللباس وأنه لا تجوز الصلاة عريانا مع القدرة على اللباس باتفاق العلماء ولهذا جوز أحمد وغيره للعراة أن يصلوا قعودا ويكون إمامهم وسطهم بخلاف خارج الصلاة هذا الستر لحرمة الصلاة لا لأجل النظر وقد قال النبي (ص) في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده لما قال: يا رسول الله، فإذا كان أحدنا خاليا؟ قال: "فالله أحق أن يستحيا منه من الناس" فإذا كان هذا خارج الصلاة فهو في الصلاة أحق أن يستحيا منه فتؤخذ الزينة لمناجاته سبحانه وتعالى ولهذا قال ابن عمر لغلامه نافع لما رآه يصلي حاسرا: أرأيت لو خرجت إلى الناس كنت تخرج هكذا؟ قال: لا قال: فالله أحق من يتجمل له
وفي الحديث الصحيح لما قيل له (ص) الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا فقال: "إن الله جميل يحب الجمال" وهذا كما أمر المصلي بالطهارة والنظافة والطيب فقد أمر النبي (ص) "أن تتخذ المساجد في البيوت وتنظف وتطيب" وعلى هذا فيستتر في الصلاة أبلغ مما يستتر الرجل من الرجل والمرأة من المرأة ولهذا أمرت المرأة أن تختمر في الصلاة وأما وجهها ويداها وقدماها فهي إنما نهيت عن إبداء ذلك للأجانب لم تنه عن إبدائه للنساء ولا لذوي المحارم، فعلم أنه ليس من جنس عورة الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة التي نهي عنها لأجل الفحش وقبح كشف العورة بل هذا من مقدمات الفاحشة فكان النهي عن إبدائها نهيا عن مقدمات الفاحشة كما قال في الآية: {ذلك أزكى لهم} وقال في آية الحجاب: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} فنهى عن هذا سدا للذريعة لا أنه عورة مطلقة لا في الصلاة ولا غيرها فهذا هذا وأمر المرأة في الصلاة بتغطية يديها بعيد جدا واليدان يسجدان كما يسجد الوجه والنساء على عهد النبي (ص) إنما كان لهن قمص وكن يصنعن الصنائع والقمص عليهن فتبدي المرأة يديها إذا عجنت وطحنت وخبزت ولو كان ستر اليدين في الصلاة واجبا لبينه النبي (ص) وكذلك القدمان وإنما أمر بالخمار فقط مع القميص فكن وأما الثوب التي كانت المرأة ترخيه وسألت عن ذلك النبي (ص) فقال: "شبرا" فقلن: إذن تبدو سوقهن؟ فقال: "ذراع لا يزدن عليه" وقول عمر بن أبي ربيعة:
كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول فهذا كان إذا خرجن من البيوت ولهذا سئل عن المرأة تجر ذيلها على المكان القذر فقال: "يطهره ما بعده" وأما في نفس البيت فلم تكن تلبس ذلك كما أن الخفاف اتخذها النساء بعد ذلك لستر السوق إذا خرجن وهن لا يلبسنها في البيوت ولهذا قلن: إذن تبدوا سوقهن وكان المقصود تغطية الساق لأن الثوب إذا كان فوق الكعبين بدا الساق عند المشي
وقد روي: "أعروا النساء يلزمن الحجال" يعني إذا لم يكن لها ما تلبسه في الخروج لزمت بيتها وكن نساء المسلمين يصلين في بيوتهن وقد قال النبي (ص): "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن" ولم يؤمرن مع القمص إلا بالخمر لم تؤمر بما يغطي رجليها لا خف ولا جورب ولا بما يغطي يديها لا بقفازين ولا غير ذلك
فدل على أنه لا يجب عليها في الصلاة ستر ذلك إذا لم يكن عندها رجال أجانب وقد روي: "أن الملائكة لا تنظر إلى الزينة الباطنة فإذا وضعت خمارها وقميصها لم ينظر إليها" وروي في ذلك حديث عن خديجة فهذا القدر للقميص والخمار هو المأمور به لحق الصلاة كما يؤمر الرجل إذا صلى في ثوب واسع أن يلتحف به فيغطي عورته ومنكبيه والمنكبان في حقه كالرأس في حق المرأة لأنه يصلي في قميص أو ما يقوم مقام القميص وهو في الإحرام لا يلبس على بدنه ما يقدر له كالقميص والجبة كما أن المرأة لا تنتقب ولا تلبس القفازين وأما رأسه فلا يخمره"
والفقرات السابقة بها أخطاء تتمثل فى التالى :
الأول حرمة حسر الرجل رأسه فى الصلاة وهو قولهم ولهذا قال ابن عمر لغلامه نافع لما رآه يصلي حاسرا: أرأيت لو خرجت إلى الناس كنت تخرج هكذا؟ قال: لا قال: فالله أحق من يتجمل له" وهو كلام يناقض قوله فى أخر الفقرات" وأما رأسه فلا يخمره"
الثانى أن من حق الرجل اظهار بعض العورة فى الحج وهو كلام فارغ فالله حرم التعرى فى الصلاة فكيف يأمر بتعرية الكتف والمنكب فى الحج حيث المكان اعظم حرمة من أى مكان أخر كما قال تعالى " اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى" فهنا المخلوع فقط النعال وليس الملابس التى تروى الروايات بلبسها وهو ملابس تكشف العورة فى أعظم مكان فأى كفر أكبر من ارتكاب ذنب رؤية العورة المغلظة وغير المغلظة عند السجود المعروف حيث يظهر لكل حاج خلف حاج عورة الأخر بسبب هذا اللباس غير المخيط
الثالث حرمة تنقب المرأة فى الحج وحرمة لبسها القفازين وهو كلام يمكن تحويره لو أخذنا أن كلمة المحرمة فأعطيناها معنى المحرمة على أهلها فساعتها يكون المعنى أن المرأة تكشف وجهها ويديها لأقاربها
وبالقطع لا يوجد نص فى النقاب غير هذا ولا يمكن استنباط حكم وجوب النقاب فى غير الحج من هذا النص لأن نصوص القرآن تقول برؤية الرجال لحسن النساء مثل " ولو أعجبك حسنهن" وقوله " ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" وحسن النساء لا يمكن ظهوره إلا من خلال أشياء مكشوفة كالوجوه واليدين فلو قلنا أن المسلمات منتقبات فكيف بحسن المشركات هنا؟
ثم تناول وجه المرأة فقال :
"ووجه المرأة فيه قولان في مذهب أحمد وغيره:
- قيل: إنه كرأس الرجل فلا يغطى
- وقيل: إنه كيديه فلا يغطى بالنقاب والبرقع ونحو ذلك مما صنع على قدره وهذا هو الصحيح فإن النبي (ص) لم ينه إلا عن القفازين والنقاب
وكن النساء يدنين على وجوههن ما يسترها من الرجال من غير وضع ما يجافيها عن الوجه فعلم أن وجهها كيدي الرجل ويديها وذلك أن المرأة كلها عورة كما تقدم فلها أن تغطي وجهها ويديها لكن بغير اللباس المصنوع بقدر العضو كما أن الرجل لا يلبس السراويل ويلبس الإزار والله سبحانه وتعالى أعلم
وعليه ففي الحديث دليل على أن وجه المرأة ليس بعورة وإلا لأمرها (ص) أن تستره وهذا لا ينافي أن التغطية أفضل كما شرحته في "الحجاب" وإنما الكلام في الوجوب فتنبه"
الخطأ هنا ان وجه المرأة ليس بعورة وهو ما يخالف كون العورة منها ما ورى أى أخفى من السوءة ومنها ما ظهر وهما معا العورة فى قوله تعالى "فوسوس لهما الشيطان ليبدى ما ورى عنهما من سوءاتهما"
ثم ذكر الألبانى استنباطات لابن تيمية فى حديث عن سورة النور وهو تقريبا نفس الكلام المذكور فى الفصلين السابقين فقال:
"معاني الاستنباط من سورة النور:
ومن كلامه رحمه الله تعالى في جوابه واستنباطه من معاني سورة النور في معنى ما تقدم قوله المرأة يجب أن تصان وتحفظ بما لا يجب مثله في الرجل ولهذا خصت بالاحتجاب وترك إبداء الزينة وترك التبرج فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ما لا يجب في حق الرجل لأن ظهور النساء سبب الفتنة والرجال قوامون عليهن وقال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم} الآية إلى قوله: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} فأمر الله سبحانه الرجال والنساء بالغض من البصر وحفظ الفرج كما أمرهم جميعا بالتوبة
وأمر النساء خصوصا بالاستتار وأن لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ومن استثناه الله تعالى في الآية فما ظهر من الزينة هو الثياب الظاهرة فهذا لا جناح عليها في إبدائها إذا لم يكن في ذلك محذور آخر فإن هذه لا بد من إبدائها وهذا قول ابن مسعود وغيره وهو المشهور عن أحمد
وقال ابن عباس: الوجه واليدان من الزينة الظاهرة وهي الرواية الثانية عن أحمد وهو قول طائفة من العلماء كالشافعي وغيره وأمر سبحانه النساء بإرخاء الجلابيب لئلا يعرفن ولا يؤذين وهذا دليل على القول الأول وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره: أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رءوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق وثبت في الصحيح أن المرأة المحرمة تنهى عن الانتقاب والقفازين وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن وقد نهى الله تعالى عما يوجب العلم بالزينة الخفية بالسمع أو غيره فقال: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} وقال: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فلما نزل ذلك عمد نساء المؤمنين إلى خمرهن فشققنهن وأرخينها على أعناقهن و"الجيب": هو شق في طول القميص فإذا ضربت المرأة بالخمار على الجيب سترت عنقها وأمرت بعد ذلك أن ترخي من جلبابها والإرخاء إنما يكون إذا خرجت من البيت فأما إذا كانت في البيت فلا تؤمر بذلك"
رضا البطاوى- عضو ممتاز
-
عدد الرسائل : 3618
العمر : 56
العمل : معلم
تاريخ التسجيل : 18/07/2011
مواضيع مماثلة
» قراءة فى كتاب حجاب المرأة ولباسها في الصلاة2
» نقد كتاب حجاب المرأة المؤمنة
» قراءة فى كتاب آدم عليه الصلاة والسلام
» قراءة فى كتاب جمع المغنم في حكم سفر المرأة بلا محرم
» قراءة فى كتاب أحكام الصلاة على الجنازة في المسجد
» نقد كتاب حجاب المرأة المؤمنة
» قراءة فى كتاب آدم عليه الصلاة والسلام
» قراءة فى كتاب جمع المغنم في حكم سفر المرأة بلا محرم
» قراءة فى كتاب أحكام الصلاة على الجنازة في المسجد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى