نظرات فى كتاب النظر من النسوة للرجال بغير شهوة
صفحة 1 من اصل 1
نظرات فى كتاب النظر من النسوة للرجال بغير شهوة
نظرات فى كتاب النظر من النسوة للرجال بغير شهوة
مؤلف الكتاب محمد بن أحمد العماري وهو من أهل العصر وسبب تأليف الكتاب كما قال :
"فلما كثر الجدال؛ في نظر المرأة بغير شهوة للرجال؛ رميت بسهمي؛ لأصيب ما أرمي فإن أصبت فبالسنة والقرآن؛ وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان؛ والله ورسوله منه بريئان"
وقد قسم الكتاب ثلاث فصول أولها خطر النظر وقد أكثر فيه من الاستشهاد بالشعر والشعر ليس دليلا على الأحكام ومن ثم حذفت الكثير مما استشهد به وفيه قال :
"الفصل الأول: خطر النظر على النسوة؛ ولو بغير شهوة
أختاه:
إذا أنت لم ترعي البروق اللوامحا ونمت جرى من تحتك السيل سائحا
فمن نظرت في الرجال؛ قتلت نفسها على كل حال
كما قال الشاعر: لمن أطلق الناظر
نظر العيون إلى العيون هو الذي جعل الهلاك إلي الفؤاد سبيلا
مازالت اللحظات تغزوا قلبه حتى تشحط بينهن قتيلا
ومن أطلقت النظر فقلبها في خطر
وما جنت على جسدها؛ بمثل إطلاق بصرها فتعيش تهوى أشخاصا؛ ولا ترى أبدانا وقد قيل:
والله يا بصري الجاني على جسدي لأطفئن بدمعي لوعة الحزن
تالله تطمع أن أبكي هوى وضنى وأنت تشبع من نوم ومن وسن
هيهات حتى ترى طرفا بلا نظر كما أرى في الهوى شخصا بلا بدن
والنظر , سهم خطر؛ للرجال والنساء؛ على حد سواء؛ إن لم يزد النساء
كما قال النووي رحمه الله: وهذا في المرأة أبلغ؛ لأنها أشد شهوة , وأقل عقلا؛ فتسارع إليها الفتنه حكاه عنه العظيم أبادي "
الخطأ فى الفقرة هنا هو أن المرأة أشد شهوة فلو كانت المرأة كذلك ما أباح الله للرجل الزواج من اثنتين وثلاثة وأربعة وإنما كان الحكم هو العكس وهو إباحة زواج المرأة من عدة رجال
قوة الشهوة وهى الشدة ليست فى كل الرجال وغنما فى بعض قليل ولذا نجد زواج الواحدة هو الشائع
ثم قال الغمارى :
"قال تعالى: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا}
قال بن رجب الحنبلي "جعل الله المرأة فتنة للرجل, والرجل فتنة للمرأة
قلت: أتصبرون عن النظر , وما يتبع البصر
و عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (ص)(إن النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه) رواه الطبراني والحاكم وصححه وضعفه الألباني
فالنظر سهم مسموم؛ يصيب القلب بجروح وهموم؛ كما أخبر المعصوم؛ فإن لم يصب قلبها شهوة ؛ أصابته محبة وحسره
قال بن القيم :فإن السهم شأنه أن يسري في القلب ؛ فيعمل فيه عمل السم الذي يسقاه المسموم؛ فإن بادر واستفرغه وإلا قتله
وقال :ومن كرر النظر , ونقب عن محاسن الصورة , ونقلها إلي قلب فارغ ؛ فنقشها فيه تمكنت المحبةو قد شكت: امرأة من سهم الحب؛ الذي أصاب القلب فأنشدت:
أدعو الذي صرف الهوى مني إليك ومنك عني
أن يبتليك بما ابتلاني أو يسل الحب مني
وقال: النظرة تفعل في القلب ؛ ما يفعل السهم في الرمية ؛ فإن لم تقتله جرحته
وقال :النظرة بمنزلة الشرارة من النار؛ ترمى في الحشيش اليابس ؛ فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه"
بنى الغمارى حكما بناء على الرواية ونقل نقولا مبنية على الرواية وهى رواية لم يقلها النبى(ص) لأنها قالت النظرة عموما ولم تفرق بين الحلال والحرام فهناك نظرات حلال ونظرات حرام وتعارضها روايات فى إباحة النظر للزوجة منها "اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"
ثم أكمل الرجل نقوله من الشعر وقد أكثر منه فنقل التالى:
"وقد قيل:
كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر "
وهو كلام ليس صحيح فليس النظر هو سبب كل المشاكل فبعضهما ناتج من الطمع القلبى فى مال الغير وبعضها ناتج من انعدام التفكير كمن ينصر أخاه بلا تحقق ولا تبين ثم قال
"وقال بن القيم رحمه الله: ومن أطلق نظره؛ دامت حسرته؛ فأضر شيء على القلب إرسال البصر؛ فإنه يريه ما لا صبر له عنه , ولا وصول له إليه؛ وذلك غاية ألمه وعذابه
وقد قيل:
وأنت متى أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لاكله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ولما كان النظر؛ بابا للخطر؛ أغلق الباب؛ بما في الكتاب {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}
قال بن جرير :يا محمد قل للمؤمنات من أمتك يغضضن من أبصارهن عما يكره الله النظر إليه مما نهاكم عن النظر إليه
و قال بن عباس : يغضضن من أبصارهن عن شهواتهن فيما يكره الله
وفيه عن سفيان رحمه الله: يغضضن من أبصارهن عما لا يحل لهن
وقال بن كثير رحمه الله:
يغضضن أبصارهن عما حرم الله عليهن من النظر إلي غير أ زواجهن
قلت: فهذه الآية مطلقة على كل حال؛ في أمر المرأة بغض بصرها عن الرجال"
الرجل هنا نقل نقولا فى تفسير آية الغض نقولا صحيحة متفقة على غض البصر عما حرمه الله من الرجال وعدم غضه عما أباح الله من الرجال من زوج أو أب أو اخ أو ما ذكره الله وهذه النقول تناقض رواية النظرة سهم مسموم على عمومها
وفى الفصل التالى تحدث عن سبب تحريم النظر لمن حرم الله النظر لهم فقال:
"الفصل الثاني: العلة في تحريم النظر:
والأمر بغض البصر الخوف من الفتنة؛ وإن انتفت الشهوة
{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} الأحزاب53 [الأحزاب: 53]
والقاعدة: الحكم يدور مع علته وجودا وعدما
قال بن تيمية :وإن انتفت الشهوة؛ يبقى النظر مظنة الفتنة؛ والأصل أن كل ما كان سببا في الفتنة؛ فإنه لا يجوز
قال: ومن كرر النظر وأدامه , وقال: إني لا أنظر لشهوة؛ فقد كذب؛ لأنه لم يكن النظر إلا لما حصل في قلبه من اللذة , وأما نظر الفجأة؛ فهو عفو إذا صرف بصره قلت: وهذا القول جدير إذ عليه حديث جرير عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله (ص)(عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري) رواه مسلم
فالأمر واضح جلي كما في حديث على :عن علي بن أبي طالب : أن النبي (ص)(قال له يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة) رواه أحمد والحاكم وقال حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه» وحسنه الألباني
قال النووي رحمه الله: (إنما منع النظر خوف الفتنة؛ و لأن الفتنة مشتركة؛ فكما يخاف الرجل الإ فتتان بها؛ فإنها تخاف الإ فتتان به
قلت: وهذا التعليل دل عليه الدليل:عن عبد الله بن عباس أن النبي (لوى عنق الفضل بن عباس لما نظر في الخثعمية فقال العباس يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك قال رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما)
ولأحمد (قال رأيت شابا وشابة فخفت الشيطان عليهما)
قال النووي :وفيه دليل على صرف الفتنة عنه وعنها , وفيه غض البصر عن الأجنبيات , وغضهن عن الرجال الأجانب"
الاستدلال بأية الحجاب وهو الساتر الفاصل بين نساء البيت وبين الرجال المدعوين للطعام على وجوب غض البصر ليس استدلالا سليما لأن إلانة القول أيضا داخلة فى الموضوع كما قال تعالى :
"يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا"
وأيضا يدخل فى ذلك عدد أخر من الأمور كالروائح وقد ترك الرجل الآيات الصريحة وهى :
"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن"
فغض النظر مذكور هنا صراحة وسببه تزكية النفس وهو تطهير القلوب من الذنوب
وكلامه عن نظرة الفجاءة كلام صحيح فنظرة الفجاءة أساسا ليس فيها نية شهوة نظرية أى غيرها وإنما النية هى استكشاف ما أمام الإنسان فقط فى الطريق أو المكان العام
وفى الفصل الأخير استعرض الغمارى حكم نظر المرأة بشهوة وبغير شهوة فقال:
"الفصل الثالث: حكم نظر المرأة بشهوة وبغير شهوة:
اتفق العلماء: على تحريم النظر بشهوة من النساء وحكى الإتفاق: النووي واختلفوا: في نظر المرأة للرجل من غير شهوة فالصحيح الذي في النص صريح , التحريم، كما في السنة والقرآن الكريم , وقول أكثر العلماء من قديم
عن أبي هريرة عن النبي (ص)قال "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه متفق عليه واللفظ لمسلم
قال ابن القيم :العين مرآة القلب؛ فإذا غض العبد بصره؛ غض القلب شهوته , وإذا أطلق بصره؛ أطلق القلب شهوته
قلت: وهذا عام للرجال والنساء , على حد سواء فقد أمر النساء في النور؛ بما أمر به الذكور"
الاستشهاد بالرواية هنا فيه نفس الخطأ وهو ان الرواية تحرم كل النظر وكل الاستماع وكل البطش وكل الكلام وكل الخطا والمفترض أنها تحرم النظر المحرم والاستماع المخرم والبطش المحرم والخطا المحرمو وليس كل كل شىء فهذا كلام لا يمكن أن يقوله النبى(ص) أو ينطق به لأن الرواية بهذا المنطق حرمت على الإنسان كل شىء تقريبا
ثم نقل الغمارى نقولا من بطون الكتب منها :
"قال الإمام الشافعي :وكما لا يجوز للرجل أن ينظر في المرأة؛ فكذلك لا يجوز للمرأة أن تنظر في الرجل لهذه الآية
وقال بن كثير :وقد ذهب كثير من العلماء: إلي أنه لا يجوز للمرأة النظر إلي الرجال الأجانب؛ بشهوة أو بغير شهوة أصلا وقال النووي :والصحيح الذي عليه جمهور العلماء , وأكثر الصحابة؛ أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي؛ كما يحرم عليه النظر إليها لهذه الآية؛ أي آية النور ولأن الفتنة مشتركة؛ فكما يخاف الرجل الإفتتان بالمرأة؛ فإن المرأة تخاف الإفتتان بالرجل وقال: إنما منع النظر خوف الفتنة
وللعظيم أبادي ولأن النساء أحد نوعي الآدميين؛ فحرم عليهن النظر إلي النوع الآخر قياسا على الرجال "
ثم ناقش الغمارى روايات نظر عائشة للعب الحبش ومن ثم جواز النظر للرجال بغير شهوة فقال :
"وأما القول بجواز النظر من المرأة إذا كان بغير شهوة فقد قال النووي :هذا قول ضعيف
قلت: وقد استدل على جواز نظر النساء؛ بأدلة أجاب عنها العلماء
الدليل الأول: عن عائشة قالت: رأيت رسول الله (ص)يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون وأنا جارية فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن) رواه مسلم
الجواب الأول: نظرت في الحبشة عائشة لأنها غير بالغة وعلى هذا دل قولها (وأنا جارية فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو) متفق عليه
قال البيهقي وهذه الزيادة دليل على أنها لم تبلغ وبهذا قال النووي:
وعن أنس قال: لما قدم النبي (ص)المدينة (لعبت الحبشة بالحراب فرحا بقدومه) رواه البيهقي
وقال: فإن كانت هذه القصة وماروته عائشة واحدة دل على أنها غير بالغة لأن النبي (ص)بنى بها حين قدم المدينة وهي ابنة تسع سنين
قلت: والذي يظهر أنها ليست واحدة لأن عائشة ذكرت: أن لعب الحبشة كان يوم عيد عن عائشة قالت: (جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد فدعاني النبي (ص)فوضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم)
ولأحمد: عن عائشة قالت: (كنت ألعب باللعب فيأتيني صواحبي فإذا دخل رسول الله (ص)فررن منه فيأخذهن رسول الله (ص)فيردهن إلي)
الجواب الثاني: كان نظر عائشة لمن يلعبون بالحراب؛ قبل نزول آية الحجابكما دل عليه حديث أنس هذا؛ إذ فيه أن لعب الحبشة كان عند قدوم النبي (ص)المدينة:؛ وقدومه كان في السنة الأولى: و لم يشرع الحجاب إلا بعد غزوة بني قريظة؛ وكانت عقب الخندق سنة خمس
كما قالت عائشة : (كنت في حصن بني حارثة يوم الخندق وكانت معي أم سعد بن معاذ في الحصن وذلك قبل أن يضرب الحجاب) رواه البيهقي
وفيه لما نزلت توبة أبي لبابة لما فعله مع بني قريظة قالت أم سلمة :أفلا أبشره: يا رسول الله قال: بلى قالت: فقمت على باب حجرتي فقلت: وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك)
قال البيهقي: وغزوة بني قريظة كانت عقب الخندق في سنة خمس والحجاب كان بعده وبهذا أجاب البيهقي والنووي
الجواب الثالث: على تقدير أن عائشة بالغة وأن الحجاب نزل قبل لعب الحبشة أجيب: بأن عائشة لم تنظر في أبدان ووجوه الشباب؛ وإنما نظرت في اللعب والحراب وعليه دل قولها : (لقد رأيت رسول الله (ص)يوما على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد ورسول الله (ص)يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم) رواه البخاري
قال النووي :وأقوى الأجوبة بأنه ليس في الحديث بأنها نظرت في وجوههم وأبدانهم
وإنما نظرت في لعبهم وحرابهم قال: ولا يلزم من ذلك تعمد النظر إلى البدن وإن وقع بلا قصد صرفته في الحال قلت: وقد عفي عن النظر من غير قصد وأخذ الناظر بنظر العمد"
والاجابات التى قالها القوم فى الروايات لا تقنع احد فعدم بلوغ عائشة يعنى حرمة زواج النبى(ص) بها لأن لا يجوز زواج من لا تصلح للزواج فالتى لم تبلع لا تصلح للزواج لأنها لم تبلغ سن النكاح
وتعليل الأمر بعدم فرض الحجاب خبل فالحجاب ليس النظر حتى يمكن لأن يقال بارتباطهما فالحجاب البيتى هو وجود فاصل بين الأجنبى وبين نساء البيت قد يكون جدارا أو بابا أو نسيج طويل عريض معتم بطول المكان
كما ان الروايات كلها يكذبها أن المسجد بنى لشىء واحد وهو الصلاة أى ذكر الله ويكون فقط فيه رجال وليس امرأة تنظر كما قال تعالى "فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله "
ثم قال الغمارى:
"عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله (ص)(عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري) رواه مسلم
وعن علي بن أبي طالب أن النبي (ص)(قال له يا علي إن لك كنزا من الجنة وإنك ذو قرنيها فلا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة) رواه أحمد والحاكم وقال حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه» وحسنه الألباني
الدليل الثاني: احتجوا على جواز نظر المرأة للرجل بغير شهوة بحديث فاطمة بنت قيس عن فاطمة بنت قيس : (أن النبي (ص)قال لها (اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك) رواه مسلم
وفي لفظ (فانطلقي إلى ابن أم مكتوم الأعمى فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك) قال العيني: وفاطمة من المهاجرات الأول وابن أم مكتوم ابن عمها
قلت: وفي لفظ لمسلم: (اعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم فإنه ضرير البصر تلقي ثوبك عنده)
الجواب الأول: ليس في الحديث ما يدل على جواز نظر فاطمة في ابن أم مكتوم والأصل: أنها مأمورة بغض البصر عنه
قال المباركافوري وأيضا ليس فيه رخصة لها بالنظر إليه؛ بل فيه أنها آمنة عنده من نظر غيره؛ وهي مأمورة بغض بصرها عنه قال الصنعاني: والأصل تحريم نظر الأجنبية إلا بدليل وقال بن عبد البر: ومن منع النظر من الأجنبية؛ قال: ليس في حديث فاطمة؛ أنه أطلق لها النظر إليه
الجواب الثاني: أنه يمكنها في بيته أن تعتد , ولبصرها أن تغض؛ إذ لا ملازمة بين الإجتماع والنظر قال العظيم أبادي: ويجاب بأنه يمكن ذلك؛ أي الإعتداد في بيته؛ مع غض البصر منها, ولا ملازمة بين الإجتماع في البيت والنظر
وبهذا أجاب الشوكاني:
الدليل الثالث: عن فاطمة بنت قيس :فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي) رواه مسلم
الجواب الأول: لا يلزم من المرور والزيارة، نظر أم شريك في الصحابة؛ لأنه لا تلازم بين النظر والزيارة؛ فقد تزار ولا تنظر
الجواب الثاني: عن فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس : وكانت من المهاجرات الأول "أن النبي (ص)قال لها انتقلي إلى أم شريك وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان فقلت سأفعل فقال لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين" رواه مسلم
وهذا معنى يغشاها أصحابي
قلت: ولا يلزم من النفقة والإحسان؟ النظر في الضيفان"
رواية حديث فاطمة كلها تخالف حكم الله فالاعتداد وهو وقت العدة من طلاق او وفاة يكون فى بيت الزوجية كما قال تعالى" إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهم وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة"
والنبى(ص) لا يمكن أن يخالف حكم الله ومن ثم فالحادثة لم تحدث أبدا
الدليل الرابع: حديث الخثعمية عن عبد الله بن عباس أنه قال: (كان الفضل بن عباس رديف رسول الله (ص)فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله (ص)يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر) متفق عليه
قال العيني: لم ينقل أنه نهى المرأة عن النظر إليه وأجاب: عن ذلك بجوابين
الجواب الأول: إكتفى النبي (ص)بمنع الفضل؛ لما رأى أنها بذلك تعلم منع نظرها إليه؛ لأن حكمهما واحد
قلت: وهو الأصل قال تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون}
وقال تعالى {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}
الجواب الثاني: أنها لم تحتج إلي أمر؛ لأنها غضت البصر؛ فقد تنبهت لما فعل بالفضل؛ فأخذت منه العذل
قلت: ويدل عليه ما ورد في لفظة حديثية بأنه خاف الفتنة على الفضل والخثعميه
عن عبد الله بن عباس : (أن النبي (ص)لو عنق الفضل لما نظر في الخثعمية (فقال العباس يا رسول الله لم لويت عنق بن عمك قال رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما)
الجواب الثالث: أن النبي (ص)لما صرف وجه الفضل لأول وهلة؛ لم يبق منه ما تنظر إليه المرأة
قال النووي: وفي صرفه لوجه الفضل عن المرأة؛ دليل على دفع الفتنة عنه وعنها
قلت: وعليه دل قوله (ص)في لفظ لأحمد (رأيت شابا وشابة فخفت الشيطان عليهما) رواه أحمد
وقال: وفيه الحث على غض البصر عن الأجنبيات , وغضهن عن الرجال الأجانب"
الغريب فى روايات الحديث هو أنها كلها سكتت عن كون الفضل تزوج أربعة فحرم عليه النظر للمرأة وكالها سكتت عن كون المرأة متزوجة أم لا مع أن فى بعض الروايات انها كانت مع أبيها وهو ما يدل على أن جواز نظرها إليها بدافع الزواج
كما أن الغمارى سكت عن كون الواقعة كانت فى زمن الحج والنظر من الرفث الذى يبطل الحج ثم قال:
"الدليل الخامس: ما نقله المباركافوري عن السيوطي وأبي داود بأن النساء أمرن بالحجاب لئلا يراهن الرجال , ولم يؤمر الرجال بالحجاب لئلا يراهم النساء؛ فدل على مغايرة الحكم بين الطائفتين
الجواب الأول: هذا التعليل يخالف الدليل؛ من الكتاب والسنة وجمهور العلماء؛ إذا لم يفرقوا في النظر بين الرجال والنساء؛ فقد أمر النساء في سورة النور بما أمر به الذكور
الجواب الثاني: النص جاء في الحكم بالمرادفة؛ لا بالمغايرة؛ فقد أمر النساء في النور بما أمر به الذكور
الجواب الثالث: هذا قياس مع النص ولا قياس مع النص بالإجماع "
وما عرضه الرجل من أدلة على حرمة النظر بغير شهوة لا يدخل فى أصل المسألة التى كان عليها الجدال وهو لم يذكرها فى أول الكتاب وإنما ذكرها بعد كل الكلام السابق فقال:
"وسر الجدال؛ نظر المرأة للرجال؛ في القنوات؛ والصحف والمجلات وخير من القول بجواز نظر المرأة إلى الرجال من غير شهوة القول بجواز سماع وقراءة المقال مع غض بصرها عن الرجال؛ إذ به جاءت الأدله من الكتاب والسنة فالله الذي بغض البصر أمرهن هو الذي لصلاة العيد و سماع الخطبة أخرجهن فلا ملازمة بين السمع والبصر؛ إذ يمكن للمرأة أن تغض بصرها عن الرجال وأن تسمع منهم المقال ولكن من ضيق الباع ترك تحقيق النزاع"
أصل المسألة هنا هى النظر ليس لأجسام الرجال أو النساء وإنما لصور بعضها ثابت كما فى الصحف والمجلات وبعضها متحرك كما فى التلفاز وسوف نتعرض لذلك بعد الانتهاء من الكتاب
وقد ناقش الرجل فى الفقرات التالية مسألة لا علاقة لها بموضوع الكتاب وهى المتشابه وسوف نحذ العديد منه وقد قال الغمارى:
"قال الناظم:
والأصل في التضييق ضيق الباع وقلة العلم والاطلاع
الخلاصة: أدلة المجيزين لنظر المرأة للرجل بغير شهوة من المتشابه وأدلة المانعين من المحكم
قال تعالى {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب}
وعن عائشة قالت: تلا رسول الله (ص)هذه الآية (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب) قالت فقال رسول الله (ص)فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) رواه البخاري ومسلم
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
علامة أهل السنة؛ الإستدلال بالأدلة الواضحة وعلامة أهل الزيغ؛ الإستدلال بالأدلة المتشابهة
قلت: والمتشابه هوالذي له عدة معاني فمن اختارأحد المعاني بوحي الشيطان ضل
...والمحكم: هوالذي له معنى واحد بين واضح لم ينسخ ولم يخص ولم يقيد كقوله تعالى {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} "
الكتاب دار حول النظر للأجساد الرجالية والنسائية الحية وأصل المسألة هو النظر فى صور الرجال والنساء فى وسائل الإعلام سواء كانت ثابتة او متحركة
فى دولة المسلمين لا يجوز ظهور صور النساء والرجال ثابتة أو متحركة فى وسائل الإعلام إلا فى حالة الاضطرار وهى البحث عن التائهين أو المجرمين ومن ثم أصل المسألة لا يحدث فى مجتمع مسلم وإنما فى مجتمعات تحكم بغير حكم الله
ومن ثم تبعا لمعتقد الرجل كان عليه أن يتعرض للمسألة من خلال روايات أخرى كهتك القرام وتعذيب المصورين فهى التى تناسب ذلك الجدال وإن كان لها ارتباط بآيات غض البصر
وأما حكاية جواز النظر للنساء بغير شهوة فهو جائز فى حالات محددة لأغراض مباحة :
الأول المشاكل الزوجية فوجود حكم من أهل الرجل وحكم من أهل المرأة يستلزم جلوس الرجلين مع المرأة كما يجلسان مع الرجل على انفراد فى أول مرة لسماع وجهة نظر كل منهم وهذا النوع من القضاء الأهلى يستلزم النظر لوجوه الاثنين أحيانا لأن الكذب أحيانا يظهر على الوجوه عند التكلم وهما لحاجة لمعرفة كذب كل الطرفين ليعرفا كيفية الحل فيما بعد وفى هذا قال تعالى "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما"
الثانى المسائل القضائية فالقاضى لابد له من النظر فى وجوه النساء فى مجلس القضاء للتأكد من شخصياتهن ومن معرفة الكذب والصدق فى أقوالهم ومن القضايا التى فيها شهود نساء قضايا الدين كما قال تعالى "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وإمرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى"
الثالث شكاوى النساء للحاكم كما فى حكاية المظاهرة وفيها قال تعالى " قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركما"
الشكاوى وهى استفتاءات علمية تستلزم النظر لمعرفة شخصية المرأة حتى إذا بعث لمن تشتكيه حتى يحل الشكوى يعرف هل له بها صلة ام لا عند المواجهة أو ما شاكل هذا
الرابع الاغاثة أو المساعدة من باب قوله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى "فقد تحتاج المرأة للمساعدة أو الرجل فى لحظة إن لم يفعل احدهما شيئا مات الأخر مثل غرق المرأة فالرجل بحاجة للنظر لمكانها ومن ثم فهو ينظر حتى يقدر على اخراجها وهو يمسك جسمها أيضا بل قد يحتاج لاجراء عملية التنفس لها فيجلس فوقها للضغط على صدرها وينفخ فى فمها وقد تحدث حادثة سيارة مثلا لرجل وتتواجد امرأة فى المكان فإن لم تنظر لمكان وجوده فى السيارة لن تستطيع أن تخرجه
وأما فى المجتمعات الكافرة التى يعيش فيها مسلمون فيجوز النظر بدون شهوة للضرورة كما فى قصة أخت موسى(ص) التى نظرت لما يفعله الرجال بأخيها وتحدثت مع الحاضرين وفى هذا قال تعالى "وقالت لأخيه قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون"
وكما فى قصة مريم عندما أتت تحمل المسيح(ص) لقومها وتحدثت معهم وفى هذا قال تعالى "فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت مريم ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا"
وكما فى قصة موسى(ص) مع الفتاتين عند ماء مدين وفيها قال تعالى "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير"
فلو غض موسى(ص) نظره عند الماء ما شاهد الفتاتين ومن ثم لم يكن ما حدث من اشتعاله مع أبيهما وزواجه من احداهما لم يقع
إذا النظر من غير شهوة أمر يقع فى المجتمع المسلم والكافر الذى يعيش فيه مسلمون وهو مباح طالما الضرورة وهى هنا حكم الله أباحته
مؤلف الكتاب محمد بن أحمد العماري وهو من أهل العصر وسبب تأليف الكتاب كما قال :
"فلما كثر الجدال؛ في نظر المرأة بغير شهوة للرجال؛ رميت بسهمي؛ لأصيب ما أرمي فإن أصبت فبالسنة والقرآن؛ وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان؛ والله ورسوله منه بريئان"
وقد قسم الكتاب ثلاث فصول أولها خطر النظر وقد أكثر فيه من الاستشهاد بالشعر والشعر ليس دليلا على الأحكام ومن ثم حذفت الكثير مما استشهد به وفيه قال :
"الفصل الأول: خطر النظر على النسوة؛ ولو بغير شهوة
أختاه:
إذا أنت لم ترعي البروق اللوامحا ونمت جرى من تحتك السيل سائحا
فمن نظرت في الرجال؛ قتلت نفسها على كل حال
كما قال الشاعر: لمن أطلق الناظر
نظر العيون إلى العيون هو الذي جعل الهلاك إلي الفؤاد سبيلا
مازالت اللحظات تغزوا قلبه حتى تشحط بينهن قتيلا
ومن أطلقت النظر فقلبها في خطر
وما جنت على جسدها؛ بمثل إطلاق بصرها فتعيش تهوى أشخاصا؛ ولا ترى أبدانا وقد قيل:
والله يا بصري الجاني على جسدي لأطفئن بدمعي لوعة الحزن
تالله تطمع أن أبكي هوى وضنى وأنت تشبع من نوم ومن وسن
هيهات حتى ترى طرفا بلا نظر كما أرى في الهوى شخصا بلا بدن
والنظر , سهم خطر؛ للرجال والنساء؛ على حد سواء؛ إن لم يزد النساء
كما قال النووي رحمه الله: وهذا في المرأة أبلغ؛ لأنها أشد شهوة , وأقل عقلا؛ فتسارع إليها الفتنه حكاه عنه العظيم أبادي "
الخطأ فى الفقرة هنا هو أن المرأة أشد شهوة فلو كانت المرأة كذلك ما أباح الله للرجل الزواج من اثنتين وثلاثة وأربعة وإنما كان الحكم هو العكس وهو إباحة زواج المرأة من عدة رجال
قوة الشهوة وهى الشدة ليست فى كل الرجال وغنما فى بعض قليل ولذا نجد زواج الواحدة هو الشائع
ثم قال الغمارى :
"قال تعالى: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا}
قال بن رجب الحنبلي "جعل الله المرأة فتنة للرجل, والرجل فتنة للمرأة
قلت: أتصبرون عن النظر , وما يتبع البصر
و عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (ص)(إن النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه) رواه الطبراني والحاكم وصححه وضعفه الألباني
فالنظر سهم مسموم؛ يصيب القلب بجروح وهموم؛ كما أخبر المعصوم؛ فإن لم يصب قلبها شهوة ؛ أصابته محبة وحسره
قال بن القيم :فإن السهم شأنه أن يسري في القلب ؛ فيعمل فيه عمل السم الذي يسقاه المسموم؛ فإن بادر واستفرغه وإلا قتله
وقال :ومن كرر النظر , ونقب عن محاسن الصورة , ونقلها إلي قلب فارغ ؛ فنقشها فيه تمكنت المحبةو قد شكت: امرأة من سهم الحب؛ الذي أصاب القلب فأنشدت:
أدعو الذي صرف الهوى مني إليك ومنك عني
أن يبتليك بما ابتلاني أو يسل الحب مني
وقال: النظرة تفعل في القلب ؛ ما يفعل السهم في الرمية ؛ فإن لم تقتله جرحته
وقال :النظرة بمنزلة الشرارة من النار؛ ترمى في الحشيش اليابس ؛ فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه"
بنى الغمارى حكما بناء على الرواية ونقل نقولا مبنية على الرواية وهى رواية لم يقلها النبى(ص) لأنها قالت النظرة عموما ولم تفرق بين الحلال والحرام فهناك نظرات حلال ونظرات حرام وتعارضها روايات فى إباحة النظر للزوجة منها "اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"
ثم أكمل الرجل نقوله من الشعر وقد أكثر منه فنقل التالى:
"وقد قيل:
كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر "
وهو كلام ليس صحيح فليس النظر هو سبب كل المشاكل فبعضهما ناتج من الطمع القلبى فى مال الغير وبعضها ناتج من انعدام التفكير كمن ينصر أخاه بلا تحقق ولا تبين ثم قال
"وقال بن القيم رحمه الله: ومن أطلق نظره؛ دامت حسرته؛ فأضر شيء على القلب إرسال البصر؛ فإنه يريه ما لا صبر له عنه , ولا وصول له إليه؛ وذلك غاية ألمه وعذابه
وقد قيل:
وأنت متى أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لاكله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ولما كان النظر؛ بابا للخطر؛ أغلق الباب؛ بما في الكتاب {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}
قال بن جرير :يا محمد قل للمؤمنات من أمتك يغضضن من أبصارهن عما يكره الله النظر إليه مما نهاكم عن النظر إليه
و قال بن عباس : يغضضن من أبصارهن عن شهواتهن فيما يكره الله
وفيه عن سفيان رحمه الله: يغضضن من أبصارهن عما لا يحل لهن
وقال بن كثير رحمه الله:
يغضضن أبصارهن عما حرم الله عليهن من النظر إلي غير أ زواجهن
قلت: فهذه الآية مطلقة على كل حال؛ في أمر المرأة بغض بصرها عن الرجال"
الرجل هنا نقل نقولا فى تفسير آية الغض نقولا صحيحة متفقة على غض البصر عما حرمه الله من الرجال وعدم غضه عما أباح الله من الرجال من زوج أو أب أو اخ أو ما ذكره الله وهذه النقول تناقض رواية النظرة سهم مسموم على عمومها
وفى الفصل التالى تحدث عن سبب تحريم النظر لمن حرم الله النظر لهم فقال:
"الفصل الثاني: العلة في تحريم النظر:
والأمر بغض البصر الخوف من الفتنة؛ وإن انتفت الشهوة
{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} الأحزاب53 [الأحزاب: 53]
والقاعدة: الحكم يدور مع علته وجودا وعدما
قال بن تيمية :وإن انتفت الشهوة؛ يبقى النظر مظنة الفتنة؛ والأصل أن كل ما كان سببا في الفتنة؛ فإنه لا يجوز
قال: ومن كرر النظر وأدامه , وقال: إني لا أنظر لشهوة؛ فقد كذب؛ لأنه لم يكن النظر إلا لما حصل في قلبه من اللذة , وأما نظر الفجأة؛ فهو عفو إذا صرف بصره قلت: وهذا القول جدير إذ عليه حديث جرير عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله (ص)(عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري) رواه مسلم
فالأمر واضح جلي كما في حديث على :عن علي بن أبي طالب : أن النبي (ص)(قال له يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة) رواه أحمد والحاكم وقال حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه» وحسنه الألباني
قال النووي رحمه الله: (إنما منع النظر خوف الفتنة؛ و لأن الفتنة مشتركة؛ فكما يخاف الرجل الإ فتتان بها؛ فإنها تخاف الإ فتتان به
قلت: وهذا التعليل دل عليه الدليل:عن عبد الله بن عباس أن النبي (لوى عنق الفضل بن عباس لما نظر في الخثعمية فقال العباس يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك قال رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما)
ولأحمد (قال رأيت شابا وشابة فخفت الشيطان عليهما)
قال النووي :وفيه دليل على صرف الفتنة عنه وعنها , وفيه غض البصر عن الأجنبيات , وغضهن عن الرجال الأجانب"
الاستدلال بأية الحجاب وهو الساتر الفاصل بين نساء البيت وبين الرجال المدعوين للطعام على وجوب غض البصر ليس استدلالا سليما لأن إلانة القول أيضا داخلة فى الموضوع كما قال تعالى :
"يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا"
وأيضا يدخل فى ذلك عدد أخر من الأمور كالروائح وقد ترك الرجل الآيات الصريحة وهى :
"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن"
فغض النظر مذكور هنا صراحة وسببه تزكية النفس وهو تطهير القلوب من الذنوب
وكلامه عن نظرة الفجاءة كلام صحيح فنظرة الفجاءة أساسا ليس فيها نية شهوة نظرية أى غيرها وإنما النية هى استكشاف ما أمام الإنسان فقط فى الطريق أو المكان العام
وفى الفصل الأخير استعرض الغمارى حكم نظر المرأة بشهوة وبغير شهوة فقال:
"الفصل الثالث: حكم نظر المرأة بشهوة وبغير شهوة:
اتفق العلماء: على تحريم النظر بشهوة من النساء وحكى الإتفاق: النووي واختلفوا: في نظر المرأة للرجل من غير شهوة فالصحيح الذي في النص صريح , التحريم، كما في السنة والقرآن الكريم , وقول أكثر العلماء من قديم
عن أبي هريرة عن النبي (ص)قال "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه متفق عليه واللفظ لمسلم
قال ابن القيم :العين مرآة القلب؛ فإذا غض العبد بصره؛ غض القلب شهوته , وإذا أطلق بصره؛ أطلق القلب شهوته
قلت: وهذا عام للرجال والنساء , على حد سواء فقد أمر النساء في النور؛ بما أمر به الذكور"
الاستشهاد بالرواية هنا فيه نفس الخطأ وهو ان الرواية تحرم كل النظر وكل الاستماع وكل البطش وكل الكلام وكل الخطا والمفترض أنها تحرم النظر المحرم والاستماع المخرم والبطش المحرم والخطا المحرمو وليس كل كل شىء فهذا كلام لا يمكن أن يقوله النبى(ص) أو ينطق به لأن الرواية بهذا المنطق حرمت على الإنسان كل شىء تقريبا
ثم نقل الغمارى نقولا من بطون الكتب منها :
"قال الإمام الشافعي :وكما لا يجوز للرجل أن ينظر في المرأة؛ فكذلك لا يجوز للمرأة أن تنظر في الرجل لهذه الآية
وقال بن كثير :وقد ذهب كثير من العلماء: إلي أنه لا يجوز للمرأة النظر إلي الرجال الأجانب؛ بشهوة أو بغير شهوة أصلا وقال النووي :والصحيح الذي عليه جمهور العلماء , وأكثر الصحابة؛ أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي؛ كما يحرم عليه النظر إليها لهذه الآية؛ أي آية النور ولأن الفتنة مشتركة؛ فكما يخاف الرجل الإفتتان بالمرأة؛ فإن المرأة تخاف الإفتتان بالرجل وقال: إنما منع النظر خوف الفتنة
وللعظيم أبادي ولأن النساء أحد نوعي الآدميين؛ فحرم عليهن النظر إلي النوع الآخر قياسا على الرجال "
ثم ناقش الغمارى روايات نظر عائشة للعب الحبش ومن ثم جواز النظر للرجال بغير شهوة فقال :
"وأما القول بجواز النظر من المرأة إذا كان بغير شهوة فقد قال النووي :هذا قول ضعيف
قلت: وقد استدل على جواز نظر النساء؛ بأدلة أجاب عنها العلماء
الدليل الأول: عن عائشة قالت: رأيت رسول الله (ص)يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون وأنا جارية فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن) رواه مسلم
الجواب الأول: نظرت في الحبشة عائشة لأنها غير بالغة وعلى هذا دل قولها (وأنا جارية فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو) متفق عليه
قال البيهقي وهذه الزيادة دليل على أنها لم تبلغ وبهذا قال النووي:
وعن أنس قال: لما قدم النبي (ص)المدينة (لعبت الحبشة بالحراب فرحا بقدومه) رواه البيهقي
وقال: فإن كانت هذه القصة وماروته عائشة واحدة دل على أنها غير بالغة لأن النبي (ص)بنى بها حين قدم المدينة وهي ابنة تسع سنين
قلت: والذي يظهر أنها ليست واحدة لأن عائشة ذكرت: أن لعب الحبشة كان يوم عيد عن عائشة قالت: (جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد فدعاني النبي (ص)فوضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم)
ولأحمد: عن عائشة قالت: (كنت ألعب باللعب فيأتيني صواحبي فإذا دخل رسول الله (ص)فررن منه فيأخذهن رسول الله (ص)فيردهن إلي)
الجواب الثاني: كان نظر عائشة لمن يلعبون بالحراب؛ قبل نزول آية الحجابكما دل عليه حديث أنس هذا؛ إذ فيه أن لعب الحبشة كان عند قدوم النبي (ص)المدينة:؛ وقدومه كان في السنة الأولى: و لم يشرع الحجاب إلا بعد غزوة بني قريظة؛ وكانت عقب الخندق سنة خمس
كما قالت عائشة : (كنت في حصن بني حارثة يوم الخندق وكانت معي أم سعد بن معاذ في الحصن وذلك قبل أن يضرب الحجاب) رواه البيهقي
وفيه لما نزلت توبة أبي لبابة لما فعله مع بني قريظة قالت أم سلمة :أفلا أبشره: يا رسول الله قال: بلى قالت: فقمت على باب حجرتي فقلت: وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك)
قال البيهقي: وغزوة بني قريظة كانت عقب الخندق في سنة خمس والحجاب كان بعده وبهذا أجاب البيهقي والنووي
الجواب الثالث: على تقدير أن عائشة بالغة وأن الحجاب نزل قبل لعب الحبشة أجيب: بأن عائشة لم تنظر في أبدان ووجوه الشباب؛ وإنما نظرت في اللعب والحراب وعليه دل قولها : (لقد رأيت رسول الله (ص)يوما على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد ورسول الله (ص)يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم) رواه البخاري
قال النووي :وأقوى الأجوبة بأنه ليس في الحديث بأنها نظرت في وجوههم وأبدانهم
وإنما نظرت في لعبهم وحرابهم قال: ولا يلزم من ذلك تعمد النظر إلى البدن وإن وقع بلا قصد صرفته في الحال قلت: وقد عفي عن النظر من غير قصد وأخذ الناظر بنظر العمد"
والاجابات التى قالها القوم فى الروايات لا تقنع احد فعدم بلوغ عائشة يعنى حرمة زواج النبى(ص) بها لأن لا يجوز زواج من لا تصلح للزواج فالتى لم تبلع لا تصلح للزواج لأنها لم تبلغ سن النكاح
وتعليل الأمر بعدم فرض الحجاب خبل فالحجاب ليس النظر حتى يمكن لأن يقال بارتباطهما فالحجاب البيتى هو وجود فاصل بين الأجنبى وبين نساء البيت قد يكون جدارا أو بابا أو نسيج طويل عريض معتم بطول المكان
كما ان الروايات كلها يكذبها أن المسجد بنى لشىء واحد وهو الصلاة أى ذكر الله ويكون فقط فيه رجال وليس امرأة تنظر كما قال تعالى "فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله "
ثم قال الغمارى:
"عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله (ص)(عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري) رواه مسلم
وعن علي بن أبي طالب أن النبي (ص)(قال له يا علي إن لك كنزا من الجنة وإنك ذو قرنيها فلا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة) رواه أحمد والحاكم وقال حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه» وحسنه الألباني
الدليل الثاني: احتجوا على جواز نظر المرأة للرجل بغير شهوة بحديث فاطمة بنت قيس عن فاطمة بنت قيس : (أن النبي (ص)قال لها (اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك) رواه مسلم
وفي لفظ (فانطلقي إلى ابن أم مكتوم الأعمى فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك) قال العيني: وفاطمة من المهاجرات الأول وابن أم مكتوم ابن عمها
قلت: وفي لفظ لمسلم: (اعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم فإنه ضرير البصر تلقي ثوبك عنده)
الجواب الأول: ليس في الحديث ما يدل على جواز نظر فاطمة في ابن أم مكتوم والأصل: أنها مأمورة بغض البصر عنه
قال المباركافوري وأيضا ليس فيه رخصة لها بالنظر إليه؛ بل فيه أنها آمنة عنده من نظر غيره؛ وهي مأمورة بغض بصرها عنه قال الصنعاني: والأصل تحريم نظر الأجنبية إلا بدليل وقال بن عبد البر: ومن منع النظر من الأجنبية؛ قال: ليس في حديث فاطمة؛ أنه أطلق لها النظر إليه
الجواب الثاني: أنه يمكنها في بيته أن تعتد , ولبصرها أن تغض؛ إذ لا ملازمة بين الإجتماع والنظر قال العظيم أبادي: ويجاب بأنه يمكن ذلك؛ أي الإعتداد في بيته؛ مع غض البصر منها, ولا ملازمة بين الإجتماع في البيت والنظر
وبهذا أجاب الشوكاني:
الدليل الثالث: عن فاطمة بنت قيس :فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي) رواه مسلم
الجواب الأول: لا يلزم من المرور والزيارة، نظر أم شريك في الصحابة؛ لأنه لا تلازم بين النظر والزيارة؛ فقد تزار ولا تنظر
الجواب الثاني: عن فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس : وكانت من المهاجرات الأول "أن النبي (ص)قال لها انتقلي إلى أم شريك وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان فقلت سأفعل فقال لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين" رواه مسلم
وهذا معنى يغشاها أصحابي
قلت: ولا يلزم من النفقة والإحسان؟ النظر في الضيفان"
رواية حديث فاطمة كلها تخالف حكم الله فالاعتداد وهو وقت العدة من طلاق او وفاة يكون فى بيت الزوجية كما قال تعالى" إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهم وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة"
والنبى(ص) لا يمكن أن يخالف حكم الله ومن ثم فالحادثة لم تحدث أبدا
الدليل الرابع: حديث الخثعمية عن عبد الله بن عباس أنه قال: (كان الفضل بن عباس رديف رسول الله (ص)فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله (ص)يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر) متفق عليه
قال العيني: لم ينقل أنه نهى المرأة عن النظر إليه وأجاب: عن ذلك بجوابين
الجواب الأول: إكتفى النبي (ص)بمنع الفضل؛ لما رأى أنها بذلك تعلم منع نظرها إليه؛ لأن حكمهما واحد
قلت: وهو الأصل قال تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون}
وقال تعالى {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}
الجواب الثاني: أنها لم تحتج إلي أمر؛ لأنها غضت البصر؛ فقد تنبهت لما فعل بالفضل؛ فأخذت منه العذل
قلت: ويدل عليه ما ورد في لفظة حديثية بأنه خاف الفتنة على الفضل والخثعميه
عن عبد الله بن عباس : (أن النبي (ص)لو عنق الفضل لما نظر في الخثعمية (فقال العباس يا رسول الله لم لويت عنق بن عمك قال رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما)
الجواب الثالث: أن النبي (ص)لما صرف وجه الفضل لأول وهلة؛ لم يبق منه ما تنظر إليه المرأة
قال النووي: وفي صرفه لوجه الفضل عن المرأة؛ دليل على دفع الفتنة عنه وعنها
قلت: وعليه دل قوله (ص)في لفظ لأحمد (رأيت شابا وشابة فخفت الشيطان عليهما) رواه أحمد
وقال: وفيه الحث على غض البصر عن الأجنبيات , وغضهن عن الرجال الأجانب"
الغريب فى روايات الحديث هو أنها كلها سكتت عن كون الفضل تزوج أربعة فحرم عليه النظر للمرأة وكالها سكتت عن كون المرأة متزوجة أم لا مع أن فى بعض الروايات انها كانت مع أبيها وهو ما يدل على أن جواز نظرها إليها بدافع الزواج
كما أن الغمارى سكت عن كون الواقعة كانت فى زمن الحج والنظر من الرفث الذى يبطل الحج ثم قال:
"الدليل الخامس: ما نقله المباركافوري عن السيوطي وأبي داود بأن النساء أمرن بالحجاب لئلا يراهن الرجال , ولم يؤمر الرجال بالحجاب لئلا يراهم النساء؛ فدل على مغايرة الحكم بين الطائفتين
الجواب الأول: هذا التعليل يخالف الدليل؛ من الكتاب والسنة وجمهور العلماء؛ إذا لم يفرقوا في النظر بين الرجال والنساء؛ فقد أمر النساء في سورة النور بما أمر به الذكور
الجواب الثاني: النص جاء في الحكم بالمرادفة؛ لا بالمغايرة؛ فقد أمر النساء في النور بما أمر به الذكور
الجواب الثالث: هذا قياس مع النص ولا قياس مع النص بالإجماع "
وما عرضه الرجل من أدلة على حرمة النظر بغير شهوة لا يدخل فى أصل المسألة التى كان عليها الجدال وهو لم يذكرها فى أول الكتاب وإنما ذكرها بعد كل الكلام السابق فقال:
"وسر الجدال؛ نظر المرأة للرجال؛ في القنوات؛ والصحف والمجلات وخير من القول بجواز نظر المرأة إلى الرجال من غير شهوة القول بجواز سماع وقراءة المقال مع غض بصرها عن الرجال؛ إذ به جاءت الأدله من الكتاب والسنة فالله الذي بغض البصر أمرهن هو الذي لصلاة العيد و سماع الخطبة أخرجهن فلا ملازمة بين السمع والبصر؛ إذ يمكن للمرأة أن تغض بصرها عن الرجال وأن تسمع منهم المقال ولكن من ضيق الباع ترك تحقيق النزاع"
أصل المسألة هنا هى النظر ليس لأجسام الرجال أو النساء وإنما لصور بعضها ثابت كما فى الصحف والمجلات وبعضها متحرك كما فى التلفاز وسوف نتعرض لذلك بعد الانتهاء من الكتاب
وقد ناقش الرجل فى الفقرات التالية مسألة لا علاقة لها بموضوع الكتاب وهى المتشابه وسوف نحذ العديد منه وقد قال الغمارى:
"قال الناظم:
والأصل في التضييق ضيق الباع وقلة العلم والاطلاع
الخلاصة: أدلة المجيزين لنظر المرأة للرجل بغير شهوة من المتشابه وأدلة المانعين من المحكم
قال تعالى {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب}
وعن عائشة قالت: تلا رسول الله (ص)هذه الآية (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب) قالت فقال رسول الله (ص)فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) رواه البخاري ومسلم
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
علامة أهل السنة؛ الإستدلال بالأدلة الواضحة وعلامة أهل الزيغ؛ الإستدلال بالأدلة المتشابهة
قلت: والمتشابه هوالذي له عدة معاني فمن اختارأحد المعاني بوحي الشيطان ضل
...والمحكم: هوالذي له معنى واحد بين واضح لم ينسخ ولم يخص ولم يقيد كقوله تعالى {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} "
الكتاب دار حول النظر للأجساد الرجالية والنسائية الحية وأصل المسألة هو النظر فى صور الرجال والنساء فى وسائل الإعلام سواء كانت ثابتة او متحركة
فى دولة المسلمين لا يجوز ظهور صور النساء والرجال ثابتة أو متحركة فى وسائل الإعلام إلا فى حالة الاضطرار وهى البحث عن التائهين أو المجرمين ومن ثم أصل المسألة لا يحدث فى مجتمع مسلم وإنما فى مجتمعات تحكم بغير حكم الله
ومن ثم تبعا لمعتقد الرجل كان عليه أن يتعرض للمسألة من خلال روايات أخرى كهتك القرام وتعذيب المصورين فهى التى تناسب ذلك الجدال وإن كان لها ارتباط بآيات غض البصر
وأما حكاية جواز النظر للنساء بغير شهوة فهو جائز فى حالات محددة لأغراض مباحة :
الأول المشاكل الزوجية فوجود حكم من أهل الرجل وحكم من أهل المرأة يستلزم جلوس الرجلين مع المرأة كما يجلسان مع الرجل على انفراد فى أول مرة لسماع وجهة نظر كل منهم وهذا النوع من القضاء الأهلى يستلزم النظر لوجوه الاثنين أحيانا لأن الكذب أحيانا يظهر على الوجوه عند التكلم وهما لحاجة لمعرفة كذب كل الطرفين ليعرفا كيفية الحل فيما بعد وفى هذا قال تعالى "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما"
الثانى المسائل القضائية فالقاضى لابد له من النظر فى وجوه النساء فى مجلس القضاء للتأكد من شخصياتهن ومن معرفة الكذب والصدق فى أقوالهم ومن القضايا التى فيها شهود نساء قضايا الدين كما قال تعالى "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وإمرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى"
الثالث شكاوى النساء للحاكم كما فى حكاية المظاهرة وفيها قال تعالى " قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركما"
الشكاوى وهى استفتاءات علمية تستلزم النظر لمعرفة شخصية المرأة حتى إذا بعث لمن تشتكيه حتى يحل الشكوى يعرف هل له بها صلة ام لا عند المواجهة أو ما شاكل هذا
الرابع الاغاثة أو المساعدة من باب قوله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى "فقد تحتاج المرأة للمساعدة أو الرجل فى لحظة إن لم يفعل احدهما شيئا مات الأخر مثل غرق المرأة فالرجل بحاجة للنظر لمكانها ومن ثم فهو ينظر حتى يقدر على اخراجها وهو يمسك جسمها أيضا بل قد يحتاج لاجراء عملية التنفس لها فيجلس فوقها للضغط على صدرها وينفخ فى فمها وقد تحدث حادثة سيارة مثلا لرجل وتتواجد امرأة فى المكان فإن لم تنظر لمكان وجوده فى السيارة لن تستطيع أن تخرجه
وأما فى المجتمعات الكافرة التى يعيش فيها مسلمون فيجوز النظر بدون شهوة للضرورة كما فى قصة أخت موسى(ص) التى نظرت لما يفعله الرجال بأخيها وتحدثت مع الحاضرين وفى هذا قال تعالى "وقالت لأخيه قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون"
وكما فى قصة مريم عندما أتت تحمل المسيح(ص) لقومها وتحدثت معهم وفى هذا قال تعالى "فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت مريم ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا"
وكما فى قصة موسى(ص) مع الفتاتين عند ماء مدين وفيها قال تعالى "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير"
فلو غض موسى(ص) نظره عند الماء ما شاهد الفتاتين ومن ثم لم يكن ما حدث من اشتعاله مع أبيهما وزواجه من احداهما لم يقع
إذا النظر من غير شهوة أمر يقع فى المجتمع المسلم والكافر الذى يعيش فيه مسلمون وهو مباح طالما الضرورة وهى هنا حكم الله أباحته
رضا البطاوى- عضو ممتاز
-
عدد الرسائل : 3616
العمر : 56
العمل : معلم
تاريخ التسجيل : 18/07/2011
مواضيع مماثلة
» نظرات فى كتاب التبرج2
» نقد كتاب الأسوة في تعدد النسوة
» نقد كتاب حكم الدف للرجال والنساء في غير الأعراس
» نظرات فى كتاب صلاة أبي بكر
» نظرات فى كتاب الإخلاص
» نقد كتاب الأسوة في تعدد النسوة
» نقد كتاب حكم الدف للرجال والنساء في غير الأعراس
» نظرات فى كتاب صلاة أبي بكر
» نظرات فى كتاب الإخلاص
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى