نقد كتاب نور الشيب وحكم تغييره
صفحة 1 من اصل 1
نقد كتاب نور الشيب وحكم تغييره
نقد كتاب نور الشيب وحكم تغييره في ضوء الكتاب والسنة
الكتاب تأليف سعيد بن علي بن وهف القحطاني وموضوعه كما قال فى المقدمة:
"فهذه كلمات مختصرة بينت فيها بإيجاز فضل من شاب شيبة في الإسلام، وأوردت الأحاديث التي جاءت تبين حكم صبغ الشيب بالسواد، وبالحناء مع الكتم، وبالصفرة، وذكرت بعض أقوال أهل العلم في ذلك؛ ليتبين الحق لطالبه؛ وليتضح أنه لا قول لأحد من الناس مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن سنته أحق بالاتباع، ولو خالفها من خالفها، قال الله - عز وجل -: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"
ثم ذكر المؤلف الأحاديث فى نور الشيب فقال:
"الأحاديث في نور الشيب، وحكم تغييره كثيرة، منها:
1 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نتف الشيب، وقال: ((إنه نور المسلم)) .
2 - وعن كعب بن مرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة)) .
3 - وعن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة)) ."
الخطأ المشترك كون الشيب نور للمسلم فى القيامة وهو ما يناقض كون نور المسلم فى يده اليمنى وهو كتاب عمله كما قال تعالى :
"يوم لا يخزى الله النبى والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا"
ثم ذكر الروايات التالية:
4 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الشيب نور المؤمن، لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة، ورفع بها درجة)) .
5 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - يرفعه: "لا تنتفوا الشيب؛ فإنه نور يوم القيامة، ومن شاب شيبة في الإسلام، كتب له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة" ."
والخطأ المشترك مخالفة الأجر فيه للأجر القرآنى فهو يكون نور للشائب وحسنة ومحو خطيئة ورفع درجة فى القيامة ويخالف كل هذا أن الأجر إما 10 حسنات وإما 700 أو 1400 حسنة مصداق لقوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "وقوله "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل سنبلة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "
ورفع درجة بكل شيبة يخالف أن الجنة كلها درجتين واحدة للمجاهدين والأخرى للقاعدين وفى هذا قال تعالى "فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة "
وقد استنتج المؤلف من الأحاديث المعارضة لكلام الله التالى:
"وقد جاءت الأحاديث الكثيرة في هذا المعنى عن أكثر من عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الأحاديث الخمسة السابقة تبين فضل الشيب، وأنه لا ينتف؛ لأنه نور المسلم، ووقاره؛ لأن الوقار يمنع الشخص عن الغرور والطرب، ويميل إلى الطاعة والتوبة، وتنكسر نفسه عن الشهوات، فيصير ذلك نورا يسعى بين يديه في ظلمات الحشر إلى أن يدخله الجنة .
فالشيب يصير نفسه نورا يهتدي به صاحبه، ويسعى بين يديه يوم القيامة، والشيب وإن لم يكن من كسب العبد، لكنه إذا كان بسبب من نحو جهاد أو خوف من الله ينزل منزلة سعيه، فيكره نتف الشيب من نحو: لحية، وشارب، وعنفقة، وحاجب، قال النووي: لو قيل يحرم لم يبعد ومن غير بالسواد لا يحصل على هذا النور إلا أن يتوب أو يعفو الله عنه
وهذا الشعر الأبيض يؤدي إلى نور الأعمال الصالحة،فيصير نورا في قبر المسلم، ويسعى بين يديه في ظلمات حشره ، ويحصل هذا الفضل بشعرة واحدة بيضاء، تكون ضياء ومخلصا عن ظلمات الموقف، وشدائده ."
الرجل هنا فى الفقرة يبين فضل الشيب الذى لا فضل له لأنه طارىء يصيب بعض المسلمين وبعض الكفار وهو شىء لا يفعله المسلم حتى يثاب عليه فهو ليس من سعيه وهو عمله والسعى هو مناط الثواب والعقاب كما قال تعالى :
"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"
كما يبين أنه يمنع عن المسلم الشدائد فى القيامة وهو ما ينافى أن المسلمون كلهم آمنون فى القيامة بأعمالهم كما قال تعالى :
"وهم من فزع يومئذ آمنون"
ثم ذكر الرجل روايات النهى عن الصبغ بالسواد فقال :
"وهذا الفضل في هذه الأحاديث يرغب المسلم في ترك نتف الشيب، وأعظم من النتف التغيير بالسواد، فقد نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحذر منه.
6 - فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد)) ، والثغامة نبت أبيض الزهر، والثمر، شبه بياض الشيب به، وقيل: شجرة تبيض كأنها الثلجة، أو كأنها الملح .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((غيروا هذا بشيء)) أمر بتغيير الشيب، قال به جماعة من: الخلفاء، والصحابة، لكن لم يصر أحد إلى أنه للوجوب، وإنما هو مستحب .
قال الإمام القرطبي رحمه الله: ((أما قولهم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخضب فليس بصحيح، بل قد صح عنه أنه خضب بالحناء، وبالصفرة)) ، ولعل القرطبي رحمه الله يشير إلى:
7 - حديث أبي رمثة - رضي الله عنه - حيث قال: ((أتيت أنا وأبي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان قد لطخ لحيته بالحناء)) .
8 - وعنه - رضي الله عنه - قال: ((أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأيته قد لطخ لحيته بالصفرة)) .
9 - وعن زيد بن أسلم قال: ((رأيت ابن عمر يصفر لحيته، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، تصفر لحيتك بالخلوق؛ قال: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصفر بها لحيته ولم يكن شيء من الصبغ أحب إليه منها)) ، وهذا من فعله - صلى الله عليه وسلم -، أما من قوله فقد ثبت عنه أحاديث:
10 - فعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أحسن ما غيرتم به الشيب: الحناء والكتم)) .
11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل قد خضب بالحناء فقال: ((ما أحسن هذا؟))، قال: فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم فقال: ((هذا أحسن من هذا))، قال: فمر آخر قد خضب بالصفرة فقال: ((هذا أحسن من هذا كله)) .
12 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال السبتية، ويصفر لحيته بالورس والزعفران، وكان ابن عمر يفعله)) ."
ثم ذكر آراء الفقهاء فى المسألة فنقل النقول التالية:
"وسمعت شيخنا العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((وقد جاء التصفير عن ابن عمر في الصحيحين، ويستثنى من التزعفر: ما كان في اللحية، أو الشارب، أو الرأس)) ، وسمعته أيضا يقول: ((والسنة الخضاب بالحناء أو بالصفرة، أو بالحناء والكتم)) .
قال الإمام القرطبي رحمه الله: ((وأما الصباغ بالحناء بحتا، وبالحناء والكتم، فلا ينبغي أن يختلف فيه؛ لصحة الأحاديث بذلك، غير أنه قد قال بعض العلماء: إن الأمر في ذلك محمول على حالين:
* أحدهما: عادة البلد، فمن كانت عادة موضعه ترك الصبغ فخروجه عن المعتاد شهرة تقبح وتكره.
* وثانيهما: اختلاف حال الناس في شيبهم، فرب شيبة نقية هي أجمل بيضاء منها مصبوغة، وبالعكس فمن قبحه الخضاب اجتنبه، ومن حسنه استعمله، وللخضاب فائدتان:
إحداهما: تنظيف الشعر مما يتعلق به من الغبار والدخان.
والأخرى: مخالفة أهل الكتاب ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)) ، ثم قال رحمه الله: ((ولكن هذا الصباغ بغير السواد، تمسكا بقوله- صلى الله عليه وسلم -: ((واجتنبوا السواد))، والله أعلم ، وقال رحمه الله: ((وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((واجتنبوا السواد)) أمر باجتناب السواد، وكرهه جماعة منهم: علي بن أبي طالب، ومالك، وهو الظاهر من هذا الحديث، وقد علل ذلك بأنه من باب التدليس على النساء؛ وبأنه سواد في الوجه، فيكره؛ لأنه تشبه بسيما أهل النار)) ، ثم ذكر رحمه الله جماعة كثيرة من السلف كانوا يخضبون بالسواد، وقال: ((ولا أدري عذر هؤلاء عن حديث أبي قحافة ما هو؟ فأقل درجاته الكراهة كما ذهب إليه مالك)) .
قلت: أما عذر السلف الذين كانوا يخضبون بالسواد، فيحمل على أنه لم يبلغهم حديث النهي الصريح عن الصبغ بالسواد، والله أعلم. وقال الإمام النووي رحمه الله: ((ومذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة، أو حمرة، ويحرم خضابه بالسواد على الأصح)) .
ويؤكد اختيار الإمام النووي ومن سلك مسلكه في تحريم الخضاب بالسواد ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة)) ، وسمعت سماحة العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول عن هذا الحديث: ((إسناده جيد، وهذا يدل على تحريم تغيير الشيب بالسواد، ويقتضي أنه كبيرة؛ لأنه وعيد)) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كحواصل الحمام)) أي كصدور الحمام في الغالب؛ لأن صدور بعض الحمام ليست بسود .
ومما يدل على قبح الخضاب بالسواد ما بينه بعض السلف الذين كانوا يخضبون بالسواد حيث قيل: إنه قال:
نسود أعلاها وتأبى أصولها ... ولا خير في الأعلى إذا فسد الأصل
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((والصواب أن الأحاديث في هذا الباب لا اختلاف بينها بوجه؛ فإن الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - من تغيير الشيب أمران:
أحدهما: نتفه.
والثاني: خضابه بالسواد ... والذي أذن فيه: هو صبغه وتغييره بغير السواد: كالحناء والصفرة، وهو الذي عمله الصحابة - رضي الله عنهم - ...
وأما الخضاب بالسواد فكرهه جماعة من أهل العلم، وهو الصواب بلا ريب لما تقدم، وقيل للإمام أحمد: تكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي والله، وهذه المسألة من المسائل التي حلف عليها ... ورخص فيه آخرون، منهم أصحاب أبي حنيفة، وروي ذلك عن الحسن، والحسين، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن جعفر، وعقبه بن عامر، وفي ثبوته عنهم نظر، ولو ثبت فلا قول لأحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسنته أحق بالاتباع، ولو خالفها من خالفها)) ."
وكل الروايات والآراء تخالف كتاب الله فى التالى :
الأول أن الشيطان هو من طلب تغيير خلق الله ومنها الشيب فى قوله تعالى على لسان الشيطان:
"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
والتلوين بالحناء أو الكتم أو السواد أو غيرهم كله يدخل تحت الاستجابة لطلب الشيطان الداعى لتغيير ما خلق الله
الثانى أن علة التغيير واحدة ومن ثم تستوى كل الألوان فى الحل أو فى الحرمة وهو ما يذكرنا بروايات تطلب قتل الكلب الأسود دون سبب إلا لكون لونه أسود وهى روايات كاذبة فالله لا يأمر بقتل مخلوق بسبب لونه
الثالث أن زكريا(ص) لو كان يعرف أن تغيير الشيب مباح لصبغه وما قال كما قص الله علينا :
" رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا"
زد على هذا التالى :
أن علة حرمة تغيير الشيب واحدة فى النتف وفى الصبغ بالسواد وفى الصبغ بالألوان الأخرى وهو إزالة الشيب فما هو السبب فى تحريم النتف وتحريم السواد وإباحة باقى الألوان ؟
لا يوجد سبب فالعلة فى الكل واحدة وهى تغيير خلقة الله
وأضق لهذا وجود روايات تقول أن النبى (ص) لم يشب مثل"ما شانه الله ببيضاء "رواه الحاكم وروايات أخرى تقول أن الشيب كان عدة شعرات تعد ومنها:
1- 20 شعرة "شاب رسول الله 20شيبة ههنا يعنى العنفقة "ابن أبى خيثمة
2- أقل من20"ولم يبلغ ما فى لحيته من الشيب20شعرة "ابن سعد
3- 17شعرة "وأومأ إلى عنفقته 17 "ابن سعد
4- 17أو18 "ما كان فى رأس النبى ولحيته إلا 17أو18 "ابن سعد
5- 14"ما عددت فى رأسه ولحيته إلا 14 شعرة "عبد بن حميد
6- 11"لو عددت ما أقبل من شيبه فى رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على 11شيبة "الحاكم
ومن ثم طبقا لتلك الروايات لا يمكن أن يكون قد خضب أو حنا أو فعل أى تغيير لكون هذا محرم أولا وثانيا لقلة عدد الشعرات البيضاء
وما استخلصه سعيد من الروايات هو :
"ويستخلص من الأحاديث الواردة في الشيب وخضابه ما يأتي:
أولا: الشيب نور المسلم في الدنيا والآخرة.
ثانيا: المنع من نتف الشيب ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثالثا: الشيب تزاد به الحسنات.
رابعا: الشيب ترفع به الدرجات.
خامسا: الشيب تحط به الخطايا.
سادسا: تحريم صبغ الشيب بالسواد.
سابعا: صبغ الشيب بالحناء، أو الصفرة، أو الحناء والكتم سنة مؤكدة.
ثامنا: الحناء: لونه أحمر، والحناء والكتم: لونه بين السواد والحمرة.
تاسعا: من صبغ الشيب بالسواد من السلف فلا دليل له من كتاب ولا سنة.
عاشرا: لا قول لأحد مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كائنا من كان.
الحادي عشر: الشيب له أسباب غير كبر السن، فقد يكون مبكرا؛ لخوف الله - عز وجل -، أو لغيره من الأسباب، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال أبو بكر - رضي الله عنه -: يا رسول الله قد شبت؟ قال: ((شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت)) .
وعن أبي جحيفة - رضي الله عنه -، قال: قالوا: يا رسول الله، نراك قد شبت؟ قال: ((شيبتني هود وأخواتها)) "
وقد سبق تفنيد كل هذه الاستنتاجات وأما القول قول الرسول(ص) فالروايات المروية عنه متناقضة وهو لا يمكن أن يقولها كلها لأن منها المحلل إباحة الخضاب وهو الصباغة "غيروا وجنبوه السواد "مسلم "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم "
ومنها تحريم الخضاب بكون من يفعله فى النار"يكون قوم فى أخر الزمان يخضبون كحواصل الحمام لا يجدون ريح الجنة "ابن حبان وأبو داود
الكتاب تأليف سعيد بن علي بن وهف القحطاني وموضوعه كما قال فى المقدمة:
"فهذه كلمات مختصرة بينت فيها بإيجاز فضل من شاب شيبة في الإسلام، وأوردت الأحاديث التي جاءت تبين حكم صبغ الشيب بالسواد، وبالحناء مع الكتم، وبالصفرة، وذكرت بعض أقوال أهل العلم في ذلك؛ ليتبين الحق لطالبه؛ وليتضح أنه لا قول لأحد من الناس مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن سنته أحق بالاتباع، ولو خالفها من خالفها، قال الله - عز وجل -: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"
ثم ذكر المؤلف الأحاديث فى نور الشيب فقال:
"الأحاديث في نور الشيب، وحكم تغييره كثيرة، منها:
1 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نتف الشيب، وقال: ((إنه نور المسلم)) .
2 - وعن كعب بن مرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة)) .
3 - وعن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة)) ."
الخطأ المشترك كون الشيب نور للمسلم فى القيامة وهو ما يناقض كون نور المسلم فى يده اليمنى وهو كتاب عمله كما قال تعالى :
"يوم لا يخزى الله النبى والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا"
ثم ذكر الروايات التالية:
4 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الشيب نور المؤمن، لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة، ورفع بها درجة)) .
5 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - يرفعه: "لا تنتفوا الشيب؛ فإنه نور يوم القيامة، ومن شاب شيبة في الإسلام، كتب له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة" ."
والخطأ المشترك مخالفة الأجر فيه للأجر القرآنى فهو يكون نور للشائب وحسنة ومحو خطيئة ورفع درجة فى القيامة ويخالف كل هذا أن الأجر إما 10 حسنات وإما 700 أو 1400 حسنة مصداق لقوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "وقوله "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل سنبلة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "
ورفع درجة بكل شيبة يخالف أن الجنة كلها درجتين واحدة للمجاهدين والأخرى للقاعدين وفى هذا قال تعالى "فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة "
وقد استنتج المؤلف من الأحاديث المعارضة لكلام الله التالى:
"وقد جاءت الأحاديث الكثيرة في هذا المعنى عن أكثر من عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الأحاديث الخمسة السابقة تبين فضل الشيب، وأنه لا ينتف؛ لأنه نور المسلم، ووقاره؛ لأن الوقار يمنع الشخص عن الغرور والطرب، ويميل إلى الطاعة والتوبة، وتنكسر نفسه عن الشهوات، فيصير ذلك نورا يسعى بين يديه في ظلمات الحشر إلى أن يدخله الجنة .
فالشيب يصير نفسه نورا يهتدي به صاحبه، ويسعى بين يديه يوم القيامة، والشيب وإن لم يكن من كسب العبد، لكنه إذا كان بسبب من نحو جهاد أو خوف من الله ينزل منزلة سعيه، فيكره نتف الشيب من نحو: لحية، وشارب، وعنفقة، وحاجب، قال النووي: لو قيل يحرم لم يبعد ومن غير بالسواد لا يحصل على هذا النور إلا أن يتوب أو يعفو الله عنه
وهذا الشعر الأبيض يؤدي إلى نور الأعمال الصالحة،فيصير نورا في قبر المسلم، ويسعى بين يديه في ظلمات حشره ، ويحصل هذا الفضل بشعرة واحدة بيضاء، تكون ضياء ومخلصا عن ظلمات الموقف، وشدائده ."
الرجل هنا فى الفقرة يبين فضل الشيب الذى لا فضل له لأنه طارىء يصيب بعض المسلمين وبعض الكفار وهو شىء لا يفعله المسلم حتى يثاب عليه فهو ليس من سعيه وهو عمله والسعى هو مناط الثواب والعقاب كما قال تعالى :
"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"
كما يبين أنه يمنع عن المسلم الشدائد فى القيامة وهو ما ينافى أن المسلمون كلهم آمنون فى القيامة بأعمالهم كما قال تعالى :
"وهم من فزع يومئذ آمنون"
ثم ذكر الرجل روايات النهى عن الصبغ بالسواد فقال :
"وهذا الفضل في هذه الأحاديث يرغب المسلم في ترك نتف الشيب، وأعظم من النتف التغيير بالسواد، فقد نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحذر منه.
6 - فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد)) ، والثغامة نبت أبيض الزهر، والثمر، شبه بياض الشيب به، وقيل: شجرة تبيض كأنها الثلجة، أو كأنها الملح .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((غيروا هذا بشيء)) أمر بتغيير الشيب، قال به جماعة من: الخلفاء، والصحابة، لكن لم يصر أحد إلى أنه للوجوب، وإنما هو مستحب .
قال الإمام القرطبي رحمه الله: ((أما قولهم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخضب فليس بصحيح، بل قد صح عنه أنه خضب بالحناء، وبالصفرة)) ، ولعل القرطبي رحمه الله يشير إلى:
7 - حديث أبي رمثة - رضي الله عنه - حيث قال: ((أتيت أنا وأبي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان قد لطخ لحيته بالحناء)) .
8 - وعنه - رضي الله عنه - قال: ((أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأيته قد لطخ لحيته بالصفرة)) .
9 - وعن زيد بن أسلم قال: ((رأيت ابن عمر يصفر لحيته، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، تصفر لحيتك بالخلوق؛ قال: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصفر بها لحيته ولم يكن شيء من الصبغ أحب إليه منها)) ، وهذا من فعله - صلى الله عليه وسلم -، أما من قوله فقد ثبت عنه أحاديث:
10 - فعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أحسن ما غيرتم به الشيب: الحناء والكتم)) .
11 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل قد خضب بالحناء فقال: ((ما أحسن هذا؟))، قال: فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم فقال: ((هذا أحسن من هذا))، قال: فمر آخر قد خضب بالصفرة فقال: ((هذا أحسن من هذا كله)) .
12 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال السبتية، ويصفر لحيته بالورس والزعفران، وكان ابن عمر يفعله)) ."
ثم ذكر آراء الفقهاء فى المسألة فنقل النقول التالية:
"وسمعت شيخنا العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((وقد جاء التصفير عن ابن عمر في الصحيحين، ويستثنى من التزعفر: ما كان في اللحية، أو الشارب، أو الرأس)) ، وسمعته أيضا يقول: ((والسنة الخضاب بالحناء أو بالصفرة، أو بالحناء والكتم)) .
قال الإمام القرطبي رحمه الله: ((وأما الصباغ بالحناء بحتا، وبالحناء والكتم، فلا ينبغي أن يختلف فيه؛ لصحة الأحاديث بذلك، غير أنه قد قال بعض العلماء: إن الأمر في ذلك محمول على حالين:
* أحدهما: عادة البلد، فمن كانت عادة موضعه ترك الصبغ فخروجه عن المعتاد شهرة تقبح وتكره.
* وثانيهما: اختلاف حال الناس في شيبهم، فرب شيبة نقية هي أجمل بيضاء منها مصبوغة، وبالعكس فمن قبحه الخضاب اجتنبه، ومن حسنه استعمله، وللخضاب فائدتان:
إحداهما: تنظيف الشعر مما يتعلق به من الغبار والدخان.
والأخرى: مخالفة أهل الكتاب ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)) ، ثم قال رحمه الله: ((ولكن هذا الصباغ بغير السواد، تمسكا بقوله- صلى الله عليه وسلم -: ((واجتنبوا السواد))، والله أعلم ، وقال رحمه الله: ((وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((واجتنبوا السواد)) أمر باجتناب السواد، وكرهه جماعة منهم: علي بن أبي طالب، ومالك، وهو الظاهر من هذا الحديث، وقد علل ذلك بأنه من باب التدليس على النساء؛ وبأنه سواد في الوجه، فيكره؛ لأنه تشبه بسيما أهل النار)) ، ثم ذكر رحمه الله جماعة كثيرة من السلف كانوا يخضبون بالسواد، وقال: ((ولا أدري عذر هؤلاء عن حديث أبي قحافة ما هو؟ فأقل درجاته الكراهة كما ذهب إليه مالك)) .
قلت: أما عذر السلف الذين كانوا يخضبون بالسواد، فيحمل على أنه لم يبلغهم حديث النهي الصريح عن الصبغ بالسواد، والله أعلم. وقال الإمام النووي رحمه الله: ((ومذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة، أو حمرة، ويحرم خضابه بالسواد على الأصح)) .
ويؤكد اختيار الإمام النووي ومن سلك مسلكه في تحريم الخضاب بالسواد ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة)) ، وسمعت سماحة العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول عن هذا الحديث: ((إسناده جيد، وهذا يدل على تحريم تغيير الشيب بالسواد، ويقتضي أنه كبيرة؛ لأنه وعيد)) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كحواصل الحمام)) أي كصدور الحمام في الغالب؛ لأن صدور بعض الحمام ليست بسود .
ومما يدل على قبح الخضاب بالسواد ما بينه بعض السلف الذين كانوا يخضبون بالسواد حيث قيل: إنه قال:
نسود أعلاها وتأبى أصولها ... ولا خير في الأعلى إذا فسد الأصل
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((والصواب أن الأحاديث في هذا الباب لا اختلاف بينها بوجه؛ فإن الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - من تغيير الشيب أمران:
أحدهما: نتفه.
والثاني: خضابه بالسواد ... والذي أذن فيه: هو صبغه وتغييره بغير السواد: كالحناء والصفرة، وهو الذي عمله الصحابة - رضي الله عنهم - ...
وأما الخضاب بالسواد فكرهه جماعة من أهل العلم، وهو الصواب بلا ريب لما تقدم، وقيل للإمام أحمد: تكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي والله، وهذه المسألة من المسائل التي حلف عليها ... ورخص فيه آخرون، منهم أصحاب أبي حنيفة، وروي ذلك عن الحسن، والحسين، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن جعفر، وعقبه بن عامر، وفي ثبوته عنهم نظر، ولو ثبت فلا قول لأحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسنته أحق بالاتباع، ولو خالفها من خالفها)) ."
وكل الروايات والآراء تخالف كتاب الله فى التالى :
الأول أن الشيطان هو من طلب تغيير خلق الله ومنها الشيب فى قوله تعالى على لسان الشيطان:
"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"
والتلوين بالحناء أو الكتم أو السواد أو غيرهم كله يدخل تحت الاستجابة لطلب الشيطان الداعى لتغيير ما خلق الله
الثانى أن علة التغيير واحدة ومن ثم تستوى كل الألوان فى الحل أو فى الحرمة وهو ما يذكرنا بروايات تطلب قتل الكلب الأسود دون سبب إلا لكون لونه أسود وهى روايات كاذبة فالله لا يأمر بقتل مخلوق بسبب لونه
الثالث أن زكريا(ص) لو كان يعرف أن تغيير الشيب مباح لصبغه وما قال كما قص الله علينا :
" رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا"
زد على هذا التالى :
أن علة حرمة تغيير الشيب واحدة فى النتف وفى الصبغ بالسواد وفى الصبغ بالألوان الأخرى وهو إزالة الشيب فما هو السبب فى تحريم النتف وتحريم السواد وإباحة باقى الألوان ؟
لا يوجد سبب فالعلة فى الكل واحدة وهى تغيير خلقة الله
وأضق لهذا وجود روايات تقول أن النبى (ص) لم يشب مثل"ما شانه الله ببيضاء "رواه الحاكم وروايات أخرى تقول أن الشيب كان عدة شعرات تعد ومنها:
1- 20 شعرة "شاب رسول الله 20شيبة ههنا يعنى العنفقة "ابن أبى خيثمة
2- أقل من20"ولم يبلغ ما فى لحيته من الشيب20شعرة "ابن سعد
3- 17شعرة "وأومأ إلى عنفقته 17 "ابن سعد
4- 17أو18 "ما كان فى رأس النبى ولحيته إلا 17أو18 "ابن سعد
5- 14"ما عددت فى رأسه ولحيته إلا 14 شعرة "عبد بن حميد
6- 11"لو عددت ما أقبل من شيبه فى رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على 11شيبة "الحاكم
ومن ثم طبقا لتلك الروايات لا يمكن أن يكون قد خضب أو حنا أو فعل أى تغيير لكون هذا محرم أولا وثانيا لقلة عدد الشعرات البيضاء
وما استخلصه سعيد من الروايات هو :
"ويستخلص من الأحاديث الواردة في الشيب وخضابه ما يأتي:
أولا: الشيب نور المسلم في الدنيا والآخرة.
ثانيا: المنع من نتف الشيب ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثالثا: الشيب تزاد به الحسنات.
رابعا: الشيب ترفع به الدرجات.
خامسا: الشيب تحط به الخطايا.
سادسا: تحريم صبغ الشيب بالسواد.
سابعا: صبغ الشيب بالحناء، أو الصفرة، أو الحناء والكتم سنة مؤكدة.
ثامنا: الحناء: لونه أحمر، والحناء والكتم: لونه بين السواد والحمرة.
تاسعا: من صبغ الشيب بالسواد من السلف فلا دليل له من كتاب ولا سنة.
عاشرا: لا قول لأحد مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كائنا من كان.
الحادي عشر: الشيب له أسباب غير كبر السن، فقد يكون مبكرا؛ لخوف الله - عز وجل -، أو لغيره من الأسباب، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال أبو بكر - رضي الله عنه -: يا رسول الله قد شبت؟ قال: ((شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت)) .
وعن أبي جحيفة - رضي الله عنه -، قال: قالوا: يا رسول الله، نراك قد شبت؟ قال: ((شيبتني هود وأخواتها)) "
وقد سبق تفنيد كل هذه الاستنتاجات وأما القول قول الرسول(ص) فالروايات المروية عنه متناقضة وهو لا يمكن أن يقولها كلها لأن منها المحلل إباحة الخضاب وهو الصباغة "غيروا وجنبوه السواد "مسلم "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم "
ومنها تحريم الخضاب بكون من يفعله فى النار"يكون قوم فى أخر الزمان يخضبون كحواصل الحمام لا يجدون ريح الجنة "ابن حبان وأبو داود
رضا البطاوى- عضو ممتاز
-
عدد الرسائل : 3616
العمر : 56
العمل : معلم
تاريخ التسجيل : 18/07/2011
مواضيع مماثلة
» الشيب فى القرآن
» نقد كتاب أربعون حديثا من الجزء الرابع من كتاب الطب
» نقد كتاب حكم المراهنة في الألعاب الرياضية ملخص من كتاب الفروسية
» نقد كتاب فصل الخطاب فى تحريف كتاب رب الأرباب
» نقد كتاب كتاب الديوان في العهد النبوي
» نقد كتاب أربعون حديثا من الجزء الرابع من كتاب الطب
» نقد كتاب حكم المراهنة في الألعاب الرياضية ملخص من كتاب الفروسية
» نقد كتاب فصل الخطاب فى تحريف كتاب رب الأرباب
» نقد كتاب كتاب الديوان في العهد النبوي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى