السخر فى القرآن
السخر فى القرآن
السخر فى القرآن
تسخير الكون للناس :
سأل الله الناس ألم تروا أى هل لم تعلموا أن الله سخر أى خلق لكم ما وهو الذى فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة البقرة "وهو الذى خلق لكم الذى فى الأرض جميعا" والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الناس عرفوا أن الله خلق الكون لينتفع به الناس وأنه أعطاهم النعم المعروفة لهم والمجهولة التى لا يعلمون وفى هذا قال تعالى بسورة لقمان :
" ألم تروا أن الله سخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض"
وسأل الله نبيه(ص)ألم تر أن الله سخر لكم ما فى الأرض والمراد هل لم تدرى أن الله خلق لكم الذى فى الأرض وهذا يعنى أنه خلق ما فى الأرض لنفع الناس وفى هذا قال تعالى بسورة الحج :
"ألم تر أن الله سخر لكم ما فى الأرض"
الله مسخر الشمس والقمر :
بين الله لنبيه (ص)أنه إذا سأل أى استخبر الكفار فقال:من خلق أى فطر السموات والأرض وسخر أى وخلق الشمس والقمر فإنهم يقولون الله هو الخالق المسخر، وفى هذا قال تعالى بسورة العنكبوت :
"ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله"
السحاب المسخر :
بين الله لنا أن من آياته بث كل دابة فى الأرض والمراد خلق كل نوع من أنواع المخلوقات فى الأرض ،وتصريف الرياح أى تسيير الهواء أى توجيهه إلى حيث يريد ،والسحاب المعلق بين السماء والأرض وهو الغمام المعلق فى الجو بين السماء والأرض وهذا يعنى أن السحب لا توجد فى غير المنطقة بين السماء والأرض وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
"وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض"
المسخرات بأمر الله :
وضح الله أن ربنا وهو خالقنا أى إلهنا هو الله الذى خلق أى فطر السموات والأرض والمراد هو الذى أنشأهما ثم استوى على العرش أى أوحى إلى الكون أنه مالكه،وبين لنا أن الليل وهو الظلام يغشى أى يذهب النهار وهو النور يطلبه حثيثا والمراد يذهبه تدريجيا ،وبين لنا أن الشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب مسخرات بأمره أى جاريات على حكم الله الذى شرعه لها وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف :
"إن ربكم الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره"
تسخير الشمس والقمر لأجل :
بين الله للناس أن الله هو الذى رفع السموات بغير عمد يرونها والمراد حمل السموات على الأرض بغير أعمدة يشاهدونها وهذا يعنى وجود أعمدة خفية تحمل السموات فوق الأرض ،ويبين لهم أنه استوى على العرش والمراد أوحى إلى الملك وهو الكون أنه مالكه الواجب الطاعة وهو الذى سخر أى سير أى خلق الشمس والقمر وكل منهما يجرى لأجل مسمى أى يسير فى مداره لموعد معلوم يعرفه الله وحده وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد :
"الله الذى رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى"
تسخير الفلك فى البحر :
وضح الله للناس أن الله الذى سخر أى أنشأ أى فطر السموات والأرض وبين لهم أنه أنزل من السماء ماء والمراد أسقط من السحاب مطرا فأخرج به من الثمرات رزقا لكم والمراد فأنبت به من الأنواع نفعا لكم ،وبين لهم أنه سخر لهم الفلك لتجرى فى البحر بأمره والمراد أنه هيء لهم السفن لتتحرك فى الماء بنعمة الله وهى الرياح وغيره من المحركات وبين لهم أنه سخر أى خلق لهم الشمس والقمر دائبين أى مستمرين فى الحركة حتى موعد محدد وفى هذا قال تعالى بسورة إبراهيم :
" وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الشمس والقمر دائبين "
تسخير الليل والنهار :
وضح الله للناس أنه سخر أى خلق لنفعهم كل من :الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب وكلهم مسخرات بأمره أى متحركات بحكم الله وهذا يعنى أنهم يعملون بالقوانين التى وضعها الله لها وفى ذلك وهى المخلوقات المذكورة آيات والمراد براهين دالة على وجوب عبادة الله وحده لقوم يعقلون أى لناس يذكرون أى يتفكرون وفى هذا قال تعالى بسورة النحل :
"وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون "
تسخير البحر :
وهو الماء لهم كى يأكلوا منه لحما طريا والمراد لتطعموا منه لحما لينا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها أى وتستطلعوا منه الماء حلية ترتدونها وهذا يعنى أنهم يصطادون من الماء الأسماك وأشباهها والحلى وهى الياقوت والمرجان والذهب والفضة وغير ذلك ،وبين أن الإنسان يرى الفلك مواخر فيه والمراد يشاهد السفن متحركات فى البحر وبين للناس أنهم يبتغون من فضله والمراد يطلبوا من رزقه بالسعى إلى هذا الرزق فى مكانه وبين لهم أن عليهم أن يشكروه أى يطيعوا حكم الله وفى هذا قال تعالى بسورة النحل:
" وهو الذى سخر البحر لتأكلوا لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون"
تسخير الطير فى الجو :
سأل الله ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله والمراد هل لم يعرفوا أن الطير مهيئات لجو السماء ما يبقيهم طائرات إلا الله ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس بقدرة الله وحده على إعطاء الطيور القدرة على البقاء فى جو السماء أى فترة وفى بقاء الطير فى الجو آيات أى براهين دالة على قدرة الله ووجوب عبادته وحده لقوم يؤمنون أى لناس يعقلون وفى هذا قال تعالى بسورة النحل :
"ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون"
تسخير الجبال لداود(ص):
وضح الله أنه سخر مع داود (ص)الجبال يسبحن والطير والمراد أمر كل من الرواسى والطير أن يذكرن أى يرددن ذكر الله الكلامى مع داود(ص) وفى هذا قال تعالى بسورة الأنبياء :
"وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير "
تسخير البدن :
بين الله لنا أن البدن وهى الإبل جعلها أى خلقها الله لنا من شعائر وهى ذبائح الله التى أباح ذبحها ولنا فيها خير أى نفع ،وطلب الله منا أن نذكر اسم الله عليها صواف والمراد أن نطيع حكم الله بذبحها فى صفوف وهذا يعنى أن ذبح البدن يتم بطريقة منظمة حيث توقف فى صفوف ويتم ذبحها فى وقت معلوم فإذا وجبت جنوبها أى فإذا سقطت أجسامها والمراد فإذا توقفت أجسادها عن الحركة فيجب علينا أن نأكل أى نطعم منها ونطعم أى ونعطى اللحم منها القانع وهو المعتر وهو المحتاج العاجز أى البائس الفقير وبين لنا أنه كذلك أى بتلك الطريقة وهى الذبح سخرها لنا أى نفعنا بها والسبب لعلنا نشكره أى نطيع حكمه وفى هذا قال تعالى بسورة الحج :
"والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون"
التسخير للتكبير :
بين الله لنا أنه لن ينال أى يأخذ والمراد لن يستفيد بلحوم الأنعام فى أكل ولا بدماءها فى شرب أو غيره وإنما يناله التقوى منكم أى تصيبه الطاعة منكم والمراد أن الله تصل لعلمه طاعتنا لحكمه فى الأنعام ويبين لنا أن كذلك سخرها لنا والمراد أن بالذبح نفعنا الله بالأنعام والسبب أن نكبر الله على ما هدانا والمراد أن نتبع الرب فيما أوحى لنا وهو هنا حكم ذبح الأنعام وفى هذا قال تعالى بسورة الحج :
"لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم "
تسخير الجبال والطير لداود(ص):
طلب الله من نبيه (ص)أن يحكى للناس قصة داود(ص)ذا الأيد أى صاحب القوة وهى الصبر على طاعة الله إنه أواب أى مسبح ويبين له أنه سخر له الجبال يسبحن معه والطير محشورة والمراد أنه أمر الرواسى أن يرددن معه الألفاظ الممجدة لله والطير مصفوفة تردد معه التسبيح بالعشى وهو الليل والإشراق وهو النهار والكل له أواب والمراد والجميع مع داود(ص) مسبح وفى هذا قال تعالى بسورة ص:
واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق والطير محشورة كل له أواب"
تسخير الريح لسليمان (ص):
وضح الله أنه سخر أى أعطى سليمان(ص)الريح وهى البساط الريحى المسافر يجرى بأمره رخاء حيث أصاب والمراد تسير بقول سليمان (ص)سيرا سليما حيث أراد السير وهذا يعنى أنه كان يسير الريح بقوله وسخر له الشياطين وهم الجن وهم بناء أى صناع الأشياء وغواص أى باحث عن الأشياء لجلبها وهناك جن أخرين مقرنين فى الأصفاد والمراد مقيدين فى السلاسل بسبب عدم سماعهم أمر سليمان (ص)بالعمل وفى هذا قال تعالى بسورة ص:
"فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وأخرين مقرنين فى الأصفاد"
سبحان من سخر لنا هذا :
بين الله أن الله هو الذى خلق الأزواج كلها والمراد الذى أنشأ أفراد الأنواع كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون والمراد وخلق لكم من السفن والأنعام ما تستوون عليه وهذا يعنى أن بعض الأنعام هى التى تركب لكبر حجمها وهى الإبل والبقر أحيانا والسبب فى خلقها أن يستوى الناس على ظهورها والمراد أن يركب الناس على سطوحها ويتذكروا نعمة الرب إذا استووا عليها والمراد ويعلموا رحمة الله بهم إذا ركبوا على سطوحها حيث توفر المشقة والتعب وتقولوا :سبحان الذى سخر لنا هذا والمراد الطاعة لحكم الله الذى خلق لنا هذه الأشياء وما كنا له مقرنين أى خالقين والمراد مصلحين مهيئين لنفعنا ،وإنا إلى ربنا لمنقبلون أى وإنا إلى جزاء خالقنا عائدون فى المستقبل وهذا يعنى وجوب قولنا عند ركوب الفلك أو الأنعام سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون وفى هذا قال تعالى بسورة الزخرف:
"والذى خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون"
تسخير الريح الصرصر:
بين الله لنبيه (ص)أن عاد أهلكوا بريح صرصر عاتية والمراد دمروا بهواء مؤذى عاصف سخرها والمراد سلطها الله عليهم مدة قدرها سبع ليال وثمانية أيام حسوما أى متتابعة فترى القوم فيها صرعى والمراد فتشاهد الكفار فيها موتى أى راقدين كأنهم جذور نخل خالية أى يشبهون جذور نخل خالية والمراد أن العظام ليس بها لحم شبه الجذر الخالى إلا من جوانبه ويسأله فهل ترى لهم من باقية والمراد فهل تعلم منهم من حى ؟والغرض من السؤال إخباره بهلاك الكل بدليل عدم وجود حى واحد منهم وفى هذا قال تعالى بسورة الحاقة :
"وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى من باقية"
السخرية من المؤمنين :
قال تعالى بسورة البقرة :
" ويسخرون من الذين أمنوا"وفسره بقوله تعالى بسورة المطففين"إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون"فالسخرية هى الضحك على المؤمنين والمعنى ويضحكون على الذين صدقوا بوحى الله "فهنا بين الله أن الكفار يسخرون أى يستهزئون أى يضحكون على المسلمين بكل الطرق
نزول العذاب بالذين سخروا منه :
وضح الله أن الرسل وهم الأنبياء(ص)قبل وجوده فى الحياة قد استهزىء بهم أى سخر منهم أى كذب برسالاتهم مصداق لقوله بسورة ص"إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب"فكانت النتيجة أن حاق بهم ما كانوا يستهزءون والمراد أن أصاب الكفار الذى كانوا به يكذبون وهو العقاب كما بآية سورة ص وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام:
"ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا ما كانوا به يستهزءون"
السخرية من المطوعين :
بين الله أن المنافقين هم الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم والمراد هم الذين يذمون أى يعيبون على المتبرعين من المصدقين بحكم الله بالأموال للجهاد ويعيبون على الذين لا يلقون سوى عملهم بأنفسهم دون دفع مال لحاجتهم وفسر الله يلمزون بأنهم يسخرون منهم أى يستهزءون أى يضحكون عليهم مصداق لقوله بسورة المطففين"إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون"فلا هم يعجبهم الدافع أو الذى لا يدفع والله سخر منهم أى استهزى بالمنافقين أى عاقبهم وفسر هذا بأن لهم عذاب أليم أى عقاب مهين وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة :
"الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم"
سخرية قوم نوح(ص) ورد نوح (ص) عليها :
وضح الله أن نوح(ص)كان يصنع الفلك والمراد يشيد السفينة وشيد نوح(ص)السفينة وكلما مر عليه ملأ من قومه والمراد وكلما فات عليه جمع من كفار شعبه سخروا منه أى استهزءوا به أى ضحكوا عليه فيقول لهم إن تسخروا منا والمراد إن تستهزءوا بنا أى تضحكوا علينا الآن فإنا نسخر منكم كما تسخرون والمراد فإنا نستهزىء بكم كما استهزءتم بنا والمراد فإنا نضحك عليكم كما ضحكتم علينا فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه والمراد فسوف تعرفون من ينزل به عقاب يذله وفى هذا قال تعالى بسورة هود :
"ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه"
السخرية من الرسل(ص):
وضح الله أن الرسل (ص)من قبله قد استهزىء أى سخر منهم والمراد كذبوهم فكانت النتيجة أن حاق بالذين سخروا ما كانوا يستهزءون والمراد أن نزل بالذين كذبوا الحق الذى كانوا به يكذبون وهو العذاب أى أصاب الذين استهزءوا منهم سيئات وهو إيذاءات هى العذاب وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام :
"ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا يستهزءون"
سخرية الكفار من المؤمنين :
بين الله أنه قال للكفار على لسان الملائكة اخسؤا فيها أى أقيموا في النار بلا خروج منها ولا تكلمون أى ولا تتحدثون أى ولا تنادون طالبين الرحمة ،إنه كان فريق من عبادى والمراد أنه كان جماعة من خلقى يقولون ربنا آمنا أى صدقنا بالوحى فاغفر لنا أى ارحمنا أى انفعنا أى أدخلنا الجنة وأنت خير الراحمين أى وأنت أحسن النافعين أى أنت أرحم الراحمين مصداق لقوله بسورة الأعراف "وأنت أرحم الراحمين " فاتخذتموهم سخريا والمراد فجعلتموهم أضحوكة حتى أنسوكم ذكرى والمراد حتى أتركوكم طاعة حكمى أى كنتم منهم تضحكون أى تستهزءون إنى جزيتهم اليوم بما صبروا والمراد إنى رحمتهم اليوم بالذى أطاعوا وفى هذا قال تعالى بسورة الحج :
"قال اخسؤا فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادى يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكرى"
السخرية من الآيات :
وضح الله لنبيه (ص)أنه عجب والمراد أن الرسول (ص)استغرب أى اندهش بسبب تكذيب الكفار الذى يسخرون أى يستهزءون بالله ورسوله (ص)وآياته وفسر هذا بأنهم إذا ذكروا لا يتذكرون أى إذا أبلغوا الوحى لا يطيعون الوحى وفسر هذا بأنهم إذا رأوا آية يستسخرون والمراد إذا علموا حكم يكذبون به أى يعرضون ويقولوا إن هذا إلا سحر مبين أى مكر عظيم وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات :
"بل عجبت ويسخرون وإذا ذكروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون"
الكفار لا يرون من سخروا منهم فى النار :
بين الله أن الكفار المتأخرين فى الدخول قالوا ربنا من قدم لنا هذه والمراد خالقنا من كان سببا فى دخولنا النار فزده عذابا ضعفا فى النار والمراد فأعطه عقابا زائدا فى جهنم وهذا يعنى أنهم يطلبون عقاب زائد للسابقين لإعتقادهم أنهم السبب فى دخولهم النار وهو قول خاطىء وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار والمراد ما السبب الذى يجعلنا لا نشاهد ناسا كنا نعتبرهم من الكفار ؟والغرض من القول هو أنهم كانوا يعتقدون بدخول المسلمين النار لأنهم كانوا فى نظرهم أشرار وقالوا اتخذناهم سخريا أى أجعلناهم أهزوءة أم زاغت عنهم الأبصار أى ضلت عنهم العيون وهذا يعنى أنهم لا يعرفون السبب فهل سبب عدم وجودهم هو سخريتهم منهم أو أن عيونهم لا تبصرهم لبعدهم عنهم فى النار وهذا دليل حيرتهم وفى هذا قال تعالى بسورة ص:
قالوا ربنا من قدم لنا هذه فزده عذابا ضعفا فى النار وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار "
الدرجات تسبب السخرية :
سأل الله أهم يقسمون رحمة ربك والمراد هل هم يوزعون خير إلهك؟والغرض من السؤال هو إخباره أن الكفار لا يوزعون رحمة الله بأهوائهم ،وبين له أن الله قسم بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا والمراد أن الله وزع بينهم رزقهم فى المعيشة الأولى وفسر هذا بأنه رفع بعضهم فوق بعض درجات والمراد وزاد بعضهم على بعض فى مقدار العطايا والسبب أن يتخذ بعضهم بعضا سخريا والمراد أن يجعل بعضهم بعضا أضحوكة أى أهزوءة وفى هذا قال تعالى بسورة الزخرف :
أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا"
حرمة السخرية من الرجال والنساء :
خاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول لا يسخر قوم من قوم والمراد لا يستهزىء ذكور من ذكور عسى أن يكونوا خيرا منهم أى عسى أن يكونوا أفضل أى أحسن منهم ولا تسخر نساء من نساء والمراد ولا تستهزىء إناث من إناث عسى أن يكن خيرا منهن أى عسى أن يكن أفضل منهن وهذا يعنى أن سبب تحريم السخرية هو أن المسبوبين قد يكونون أفضل عند الله من السابين وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات:
"يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن"
تسخير الكون للناس :
سأل الله الناس ألم تروا أى هل لم تعلموا أن الله سخر أى خلق لكم ما وهو الذى فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة البقرة "وهو الذى خلق لكم الذى فى الأرض جميعا" والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الناس عرفوا أن الله خلق الكون لينتفع به الناس وأنه أعطاهم النعم المعروفة لهم والمجهولة التى لا يعلمون وفى هذا قال تعالى بسورة لقمان :
" ألم تروا أن الله سخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض"
وسأل الله نبيه(ص)ألم تر أن الله سخر لكم ما فى الأرض والمراد هل لم تدرى أن الله خلق لكم الذى فى الأرض وهذا يعنى أنه خلق ما فى الأرض لنفع الناس وفى هذا قال تعالى بسورة الحج :
"ألم تر أن الله سخر لكم ما فى الأرض"
الله مسخر الشمس والقمر :
بين الله لنبيه (ص)أنه إذا سأل أى استخبر الكفار فقال:من خلق أى فطر السموات والأرض وسخر أى وخلق الشمس والقمر فإنهم يقولون الله هو الخالق المسخر، وفى هذا قال تعالى بسورة العنكبوت :
"ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله"
السحاب المسخر :
بين الله لنا أن من آياته بث كل دابة فى الأرض والمراد خلق كل نوع من أنواع المخلوقات فى الأرض ،وتصريف الرياح أى تسيير الهواء أى توجيهه إلى حيث يريد ،والسحاب المعلق بين السماء والأرض وهو الغمام المعلق فى الجو بين السماء والأرض وهذا يعنى أن السحب لا توجد فى غير المنطقة بين السماء والأرض وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
"وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض"
المسخرات بأمر الله :
وضح الله أن ربنا وهو خالقنا أى إلهنا هو الله الذى خلق أى فطر السموات والأرض والمراد هو الذى أنشأهما ثم استوى على العرش أى أوحى إلى الكون أنه مالكه،وبين لنا أن الليل وهو الظلام يغشى أى يذهب النهار وهو النور يطلبه حثيثا والمراد يذهبه تدريجيا ،وبين لنا أن الشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب مسخرات بأمره أى جاريات على حكم الله الذى شرعه لها وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف :
"إن ربكم الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره"
تسخير الشمس والقمر لأجل :
بين الله للناس أن الله هو الذى رفع السموات بغير عمد يرونها والمراد حمل السموات على الأرض بغير أعمدة يشاهدونها وهذا يعنى وجود أعمدة خفية تحمل السموات فوق الأرض ،ويبين لهم أنه استوى على العرش والمراد أوحى إلى الملك وهو الكون أنه مالكه الواجب الطاعة وهو الذى سخر أى سير أى خلق الشمس والقمر وكل منهما يجرى لأجل مسمى أى يسير فى مداره لموعد معلوم يعرفه الله وحده وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد :
"الله الذى رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى"
تسخير الفلك فى البحر :
وضح الله للناس أن الله الذى سخر أى أنشأ أى فطر السموات والأرض وبين لهم أنه أنزل من السماء ماء والمراد أسقط من السحاب مطرا فأخرج به من الثمرات رزقا لكم والمراد فأنبت به من الأنواع نفعا لكم ،وبين لهم أنه سخر لهم الفلك لتجرى فى البحر بأمره والمراد أنه هيء لهم السفن لتتحرك فى الماء بنعمة الله وهى الرياح وغيره من المحركات وبين لهم أنه سخر أى خلق لهم الشمس والقمر دائبين أى مستمرين فى الحركة حتى موعد محدد وفى هذا قال تعالى بسورة إبراهيم :
" وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الشمس والقمر دائبين "
تسخير الليل والنهار :
وضح الله للناس أنه سخر أى خلق لنفعهم كل من :الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب وكلهم مسخرات بأمره أى متحركات بحكم الله وهذا يعنى أنهم يعملون بالقوانين التى وضعها الله لها وفى ذلك وهى المخلوقات المذكورة آيات والمراد براهين دالة على وجوب عبادة الله وحده لقوم يعقلون أى لناس يذكرون أى يتفكرون وفى هذا قال تعالى بسورة النحل :
"وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون "
تسخير البحر :
وهو الماء لهم كى يأكلوا منه لحما طريا والمراد لتطعموا منه لحما لينا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها أى وتستطلعوا منه الماء حلية ترتدونها وهذا يعنى أنهم يصطادون من الماء الأسماك وأشباهها والحلى وهى الياقوت والمرجان والذهب والفضة وغير ذلك ،وبين أن الإنسان يرى الفلك مواخر فيه والمراد يشاهد السفن متحركات فى البحر وبين للناس أنهم يبتغون من فضله والمراد يطلبوا من رزقه بالسعى إلى هذا الرزق فى مكانه وبين لهم أن عليهم أن يشكروه أى يطيعوا حكم الله وفى هذا قال تعالى بسورة النحل:
" وهو الذى سخر البحر لتأكلوا لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون"
تسخير الطير فى الجو :
سأل الله ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله والمراد هل لم يعرفوا أن الطير مهيئات لجو السماء ما يبقيهم طائرات إلا الله ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس بقدرة الله وحده على إعطاء الطيور القدرة على البقاء فى جو السماء أى فترة وفى بقاء الطير فى الجو آيات أى براهين دالة على قدرة الله ووجوب عبادته وحده لقوم يؤمنون أى لناس يعقلون وفى هذا قال تعالى بسورة النحل :
"ألم يروا إلى الطير مسخرات فى جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون"
تسخير الجبال لداود(ص):
وضح الله أنه سخر مع داود (ص)الجبال يسبحن والطير والمراد أمر كل من الرواسى والطير أن يذكرن أى يرددن ذكر الله الكلامى مع داود(ص) وفى هذا قال تعالى بسورة الأنبياء :
"وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير "
تسخير البدن :
بين الله لنا أن البدن وهى الإبل جعلها أى خلقها الله لنا من شعائر وهى ذبائح الله التى أباح ذبحها ولنا فيها خير أى نفع ،وطلب الله منا أن نذكر اسم الله عليها صواف والمراد أن نطيع حكم الله بذبحها فى صفوف وهذا يعنى أن ذبح البدن يتم بطريقة منظمة حيث توقف فى صفوف ويتم ذبحها فى وقت معلوم فإذا وجبت جنوبها أى فإذا سقطت أجسامها والمراد فإذا توقفت أجسادها عن الحركة فيجب علينا أن نأكل أى نطعم منها ونطعم أى ونعطى اللحم منها القانع وهو المعتر وهو المحتاج العاجز أى البائس الفقير وبين لنا أنه كذلك أى بتلك الطريقة وهى الذبح سخرها لنا أى نفعنا بها والسبب لعلنا نشكره أى نطيع حكمه وفى هذا قال تعالى بسورة الحج :
"والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون"
التسخير للتكبير :
بين الله لنا أنه لن ينال أى يأخذ والمراد لن يستفيد بلحوم الأنعام فى أكل ولا بدماءها فى شرب أو غيره وإنما يناله التقوى منكم أى تصيبه الطاعة منكم والمراد أن الله تصل لعلمه طاعتنا لحكمه فى الأنعام ويبين لنا أن كذلك سخرها لنا والمراد أن بالذبح نفعنا الله بالأنعام والسبب أن نكبر الله على ما هدانا والمراد أن نتبع الرب فيما أوحى لنا وهو هنا حكم ذبح الأنعام وفى هذا قال تعالى بسورة الحج :
"لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم "
تسخير الجبال والطير لداود(ص):
طلب الله من نبيه (ص)أن يحكى للناس قصة داود(ص)ذا الأيد أى صاحب القوة وهى الصبر على طاعة الله إنه أواب أى مسبح ويبين له أنه سخر له الجبال يسبحن معه والطير محشورة والمراد أنه أمر الرواسى أن يرددن معه الألفاظ الممجدة لله والطير مصفوفة تردد معه التسبيح بالعشى وهو الليل والإشراق وهو النهار والكل له أواب والمراد والجميع مع داود(ص) مسبح وفى هذا قال تعالى بسورة ص:
واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق والطير محشورة كل له أواب"
تسخير الريح لسليمان (ص):
وضح الله أنه سخر أى أعطى سليمان(ص)الريح وهى البساط الريحى المسافر يجرى بأمره رخاء حيث أصاب والمراد تسير بقول سليمان (ص)سيرا سليما حيث أراد السير وهذا يعنى أنه كان يسير الريح بقوله وسخر له الشياطين وهم الجن وهم بناء أى صناع الأشياء وغواص أى باحث عن الأشياء لجلبها وهناك جن أخرين مقرنين فى الأصفاد والمراد مقيدين فى السلاسل بسبب عدم سماعهم أمر سليمان (ص)بالعمل وفى هذا قال تعالى بسورة ص:
"فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وأخرين مقرنين فى الأصفاد"
سبحان من سخر لنا هذا :
بين الله أن الله هو الذى خلق الأزواج كلها والمراد الذى أنشأ أفراد الأنواع كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون والمراد وخلق لكم من السفن والأنعام ما تستوون عليه وهذا يعنى أن بعض الأنعام هى التى تركب لكبر حجمها وهى الإبل والبقر أحيانا والسبب فى خلقها أن يستوى الناس على ظهورها والمراد أن يركب الناس على سطوحها ويتذكروا نعمة الرب إذا استووا عليها والمراد ويعلموا رحمة الله بهم إذا ركبوا على سطوحها حيث توفر المشقة والتعب وتقولوا :سبحان الذى سخر لنا هذا والمراد الطاعة لحكم الله الذى خلق لنا هذه الأشياء وما كنا له مقرنين أى خالقين والمراد مصلحين مهيئين لنفعنا ،وإنا إلى ربنا لمنقبلون أى وإنا إلى جزاء خالقنا عائدون فى المستقبل وهذا يعنى وجوب قولنا عند ركوب الفلك أو الأنعام سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون وفى هذا قال تعالى بسورة الزخرف:
"والذى خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون"
تسخير الريح الصرصر:
بين الله لنبيه (ص)أن عاد أهلكوا بريح صرصر عاتية والمراد دمروا بهواء مؤذى عاصف سخرها والمراد سلطها الله عليهم مدة قدرها سبع ليال وثمانية أيام حسوما أى متتابعة فترى القوم فيها صرعى والمراد فتشاهد الكفار فيها موتى أى راقدين كأنهم جذور نخل خالية أى يشبهون جذور نخل خالية والمراد أن العظام ليس بها لحم شبه الجذر الخالى إلا من جوانبه ويسأله فهل ترى لهم من باقية والمراد فهل تعلم منهم من حى ؟والغرض من السؤال إخباره بهلاك الكل بدليل عدم وجود حى واحد منهم وفى هذا قال تعالى بسورة الحاقة :
"وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى من باقية"
السخرية من المؤمنين :
قال تعالى بسورة البقرة :
" ويسخرون من الذين أمنوا"وفسره بقوله تعالى بسورة المطففين"إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون"فالسخرية هى الضحك على المؤمنين والمعنى ويضحكون على الذين صدقوا بوحى الله "فهنا بين الله أن الكفار يسخرون أى يستهزئون أى يضحكون على المسلمين بكل الطرق
نزول العذاب بالذين سخروا منه :
وضح الله أن الرسل وهم الأنبياء(ص)قبل وجوده فى الحياة قد استهزىء بهم أى سخر منهم أى كذب برسالاتهم مصداق لقوله بسورة ص"إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب"فكانت النتيجة أن حاق بهم ما كانوا يستهزءون والمراد أن أصاب الكفار الذى كانوا به يكذبون وهو العقاب كما بآية سورة ص وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام:
"ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا ما كانوا به يستهزءون"
السخرية من المطوعين :
بين الله أن المنافقين هم الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم والمراد هم الذين يذمون أى يعيبون على المتبرعين من المصدقين بحكم الله بالأموال للجهاد ويعيبون على الذين لا يلقون سوى عملهم بأنفسهم دون دفع مال لحاجتهم وفسر الله يلمزون بأنهم يسخرون منهم أى يستهزءون أى يضحكون عليهم مصداق لقوله بسورة المطففين"إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون"فلا هم يعجبهم الدافع أو الذى لا يدفع والله سخر منهم أى استهزى بالمنافقين أى عاقبهم وفسر هذا بأن لهم عذاب أليم أى عقاب مهين وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة :
"الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين فى الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم"
سخرية قوم نوح(ص) ورد نوح (ص) عليها :
وضح الله أن نوح(ص)كان يصنع الفلك والمراد يشيد السفينة وشيد نوح(ص)السفينة وكلما مر عليه ملأ من قومه والمراد وكلما فات عليه جمع من كفار شعبه سخروا منه أى استهزءوا به أى ضحكوا عليه فيقول لهم إن تسخروا منا والمراد إن تستهزءوا بنا أى تضحكوا علينا الآن فإنا نسخر منكم كما تسخرون والمراد فإنا نستهزىء بكم كما استهزءتم بنا والمراد فإنا نضحك عليكم كما ضحكتم علينا فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه والمراد فسوف تعرفون من ينزل به عقاب يذله وفى هذا قال تعالى بسورة هود :
"ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه"
السخرية من الرسل(ص):
وضح الله أن الرسل (ص)من قبله قد استهزىء أى سخر منهم والمراد كذبوهم فكانت النتيجة أن حاق بالذين سخروا ما كانوا يستهزءون والمراد أن نزل بالذين كذبوا الحق الذى كانوا به يكذبون وهو العذاب أى أصاب الذين استهزءوا منهم سيئات وهو إيذاءات هى العذاب وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام :
"ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا يستهزءون"
سخرية الكفار من المؤمنين :
بين الله أنه قال للكفار على لسان الملائكة اخسؤا فيها أى أقيموا في النار بلا خروج منها ولا تكلمون أى ولا تتحدثون أى ولا تنادون طالبين الرحمة ،إنه كان فريق من عبادى والمراد أنه كان جماعة من خلقى يقولون ربنا آمنا أى صدقنا بالوحى فاغفر لنا أى ارحمنا أى انفعنا أى أدخلنا الجنة وأنت خير الراحمين أى وأنت أحسن النافعين أى أنت أرحم الراحمين مصداق لقوله بسورة الأعراف "وأنت أرحم الراحمين " فاتخذتموهم سخريا والمراد فجعلتموهم أضحوكة حتى أنسوكم ذكرى والمراد حتى أتركوكم طاعة حكمى أى كنتم منهم تضحكون أى تستهزءون إنى جزيتهم اليوم بما صبروا والمراد إنى رحمتهم اليوم بالذى أطاعوا وفى هذا قال تعالى بسورة الحج :
"قال اخسؤا فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادى يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكرى"
السخرية من الآيات :
وضح الله لنبيه (ص)أنه عجب والمراد أن الرسول (ص)استغرب أى اندهش بسبب تكذيب الكفار الذى يسخرون أى يستهزءون بالله ورسوله (ص)وآياته وفسر هذا بأنهم إذا ذكروا لا يتذكرون أى إذا أبلغوا الوحى لا يطيعون الوحى وفسر هذا بأنهم إذا رأوا آية يستسخرون والمراد إذا علموا حكم يكذبون به أى يعرضون ويقولوا إن هذا إلا سحر مبين أى مكر عظيم وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات :
"بل عجبت ويسخرون وإذا ذكروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون"
الكفار لا يرون من سخروا منهم فى النار :
بين الله أن الكفار المتأخرين فى الدخول قالوا ربنا من قدم لنا هذه والمراد خالقنا من كان سببا فى دخولنا النار فزده عذابا ضعفا فى النار والمراد فأعطه عقابا زائدا فى جهنم وهذا يعنى أنهم يطلبون عقاب زائد للسابقين لإعتقادهم أنهم السبب فى دخولهم النار وهو قول خاطىء وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار والمراد ما السبب الذى يجعلنا لا نشاهد ناسا كنا نعتبرهم من الكفار ؟والغرض من القول هو أنهم كانوا يعتقدون بدخول المسلمين النار لأنهم كانوا فى نظرهم أشرار وقالوا اتخذناهم سخريا أى أجعلناهم أهزوءة أم زاغت عنهم الأبصار أى ضلت عنهم العيون وهذا يعنى أنهم لا يعرفون السبب فهل سبب عدم وجودهم هو سخريتهم منهم أو أن عيونهم لا تبصرهم لبعدهم عنهم فى النار وهذا دليل حيرتهم وفى هذا قال تعالى بسورة ص:
قالوا ربنا من قدم لنا هذه فزده عذابا ضعفا فى النار وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار "
الدرجات تسبب السخرية :
سأل الله أهم يقسمون رحمة ربك والمراد هل هم يوزعون خير إلهك؟والغرض من السؤال هو إخباره أن الكفار لا يوزعون رحمة الله بأهوائهم ،وبين له أن الله قسم بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا والمراد أن الله وزع بينهم رزقهم فى المعيشة الأولى وفسر هذا بأنه رفع بعضهم فوق بعض درجات والمراد وزاد بعضهم على بعض فى مقدار العطايا والسبب أن يتخذ بعضهم بعضا سخريا والمراد أن يجعل بعضهم بعضا أضحوكة أى أهزوءة وفى هذا قال تعالى بسورة الزخرف :
أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا"
حرمة السخرية من الرجال والنساء :
خاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول لا يسخر قوم من قوم والمراد لا يستهزىء ذكور من ذكور عسى أن يكونوا خيرا منهم أى عسى أن يكونوا أفضل أى أحسن منهم ولا تسخر نساء من نساء والمراد ولا تستهزىء إناث من إناث عسى أن يكن خيرا منهن أى عسى أن يكن أفضل منهن وهذا يعنى أن سبب تحريم السخرية هو أن المسبوبين قد يكونون أفضل عند الله من السابين وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات:
"يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن"
رضا البطاوى- عضو ممتاز
-
عدد الرسائل : 3619
العمر : 56
العمل : معلم
تاريخ التسجيل : 18/07/2011
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى