حقائق جديدة فى وفاة جمال عبد الناصر
منتديات العلم والعلماء والمخترعين والمبتكرين .... :: المنتدي السياسي ( قضايا وطني مصر ) Political forum
صفحة 1 من اصل 1
حقائق جديدة فى وفاة جمال عبد الناصر
حقائق جديدة فى وفاة جمال عبد الناصر
ظهر مقال بجريدة الأهرام الموقرة تحت عنوان حقائق تاريخية عن مرض ووفاة جمال عبد الناصر , بقلم الدكتور الصاوى محمود حبيب , الدكتور الخاص للرئيس جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر كان يستمد قوته من الشارع المصرى والعربى , وليس كما قال أو كتب عنه بعض الكتاب والمؤرخين . أن عبد الحكيم عامر وزير الحربية ذات الوقت , كان الحاكم الحقيقى !!! فى الوقت الذى كان الشعب المصرى بكل طوائفه يعلم أن عبد الحكيم عامر كان لا يصلح حتى فى قيادة كتيبة , وكان يسبح فى حياته الخاصة , يحقق فقط كل مصالح معاونيه وضباطه ... أما جمال عبد الناصر كان رجل عائلة محترما , قائد أستمد قوته من الشعب المصرى والشعوب العربية , والدليل على ذلك , أنه بعد هزيمة 67 , أمر جمال عبد الناصر بالقبض على عبد الحكيم عامر و قيادات الجيش المسؤلة ومحاكمتهم عسكريا على تقاعسهم وما نتج عنه من هزيمة ساحقة بالقوات المسلحة المصرية , وكان جمال عبد الناصر قد حذر قيادات الجيش أن إسرائيل سوف تقوم بالهجوم خلال 72 ساعة ... أثناء أعتقاله , أنتحر المشير عبد الحكيم عامر أو أنتحروه , لكن بعد خراب مالطة
كانت تقام معسكرات تلقى فيها محاضرات عن الفكر الأشتراكى وكيفية تطبيقه , كنت أحد الطلاب المشاركون , وكان المعسكر إجباريا وليس طوعيا !! فالأشتراكية والميثاق الوطنى كانت مقررات مقررة , غير قابلة للنقاش وكانت خارج معتقداتى الشخصية , وبعد التخرج يضاف الى راتبك عشرون جنيها , ومهمتك هى أقناع الأولاد بالمدارس بماهية وأهمية وعظمة النظام الأشتراكى وحقوق العمال والفلاحين ... كنت أجلس مثل الكرسى الذى أجلس عليه , فقال لى الدكتور صقر , لا أتذكر أسمه الأول , وهو الذى كان ينظم ويدير معسكرات الدراسات الأشتراكية , قال لى , ياأبنى أنت جالس مثل الكرسى ,لاتناقش ولا تجادل ولا تتكلم , هذا سوف يضع أمام أسمك علامة سوداء !! قلت , أنا أفضل أن أعيش فقيرا وسط شعب كله أغنياء , ولا أعيش غنيا وكل من حولى فقراء , أفضل أن أصادق الناس على علاتها فمن يروق لى أصادقه ومن لا يروق أتركه !! قال لى أنت حر طبعا !! وكان ...
هربت من المعسكر وأختفيت أو هكذا كنت أعتقد ... فى شتاء1967 كنت أرتدى جاكت جلد أسود جديد , أهدته لى أختى وكنت سعيدا به ... مررت مشيا أمام فيلا المهندس صدقى سليمان وزير الكهرباء والسد العالى ورئيس الوزراء فيما بعد , بشارع الأهرامات , وكان على مقربة من منزلنا ... فجأة ظهر رجل ضخم بلباس مدنى , قال لى الى أين أنت ذاهب ؟؟ قلت له , وما دخلك أنت ؟؟ وما هى إلا لحظة ,خرج أثنان آخران وأنهالوا على باللكمات والضرب فى كل مكان , طرحونى أرضا ومزقوا الجاكت الجديد ,أمسك أحدهم بشعر رأسى , وآخر يلوى زراعى خلف ظهرى وأخذونى الى نقطة شرطة أوسعونى ضربا وسبا وربطوا زراعى بسلسلة حديدية بعدما أحدثوا بى عدة أصابات , وسحبونى الى الشارع متجهين الى قسم الشرطة الرئيسى قسم الجيزة والناس تنظر فى دهشة وحيرة , كنت فى حالة لا يعلم بها إلا الله , أثناء مرورى بترعة الزمر , شاهدنى عم أمام بائع المثلجات , على الفور بعث بولد صغير الى منزلنا وأبلغ والدتى عليها الرحمة , وكان فى زيارتها , خالى الدكتور إبراهيم كامل جمعة أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة رحمه الله وهو أخ لخال آخر هو الدكتور أحمد محرم جمعة وزير الأسكان السابق فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر ولا زال حيا يرزق... أتصل الدكتور كامل بوالدى وعلى الفور أتصل والدى بصديق له , الأستاذ مصطفى حمودة وكان مأمورا لقسم شرطة الأزبكية , والذى حضر بنفسه فورا وأنقذنى من يد الزبانية.
بكيت كثيرا وهانت على الدنيا , لكنى كنت أعلم أن الحوت تلتصق به وتعيش حوله طفيليات وأسماك صغيرة تنظف حوله , وحول كل نظام عاشت حشرات , هكذا كان جمال عبد الناصر , حوتا تحيط به بعض الحشرات , وما حدث لى ولغيرى لم يكن بأمر منه , هكذا كنت أعتقد , وما حدث هو من أعمال الأدوات أو الحشرات الآدمية ... لقد ذكرت الأسماء والأماكن والله على ما أقول شهيد , ذكرتها للحقيقة وأننى تحملت وأنكرت ذاتى وترفعت عن كل الصغائر , وحتى أعطى جمال عبد الناصر حقه بعيدا عن كل ما كتب وقيل عنه ... ما حدث لى لم يحطم معنوياتى أبدا وأنا أعلم قوة أرادتى حتى وأنا صغير السن , لكنى قررت الرحيل ... هذه كانت مقدمة أعتقد أنها كانت ضرورية , وحتى يتعلم البعض الترفع عن الذات أولا , قبل الحكم على أى أنسان مهما أختلف معه شكلا وموضوعا
كيف رحل جمال عبد الناصر؟؟؟
دكتور أخصائى علاج طبيعى , هكذا يقول , كنت أشك فى سطحية وضحالة معلوماته , حتى مذكراته للطلاب كانت حوالى ثمان أوعشر صفحات لا تتعدى معلومات طالب أعدادى فى مادة الصحة , وحينما تأكدت أنه حصل على الدكتوراه من ألمانيا الشرقية !! فى زمن قياسى حوالى عام واحد , وهذا مستحيل , لذلك كنت أشك فى أن هناك شىء غير طبيعى !! قبل عودته الى مصر , كان يسبقه الأعلام عن أكبر صالة علاج طبيعى بالشرق الأوسط وأفريقيا وسوف يقوم على أدارتها أكبر أخصائى علاج طبيعى
جمال عبد الناصر كان يشكو من تصلب بعض الشرايين فى ساقه فكان يتألم إذا وقف لفترة أكثر من ربع ساعة وكان يقوم أحد المتخصصين على ما أذكر , مراد خير الدين , بتدليك ساقه
أخيرا وصل الدكتور على العطفى أخصائى العلاج الطبيعى وكان المرجح أن يتولى هو تدليك ساق جمال عبد الناصر ومعه مادة زيتية تخفف الألم
بعد هزيمة 5 يونيو 1967 , بمجهود خارق أستطاع جمال عبد الناصر بناء وتعبئة الجيش المصرى , وبدأ حرب الأستنزاف , سجلت فيها القوات المصرية بطولات مشهودا لها , وظلت كذلك حتى آخر ساعات كان يناضل لوقف نزيف دم الأخوة الفلسطينيون فى الأردن وأنقاذ ياسر عرفات وكأنه يسابق الزمن , فى وقت خذلته بلاد كانت تعتقد أنها دولا , وكان يعلم أنه ليس كل من نصب خيمة ووضع عليها علم أصبحت دولة !!؟؟...
رحل جمال عبد الناصر فى الساعة السادسة والربع من مساء يوم 28 سبتمبر سنة 1970 , أثر أزمة قلبية حادة ... عاش عملاقا ورحل عملاقا , وحتى بعد ثورته البيضاء , قامت الثورات فى سوريا والعراق , فى الجزائر والسودان وليبيا واليمن والدول الأفريقية , قامت على نفس مبادىء ونهج ثورة جمال عبد الناصر , رحل ورحلت معه أيام الزمن الجميل , أيام الثقافة والفن الرفيع , المسرح والسينيما والموسيقى والغناء , ثقافة الأبداع والتى كانت سفير مصر الحقيقى الى كل البلاد العربية الشقيقة , كانت حقبة صراع غربى وشرقى وكانت تجربة بما لها وما عليها
كانت على الجبهة المصرية بمنطقة الأسماعيلية تقام قواعد خرسانية لأطلاق الصواريخ محاطة بالأشجار , وقبل أن تجف , تقوم المقاتلات الإسرائيلية بتدميرها !! مما تسبب بخسائر فى أرواح الجنود , تكرر ذلك مرات عديدة , وأصبح الضباط والجنود فى حيرة !! بدأت المخابرات العسكرية فى مراقبة أنفاس كل الضباط وزوجاتهم وأولادهم وأقاربهم وأصدقائهم والأماكن التى يترددون عليها .... كان الضباط الكبار يحصلون على راحة يومين بالتبادل , فكان منهم يتجة الى حمام السباحة وصالة العلاج الطبيعى بالنادى للأسترخاء من توتر الأعصاب على الجبهة , وبحسن نية خالصة كانوا يقصون على من أعتبروه صديق يقوم على راحتهم , يتحدثون مع الدكتور على العطفى بما يحدث على الجبهة ... هنا تحركت المخابرات المصرية وذهبت للتحرى بمنزل الدكتور على العطفى وبدون علمه , وكانت الكارثة !!!!؟؟؟؟ أجهزة أتصالات سرية وحبر وأوراق سرية !!!؟؟؟ .... قام جهاز المخابرات بخطف وإخفاء الدكتور على العطفى الذى أبلغت زوجته الألمانية عن عدم عودته الى المنزل كالمعتاد ... قامت قوات المهندسين ببناء القواعد , منها الحقيقى ومنها على شكل فوم , هنا تخبطت المقاتلات الأسرائيلية !!؟؟ وسقط أول جاسوس مصرى
كنت أقرأ مجلة أكتوبر المصرية والتى كان يرأس تحريرها الأستاذ أنيس منصور خلال السبعينات , لا أتذكر بالتحديد أى عام , لا حظت فى أول صفحة صورة الدكتور على العطفى أسفلها عبارة , أنتقل الدكتور على العطفى من سجن الأستئناف الى سجن طره , سألت وتأكدت أنه فعلا هو الدكتور على العطفى , وصدقت وحقت نبؤتى عن ضحالة وسطحية علمه ومعلوماته وأن هناك خطأ ما فى شخصه !! أصطادوه بالمال ونفسه الضعيفة , وحصل على الدكتوراه المضروبة !! والهيلمانات التى سبقته وصالة العلاج الطبيعى ... وصل الى جمال عبد الناصر وظل الزيت اللعين يتسرب فى ساقه فأضعف قلبه وقضى عليه ... رحل جمال عبد الناصر وأستمر الدكتور على العطفى فى دور آخر و حتى سقط وأنكشفت كل أسراره , كان يتجسس للموساد !! ... حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة , ومات بسجنه ... يمهل ولا يهمل
مقال الدكتور الصاوى محمود حبيب :
حقائق تاريخية عن مرض ووفاة جمال عبد الناصر
بقلم : د. الصاوي محمود حبيب
الطبيب الخاص للرئيس جمال عبدالناصر
مات جمال عبدالناصر عن عمر لا يتجاوز52 عاما وهو عمر قصير عامة, كما أنه يعتبر أيضا من أصغر رؤساء الدول الذين توفوا وهم يحكمون وعندما توفي كان ملء السمع والبصر علي مستوي العالم, وفي المقابل عاش حياة غير طبيعية, وبالإضافة إلي انه مرض بالسكر وضغط الدم وانسداد الشريان التاجي, ففي الثلاثينيات من عمره قام بإنقلاب عسكري اعقبه بثورة أطاحت بنظام الحكم الملكي في مصر وظهرت ميوله الوطنية ونزعته الاستقلالية في صفقة الاسلحة التشيكية والاعتراف بالصين الشعبية.
وحين أمم قناة السويس أصبح بطلا للأمة العربية وجميع الشعوب التي تتطلع للحرية ولم يستطع الغرب الصبر فحدث العدوان الثلاثي من انجلترا وفرنسا وإسرائيل الذي باء بالفشل وخرج بعد العدوان أقوي مما كان وأصبح نموذجا تقتدي به إفريقيا وأمريكا اللاتينية علي طريق التحرر والاستقلال.
ورأت سوريا أن الوسيلة الوحيدة لاعادة الاستقرار بعد سلسلة من الانقلابات هي الوحدة مع مصر وقبلت مصر ولم تستطع الرفض, وكانت هذه الوحدة سابقة لأوانها فقد بنيت علي أسس سياسية. والوحدة لا تنجح إلا إذا قامت علي أسس جغرافية واقتصادية, ولذلك سرعان ما انفصلت سوريا تاركة في نفس عبد الناصر جرحا لا يندمل, فسوريا هي التي طلبت الوحدة وهي التي فرضت الانفصال وكانت اول هزيمة تقابله اصابت نفسه بالمرارة وجسمه بمرض السكر الذي كان مهيأ له بعامل الوراثة.
***
بدأ رحلة المرض وهو في شرخ الشباب ولم يكن لإسرائيل والغرب أن تتركه لشأنه فنجاحه أدي إلي استقلال الدول العربية في اتخاذ قرارها وأن تملك مصيرها بنفسها وهذا هدد مصالح الغرب الذي كان يحلم بالسيطرة علي منابع النفط والشرق الأوسط, وهي مصدر القوة والثروة في العالم المعاصر, وازدادت كراهية إسرائيل والغرب لجمال عبد الناصر بعد تعاظم النفوذ السوفيتي الذي اسهم في انشاء السد العالي, وامداد العالم العربي بالسلاح, وكان هذا فوق احتمال إسرائيل والغرب الذي ساعد إسرائيل علي صناعة السلاح الذري وامدادها باسلحة أكثر تقدما من السلاح السوفيتي الموجود بحوزة مصر, وبهذا ضمنت إسرائيل أن يكون ميزان القوي في مصلحتها.
وفي الوقت نفسه الذي كانت فيه الثورة اليمنية تستنزف الجيش المصري شنت إسرائيل حرب67 تحت حماية الدول الغربية وأطاحت بالجيوش العربية في مصر والاردن وسوريا ودفعت الشعوب العربية ثمن الهزيمة بالاحتلال العسكري الإسرائيلي لسيناء والضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان ودفع جمال عبد الناصر الثمن بسرعة ظهور مضاعفات مرض السكر في الجهاز العصبي والدوري في الوقت الذي لم يكن عمره قد تجاوز ثمانية واربعين عاما.
وفي يوم1967/7/13 وهو اليوم التالي بعد أن توليت مسئولية طبيبه الخاص قمت بتوقيع الكشف الطبي عليه لأول مرة فوجدت مساحة محدودة من التمدد في الشعب الهوائية اسفل احدي الرئتين, كما وجدت أن نبض شريان احدي القدمين غير محسوس وبدا واضحا أن تصلب الشرايين قد ظهر مبكرا في الطرف السفلي, ولم تمض أيام حتي ظهر اسيتون في البول بسبب ارتفاع السكر والقلق النفسي وبإشراف الدكتور منصور فايز تمت اعادة السكر إلي مستواه الطبيعي, فيما لا يزيد علي يومين كما استقدم الدكتور منصور فايز الدكتور علي البدري استاذ السكر لتأمين ضبط السكر.
ومع ذلك فقد ظهرت المضاعفات بسرعة في الجهاز العصبي علي صورة التهاب في الاعصاب الطرفية وجذور الاعصاب تسببت في حدوث آلام شديدة في الساقين واسفل الظهر تزداد ليلا وبدأت رحلة العلاج في القاهرة وحمامات حلوان ثم وصلت إلي الاتحاد السوفيتي في حمامات المياه في تسخالطوبو وباستمرار الضغط علي عبد الناصر من جميع الأطباء مصريين وأجانب اقلع عن التدخين.
***
في هذه الفترة كان قد تم اعادة بناء الجيش وبدأت حرب الاستنزاف بشدة وضراوة, ولم يكن جمال عبد الناصر قد تجاوز الخمسين من عمره في ذلك الوقت, وكان عليه ان يستمر مهما كان الثمن فلم يقبل الشعب العربي استقالته بعد هزيمة حرب يونيو وطلب منه الاستمرار فكان عليه أن يدوس علي آلامه ويقاوم المرض ويقود الحرب واستمر يعمل ليل نهار في الوقت الذي كان تصلب الشرايين الذي اصاب قدمه قد بدأ يتغلغل ببطء في الشريان التاجي دون أي إنذار نتيجة منطقية للجهد العقلي والتوتر والقلق النفسي الذي كان يعيش فيه مع ارتفاع السكر وضغط الدم والكلسترول وهو الثلاثي الذي يعتبر وجوده نذيرا بالسوء.
وفي يوم1969/9/11 وقعت الواقعة فعلا فعندما دخلت عليه في الصباح اخبرني انه استيقظ في الفجر, وقد شعر بضيق في التنفس لم يستمر طويلا وعندما كشفت عليه سمعت صوتا ثالثا في القلب وهذا غير طبيعي فقمت بعمل رسم قلب اكد وجود انسداد في الشريان التاجي, وكان بدون ألم وهذا يحدث مع نسبة25% من مرضي السكر, وأكد الدكتور منصور فايز التشخيص وطلب مني استدعاء الدكتور محمود صلاح الدين من الإسكندرية, وكان أكبر أطباء القلب في ذلك الوقت وكان الحرص علي سرية التشخيص هو الدافع للاستعانة بطبيب قلب من خارج القاهرة وحضر الدكتور شازوف كبير أطباء القلب الروس وأيد التشخيص والعلاج.
ولم يمر أكثر من شهرين حتي كان يعمل18 ساعة في اليوم وسافر إلي الرباط لحضور مؤتمر القمة ومر علي الجزائر في طريق العودة وزار طرابلس ثم سافر إلي بنغازي التي وصلها متأخرا لعطل في الطائرة, وتم استقباله في مطار بنغازي استقبالا أسطوريا ثم عاد للقاهرة وسافر إلي السودان ثم إلي موسكو في رحلة غير معلن عنها ثم سافر إلي الخرطوم مرة أخري ثم إلي ليبيا مرة ثانية, وفي مصر كان ينتقل بين القاهرة وأسوان والإسكندرية ويقود حرب الاستنزاف ويسافر إلي القنال ليتفقد الجنود والضباط ثم سافر إلي موسكو مرة ثانية.
أي حياة هذه كان يعيشها جمال عبد الناصر؟ ولا يمكن لمثل هذا النمط من الحياة إلا أن يزيد الأمر سوءا ويضعف عضلة القلب ويعمل علي انسداد ما تبقي من الشريان التاجي صالحا لمرور الدم.
وبدا لأطبائه أن الأمر خرج عن السيطرة فعقدوا معه اجتماعا في الإسكندرية قبل وفاته بشهر برئاسة الدكتور محمود صلاح الدين وحضور الدكتور منصور فايز والدكتور زكي الرملي والدكتور علي البدري وحضوري, وصارح الدكتور محمود صلاح الدين جمال عبدالناصر بعدم وجود أي تقدم في العلاج, وأن الوضع يستلزم إعادة النظر في أسلوب حياته, ولكن جمال عبدالناصر أنهي المقابلة دون أن يعد بتغيير نمط حياته.
إلا أن الأحداث السياسية تسارعت وعقد اجتماع للقمة العربية في القاهرة لاحتواء الخلاف الذي أسفر عن الصدام المسلح بين الفلسطينيين والاردنيين, ولم يكد المؤتمر ينتهي بإيقاف القتال ويغادر جميع الرؤساء القاهرة وآخرهم أمير الكويت حتي كان عبد الناصر قد اصيب بالانسداد الثاني للشريان التاجي خلال عام واحد, وهذا الانسداد تسبب في الصدمة القلبية التي كانت سببا في وفاته والصدمة القلبية تحدث نتيجة تلف40% أو أكثر من عضلة القلب مما يفقد القلب وظيفته كمضخة.
والثابت علميا الآن أن50% ممن يموتون بإنسداد الشريان التاجي يموتون قبل دخول المستشفي والثابت أيضا أن مرضي السكر الذين يموتون بإنسداد الشريان التاجي للمرة الثانية عددهم4 أضعاف من يموتون بانسداد الشريان التاجي للمرة الثانية من غير مرضي السكر.
فلا غرابة إذن في أن يموت جمال عبد الناصر من الانسداد الثاني للشريان التاجي, وهو رجل غير عادي يعيش حياة غير عادية, وما الغرابة في أن يموت جمال عبدالناصر بقامته وسط ساحة السياسة والحرب غير قادر علي الانسحاب أو الخروج أو الاسترخاء, ولكنه قادر فقط علي الصمود بجسده وعقله إلي ان توقف قلبه فمات وإلي هنا ويبدو أن الأمر طبيعي, وقد تقبل القادة هذا الأمر في ذلك الوقت بصورة طبيعية فقد كانوا يعرفون حقيقة مرضه وقيمة وقدر أطبائه إلا أن الشعب المصري والعربي فوجئوا بوفاته فلم يكن أحد يعلم شيئا حتي ذلك الوقت.
***
عندما أعلنت تفاصيل الحالة علي الرأي العام كان لابد أن تنتهي الأمور بالبيان الذي أصدره اطباؤه عن سبب الوفاة وهم الأستاذ الدكتور منصور فايز أستاذ الباطنة بجامعة القاهرة المشرف علي حالته والأستاذ الدكتور زكي الرملي أستاذ القلب بجامعة القاهرة, وطبيبه الخاص كاتب هذه السطور وكان حاصلا علي دكتوراه الباطنة بالإضافة لدبلوم التخصص في القلب والأوعية الدموية وهؤلاء الثلاثة هم الذين قاموا علي علاجه قبل ذلك وحتي وفاته التي أعلنوا أن سببها جلطة في الشريان التاجي للمرة الثانية.
كانت وفاة جمال عبدالناصر حادثا جللا روع مصر والأمة العربية بأكملها وكالعادة في مثل هذه الأحوال تنشط الشائعات فادعي البعض أنه مات بتدليك ساقيه بمادة سامة أو عن حمامات المياه المشعة في تسخالطوبو أو بدس السم في شرابه أو بالسحر الأسود, كما ادعي البعض بأنه مات بغيبوبة نقص السكر, وهو ما لم يحدث لانه شرب كوب عصير فضلا عن أنه لم يحدث له أي اضطراب في الوعي بل كان منتبها واستمع باهتمام لنشرة الأخبار, ولا يوجد بين من أطلقوا هذه الشائعات شخص واحد كان قريبا منه أو من مسرح الأحداث, وفي هذا ما يدل علي أنها مجرد خيالات وأوهام.
وحتي يتم القضاء علي مثل هذه الادعاءات الخاطئة ومن أجل بقاء الحقيقة لمن يريدها كان واجبا علي أن أسجل تفاصيل الحالة الصحية لجمال عبدالناصر في الفترة الأخيرة من حياته, وقد كتبت هذا الموجز حتي لا أترك الساحة لمن يريد أن يجعل وفاة جمال عبد الناصر مادة اعلامية تنتج من الأموال أكثر مما تنتج من الحقائق.
ظهر مقال بجريدة الأهرام الموقرة تحت عنوان حقائق تاريخية عن مرض ووفاة جمال عبد الناصر , بقلم الدكتور الصاوى محمود حبيب , الدكتور الخاص للرئيس جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر كان يستمد قوته من الشارع المصرى والعربى , وليس كما قال أو كتب عنه بعض الكتاب والمؤرخين . أن عبد الحكيم عامر وزير الحربية ذات الوقت , كان الحاكم الحقيقى !!! فى الوقت الذى كان الشعب المصرى بكل طوائفه يعلم أن عبد الحكيم عامر كان لا يصلح حتى فى قيادة كتيبة , وكان يسبح فى حياته الخاصة , يحقق فقط كل مصالح معاونيه وضباطه ... أما جمال عبد الناصر كان رجل عائلة محترما , قائد أستمد قوته من الشعب المصرى والشعوب العربية , والدليل على ذلك , أنه بعد هزيمة 67 , أمر جمال عبد الناصر بالقبض على عبد الحكيم عامر و قيادات الجيش المسؤلة ومحاكمتهم عسكريا على تقاعسهم وما نتج عنه من هزيمة ساحقة بالقوات المسلحة المصرية , وكان جمال عبد الناصر قد حذر قيادات الجيش أن إسرائيل سوف تقوم بالهجوم خلال 72 ساعة ... أثناء أعتقاله , أنتحر المشير عبد الحكيم عامر أو أنتحروه , لكن بعد خراب مالطة
كانت تقام معسكرات تلقى فيها محاضرات عن الفكر الأشتراكى وكيفية تطبيقه , كنت أحد الطلاب المشاركون , وكان المعسكر إجباريا وليس طوعيا !! فالأشتراكية والميثاق الوطنى كانت مقررات مقررة , غير قابلة للنقاش وكانت خارج معتقداتى الشخصية , وبعد التخرج يضاف الى راتبك عشرون جنيها , ومهمتك هى أقناع الأولاد بالمدارس بماهية وأهمية وعظمة النظام الأشتراكى وحقوق العمال والفلاحين ... كنت أجلس مثل الكرسى الذى أجلس عليه , فقال لى الدكتور صقر , لا أتذكر أسمه الأول , وهو الذى كان ينظم ويدير معسكرات الدراسات الأشتراكية , قال لى , ياأبنى أنت جالس مثل الكرسى ,لاتناقش ولا تجادل ولا تتكلم , هذا سوف يضع أمام أسمك علامة سوداء !! قلت , أنا أفضل أن أعيش فقيرا وسط شعب كله أغنياء , ولا أعيش غنيا وكل من حولى فقراء , أفضل أن أصادق الناس على علاتها فمن يروق لى أصادقه ومن لا يروق أتركه !! قال لى أنت حر طبعا !! وكان ...
هربت من المعسكر وأختفيت أو هكذا كنت أعتقد ... فى شتاء1967 كنت أرتدى جاكت جلد أسود جديد , أهدته لى أختى وكنت سعيدا به ... مررت مشيا أمام فيلا المهندس صدقى سليمان وزير الكهرباء والسد العالى ورئيس الوزراء فيما بعد , بشارع الأهرامات , وكان على مقربة من منزلنا ... فجأة ظهر رجل ضخم بلباس مدنى , قال لى الى أين أنت ذاهب ؟؟ قلت له , وما دخلك أنت ؟؟ وما هى إلا لحظة ,خرج أثنان آخران وأنهالوا على باللكمات والضرب فى كل مكان , طرحونى أرضا ومزقوا الجاكت الجديد ,أمسك أحدهم بشعر رأسى , وآخر يلوى زراعى خلف ظهرى وأخذونى الى نقطة شرطة أوسعونى ضربا وسبا وربطوا زراعى بسلسلة حديدية بعدما أحدثوا بى عدة أصابات , وسحبونى الى الشارع متجهين الى قسم الشرطة الرئيسى قسم الجيزة والناس تنظر فى دهشة وحيرة , كنت فى حالة لا يعلم بها إلا الله , أثناء مرورى بترعة الزمر , شاهدنى عم أمام بائع المثلجات , على الفور بعث بولد صغير الى منزلنا وأبلغ والدتى عليها الرحمة , وكان فى زيارتها , خالى الدكتور إبراهيم كامل جمعة أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة رحمه الله وهو أخ لخال آخر هو الدكتور أحمد محرم جمعة وزير الأسكان السابق فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر ولا زال حيا يرزق... أتصل الدكتور كامل بوالدى وعلى الفور أتصل والدى بصديق له , الأستاذ مصطفى حمودة وكان مأمورا لقسم شرطة الأزبكية , والذى حضر بنفسه فورا وأنقذنى من يد الزبانية.
بكيت كثيرا وهانت على الدنيا , لكنى كنت أعلم أن الحوت تلتصق به وتعيش حوله طفيليات وأسماك صغيرة تنظف حوله , وحول كل نظام عاشت حشرات , هكذا كان جمال عبد الناصر , حوتا تحيط به بعض الحشرات , وما حدث لى ولغيرى لم يكن بأمر منه , هكذا كنت أعتقد , وما حدث هو من أعمال الأدوات أو الحشرات الآدمية ... لقد ذكرت الأسماء والأماكن والله على ما أقول شهيد , ذكرتها للحقيقة وأننى تحملت وأنكرت ذاتى وترفعت عن كل الصغائر , وحتى أعطى جمال عبد الناصر حقه بعيدا عن كل ما كتب وقيل عنه ... ما حدث لى لم يحطم معنوياتى أبدا وأنا أعلم قوة أرادتى حتى وأنا صغير السن , لكنى قررت الرحيل ... هذه كانت مقدمة أعتقد أنها كانت ضرورية , وحتى يتعلم البعض الترفع عن الذات أولا , قبل الحكم على أى أنسان مهما أختلف معه شكلا وموضوعا
كيف رحل جمال عبد الناصر؟؟؟
دكتور أخصائى علاج طبيعى , هكذا يقول , كنت أشك فى سطحية وضحالة معلوماته , حتى مذكراته للطلاب كانت حوالى ثمان أوعشر صفحات لا تتعدى معلومات طالب أعدادى فى مادة الصحة , وحينما تأكدت أنه حصل على الدكتوراه من ألمانيا الشرقية !! فى زمن قياسى حوالى عام واحد , وهذا مستحيل , لذلك كنت أشك فى أن هناك شىء غير طبيعى !! قبل عودته الى مصر , كان يسبقه الأعلام عن أكبر صالة علاج طبيعى بالشرق الأوسط وأفريقيا وسوف يقوم على أدارتها أكبر أخصائى علاج طبيعى
جمال عبد الناصر كان يشكو من تصلب بعض الشرايين فى ساقه فكان يتألم إذا وقف لفترة أكثر من ربع ساعة وكان يقوم أحد المتخصصين على ما أذكر , مراد خير الدين , بتدليك ساقه
أخيرا وصل الدكتور على العطفى أخصائى العلاج الطبيعى وكان المرجح أن يتولى هو تدليك ساق جمال عبد الناصر ومعه مادة زيتية تخفف الألم
بعد هزيمة 5 يونيو 1967 , بمجهود خارق أستطاع جمال عبد الناصر بناء وتعبئة الجيش المصرى , وبدأ حرب الأستنزاف , سجلت فيها القوات المصرية بطولات مشهودا لها , وظلت كذلك حتى آخر ساعات كان يناضل لوقف نزيف دم الأخوة الفلسطينيون فى الأردن وأنقاذ ياسر عرفات وكأنه يسابق الزمن , فى وقت خذلته بلاد كانت تعتقد أنها دولا , وكان يعلم أنه ليس كل من نصب خيمة ووضع عليها علم أصبحت دولة !!؟؟...
رحل جمال عبد الناصر فى الساعة السادسة والربع من مساء يوم 28 سبتمبر سنة 1970 , أثر أزمة قلبية حادة ... عاش عملاقا ورحل عملاقا , وحتى بعد ثورته البيضاء , قامت الثورات فى سوريا والعراق , فى الجزائر والسودان وليبيا واليمن والدول الأفريقية , قامت على نفس مبادىء ونهج ثورة جمال عبد الناصر , رحل ورحلت معه أيام الزمن الجميل , أيام الثقافة والفن الرفيع , المسرح والسينيما والموسيقى والغناء , ثقافة الأبداع والتى كانت سفير مصر الحقيقى الى كل البلاد العربية الشقيقة , كانت حقبة صراع غربى وشرقى وكانت تجربة بما لها وما عليها
كانت على الجبهة المصرية بمنطقة الأسماعيلية تقام قواعد خرسانية لأطلاق الصواريخ محاطة بالأشجار , وقبل أن تجف , تقوم المقاتلات الإسرائيلية بتدميرها !! مما تسبب بخسائر فى أرواح الجنود , تكرر ذلك مرات عديدة , وأصبح الضباط والجنود فى حيرة !! بدأت المخابرات العسكرية فى مراقبة أنفاس كل الضباط وزوجاتهم وأولادهم وأقاربهم وأصدقائهم والأماكن التى يترددون عليها .... كان الضباط الكبار يحصلون على راحة يومين بالتبادل , فكان منهم يتجة الى حمام السباحة وصالة العلاج الطبيعى بالنادى للأسترخاء من توتر الأعصاب على الجبهة , وبحسن نية خالصة كانوا يقصون على من أعتبروه صديق يقوم على راحتهم , يتحدثون مع الدكتور على العطفى بما يحدث على الجبهة ... هنا تحركت المخابرات المصرية وذهبت للتحرى بمنزل الدكتور على العطفى وبدون علمه , وكانت الكارثة !!!!؟؟؟؟ أجهزة أتصالات سرية وحبر وأوراق سرية !!!؟؟؟ .... قام جهاز المخابرات بخطف وإخفاء الدكتور على العطفى الذى أبلغت زوجته الألمانية عن عدم عودته الى المنزل كالمعتاد ... قامت قوات المهندسين ببناء القواعد , منها الحقيقى ومنها على شكل فوم , هنا تخبطت المقاتلات الأسرائيلية !!؟؟ وسقط أول جاسوس مصرى
كنت أقرأ مجلة أكتوبر المصرية والتى كان يرأس تحريرها الأستاذ أنيس منصور خلال السبعينات , لا أتذكر بالتحديد أى عام , لا حظت فى أول صفحة صورة الدكتور على العطفى أسفلها عبارة , أنتقل الدكتور على العطفى من سجن الأستئناف الى سجن طره , سألت وتأكدت أنه فعلا هو الدكتور على العطفى , وصدقت وحقت نبؤتى عن ضحالة وسطحية علمه ومعلوماته وأن هناك خطأ ما فى شخصه !! أصطادوه بالمال ونفسه الضعيفة , وحصل على الدكتوراه المضروبة !! والهيلمانات التى سبقته وصالة العلاج الطبيعى ... وصل الى جمال عبد الناصر وظل الزيت اللعين يتسرب فى ساقه فأضعف قلبه وقضى عليه ... رحل جمال عبد الناصر وأستمر الدكتور على العطفى فى دور آخر و حتى سقط وأنكشفت كل أسراره , كان يتجسس للموساد !! ... حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة , ومات بسجنه ... يمهل ولا يهمل
مقال الدكتور الصاوى محمود حبيب :
حقائق تاريخية عن مرض ووفاة جمال عبد الناصر
بقلم : د. الصاوي محمود حبيب
الطبيب الخاص للرئيس جمال عبدالناصر
مات جمال عبدالناصر عن عمر لا يتجاوز52 عاما وهو عمر قصير عامة, كما أنه يعتبر أيضا من أصغر رؤساء الدول الذين توفوا وهم يحكمون وعندما توفي كان ملء السمع والبصر علي مستوي العالم, وفي المقابل عاش حياة غير طبيعية, وبالإضافة إلي انه مرض بالسكر وضغط الدم وانسداد الشريان التاجي, ففي الثلاثينيات من عمره قام بإنقلاب عسكري اعقبه بثورة أطاحت بنظام الحكم الملكي في مصر وظهرت ميوله الوطنية ونزعته الاستقلالية في صفقة الاسلحة التشيكية والاعتراف بالصين الشعبية.
وحين أمم قناة السويس أصبح بطلا للأمة العربية وجميع الشعوب التي تتطلع للحرية ولم يستطع الغرب الصبر فحدث العدوان الثلاثي من انجلترا وفرنسا وإسرائيل الذي باء بالفشل وخرج بعد العدوان أقوي مما كان وأصبح نموذجا تقتدي به إفريقيا وأمريكا اللاتينية علي طريق التحرر والاستقلال.
ورأت سوريا أن الوسيلة الوحيدة لاعادة الاستقرار بعد سلسلة من الانقلابات هي الوحدة مع مصر وقبلت مصر ولم تستطع الرفض, وكانت هذه الوحدة سابقة لأوانها فقد بنيت علي أسس سياسية. والوحدة لا تنجح إلا إذا قامت علي أسس جغرافية واقتصادية, ولذلك سرعان ما انفصلت سوريا تاركة في نفس عبد الناصر جرحا لا يندمل, فسوريا هي التي طلبت الوحدة وهي التي فرضت الانفصال وكانت اول هزيمة تقابله اصابت نفسه بالمرارة وجسمه بمرض السكر الذي كان مهيأ له بعامل الوراثة.
***
بدأ رحلة المرض وهو في شرخ الشباب ولم يكن لإسرائيل والغرب أن تتركه لشأنه فنجاحه أدي إلي استقلال الدول العربية في اتخاذ قرارها وأن تملك مصيرها بنفسها وهذا هدد مصالح الغرب الذي كان يحلم بالسيطرة علي منابع النفط والشرق الأوسط, وهي مصدر القوة والثروة في العالم المعاصر, وازدادت كراهية إسرائيل والغرب لجمال عبد الناصر بعد تعاظم النفوذ السوفيتي الذي اسهم في انشاء السد العالي, وامداد العالم العربي بالسلاح, وكان هذا فوق احتمال إسرائيل والغرب الذي ساعد إسرائيل علي صناعة السلاح الذري وامدادها باسلحة أكثر تقدما من السلاح السوفيتي الموجود بحوزة مصر, وبهذا ضمنت إسرائيل أن يكون ميزان القوي في مصلحتها.
وفي الوقت نفسه الذي كانت فيه الثورة اليمنية تستنزف الجيش المصري شنت إسرائيل حرب67 تحت حماية الدول الغربية وأطاحت بالجيوش العربية في مصر والاردن وسوريا ودفعت الشعوب العربية ثمن الهزيمة بالاحتلال العسكري الإسرائيلي لسيناء والضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان ودفع جمال عبد الناصر الثمن بسرعة ظهور مضاعفات مرض السكر في الجهاز العصبي والدوري في الوقت الذي لم يكن عمره قد تجاوز ثمانية واربعين عاما.
وفي يوم1967/7/13 وهو اليوم التالي بعد أن توليت مسئولية طبيبه الخاص قمت بتوقيع الكشف الطبي عليه لأول مرة فوجدت مساحة محدودة من التمدد في الشعب الهوائية اسفل احدي الرئتين, كما وجدت أن نبض شريان احدي القدمين غير محسوس وبدا واضحا أن تصلب الشرايين قد ظهر مبكرا في الطرف السفلي, ولم تمض أيام حتي ظهر اسيتون في البول بسبب ارتفاع السكر والقلق النفسي وبإشراف الدكتور منصور فايز تمت اعادة السكر إلي مستواه الطبيعي, فيما لا يزيد علي يومين كما استقدم الدكتور منصور فايز الدكتور علي البدري استاذ السكر لتأمين ضبط السكر.
ومع ذلك فقد ظهرت المضاعفات بسرعة في الجهاز العصبي علي صورة التهاب في الاعصاب الطرفية وجذور الاعصاب تسببت في حدوث آلام شديدة في الساقين واسفل الظهر تزداد ليلا وبدأت رحلة العلاج في القاهرة وحمامات حلوان ثم وصلت إلي الاتحاد السوفيتي في حمامات المياه في تسخالطوبو وباستمرار الضغط علي عبد الناصر من جميع الأطباء مصريين وأجانب اقلع عن التدخين.
***
في هذه الفترة كان قد تم اعادة بناء الجيش وبدأت حرب الاستنزاف بشدة وضراوة, ولم يكن جمال عبد الناصر قد تجاوز الخمسين من عمره في ذلك الوقت, وكان عليه ان يستمر مهما كان الثمن فلم يقبل الشعب العربي استقالته بعد هزيمة حرب يونيو وطلب منه الاستمرار فكان عليه أن يدوس علي آلامه ويقاوم المرض ويقود الحرب واستمر يعمل ليل نهار في الوقت الذي كان تصلب الشرايين الذي اصاب قدمه قد بدأ يتغلغل ببطء في الشريان التاجي دون أي إنذار نتيجة منطقية للجهد العقلي والتوتر والقلق النفسي الذي كان يعيش فيه مع ارتفاع السكر وضغط الدم والكلسترول وهو الثلاثي الذي يعتبر وجوده نذيرا بالسوء.
وفي يوم1969/9/11 وقعت الواقعة فعلا فعندما دخلت عليه في الصباح اخبرني انه استيقظ في الفجر, وقد شعر بضيق في التنفس لم يستمر طويلا وعندما كشفت عليه سمعت صوتا ثالثا في القلب وهذا غير طبيعي فقمت بعمل رسم قلب اكد وجود انسداد في الشريان التاجي, وكان بدون ألم وهذا يحدث مع نسبة25% من مرضي السكر, وأكد الدكتور منصور فايز التشخيص وطلب مني استدعاء الدكتور محمود صلاح الدين من الإسكندرية, وكان أكبر أطباء القلب في ذلك الوقت وكان الحرص علي سرية التشخيص هو الدافع للاستعانة بطبيب قلب من خارج القاهرة وحضر الدكتور شازوف كبير أطباء القلب الروس وأيد التشخيص والعلاج.
ولم يمر أكثر من شهرين حتي كان يعمل18 ساعة في اليوم وسافر إلي الرباط لحضور مؤتمر القمة ومر علي الجزائر في طريق العودة وزار طرابلس ثم سافر إلي بنغازي التي وصلها متأخرا لعطل في الطائرة, وتم استقباله في مطار بنغازي استقبالا أسطوريا ثم عاد للقاهرة وسافر إلي السودان ثم إلي موسكو في رحلة غير معلن عنها ثم سافر إلي الخرطوم مرة أخري ثم إلي ليبيا مرة ثانية, وفي مصر كان ينتقل بين القاهرة وأسوان والإسكندرية ويقود حرب الاستنزاف ويسافر إلي القنال ليتفقد الجنود والضباط ثم سافر إلي موسكو مرة ثانية.
أي حياة هذه كان يعيشها جمال عبد الناصر؟ ولا يمكن لمثل هذا النمط من الحياة إلا أن يزيد الأمر سوءا ويضعف عضلة القلب ويعمل علي انسداد ما تبقي من الشريان التاجي صالحا لمرور الدم.
وبدا لأطبائه أن الأمر خرج عن السيطرة فعقدوا معه اجتماعا في الإسكندرية قبل وفاته بشهر برئاسة الدكتور محمود صلاح الدين وحضور الدكتور منصور فايز والدكتور زكي الرملي والدكتور علي البدري وحضوري, وصارح الدكتور محمود صلاح الدين جمال عبدالناصر بعدم وجود أي تقدم في العلاج, وأن الوضع يستلزم إعادة النظر في أسلوب حياته, ولكن جمال عبدالناصر أنهي المقابلة دون أن يعد بتغيير نمط حياته.
إلا أن الأحداث السياسية تسارعت وعقد اجتماع للقمة العربية في القاهرة لاحتواء الخلاف الذي أسفر عن الصدام المسلح بين الفلسطينيين والاردنيين, ولم يكد المؤتمر ينتهي بإيقاف القتال ويغادر جميع الرؤساء القاهرة وآخرهم أمير الكويت حتي كان عبد الناصر قد اصيب بالانسداد الثاني للشريان التاجي خلال عام واحد, وهذا الانسداد تسبب في الصدمة القلبية التي كانت سببا في وفاته والصدمة القلبية تحدث نتيجة تلف40% أو أكثر من عضلة القلب مما يفقد القلب وظيفته كمضخة.
والثابت علميا الآن أن50% ممن يموتون بإنسداد الشريان التاجي يموتون قبل دخول المستشفي والثابت أيضا أن مرضي السكر الذين يموتون بإنسداد الشريان التاجي للمرة الثانية عددهم4 أضعاف من يموتون بانسداد الشريان التاجي للمرة الثانية من غير مرضي السكر.
فلا غرابة إذن في أن يموت جمال عبد الناصر من الانسداد الثاني للشريان التاجي, وهو رجل غير عادي يعيش حياة غير عادية, وما الغرابة في أن يموت جمال عبدالناصر بقامته وسط ساحة السياسة والحرب غير قادر علي الانسحاب أو الخروج أو الاسترخاء, ولكنه قادر فقط علي الصمود بجسده وعقله إلي ان توقف قلبه فمات وإلي هنا ويبدو أن الأمر طبيعي, وقد تقبل القادة هذا الأمر في ذلك الوقت بصورة طبيعية فقد كانوا يعرفون حقيقة مرضه وقيمة وقدر أطبائه إلا أن الشعب المصري والعربي فوجئوا بوفاته فلم يكن أحد يعلم شيئا حتي ذلك الوقت.
***
عندما أعلنت تفاصيل الحالة علي الرأي العام كان لابد أن تنتهي الأمور بالبيان الذي أصدره اطباؤه عن سبب الوفاة وهم الأستاذ الدكتور منصور فايز أستاذ الباطنة بجامعة القاهرة المشرف علي حالته والأستاذ الدكتور زكي الرملي أستاذ القلب بجامعة القاهرة, وطبيبه الخاص كاتب هذه السطور وكان حاصلا علي دكتوراه الباطنة بالإضافة لدبلوم التخصص في القلب والأوعية الدموية وهؤلاء الثلاثة هم الذين قاموا علي علاجه قبل ذلك وحتي وفاته التي أعلنوا أن سببها جلطة في الشريان التاجي للمرة الثانية.
كانت وفاة جمال عبدالناصر حادثا جللا روع مصر والأمة العربية بأكملها وكالعادة في مثل هذه الأحوال تنشط الشائعات فادعي البعض أنه مات بتدليك ساقيه بمادة سامة أو عن حمامات المياه المشعة في تسخالطوبو أو بدس السم في شرابه أو بالسحر الأسود, كما ادعي البعض بأنه مات بغيبوبة نقص السكر, وهو ما لم يحدث لانه شرب كوب عصير فضلا عن أنه لم يحدث له أي اضطراب في الوعي بل كان منتبها واستمع باهتمام لنشرة الأخبار, ولا يوجد بين من أطلقوا هذه الشائعات شخص واحد كان قريبا منه أو من مسرح الأحداث, وفي هذا ما يدل علي أنها مجرد خيالات وأوهام.
وحتي يتم القضاء علي مثل هذه الادعاءات الخاطئة ومن أجل بقاء الحقيقة لمن يريدها كان واجبا علي أن أسجل تفاصيل الحالة الصحية لجمال عبدالناصر في الفترة الأخيرة من حياته, وقد كتبت هذا الموجز حتي لا أترك الساحة لمن يريد أن يجعل وفاة جمال عبد الناصر مادة اعلامية تنتج من الأموال أكثر مما تنتج من الحقائق.
مواضيع مماثلة
» نقد كتاب سورة الكهف والعدد 309 حقائق جديدة
» كتاب الأسرار الشخصية لجمال عبد الناصر
» من فقه توريث جمال مبارك ....!!
» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن جسم الانسان
» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك
» كتاب الأسرار الشخصية لجمال عبد الناصر
» من فقه توريث جمال مبارك ....!!
» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن جسم الانسان
» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك
منتديات العلم والعلماء والمخترعين والمبتكرين .... :: المنتدي السياسي ( قضايا وطني مصر ) Political forum
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى