كم يتكلف حبس مصر وشعبها ؟
منتديات العلم والعلماء والمخترعين والمبتكرين .... :: المنتدي السياسي ( قضايا وطني مصر ) Political forum
صفحة 1 من اصل 1
كم يتكلف حبس مصر وشعبها ؟
كم يتكلف حبس مصر وشعبها ؟
عبد الخالق فاروق
ما هو المقصود بحبس مصر؟
بادىء ذى بدأ ، لابد من تعريف إجرائى لمعنى ومفهوم ” الحبس ” هنا ، هل هو المعنى اللفظى الضيق لكلمة ” الحبس ” وبالمعنى القانونى والمادى للكلمة ، أم أنه معنى يتخذ بعدا أكثر اتساعا ، وممارسات أكثر شمولا ؟
الحقيقة أن ما نقصده هنا بتعبير ” الحبس ” هو:
1-تكاليف جهاز ضخم للأمن الداخلى يتجاوز حدود المنطق السليم والمعقول فى حال دولة يسودها العدل والسلام الاجتماعى وتجرى فيها عملية تنمية اقتصادية وسياسية حقيقية.
2-تكاليف جهاز إعلامى ضخم يؤدى دور فى “حبس” الحقيقة والمعلومات الصحيحة عن المواطنين.
3-تكاليف بند “الدعاية والإعلام” فى الموازنة العامة للدولة ويؤدى إلى إفساد المؤسسات الصحفية الحكومية والخاصة وشراء الذمم الصحفية.
فالحبس بهذا المعنى ، هو حبس فكرى ومعنوى ، علاوة على ” الحبس ” المادى المتمثل فى حظر الأنشطة السياسية والتظاهرات الاحتجاجية السلمية فى الشوارع ، واليد المفروض على حق تكوين الأحزاب السياسية وإقامة الجمعيات الأهلية ، وحق إصدار الصحف ، والقيود الأخرى المتعلقة بالمطبوعات والنشر ، سواء بسبب الرقابة الرسمية أو الرقابة الدينية الرسمية ( كالأزهر والكنيسة ) وغير الرسمية كالجماعات الدينية الإسلامية والمسيحية .
فلنتأمل أذن كل عنصر من العناصر السابقة:
1-قوات الأمن والجواسيس
زاد عدد العاملين فى وزارة الداخلية المصرية من أقل من 124 ألف شخص – سواء كانوا من العسكريين أو المدنيين – فى عام 1951 ، إلى حوالى 200 ألف شخص بنهاية عام 1971 ، وبحلول عام 2006 كان عدد العاملين فى وزارة الداخلية قد بلغ حوالى 800 ألف شخص ، جلهم تقريبا من العسكريين . وكلما زاد التوتر الاجتماعى والسياسى – بسبب تفشى مظاهر الظلم الاجتماعى والفساد والاستبداد السياسى – زادت الحاجة إلى قوات أكثر من الأمن والشرطة من أجل قمع حركات الاحتجاج وعمليات العنف التى قد تنشأ من حين إلى أخر كرد فعل لعنف جهاز الدولة سواء بالمعنى الاجتماعى أو البوليسى والأمنى وبخلاف هؤلاء العاملين فى وزارة الداخلية ، فقد تزايد أعداد المجندين فى صفوف قوات الأمن من صفر عام 1970 ، إلى 450 ألف جندى عام 2006 يشكلون ما يسمى قوات ” الأمن المركزى ” الذين يتمركزون فى جميع محافظات الجمهورية ، مهيأين دائما للتصدى بالعنف لأية تحركات احتجاجية ، ويتوزع هؤلاء على حوالى 20 فرقة عسكرية بخلاف عناصر الشئون الإدارية واللوجيستية .
أى أن القوات التابعة لهذه الوزارة تعادل حوالى 1.25 مليون شخص ، وإذا أضفنا إليهم ” المرشدين ” و ” الجواسيس ” القابعين فى كل القطاعات الجنائية والسياسية والذين ينتشرون فى الأحياء السكنية والمصانع والنقابات العمالية والمهنية ، والأحزاب السياسية ، والصحفيين ، وأساتذة الجامعات ، والمدرسين ، وغيرهم من الفئات ، بحيث يشكلون شبكة هائلة لجمع المعلومات ، ونقل الأخبار ويقدر عددهم بنحو 500 ألف إلى 600 ألف شخص فإننا نكون بصدد حوالى 2 مليون شخص يعملون فى مجال الأمن الداخلى .
وهذا الجيش يتركز معظم نشاطه خلال الثلاثين عاما الماضية وبعد تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى والصلح مع إسرائيل، ومن ثم زيادة التوترات الداخلية، فى مجالات الأمن السياسى بمفهومها الضيق، أى أمن النظام وقياداته، هذا بخلاف الظهير الخلفى المتمثل فى قوات الجيش والتى تزيد عن 650 ألف شخص.
فإذا حسبنا هذا العدد من أفراد الأمن الداخلى – مع استبعاد مؤقت لقوات الجيش – وقارناها بعدد السكان نكتشف الحقائق التالية:
1-أن لدينا فرد أمن واحد لكل 33 مواطنا بمن فيهم الأطفال الرضع.
2-وإذا عرفنا أن عدد من هم فوق سن 15 سنة من السكان يقدر بنحو 44 مواطنا، فيكون لدينا فرد أمن واحد لكل 22 مواطنا.
3-وإذا حسبنا أن عدد المشاركين عموما فى العمل السياسى والعام فى مصر من كافة الأحزاب والجماعات وطلبة الجامعات والمدارس الثانوية – بما فيها الحزب الوطنى الحاكم – بأنهم لا يزيدون عن 6 مليون مواطن، فيكون لدينا فرد أمن واحد لكل ثلاثة مواطنين.
4-أما إذا قدرنا أن عدد المشاركين فى المظاهرات المناهضة للنظام وسياساته سواء فى الجامعات المصرية ، وحركة ” كفاية ” و ” الأخوان المسلمين” وغيرهم بحوالى 2 مليون مواطن سنويا ، فيكون لدينا فرد وربع فرد من الأمن مقابل مواطن واحد من مثيرى المشاكل لدى النظام أو بتعبير أخر عشرة من أفراد الأمن مقابل كل ثمانية من المشاركين فى المشاغبات الأمنية .
5-وإذا كان عدد المشاركين فعليا فى الأنشطة الاحتجاجية للمعارضين – أى المظاهرات – لا يزيدون فى أحسن الأحوال عن عدة آلاف من الأفراد فى المرة الواحدة ، فان من المتصور أن تصل نسبة أفراد الأمن إلى عدد المتظاهرين إلى 20 فرد أمن إلى المتظاهر الواحد .
وقد ترتب على هذه الصورة الواقعية – المصحوبة بدرجة من الهزل – أن زادت المخصصات المالية لوزارة الداخلية المصرية من 1.7 مليون جنية عام 1951 (شاملة النفقات السرية التى بلغت 259 ألف جنية) إلى أن بلغت عام 2005/2006 حوالى 8 مليارات جنية ، بخلاف 20 مليار جنية أخرى مخصصة لوزارة الدفاع.
وبرغم وجود وسائل وأساليب محاسبية عديدة للخداع والتمويه من أجل إخفاء حقيقة المخصصات المالية التى تذهب إلى هاتين الوزارتين – وليس من أسبابها دواعى الأمن القومى – فإننا قد استطعنا تعقب هذه المخصصات من باب إلى باب ، ومن بند إلى بند، وأهمهم على الإطلاق هو ما يسمى ” بند الاعتماد الإجمالى ” و ” المجموعة الرابعة بند 4 نوع 10 ” من الباب الثانى ونستخلص منها النتائج التالية:
1-أن متوسط ما يخصص للمواطن الواحد فى مصر من مخصصات الأمن تعادل 115 جنيها للفرد سنويا ، بينما ما يخصص للفرد من الصحة لا يزيد عن 114 جنيها سنويا وذلك طبقا لموازنة عام 2005/2006 .
2-أما إذا أخذنا فقط بمن هم فوق 15 عاما ، فإن متوسط نصيبه من مخصصات الأمن تعادل حوالى 180 جنيها سنويا . (طبقا لموازنة عام 2005/2006) .
3-فإذا حسبنا هذا المتوسط منسوبا إلى عدد المشاركين فى العمل السياسى والعام فى البلاد ( 6 مليون مواطن ) فأن هذا المتوسط السنوى يعادل 1333 جنيها سنويا (طبقا لموازنة عام 2005/2006) .
4-أما إذا حسبناها مقارنة بعدد المشاغبين ومثيرى الاضطراب – وفقا للمفهوم الحكومى – والمقدر عددهم وفقا لأفضل التقديرات بحوالى 2 مليون مواطن ، فإن نصيب الواحد منهم من مخصصات الأمن تعادل 4 آلاف جنيها فى ذلك العام .
2-تكاليف جهاز الإعلام الرسمى المصرى:
يتكون هذا الجهاز الإعلامى الضخم من ثلاثة مكونات أساسية هى:
1-وزارة الإعلام.
2-هيئة الاستعلامات.
3-إتحاد الإذاعة والتليفزيون.
4-الصحف الحكومية.
سوف نترك الصحف الحكومية إلى مكان أخر فى تحليلنا ، فماذا عن هذا الجهاز الضخم ؟
لقد زاد عدد العاملين فى مبنى الإذاعة والتليفزيون من عدة مئات قليلة فى نهاية عام 1970 إلى أن تجاوز حاليا 53 ألف موظف يعملون فى كافة الأنشطة الإعلامية ، هذا بخلاف عشرات الآلاف الآخرين المتعاقدين أو المتعاملين مع هذا الجهاز فى كافة برامجه وأنشطته.
أما هيئة الاستعلامات فوفقا للبيانات المتاحة عن عام 2002 فان عدد العاملين فيها يزيدون قليلا على 4571 موظفا ، ومن ثم فقد زادت المخصصات المالية لهذه الجهات الثلاث فقط من 592.7 مليون جنية عام 1991/1992 إلى 1875.2 مليون جنية عام 2001/2002 ومن المقدر أنها تجاوزت فى العام المالى الأخير 2005/2006 حوالى 2.5 مليار جنية ، أى أن نصيب الفرد المصرى الواحد من لحظة ولادته حتى لحظة مماته تعادل حوالى 36 جنيها سنويا ( طبقا لموازنة عام 2005/2006) .
هذا السجن الفكرى – بصرف النظر عن مدى كفاءة الخدمة ومدى كفاءة إدارة هذه الأموال التى كشفت عنها فضائح فساد مروعة فى هذا الجهاز – ألا يعد شكلا من أشكال السجن المعنوى .
نأتى الآن إلى الصحف الحكومية ، والتى عشش فيها الفساد ونهب المال العام كما تكشف فى بعض الحالات ودون أن يفتح ملف البعض الأخر ، فان الحكومة والنظام الحاكم فى مصر ، قد استفادت من حالة فساد قيادات هذه المؤسسات الصحفية – الأهرام والأخبار والجمهورية ودار التعاون – فالفاسد بطبيعته ضعيف فى مواجهة الحكام والمسئولين ، والسؤال : كم تكلف إهدار وتبديد أموال هذه المؤسسات كثمن لحبس الحقيقة والمعلومات الصحيحة عن القراء من مواطنى هذا البلد ؟
أما المخصصات المباشرة التى تدرجها الحكومة فى موازناتها السنوية تحت بند “الدعاية والإعلان والاستقبالات” والتى يتجه معظمها إلى المؤسسات الصحفية فى صورة صفحات أسبوعية أو غير أسبوعية للدعاية والإعلان لبعض الوزراء والوزارات مثل الزراعة والسياحة والكهرباء والصحة وغيرها، فقد بلغ ما أدرج فى موازنة عام 2005/2006 وحده لهذه البنود حوالى 256 مليون جنية، وبالإجمال ومنذ عام 1982 – وهو العام الذى تولى فيه السيد حسنى مبارك الحكم فى مصر – فقد بلغت تكاليف هذا البند حوالى 2550 مليون جنية دفعت كرشوة مقنعة لبعض المؤسسات الصحفية مقابل حبس الحقيقة عن قراءها.
وفى الختام ، إذا حاولنا أن نعرض للصورة الإجمالية، فان تكاليف حبس مصر لدى الجماعة التى تحكمها وتغتصب السلطة من خلال التزوير الفج فى الانتخابات تعادل فى عام 2005/2006 =
( تكاليف وزارة الداخلية + تكاليف وزارة الدفاع + تكاليف جهاز الإعلام الحكومى + تكاليف رشوة المؤسسات الصحفية )
= 8 مليار + 20 مليار + 2.5 مليار + 256 مليون جنية = 30.86 مليون جنية . أى حوالى 31 مليار جنية . وهو ما يعادل حوالى 20% من إجمالي مصروفات الموازنة لذلك العام .
عبد الخالق فاروق
ما هو المقصود بحبس مصر؟
بادىء ذى بدأ ، لابد من تعريف إجرائى لمعنى ومفهوم ” الحبس ” هنا ، هل هو المعنى اللفظى الضيق لكلمة ” الحبس ” وبالمعنى القانونى والمادى للكلمة ، أم أنه معنى يتخذ بعدا أكثر اتساعا ، وممارسات أكثر شمولا ؟
الحقيقة أن ما نقصده هنا بتعبير ” الحبس ” هو:
1-تكاليف جهاز ضخم للأمن الداخلى يتجاوز حدود المنطق السليم والمعقول فى حال دولة يسودها العدل والسلام الاجتماعى وتجرى فيها عملية تنمية اقتصادية وسياسية حقيقية.
2-تكاليف جهاز إعلامى ضخم يؤدى دور فى “حبس” الحقيقة والمعلومات الصحيحة عن المواطنين.
3-تكاليف بند “الدعاية والإعلام” فى الموازنة العامة للدولة ويؤدى إلى إفساد المؤسسات الصحفية الحكومية والخاصة وشراء الذمم الصحفية.
فالحبس بهذا المعنى ، هو حبس فكرى ومعنوى ، علاوة على ” الحبس ” المادى المتمثل فى حظر الأنشطة السياسية والتظاهرات الاحتجاجية السلمية فى الشوارع ، واليد المفروض على حق تكوين الأحزاب السياسية وإقامة الجمعيات الأهلية ، وحق إصدار الصحف ، والقيود الأخرى المتعلقة بالمطبوعات والنشر ، سواء بسبب الرقابة الرسمية أو الرقابة الدينية الرسمية ( كالأزهر والكنيسة ) وغير الرسمية كالجماعات الدينية الإسلامية والمسيحية .
فلنتأمل أذن كل عنصر من العناصر السابقة:
1-قوات الأمن والجواسيس
زاد عدد العاملين فى وزارة الداخلية المصرية من أقل من 124 ألف شخص – سواء كانوا من العسكريين أو المدنيين – فى عام 1951 ، إلى حوالى 200 ألف شخص بنهاية عام 1971 ، وبحلول عام 2006 كان عدد العاملين فى وزارة الداخلية قد بلغ حوالى 800 ألف شخص ، جلهم تقريبا من العسكريين . وكلما زاد التوتر الاجتماعى والسياسى – بسبب تفشى مظاهر الظلم الاجتماعى والفساد والاستبداد السياسى – زادت الحاجة إلى قوات أكثر من الأمن والشرطة من أجل قمع حركات الاحتجاج وعمليات العنف التى قد تنشأ من حين إلى أخر كرد فعل لعنف جهاز الدولة سواء بالمعنى الاجتماعى أو البوليسى والأمنى وبخلاف هؤلاء العاملين فى وزارة الداخلية ، فقد تزايد أعداد المجندين فى صفوف قوات الأمن من صفر عام 1970 ، إلى 450 ألف جندى عام 2006 يشكلون ما يسمى قوات ” الأمن المركزى ” الذين يتمركزون فى جميع محافظات الجمهورية ، مهيأين دائما للتصدى بالعنف لأية تحركات احتجاجية ، ويتوزع هؤلاء على حوالى 20 فرقة عسكرية بخلاف عناصر الشئون الإدارية واللوجيستية .
أى أن القوات التابعة لهذه الوزارة تعادل حوالى 1.25 مليون شخص ، وإذا أضفنا إليهم ” المرشدين ” و ” الجواسيس ” القابعين فى كل القطاعات الجنائية والسياسية والذين ينتشرون فى الأحياء السكنية والمصانع والنقابات العمالية والمهنية ، والأحزاب السياسية ، والصحفيين ، وأساتذة الجامعات ، والمدرسين ، وغيرهم من الفئات ، بحيث يشكلون شبكة هائلة لجمع المعلومات ، ونقل الأخبار ويقدر عددهم بنحو 500 ألف إلى 600 ألف شخص فإننا نكون بصدد حوالى 2 مليون شخص يعملون فى مجال الأمن الداخلى .
وهذا الجيش يتركز معظم نشاطه خلال الثلاثين عاما الماضية وبعد تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى والصلح مع إسرائيل، ومن ثم زيادة التوترات الداخلية، فى مجالات الأمن السياسى بمفهومها الضيق، أى أمن النظام وقياداته، هذا بخلاف الظهير الخلفى المتمثل فى قوات الجيش والتى تزيد عن 650 ألف شخص.
فإذا حسبنا هذا العدد من أفراد الأمن الداخلى – مع استبعاد مؤقت لقوات الجيش – وقارناها بعدد السكان نكتشف الحقائق التالية:
1-أن لدينا فرد أمن واحد لكل 33 مواطنا بمن فيهم الأطفال الرضع.
2-وإذا عرفنا أن عدد من هم فوق سن 15 سنة من السكان يقدر بنحو 44 مواطنا، فيكون لدينا فرد أمن واحد لكل 22 مواطنا.
3-وإذا حسبنا أن عدد المشاركين عموما فى العمل السياسى والعام فى مصر من كافة الأحزاب والجماعات وطلبة الجامعات والمدارس الثانوية – بما فيها الحزب الوطنى الحاكم – بأنهم لا يزيدون عن 6 مليون مواطن، فيكون لدينا فرد أمن واحد لكل ثلاثة مواطنين.
4-أما إذا قدرنا أن عدد المشاركين فى المظاهرات المناهضة للنظام وسياساته سواء فى الجامعات المصرية ، وحركة ” كفاية ” و ” الأخوان المسلمين” وغيرهم بحوالى 2 مليون مواطن سنويا ، فيكون لدينا فرد وربع فرد من الأمن مقابل مواطن واحد من مثيرى المشاكل لدى النظام أو بتعبير أخر عشرة من أفراد الأمن مقابل كل ثمانية من المشاركين فى المشاغبات الأمنية .
5-وإذا كان عدد المشاركين فعليا فى الأنشطة الاحتجاجية للمعارضين – أى المظاهرات – لا يزيدون فى أحسن الأحوال عن عدة آلاف من الأفراد فى المرة الواحدة ، فان من المتصور أن تصل نسبة أفراد الأمن إلى عدد المتظاهرين إلى 20 فرد أمن إلى المتظاهر الواحد .
وقد ترتب على هذه الصورة الواقعية – المصحوبة بدرجة من الهزل – أن زادت المخصصات المالية لوزارة الداخلية المصرية من 1.7 مليون جنية عام 1951 (شاملة النفقات السرية التى بلغت 259 ألف جنية) إلى أن بلغت عام 2005/2006 حوالى 8 مليارات جنية ، بخلاف 20 مليار جنية أخرى مخصصة لوزارة الدفاع.
وبرغم وجود وسائل وأساليب محاسبية عديدة للخداع والتمويه من أجل إخفاء حقيقة المخصصات المالية التى تذهب إلى هاتين الوزارتين – وليس من أسبابها دواعى الأمن القومى – فإننا قد استطعنا تعقب هذه المخصصات من باب إلى باب ، ومن بند إلى بند، وأهمهم على الإطلاق هو ما يسمى ” بند الاعتماد الإجمالى ” و ” المجموعة الرابعة بند 4 نوع 10 ” من الباب الثانى ونستخلص منها النتائج التالية:
1-أن متوسط ما يخصص للمواطن الواحد فى مصر من مخصصات الأمن تعادل 115 جنيها للفرد سنويا ، بينما ما يخصص للفرد من الصحة لا يزيد عن 114 جنيها سنويا وذلك طبقا لموازنة عام 2005/2006 .
2-أما إذا أخذنا فقط بمن هم فوق 15 عاما ، فإن متوسط نصيبه من مخصصات الأمن تعادل حوالى 180 جنيها سنويا . (طبقا لموازنة عام 2005/2006) .
3-فإذا حسبنا هذا المتوسط منسوبا إلى عدد المشاركين فى العمل السياسى والعام فى البلاد ( 6 مليون مواطن ) فأن هذا المتوسط السنوى يعادل 1333 جنيها سنويا (طبقا لموازنة عام 2005/2006) .
4-أما إذا حسبناها مقارنة بعدد المشاغبين ومثيرى الاضطراب – وفقا للمفهوم الحكومى – والمقدر عددهم وفقا لأفضل التقديرات بحوالى 2 مليون مواطن ، فإن نصيب الواحد منهم من مخصصات الأمن تعادل 4 آلاف جنيها فى ذلك العام .
2-تكاليف جهاز الإعلام الرسمى المصرى:
يتكون هذا الجهاز الإعلامى الضخم من ثلاثة مكونات أساسية هى:
1-وزارة الإعلام.
2-هيئة الاستعلامات.
3-إتحاد الإذاعة والتليفزيون.
4-الصحف الحكومية.
سوف نترك الصحف الحكومية إلى مكان أخر فى تحليلنا ، فماذا عن هذا الجهاز الضخم ؟
لقد زاد عدد العاملين فى مبنى الإذاعة والتليفزيون من عدة مئات قليلة فى نهاية عام 1970 إلى أن تجاوز حاليا 53 ألف موظف يعملون فى كافة الأنشطة الإعلامية ، هذا بخلاف عشرات الآلاف الآخرين المتعاقدين أو المتعاملين مع هذا الجهاز فى كافة برامجه وأنشطته.
أما هيئة الاستعلامات فوفقا للبيانات المتاحة عن عام 2002 فان عدد العاملين فيها يزيدون قليلا على 4571 موظفا ، ومن ثم فقد زادت المخصصات المالية لهذه الجهات الثلاث فقط من 592.7 مليون جنية عام 1991/1992 إلى 1875.2 مليون جنية عام 2001/2002 ومن المقدر أنها تجاوزت فى العام المالى الأخير 2005/2006 حوالى 2.5 مليار جنية ، أى أن نصيب الفرد المصرى الواحد من لحظة ولادته حتى لحظة مماته تعادل حوالى 36 جنيها سنويا ( طبقا لموازنة عام 2005/2006) .
هذا السجن الفكرى – بصرف النظر عن مدى كفاءة الخدمة ومدى كفاءة إدارة هذه الأموال التى كشفت عنها فضائح فساد مروعة فى هذا الجهاز – ألا يعد شكلا من أشكال السجن المعنوى .
نأتى الآن إلى الصحف الحكومية ، والتى عشش فيها الفساد ونهب المال العام كما تكشف فى بعض الحالات ودون أن يفتح ملف البعض الأخر ، فان الحكومة والنظام الحاكم فى مصر ، قد استفادت من حالة فساد قيادات هذه المؤسسات الصحفية – الأهرام والأخبار والجمهورية ودار التعاون – فالفاسد بطبيعته ضعيف فى مواجهة الحكام والمسئولين ، والسؤال : كم تكلف إهدار وتبديد أموال هذه المؤسسات كثمن لحبس الحقيقة والمعلومات الصحيحة عن القراء من مواطنى هذا البلد ؟
أما المخصصات المباشرة التى تدرجها الحكومة فى موازناتها السنوية تحت بند “الدعاية والإعلان والاستقبالات” والتى يتجه معظمها إلى المؤسسات الصحفية فى صورة صفحات أسبوعية أو غير أسبوعية للدعاية والإعلان لبعض الوزراء والوزارات مثل الزراعة والسياحة والكهرباء والصحة وغيرها، فقد بلغ ما أدرج فى موازنة عام 2005/2006 وحده لهذه البنود حوالى 256 مليون جنية، وبالإجمال ومنذ عام 1982 – وهو العام الذى تولى فيه السيد حسنى مبارك الحكم فى مصر – فقد بلغت تكاليف هذا البند حوالى 2550 مليون جنية دفعت كرشوة مقنعة لبعض المؤسسات الصحفية مقابل حبس الحقيقة عن قراءها.
وفى الختام ، إذا حاولنا أن نعرض للصورة الإجمالية، فان تكاليف حبس مصر لدى الجماعة التى تحكمها وتغتصب السلطة من خلال التزوير الفج فى الانتخابات تعادل فى عام 2005/2006 =
( تكاليف وزارة الداخلية + تكاليف وزارة الدفاع + تكاليف جهاز الإعلام الحكومى + تكاليف رشوة المؤسسات الصحفية )
= 8 مليار + 20 مليار + 2.5 مليار + 256 مليون جنية = 30.86 مليون جنية . أى حوالى 31 مليار جنية . وهو ما يعادل حوالى 20% من إجمالي مصروفات الموازنة لذلك العام .
منتديات العلم والعلماء والمخترعين والمبتكرين .... :: المنتدي السياسي ( قضايا وطني مصر ) Political forum
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى