حكم الإحصار
حكم الإحصار
حكم الإحصار
( فصل ) : وأما حكم الإحصار فالإحصار يتعلق به أحكام ، لكن الأصل فيه حكمان أحدهما : جواز التحلل عن الإحصار والثاني : وجوب قضاء ما أحرم به بعد التحلل . أما جواز التحلل فالكلام فيه في مواضع في تفسير التحلل ، وفي بيان جوازه ، وفي بيان ما يتحلل به ، وفي بيان مكانه وفي بيان زمانه ، وفي بيان حكم التحلل . أما الأول فالتحلل : هو فسخ الإحرام ، والخروج منه بالطريق الموضوع له شرعا وأما دليل جوازه فقوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } وفيه إضمار ومعناه - والله أعلم - : فإن أحصرتم عن إتمام الحج والعمرة ، وأردتم أن تحلوا فاذبحوا ما تيسر من الهدي ، إذ الإحصار نفسه لا يوجب الهدي ألا ترى أن له أن لا يتحلل ويبقى محرما كما كان إلى أن يزول المانع فيمضي في موجب الإحرام ، وهو كقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية } معناه : فمن كان منكم مريضا ، أو به أذى من رأسه فحلق ففدية ، وإلا فكون الأذى في رأسه لا يوجب الفدية . وكذا قوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } معناه : فأفطر ؛ فعدة من أيام أخر ، وإلا فنفس المرض والسفر لا يوجب الصوم في عدة من أيام أخر . وكذا قوله : { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } معناه : فأكل فلا إثم عليه ، وإلا فنفس الاضطرار لا يوجب الإثم كذا ههنا ؛ ولأن المحصر محتاج إلى التحلل ؛ لأنه منع عن المضي في موجب الإحرام على وجه لا يمكنه الدفع ، فلو لم يجز له التحلل لبقي محرما لا يحل له ما حظره الإحرام إلى أن يزول المانع فيمضي في موجب الإحرام ، وفيه من الضرر والحرج ما لا يخفى فمست الحاجة إلى التحلل والخروج من الإحرام دفعا للضرر والحرج . وسواء كان الإحصار عن الحج ، أو عن العمرة ، أو عنهما عند عامة العلماء لما ذكرنا والله عز وجل أعلم
وأما بيان ما يتحلل به فالمحصر نوعان : . نوع لا يتحلل إلا بالهدي ، ونوع يتحلل بغير الهدي . أما الذي لا يتحلل إلا بالهدي : فكل من منع من المضي في موجب الإحرام حقيقة ، أو منع منه شرعا حقا لله تعالى لا لحق العبد على ما ذكرنا ، فهذا لا يتحلل إلا بالهدي وهو : أن يبعث بالهدي أو بثمنه ليشتري به هديا فيذبح عنه ، وما لم يذبح لا يحل . وهذا قول عامة العلماء سواء كان شرط عند الإحرام الإحلال بغير ذبح عند الإحصار ، أو لم يشترط . وقال بعض الناس : المحصر يحل بغير هدي ، إلا إذا كان معه هدي فيذبحه . ويحل وقيل : إنه قول مالك . وقال بعضهم : إن كان لم يشترط عند الإحرام الإحلال عند الإحصار من غير هدي لا يحل إلا بالهدي . وإن كان شرط عند الإحرام الإحلال عند الإحصار من غير هدي لا يحل إلا بالهدي احتج من قال بالتحلل من غير هدي بما روي : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل عام الحديبية عن إحصاره بغير هدي } ؛ لأن الهدي الذي نحره كان هديا ساقه لعمرته لا لإحصاره ، فنحر هديه على النية الأولى ، وحل من إحصاره بغير دم ، فدل أن المحصر يحل بغير هدي يحقق ما قلنا : إنه ليس في حديث صلح الحديبية أنه نحر دمين ، وإنما نحر دما واحدا . ولو كان المحصر لا يحل إلا بدم لنحر دمين ، وأنه غير منقول . ولنا قوله تعالى { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } معناه : حتى يبلغ الهدي محله فيذبح ، نهى عز وجل عن حلق الرأس قبل ذبح الهدي في محله ، وهو الحرم من غير فصل بين ما إذا كان معه هدي وقت الإحصار أم لا ، شرط المحصر عند الإحرام الإحلال عند الإحصار أو لم يشرط ، فيجري على إطلاقه ، ولأن شرع التحلل ثبت بطريق الرخصة لما فيه من فسخ الإحرام والخروج منه قبل أوانه ، فكان ثبوته بطريق الضرورة ، والضرورة تندفع بالتحلل بالهدي ، فلا يثبت التحلل بدونه . وأما الحديث فليس فيه ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم حل عام الحديبية عن إحصاره بغير هدي ، إذ لا يتوهم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون حل من إحصاره بغير هدي . والله تعالى أمر المحصر أن لا يحل حتى ينحر هديه بنص الكتاب العزيز . ولكن وجه ذلك - والله أعلم وهو معنى المروي في حديث صلح الحديبية - أنه نحر دما واحدا أن الهدي الذي كان ساقه النبي صلى الله عليه وسلم كان هدي متعة أو قران ، فلما منع عن البيت سقط عنه دم القران فجاز له أن يجعله من دم الإحصار فإن قيل : كيف قلتم : إن النبي صلى الله عليه وسلم صرف الهدي عن سبيله وأنتم تزعمون أن من باع هدية التطوع فهو مسيء لما أنه صرفه عن سبيله ، فالجواب : أنه لا مشابهة بين الفصلين ؛ لأن الذي باعه صرفه عن سبيل التقرب به إلى الله تعالى رأسا فأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصرف الهدي عن سبيل التقرب أصلا ورأسا ، بل صرفه إلى ما هو أفضل : وهو الواجب ، وهو دم الإحصار ومما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الهدي لإحصاره ما روي أنه لم يحلق حتى نحر هديه . وقال : { أيها الناس انحروا وحلوا } والله عز وجل أعلم . [/size]
[size=9]وإذا لم يتحلل إلا بالهدي وأراد التحلل يجب أن يبعث الهدي ، أو ثمنه ليشترى به الهدي فيذبح عنه ويجب أن يواعدهم يوما معلوما يذبح فيه ؛ فيحل بعد الذبح ، ولا يحل قبله ، بل يحرم عليه ، كما يحرم على المحرم غير المحصر ، فلا يحلق رأسه ، ولا يفعل شيئا من محظورات الإحرام حتى يكون اليوم الذي واعدهم فيه ، ويعلم أن هديه قد ذبح لقوله تعالى { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } حتى لو فعل شيئا من محظورات الإحرام قبل ذبح الهدي ، يجب عليه ما يجب على المحرم إذا لم يكن محصرا ، وسنذكر ذلك - إن شاء الله تعالى - في موضعه حتى لو حلق قبل الذبح ؛ تجب عليه الفدية سواء حلق لغير عذر ، أو لعذر لقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ، } أي : فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه فحلق ، ففدية من صيام ، أو صدقة ، أو نسك كقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } أي : فأفطر فعدة من أيام أخر . وعن كعب بن عجرة قال : { في نزلت الآية ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بي والقمل يتناثر على وجهي فقال صلى الله عليه وسلم : أيؤذيك هوام رأسك ؟ فقلت : نعم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صلى الله عليه وسلم احلق وأطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من حنطة ، أو صم ثلاثة أيام ، أو انسك نسيكة فنزلت الآية } والنسك جمع نسيكة ، والنسيكة الذبيحة ، والمراد منه الشاة لإجماع المسلمين على أن الشاة مجزئة في الفدية ، وفي بعض الروايات { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة : انسك شاة } وإذا وجبت الفدية عليه إذا حلق رأسه لأذى بالنص ، فيجب عليه إذا حلق لا لأذى بدلالة النص ؛ لأن العذر سبب تخفيف الحكم في الجملة ، فلما وجب في حال الضرورة ؛ ففي حال الاختيار أولى
( فصل ) : وأما حكم الإحصار فالإحصار يتعلق به أحكام ، لكن الأصل فيه حكمان أحدهما : جواز التحلل عن الإحصار والثاني : وجوب قضاء ما أحرم به بعد التحلل . أما جواز التحلل فالكلام فيه في مواضع في تفسير التحلل ، وفي بيان جوازه ، وفي بيان ما يتحلل به ، وفي بيان مكانه وفي بيان زمانه ، وفي بيان حكم التحلل . أما الأول فالتحلل : هو فسخ الإحرام ، والخروج منه بالطريق الموضوع له شرعا وأما دليل جوازه فقوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } وفيه إضمار ومعناه - والله أعلم - : فإن أحصرتم عن إتمام الحج والعمرة ، وأردتم أن تحلوا فاذبحوا ما تيسر من الهدي ، إذ الإحصار نفسه لا يوجب الهدي ألا ترى أن له أن لا يتحلل ويبقى محرما كما كان إلى أن يزول المانع فيمضي في موجب الإحرام ، وهو كقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية } معناه : فمن كان منكم مريضا ، أو به أذى من رأسه فحلق ففدية ، وإلا فكون الأذى في رأسه لا يوجب الفدية . وكذا قوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } معناه : فأفطر ؛ فعدة من أيام أخر ، وإلا فنفس المرض والسفر لا يوجب الصوم في عدة من أيام أخر . وكذا قوله : { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } معناه : فأكل فلا إثم عليه ، وإلا فنفس الاضطرار لا يوجب الإثم كذا ههنا ؛ ولأن المحصر محتاج إلى التحلل ؛ لأنه منع عن المضي في موجب الإحرام على وجه لا يمكنه الدفع ، فلو لم يجز له التحلل لبقي محرما لا يحل له ما حظره الإحرام إلى أن يزول المانع فيمضي في موجب الإحرام ، وفيه من الضرر والحرج ما لا يخفى فمست الحاجة إلى التحلل والخروج من الإحرام دفعا للضرر والحرج . وسواء كان الإحصار عن الحج ، أو عن العمرة ، أو عنهما عند عامة العلماء لما ذكرنا والله عز وجل أعلم
وأما بيان ما يتحلل به فالمحصر نوعان : . نوع لا يتحلل إلا بالهدي ، ونوع يتحلل بغير الهدي . أما الذي لا يتحلل إلا بالهدي : فكل من منع من المضي في موجب الإحرام حقيقة ، أو منع منه شرعا حقا لله تعالى لا لحق العبد على ما ذكرنا ، فهذا لا يتحلل إلا بالهدي وهو : أن يبعث بالهدي أو بثمنه ليشتري به هديا فيذبح عنه ، وما لم يذبح لا يحل . وهذا قول عامة العلماء سواء كان شرط عند الإحرام الإحلال بغير ذبح عند الإحصار ، أو لم يشترط . وقال بعض الناس : المحصر يحل بغير هدي ، إلا إذا كان معه هدي فيذبحه . ويحل وقيل : إنه قول مالك . وقال بعضهم : إن كان لم يشترط عند الإحرام الإحلال عند الإحصار من غير هدي لا يحل إلا بالهدي . وإن كان شرط عند الإحرام الإحلال عند الإحصار من غير هدي لا يحل إلا بالهدي احتج من قال بالتحلل من غير هدي بما روي : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل عام الحديبية عن إحصاره بغير هدي } ؛ لأن الهدي الذي نحره كان هديا ساقه لعمرته لا لإحصاره ، فنحر هديه على النية الأولى ، وحل من إحصاره بغير دم ، فدل أن المحصر يحل بغير هدي يحقق ما قلنا : إنه ليس في حديث صلح الحديبية أنه نحر دمين ، وإنما نحر دما واحدا . ولو كان المحصر لا يحل إلا بدم لنحر دمين ، وأنه غير منقول . ولنا قوله تعالى { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } معناه : حتى يبلغ الهدي محله فيذبح ، نهى عز وجل عن حلق الرأس قبل ذبح الهدي في محله ، وهو الحرم من غير فصل بين ما إذا كان معه هدي وقت الإحصار أم لا ، شرط المحصر عند الإحرام الإحلال عند الإحصار أو لم يشرط ، فيجري على إطلاقه ، ولأن شرع التحلل ثبت بطريق الرخصة لما فيه من فسخ الإحرام والخروج منه قبل أوانه ، فكان ثبوته بطريق الضرورة ، والضرورة تندفع بالتحلل بالهدي ، فلا يثبت التحلل بدونه . وأما الحديث فليس فيه ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم حل عام الحديبية عن إحصاره بغير هدي ، إذ لا يتوهم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون حل من إحصاره بغير هدي . والله تعالى أمر المحصر أن لا يحل حتى ينحر هديه بنص الكتاب العزيز . ولكن وجه ذلك - والله أعلم وهو معنى المروي في حديث صلح الحديبية - أنه نحر دما واحدا أن الهدي الذي كان ساقه النبي صلى الله عليه وسلم كان هدي متعة أو قران ، فلما منع عن البيت سقط عنه دم القران فجاز له أن يجعله من دم الإحصار فإن قيل : كيف قلتم : إن النبي صلى الله عليه وسلم صرف الهدي عن سبيله وأنتم تزعمون أن من باع هدية التطوع فهو مسيء لما أنه صرفه عن سبيله ، فالجواب : أنه لا مشابهة بين الفصلين ؛ لأن الذي باعه صرفه عن سبيل التقرب به إلى الله تعالى رأسا فأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصرف الهدي عن سبيل التقرب أصلا ورأسا ، بل صرفه إلى ما هو أفضل : وهو الواجب ، وهو دم الإحصار ومما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الهدي لإحصاره ما روي أنه لم يحلق حتى نحر هديه . وقال : { أيها الناس انحروا وحلوا } والله عز وجل أعلم . [/size]
[size=9]وإذا لم يتحلل إلا بالهدي وأراد التحلل يجب أن يبعث الهدي ، أو ثمنه ليشترى به الهدي فيذبح عنه ويجب أن يواعدهم يوما معلوما يذبح فيه ؛ فيحل بعد الذبح ، ولا يحل قبله ، بل يحرم عليه ، كما يحرم على المحرم غير المحصر ، فلا يحلق رأسه ، ولا يفعل شيئا من محظورات الإحرام حتى يكون اليوم الذي واعدهم فيه ، ويعلم أن هديه قد ذبح لقوله تعالى { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } حتى لو فعل شيئا من محظورات الإحرام قبل ذبح الهدي ، يجب عليه ما يجب على المحرم إذا لم يكن محصرا ، وسنذكر ذلك - إن شاء الله تعالى - في موضعه حتى لو حلق قبل الذبح ؛ تجب عليه الفدية سواء حلق لغير عذر ، أو لعذر لقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ، } أي : فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه فحلق ، ففدية من صيام ، أو صدقة ، أو نسك كقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } أي : فأفطر فعدة من أيام أخر . وعن كعب بن عجرة قال : { في نزلت الآية ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بي والقمل يتناثر على وجهي فقال صلى الله عليه وسلم : أيؤذيك هوام رأسك ؟ فقلت : نعم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صلى الله عليه وسلم احلق وأطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من حنطة ، أو صم ثلاثة أيام ، أو انسك نسيكة فنزلت الآية } والنسك جمع نسيكة ، والنسيكة الذبيحة ، والمراد منه الشاة لإجماع المسلمين على أن الشاة مجزئة في الفدية ، وفي بعض الروايات { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة : انسك شاة } وإذا وجبت الفدية عليه إذا حلق رأسه لأذى بالنص ، فيجب عليه إذا حلق لا لأذى بدلالة النص ؛ لأن العذر سبب تخفيف الحكم في الجملة ، فلما وجب في حال الضرورة ؛ ففي حال الاختيار أولى
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى