منتديات العلم والعلماء والمخترعين والمبتكرين ....
شعارات جماعه الإخوان المسلمين  وإشكاليه الضبط الشرعي لدلالاتها 101215

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات العلم والعلماء والمخترعين والمبتكرين ....
شعارات جماعه الإخوان المسلمين  وإشكاليه الضبط الشرعي لدلالاتها 101215
منتديات العلم والعلماء والمخترعين والمبتكرين ....
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شعارات جماعه الإخوان المسلمين وإشكاليه الضبط الشرعي لدلالاتها

اذهب الى الأسفل

شعارات جماعه الإخوان المسلمين  وإشكاليه الضبط الشرعي لدلالاتها Empty شعارات جماعه الإخوان المسلمين وإشكاليه الضبط الشرعي لدلالاتها

مُساهمة من طرف صبرى محمد خليل خيرى الإثنين أكتوبر 06, 2014 9:34 pm

شعارات جماعه الإخوان المسلمين وإشكاليه الضبط الشرعي لدلالاتها
شعارات: "الإسلام هو الحل" و"الإسلام دين ودوله و جنسيه ووطن و مصحف وسيف"، بين الاجتهاد والبدعة
د.صبري محمد خليل / أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم
تمهيد: رفعت جماعه الإخوان المسلمين عبر تاريخها ، جمله من الشعارات ومنها : "الإسلام هو الحل" و"الإسلام دين ودوله " و"الإسلام جنسيه ووطن" و "الإسلام مصحف وسيف"، وهذه الشعارات من ناحية اللفظ حادثة في تاريخ الامه ، فلم يرد في القران أو السنة أو أقوال السلف الصالح، أو علماء أهل السنة ، أما من ناحية الدلالة فان لها دلالات متعددة، غير انه يمكن التمييز بين دلالتين أساسيتين لهذه الشعارات : الدلالة الأولى لها تخالف مذهب أهل السنة فهي بدعه ، أما الدلالة الثانية لهذه الشعارات فتوافق مذهب أهل السنة ،وبالتالي يمكن اعتبارها شكل من أشكال الاجتهاد .
الامامه" السلطة" عند أهل السنة من فروع الدين: فمناط التمييز بين الدلالة البدعيه والاجتهادية لهذه الشعارات هو مخالفتها أو موافقتها لمذهب أهل السنة في الامامه ، واهم قواعده أن الامامه "بمعنى السلطة " فرع من فروع الدين وليست أصل من أصوله يقول الآمدي ( واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات ، ولا من الأُمور اللابدِّيَّات ، بحيث لا يسع المكلَّف الإعراض عنها والجهل بها ، بل لَعَمري إنّ المعرض عنها لأَرجى من الواغل فيها ؛ فإنّها قَلّما تنفك عن التعصّب والأهواء ، وإثارة الفتن والشحناء ، والرجم بالغيب في حق الأئمة والسَّلَف بالإزراء ، وهذا مع كون الخائض فيها سالكاً سبيل التحقيق ، فكيف إذا كان خارجاً عن سواء الطريق ، لكن لمَّا جرت العادة بذكرها في أواخر كتب المتكلمين ، والإبانة عن تحقيقها في عامة مصنفات الأُصوليين ، لم نَرَ من الصواب خَرْق العادة بِتَرْك ذكرِها في هذا الكتاب ) (غاية المرام في علم الكلام : ص 363) . ويقول الإيجي ( وهي عندنا من الفروع ، وإنّما ذكرناها في علم الكلام تأسيّاً بمن قبلنا ) (المواقف : ص 395) . ويقول الإمام الغزالي ( اعلم أنّ النظر في الإمامة أيضاً ليس من المهمات ، وليس أيضاً من فنّ المعقولات ، بل من الفقهيات ، ثمّ إنّها مثار للتعصبات ، والمُعْرِض عن الخوض فيها ، أسلم من الخائض فيها ، وإن أصاب ، فكيف إذا أخطأ؟ ، ولكن إذ جرى الرسم باختتام المعتقدات بها ، أردنا أن نسلك المنهج المعتاد ؛ فإنّ فطام القلوب عن المنهج ، المخالف للمألوف ، شديد النِّفار ) (الاقتصاد في الاعتقاد : ص 234) . ويقول التفتازاني ( لا نزاع في أنّ مباحث الإمامة ، بعلم الفروع أَليق ، لرجوعها إلى أنّ القيام بالإمامة ، ونصب الإمام الموصوف بالصفات المخصوصة ، من فروض الكفايات ، وهي أُمور كليّة تتعلق بها مصالح دينية أو دنيوية ، لا ينتظم الأمر إلاّ بحصولها ، فيقصد الشارع تحصيلها في الجملة من غير أن يقصد حصولها من كلّ أحد . ولا خفاء في أنّ ذلك من الأحكام العملية دون الإعتقادية ) (شرح المقاصد : ج 2، ص 271).
التمييز بين الدولة والسلطة : أما الأقوال الواردة عن علماء أهل السنة عن وجوب نصب إمام فتتعلق بالدولة وليست بالسلطة ، فمفهوم الدولة اشمل من مفهوم السلطة ، ذلك أن أركان الدولة هي الشعب والأرض والسلطة، فهذه الأقوال تتعلق بالدولة كضرورة اجتماعيه، وهذا المبدأ اتفقت عليه جميع الفرق الاسلاميه ماعدا الخوارج النجدات ، بل اتفقت عليه جميع المذاهب السياسية في الفكر السياسي الحديث والمعاصر ماعدا المذهب الفوضوي ( مذهب اللا دوله)، ويمكن التحقق من صحة ذلك ، من خلال استقراء هذه الأقوال ، ودراسة السياق الذي ورد فيه القول بوجوب نصب الإمام ، فعلى سبيل المثال يقول الإيجي ( نَصْبُ الإمام عندنا واجبٌ علينا سمعاً…وقال : انه تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأول بعد وفاة النبي ? على امتناع خلو الوقت عن إمام، حتى قال أبو بكر ” رضي الها عنه ” في خطبته” ألا إن محمداً قد مات، ولا بدَّ لهذا الدين ممن يقوم به ” ، فبادر الكل إلى قبوله، وتركوا له أهم الأشياء، وهو دفن رسول الله ، ولم يزل الناس على ذلك في كل عصر إلى زماننا هذا مِنْ نَصْب إمام متَّبَع في كل عصر…)(المواقف ، ص 395 ). فهذا النص يتحدث عن نصب الأمام في كل زمان ، وليس نصب الإمام في زمان معين، كما تفيد العبارات( تواتر إجماع المسلمين … على امتناع خلو الوقت عن إمام) ، و (لم يزل الناس على ذلك … مِنْ نَصْب إمام متَّبَع في كل عصر…).
نصب الإمام المعين فرض كفاية لا فرض عين: اتساقا مع ما سبق ، من تقرير علماء أهل السنة أن الامامه – بمعنى السلطة – هي فرع من فروع الدين وليست أصل من أصوله ، وأن قولهم بوجوب نصب إمام يتصل بالدولة وضرورتها الاجتماعية، ولا يتعلق بالسلطة، فقد قرر علماء أهل السنة أن الوجوب هنا هو وجوب كفائي لا عيني، اى أن نصب الإمام فرض كفاية لا فرض عين خلافا لمذهب الشيعي القائل أنها فرض عين ، يقول الماوردي ( فإذا ثبت وجوبها ففرضها على الكفاية كالجهاد وطلب العلم، فإذا قام بها من هو من أهلها سقط ففرضها على الكفاية، وإن لم يقم بها أحد خرج من الناس فريقان: أحدهما أهل الاختيار حتى يختاروا إمامًا للأمة، والثاني: أهل الإمامة حتى ينتصب أحدهما للإمامة، وليس على من عدا هذين الفريقين من الأمة في تأخير الإمامة حرج ولا مأثم، وإذا تميز هذان الفريقان من الأمة في فرض الإمامة وجب أن يعتبر كل فريق منهما بالشروط المعتبرة فيه) ( الأحكام السلطانية: ص 5) ، ويقول القاضي أبو يعلى: (وهي فرض على الكفاية ، مخاطبا بها طائفتان من الناس، إحداهما: أهل الاجتهاد حتى يختاروا، والثانية: من يوجد فيه شرائط الإمامة حتى ينتصب أحدهم للإمامة) (الأحكام السلطانية: ص)19)، ويقول الإمام النووي: (تولي الإمامة فرض كفاية ، فإن لم يكن من يصلح إلا واحد تعين عليه ، ولزمه طلبها إن لم يبتدؤه، هذا إذا كان الدافع له الحرص على مصلحة المسلمين ، وإلا فإن من شروط الإمام ألا يطلبها لنفسه كما سيأتي في الشروط) (روضة الطالبين :10/43).
الامامه عند الشيعة من أصول الدين: أما القول بان الامامه " بمعنى السلطة" أصل من أصول الدين ، فهو أهم قواعد المذهب الشيعي في الامامه ، حيث ينقل الشيعة عن أبي جعفر انه قال( بني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية، قال زرارة: فقلت: وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال:" الولاية أفضل " … " أما لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية الله في وليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله جل وعز حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان )( الكافي ، 2/16، كتاب الإيمان والكفر، باب دعائم الإسلام).
أولا: شعار الإسلام هو الحل : من الشعارات التي رفعتها جماعه الإخوان المسلمين ، في مصر

في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي ، عندما تحالفت مع حزبي العمل و الأحرار للترشح في الانتخابات البرلمانية شعار" الإسلام هو الحل" ( ويكيبيديا، الموسوعة الحرة).
فهذا الشعار من ناحية اللفظ حادث في تاريخ الامه ، ولم يرد في القران أو ألسنه أو أقوال السلف الصالح، أو علماء أهل السنة .
أما من ناحية الدلالة فان لهذا الشعار دلالات متعددة، وهنا نميز بين دلالتين أساسيتين له:
الدلالة الأولى(الإسلام حدد كيفيه اقامه السلطة في المكان والزمان المعينين ): تقوم على أن المقصود بالإسلام في الشعار- في حال استخدامه في مجال السياسة " الامامه " - أصول الدين، التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة، والتي لا يباح مخالفتها، ويترتب على هذا القول بان الإسلام كدين حدد كيفيه اقامه السلطة في مكان وزمان معينين ، ووضع نظم فنيه "جزئيه " تنظم هذه الكيفية ، وهذه دلاله تتناقض مع مذهب أهل السنة في أن الامامه هي فروع من فروع الدين وليس أصل من أصوله (خلافا للشيعة) كما سبق ذكره ، وهل بمخالفتها لمذهب أهل السنة تعتبر بدعه ، إذ البدعة هي ما يقابل السنة يقول ابن حجر العسقلاني عن البدعة (أصلها ما أُحدِثَ على غير مثال سابق ، وتطلق في الشرع في مقابل السُنّة فتكون مذمومة...) ( فتح الباري / 5 : 156) .هذا فضلا عن أن الإسلام وضع قواعد "كليه" تضبط السلطة في كل زمان ومكان كالشورى" وأمرهم شورى بينهم" والعدل"وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" والمساواة..أما كيفيه اقامه السلطة في مكان وزمان معينين، ووضع النظم الفنية " الجزئية"التي تضبط هذه الكيفية، فقد تركه لاجتهاد المسلمين.
النفي والإثبات المقبول والمرفوض: هذه الدلالة تتضمن شكلين من أشكال النفي والإثبات:
أولا: النفي والإثبات المعلن المقبول : فهي تتضمن نفى معلن مقبول مضمونه : أن اى مذهب يربط بين حل المشاكل التي يطرحها واقع المجتمعات المسلمة ورفض الإسلام كدين "ممثلا في أصوله اليقينية الورود القطعية الدلالة" لابد أن ترفضه الجماهير المسلمة لان الإسلام يشكل الهيكل الحضاري لهذه المجتمعات المسلمة ، كما تتضمن هذه الدلالة إثبات مقبول مضمونه أن المشاكل التي تطرحها المجتمعات المسلمة لن تحل إلا بالتزام هذه المجتمعات بالمفاهيم والقيم والقواعد الكلية للدين الاسلامى"التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة "، مع الاجتهاد في مفاهيمه وقيمه وقواعده الفرعية" التي مصدرها النصوص ظنيه الورود والدلالة".
ثانيا :النفي والإثبات المضمر المرفوض:كما أن هذه ألدلاله قد تضمر أشكال متعددة من النفي والإثبات المرفوضة:
أولا: النفي:
رفض الاستفادة من إسهامات الأمم الأخرى: فهذه الدلالة قد تضمر اتخاذ موقف الرفض المطلق لإسهامات المجتمعات الأخرى ، من أساليب حل المشاكل المتجددة، وهو ما لا يتفق مع الموقف الصحيح من هذه الإسهامات ، والمتمثل في تجاوز موقفي الرفض والقبول المطلقين ، إلى موقف نقدي قائم على اخذ وقبول ما يتسق مع أصول الدين وواقع المجتمعات المسلمة، ورد ورفض ما يتناقض معهما .فقد استفاد الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) في غزوة الأحزاب من الفرس فى صنع الخندق ، ورد في عون المعبود (سميت الغزوة بالخندق لأجل الخندق الذي حفر حول المدينة بأمره - عليه الصلاة والسلام - لما أشار به سلمان الفارسي فإنه من مكائد الفرس دون العرب)، و استفاد عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) من الفرس في تدوين الدواوين ، يقول ابن الأثير(الديوان هو الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش وأهل العطاء، وأول من دون الدواوين عمر، وهو فارسي معرب)، كما قرر علماء أهل السنة جواز الاستفادة من إسهامات الأمم الأخرى في الأمور الدنيوية بشرط عدم تناقضه مع الدين، يقول ابن تيمية ( "فإن ذِكْر ما لا يتعلق بالدين مثل مسائل الطب والحساب المحض التي يذكرون فيها ذلك، وكتب من أخذ عنهم مثل محمد بن زكريا الرازي وابن سينا ونحوهم من الزنادقة الأطباء؛ ما غايته انتفاع بآثار الكفار والمنافقين في أمور الدنيا فهذا جائز، كما يجوز السكنى في ديارهم ولبس ثيابهم وسلاحهم، وكما تجوز معاملتهم على الأرض كما عامل النبي يهود خيبر) ( مجموع فتاوى ابن تيمية /العقيدة / كتاب مفصل اعتقاد السلف / مسألة مذهب السلف والمتأخرين في الاعتقاد والأصح منهما )، ويقول ابن القيم ( في استئجار النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن أريقط الدؤلي هادياً في وقت الهجرة - رواه البخاري- وهو كافر؛ دليل على جواز الرجوع إلى الكافر في الطب والكحل والأدوية والكتابة والحساب والعيوب ونحوها، ما لم يكن ولاية تتضمن عدالة، ولا يلزم من مجرد كونه كافرا أن لا يوثق به في شيء أصلا؛ فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق، ولا سيما في مثل طريق الهجرة) (البدائع).
ثانيا: الإثبات:
تكفير المخالف: كما أن هذه الدلالة قد تضمر تكفير المخالف في المذهب، وهو ما يخالف الكثير من النصوص التي تفيد النهى عن تكفير المسلمين: قال تعالى ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمناً تبغون عرض الحياة الدنيا). و قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) ( ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله ) (ترجم له البخاري) .
الاستغلال السياسي للدين: كما قد يستخدم هذا الشعار كاداه للاستغلال السياسي للدين، والذي يتمثل في جعل الغاية من النشاط السياسي هي الدولة – السلطة، والوسيلة هي الدين،" بدلا من جعل الدين هو الأصل والسياسة هي الفرع"، وهو شكل من أشكال الاتجار بالدين الذى ورد النهى عنه فى الكثير من النصوص كقوله تعالىSadولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)(المائدة:44.(و(إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الاخره ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم) (آل عمران) .
الدلالة الثانية(الإسلام حدد القواعد الكلية التي تضبط السلطة في كل زمان ومكان ): أما الدلالة الثانية فتقوم على أن المقصود بالإسلام في الشعار- في حال استخدامه في مجال السياسة" الامامه" فروع الدين، والتي مصدرها الاجتهاد فى فهم وتفسير النصوص الظنية الورود والدلالة، والتي يباح فيها الاختلاف، يقول ابن مفلح( لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع)[الآداب الشرعية 1/186]. ويترتب على هذا أن الإسلام وضع قواعد كليه تضبط السلطة في كل زمان ومكان كالشورى والعدل والمساواة . أما كيفيه اقامه السلطة في مكان وزمان معينين، ووضع النظم الفنية التي تضبط هذه الكيفية ،فقد تركه لاجتهاد المسلمين ،يضعونه على الوجه الذي يحقق مصالحهم فى الزمان والمكان المعينين ويتضمن ذلك الاجتهاد الاستفادة من إسهامات المجتمعات الأخرى بشرط عدم تناقضها مع أصول الدين. وهذه دلاله تتسق مع مذهب أهل السنة في أن الامامه فرع من فروع الدين وليس أصل من أصوله كما سبق ذكره .
الصيغة الأصح: إذا كان ما سبق يتعلق بضوابط الشعار من ناحية الدلالة، فان الصيغة الأصح للشعار من ناحية اللفظ هي" فتح باب الاجتهاد هو الحل" فى مجال السياسة " الامامه" وكافه المجالات التي تقع في دائرة فروع الدين المتغيرة. ويتضمن الاجتهاد اتخاذ تراث الامه نقطه بداية –وليس نقطه نهاية-، وتفعيل مقدره المسلمين على حل المشاكل التي يطرحها واقعهم المتغير، بالاضافه إلى الاستفادة من إسهامات الأمم الأخرى بشرط اتساقها مع أصول الدين وواقع المجتمعات المسلمة .
ثانيا: شعار الإسلام دين ودوله: ومن الشعارات التي رفعتها جماعه الإخوان المسلمين شعار " الإسلام دين ودوله" ، وهذا الشعار لغة محدث في تاريخ الامه أيضا ، فلم يرد بلفظه في القران الكريم أو السنة النبوية أو أقوال السلف أو علماء أهل السنة . أما اصطلاحا فان لشعار "الإسلام دين ودوله" دلالتين:
الدلالة الأولى(المساواة بين الدين والدولة ): الدلالة الأولى لشعار "الإسلام دين ودوله" تتجاوز تقرير ارتباط الدين بالدولة ، إلى تقرير المساواة بين الدين والدولة في الدرجة.وهذه الدلالة تخالف مذهب أهل السنة في الامامه والقائم على أن الامامه " بمعنى السلطة " هي فرع من فروع الدين وليست أصل من أصوله كما يرى المذهب الشيعي كما سبق ذكره .
الدلالة الثانية (ارتباط الدين بالدولة) : أما الدلالة الثانية لشعار "الإسلام دين ودوله" فتقوم على تأكيد ارتباط الدين بالدولة، دون أن تساوى بينهما في الدرجة، بل تجعل الاولويه للدين على الدولة، والمقصود بالاولويه هنا:
أولا: أن يكون الدين بالنسبة للدولة – وكذا السلطة- بمثابة الكل للجزء يحده فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه، وهو ما يتحقق من خلال السعي لتحقيق اكبر قدر ممكن من الاتساق بين الدولة –وكذا السلطة- وضوابط ومقاصد الشرع الكلية .
ثانيا : أن السعي لاقامه المجتمع المسلم يجب أن يكون سابقا على السعي لأقامه الدولة الاسلاميه ، فالإسلام هو دين أولا ثم دوله ثانيا.
الصيغة الأصح : غير أن الصيغة الأصح للشعار - والتي تعبر بشكل قاطع عن الدلالة المقبولة للشعار- هي : أن الإسلام هو دين أولا، ثم ( أمه / جماعه / مجتمع ) ثانيا ، ثم دوله أخيرا.
ثالثا: شعار" الإسلام جنسيه ووطن": ومن الشعارات التي رفعتها جماعه الإخوان المسلمين "الإسلام جنسيه ووطن" وهذا الشعار لغة محدث في تاريخ الامه أيضا ، فلم يرد بلفظه في القران الكريم أو السنة النبوية أو أقوال السلف أو علماء أهل السنة .
أما اصطلاحا فان لهذا الشعار دلالات متعددة غير انه يمكن التمييز بين دلالتين أساسيتين له :
الدلالة الأولى (إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي): الدلالة الأولى هي إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي استنادا إلى افتراض مضمونه ان الإسلام كدين ينفى وجود وحدات وأطوار تكوين الاجتماعي متعددة (كالاسره، العشيرة، القبيلة ،الشعب، الامه...) ، كما أن الإسلام كعلاقة انتماء دينيه يلغى علاقات الانتماء إلى هذه الوحدات والأطوار(كعلاقات الانتماء الاسريه والعشائرية والقبلية والوطنية والقوميه )، غير أن هذه الدلالة – والافتراض الذي تستند إليه - تتعارض مع حقيقه إقرار الإسلام كدين لوحدات وأطوار التكوين الاجتماعي، وعلاقات الانتماء إلى هذه الوحدات والأطوار
إقرار الإسلام وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي: حيث الإسلام كدين اقر بوحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة ومنها:
إلاسرة: يقرر القرآن الكريم أن الأسرة هي أول أطوار الاستخلاف الاجتماعي، قال تعالى ﴿ وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة﴾، كما أنها وحدة التكوين الاجتماعي الأساسية لكل الأطوار التالية ، قال تعالى ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة﴾.
العشيرة : ثم أشار القران للعشيرة كطور تكوين اجتماعي قال تعالى ﴿ قَاَل لَوْ أَنَّ لى ِبِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ ( هود: 80)، عن أبو هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم) أنه قال ( قال: قد يأوي إلى ركن شديد – الملائكة التي نصرته- لكنه عنى عشيرته) ( رواه أحمد)..كما عرض القرآن للعشيرة – كوحدة اجتماعية كطور - في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال تعالى﴿ وانذر عشيرتك الأقربين﴾ .
القبيلة: كما أشار القران الكريم للقبيلة كطور تكوين اجتماعي قال تعالى ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)، كما أشارت السنة إلى القبيلة كوحدة تكوين اجتماعي كما في قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (إن الله خلق الخلق ثم جعلهم قبائل فجعلني خيرهم قبيلة) ( رواه الترمذي). وتتميز القبيلة بالأصل الواحد ، فمقياس الانتماء إليها هو النسب ، وكانت لا تتميز في الطور القبلي - عن غيرها بالأرض المعينة إي الديار ، لحركتها من مكان إلى مكان كما جاء في وصف القرآن الكريم لبني إسرائيل ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّند ِديَارِكُمْ فَّأَقْرَرْتُمْ وَأَنتُم تَشْهَدُونَ) ( البقرة. (85.
الشعب: كما أشار القران إلى الشعب كطور تكوين اجتماعي متقدم عل الطور القبيلة ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا )، أما أدلة أن الشعوب طور متقدم على القبيلة أنه متميز بالاستقرار على الأرض وان لم يكن دائماً،ورد وفي تفسير الجلالين (أن معنى ذكر وأنثى آدم وحواء وأن الشعب مثل حزيمة ، ويليه القبيلة مثل كنانة ثم عمارة مثل قريش ثم بطن مثل قصي ثم فخذ مثل هاشم ثم فصيلة مثل العباس...).
الأمة : ويلي طور الشعب طور الامه الذي يتميز بالاتي
أولا:مناط الانتماء اللّسان لا النسب: إن مناط الانتماء لطور الأمة هو اللسان وليس النسب لقول الرسول (صلى لله عليه وسلم)( ليست العربية بأحد من أب ولا أم إنما هي اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي)، وهذا الأمر لا ينطبق على أمة العرب وحدها ،بل سائر الأمم ، لذا جعل القرآن تعدد الألسنة آية من آيات الله ﴿ ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم و ألوانكم).
ثانيا:الديــار:كما أن الأمة تتميز عن الأطوار السابقة باستقرار الجماعات في الأرض، فتكون ديارها، لذا جاء الإسلام بالنهي عن إخراج الناس من ديارهم ﴿ أنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومني تولهم فأولئك هم الظالمون﴾ ( الممتحنة:9) . وعندما جاء الإسلام كانت المنطقة العربية بين الطورين القبلي والشعوبي(وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا )، فارتقى بها إلى طور الامه.
أمه التكليف وأمه التكوين:غير انه يجب التمييز بين دلالتين لمصطلح الامه
أمه التكليف : فهناك أولا الدلالة ألتكليفيه لمصطلح الامه ، ممثلا في أمه التكليف التي تتميز عن غيرها بالمضمون العقدي كما في قوله تعالى﴿ أن هذه أمتكم أمه واحده وأنا ربكم فاعبدون﴾(الأنبياء:92)
أمه التكوين: وهناك ثانيا الدلالة التكوينية لمصطلح الامه ، ممثلا في أمه التكوين التي تتميز عن غيرها بالمضمون الاجتماعي كما فى قوله تعالى﴿ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا ﴾(الأعراف:160)،وهنا نستخدم مصطلح الامه بدلاله خاصة – لا تتناقض مع دلالته العامة ألسابقه الذكر- مضمونها الامه كوحدة - وطور - تكوين اجتماعي تتميز بان مناط الانتماء إليها اللسان لا النسب، بالاضافه إلى الاستقرار في ارض خاصة كما سبق بيانه.
إقرار الإسلام علاقات الانتماء إلى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي : كما أن الإسلام كدين اقر بعلاقات الانتماء إلى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي (كعلاقات الانتماء : الاسريه،والعشائرية والقبلية والوطنية والقومية ...) ومن أدله ذلك :
قال تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ )( الزخرف : 44)، تتضمن الايه الاشاره إلى علاقات الانتماء : القرشية" بما هي علاقة انتماء إلى عشيرة " ، والعربية" بما هي علاقة انتماء إلى أمه" ورد في تفسير الطبري( ... يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآن الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْك يَا مُحَمَّد الَّذِي أَمَرْنَاك أَنْ تَسْتَمْسِك بِهِ لَشَرَف لَك وَلِقَوْمِك مِنْ قُرَيْش... حَدَّثَنِي عَمْرو بْن مَالِك , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله " وَإِنَّهُ لَذِكْر لَك وَلِقَوْمِك " قَالَ : يَقُول لِلرَّجُلِ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَيَقُول : مِنْ الْعَرَب , فَيُقَال : مِنْ أَيّ الْعَرَب ؟ فَيَقُول : مِنْ قُرَيْش) . وفى السنة النبوية وردت العديد من الأحاديث التي تشير إلى إقرار علاقات الانتماء المتعددة ما لم تقم على التعصب أو يترتب على الإقرار بها إثم: ورد في الحديث سأل واثلة قال: (يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه) قال ( لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم) ( رواه أبن ماجه والإمام أحمد). وفيما رواه سراقة بن مالك قال (خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم) ( رواه أبن داؤد) . وقال الرسول ( صلى الله عليه وسلم) ( اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشد) ( رواه البخاري ومالك في الموطأ والإمام أحمد) , كما اقر علماء الإسلام- استنادا إلى النصوص- علاقة الانتماء الوطنية" كعلاقة انتماء إلى وطن" ،على وجه لا يتناقض مع اقرارعلاقة الانتماء الاسلاميه " كعلاقة انتماء إلى دين ، ففي معرض شرح الحديث :عن انس بن مالك (رضي الله تعالى عنه) قال ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته أي أسرع بها وإذا كانت دابة حركها من حبها) (أخرجه البخاري)، قال ابن عبد البر ( وفيه بيان ما عليه أكثر الناس من حنينهم إلى أوطانهم ، وتلهفهم على فراق بلدانهم التي كان مولدهم بها ومنشأهم فيها)( الاستذكار)،وقال ابن حجر في الفتح والعيني في عمدة القارئ ( فيه دلاله على فضل المدينة وعلى مشروعية حب الوطن والحنين إليه).
الشعوبية: كما ان هذه الدلالة تلتقي- جزئيا - مع الشعوبية التي تنكر- أو تقلل من شان -علاقة الانتماء العربية " والعرب كأمه و هذه الشعوبية لها شكلين :الشكل الأول: الشعوبية التاريخية" الفارسية"، و تتمثل في انه عندما ظهر الإسلام كان الفرس في طور الشعب ، بينما كان العرب في قلب الجزيرة في طور القبائل، فارتقى إلاسلام بالعرب إلى طور أمة، ثم حمل العرب الإسلام إلى الفرس ليرتقي بهم إلى أمة مسلمة، غير أن هناك من يرفض هذا الارتقاء، كما كان يستعلى على العرب حملة الإسلام، فكانت الشعوبية الفارسية مناهضة للإسلام والعرب معا، يقول البغدادي (الشعوبية الذين يرون تفضيل العجم على العرب ويتمنون عودة الملك إلى العجم) (البغدادي، الرق بين الفرق، ص285). ويقول ابن منظور (الشعوبية فرقة لا تفضل العرب على العجم وإنما تنتقض العرب ولا ترى لهم فضلا على غيرهم).الشكل الثاني: الشعوبية الاجتماعية: وتتمثل فى من أنكر علاقة الانتماء العربية حديثا ، وهم ما يمكن أن ينطبق عليهم وصف الشعوبية بمفهومها الاجتماعي ، والتي تتمثل في محاولة الارتداد بالجماعة التي دخلت طور أمة إلى طور الشعوب السابق، وطبقا لهذا المفهوم فان الشعوبية موجودة في كل أمم الأرض ، وهى تقوم في الامه العربية المسلمة ،على الدعوة إلى إلغاء أربعه عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه إلاسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب السابقة على الفتح الاسلامى.
الدلالة الثانية (تحديد وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي): أما الدلالة الثانية لشعار الإسلام جنسيه ووطن" فهي التي ترى أن الإسلام كعلاقة انتماء دينيه ،تحدد علاقات الانتماء الأخرى " الاسريه ، العشائرية ، القبلية، الوطنية ، القومية .."، كما يحد الكل الجزء ،فتكملها وتغنيها ولكن لا تلغيها. وهى دلاله تتسق مع حقيقة إقرار الإسلام كدين لوحدات وأطوار التكوين الاجتماعي، وعلاقات الانتماء إلى هذه الوحدات والأطوار.


رابعا: شعار" الإسلام مصحف وسيف" : ومن الشعارات التي رفعتها جماعه الإخوان المسلمين شعار " الإسلام مصحف وسيف"، وهذا الشعار من ناحية اللفظ حادث في تاريخ الامه فلم يرد في القران أو السنة او أقوال السلف الصالح أو علماء أهل السنة. اما اصطلاحا فان لهذا الشعار دلالات متعددة ، غير انه يمكن التمييز بين دلالالتين أساسيتين له :
الدلالة الأولى:
أولا:الفصل بين الدعوة والجهاد : تقوم هذه الدلالة – في مجال تحديد العلاقة بين الدعوة والجهاد - على الفصل بين الدعوة " المعبر عنها هنا بالمصحف " ، والجهاد " المعبر عنه هنا بالسيف، وهو ما يعنى أنها تضمر جعل العلاقة بينهما هي علاقة تناقض ، بالتالي فان التزام بأحدهما يلزم منه إلغاء الالتزام بالأخر،اى الاقتصار على احدهما ، والقصور عن الأخر ،والاستغناء به عنه، في حين ان كلاهما فرض شرعي.
ثانيا:الإطلاق البدعى لمفهوم القتال : كما تقوم هذه الدلالة – في مجال ضوابط القتال -على الإطلاق البدعى لمفهوم القتال من خلال عدم الالتزام بالضوابط الشرعية للقتال التي أشار إليها علماء أهل السنة استنادا إلى النصوص، ومن هذه الضوابط:
• أن الجهاد يكون مع جماعة المسلمين وأمامهم ، وليس مع آحاد الناس أو جماعه من المسلمين: قال تعالى(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا ) ( التوبة :38)، وقال الرسول(صلى الله عليه وسلم)(إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَعَدَلَ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ) ، وقال الإمام أحمد بن حنبل(والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة – البر والفاجر – لا يترك)،
• لا قتال لمن يقيم الصلاة ويؤذن لها: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِم ،
• حرمه قتل المعاهدين والمستأمنين: قال الرسول(صلى الله عليه وسلم)(مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)(رواه البخاري في صحيحة) ،
• عدم جواز نقض العهود والمواثيق: قال تعالى (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاق)،
• عدم جواز قتل المدنيين: روى عن أنس بن مالك ( رضي الله عنه ): أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان إذا بعث جيشاً قال : ( انطلقوا باسم الله لا تقتلوا شيخاً فانياً و لا طفلاً صغيراً ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)( رواه أبو داود في السنن ) قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)( النساء : 93 ).
الهرج : والإطلاق البدعى للقتال ، بعدم الالتزام بضوابطه الشرعية ، يخرجه من دائرة الجهاد ، ويدخله في دائرة الهرج ، الذي تنبأت العديد من النصوص بأنه سيكثر آخر الزمان ، عن أبي هريرة ، قال : قال النبي (صلى الله عليه وسلم ) ( لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج - وهو القتل القتل - حتى يكثر فيكم المال فيفيض) (صحيح البخاري - كتاب الجمعة- أبواب الاستسقاء - باب ما قيل في الزلازل والآيات- حديث‏1002‏(.
ثالثا: إيجاب قتال غير المسلمين إطلاقاً: كما تقوم هذه الدلالة – في مجال العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين - على إيجاب قتال غير المسلمين إطلاقاً ، اى أن الإسلام أوجب قتال غير المسلمين (إطلاقاً) ، وغزو العالم كله لنشر الدعوة ، غير أن كثير من العلماء يرون أن هؤلاء الفقهاء بنوا موقفهم هذا على أساس أن واقع العالم في زمانهم (واقع الدولة غير ثابتة الحدود ) لم يكن يسمح – إلا قليلا- بان تكون علاقة المسلمين مع غيرهم هي علاقة سلم ، ما لم تتوافر شروط الجهاد، أو علاقة حرب في حاله توافر شروط الجهاد ، يقول الشيخ محمد أبو زهرة في معرض حديثه عن آراء الفقهاء في عدم جواز الصلح الدائم(...ولقد أثاروا تحت تأثير حكم الواقع الكلام في جواز إيجاد معاهدات لصلح دائم، وإن المعاهدات لا تكون إلا بصلح مؤقت لوجود مقتضيات هذا الصلح، إذ أنهم لم يجدوا إلا حروباً مستمرة مشبوبة موصولة غير مقطوعة إلا بصلح مؤقت) (العلاقات الدولية في الإسلام ،الدار القومية، القاهرة، 1384م، ص78-79) ، ويدل على هذا أن هناك علماء خالفوا ما قرره هؤلاء الفقهاء، حيث نجد ابن تيمية يخالف الرأي القائل بقتال الجميع لمجرد الكفر(وإذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد ، ومقصودة أن يكون الدين كله لله ، وأن تكون كلمة الله هي العليا، فمن منع هذا قوتل باتفاق المسلمين ، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة " كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمن وغيرهم" فلا يقتل عند جمهور العلماء ، إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان لكونهم مالاً للمسلمين، والأول هو الصواب ، لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله كما قال تعالى "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"، وفي السنة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه مر على امرأة مقتولة في بعض مغازية، قد وقف الناس عليها، فقال "ما كانت هذه لتقاتل"، وقال لأحدهم: الحق خالداً فقل له لا تقتلوا ذرية ولا عسيفاً "، وفيها أيضاً عنه (صلى الله عليه وسلم) يقول: لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً صغيراً ولا امرأة". وذلك أن الله أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق كما قال تعالى "والفتنة أشد من القتل"، أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أشد، فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله ، لم يكن كفره إلا على نفسه)

الدلالة الثانية:
أولا: الربط بين الدعوة والجهاد : أما الدلالة الثانية فتقوم – في مجال تحديد العلاقة بين الدعوة والجهاد - على الربط بين الدعوة والجهاد ، وجعل العلاقة بينهما علاقة تكامل لا تناقض .ذلك ان منهج التغير الاسلامى يقوم على تعدد أساليب التغيير (كأساليب التغيير الفكري او السياسي او الاجتماعي آو التربوي...)، وبالتالي فان التزام جماعه معينه بأسلوب تغيير معين يجب ان يكون من باب التخصص لا الانفراد، ،اى دون إنكارها لأساليب التغيير الأخرى التي قد تلتزم بها جماعات أخرى لقوله تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(التوبة:122)،مع ملاحظه انه يجب الالتزام بالضوابط الشرعية لكلا الفرضين الدعوة و الجهاد.
ثانيا :الضبط الشرعي للقتال : كما تقوم هذه الدلالة – في مجال ضوابط القتال -على الضبط الشرعي لمفهوم القتال ، من خلال الالتزام بالضوابط الشرعية للقتال التي أشار إليها علماء أهل السنة استنادا إلى النصوص.
ثالثا: قتال غير المسلمين مقيد بشروط وغير مطلق: كما تقوم هذه الدلالة – في مجال العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين – على أساس ان الإسلام لم يوجب قتال غير المسلمين إلا في حالتين : الحالة الأولى هي إكراه المسلمين على الردة عن دينهم وفتنتهم عنه قال تعالى( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)، والحالة الثانية هي إخراج المسلمين من ديارهم قال تعالى (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله).
وجوب التقويم الذاتي والانتقال من التفسير السياسي للدين إلى التفسير الديني للسياسة: بالاضافه إلى مخالفه الدلالة الأولى لهذه الشعارات لمذهب أهل السنة ، فإنها تشكل الأساس الفكري لمذهب التفسير السياسي للدين- الذي يعبر عنه البعض بمصطلح " الإسلام السياسي" - و الذي يتطرف في إثبات العلاقة بين الدين والسياسة، إلى درجه جعل العلاقة بينهما علاقة تطابق و خلط ، وليست علاقة ارتباط ووحده ، وهذا المذهب هو بدعه في ذاته، اى يستند إلى مفاهيم بدعية ومن اهم هذه المفاهيم هو القول بان الامامه" بمعنى السلطه" أصل من أصول الدين وليست فرع من فروعه
، وهو ما يخالف مذهب أهل السنة في الامامه ، والقائم على أن الامامه هي فرع من فروع الدين وليست أصل من أصوله يقول الإيجي ( وهي عندنا من الفروع ، وإنّما ذكرناها في علم الكلام تأسيّاً بمن قبلنا ) (المواقف : ص 395) " ، كما أن هذا المذهب بدعه فيما يلزم منه اى يلزم منه مفاهيم بدعية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: أولا: تكفير المخالف، وهو يخالف مذهب أهل السنة، القائم على اباحه الخلاف في فروع الدين دون أصوله، وبالتالي عدم جواز تكفير المخالف في المذهب، يقول ابن مفلح ( لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع)(الآداب الشرعية 1/186)، ثانيا:اباحه الاختلاف " التعدد "على مستوى أصول الدين:وهو ما يتناقض مع ما قررته النصوص ، من النهى عن الاختلاف ،على مستوى أصول الدين ،التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة : يقول تعالى( وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ~ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) ( آل عمران: الآية (104)..و قد ربط علماء أهل السنة بين الاختلاف على مستوى أصول الدين و البدعة، يقول ابن تيمية ( والبدعة مقرونة بالفرقة , كما أن السنة مقرونة بالجماعة , فيقال : أهل السنة والجماعة , كما يقال : أهل البدعة والفرقة )(الإستقامة1/42)، ثالثا: التعصب المذهبي الذي ذمه علماء أهل السنة، يقول ابن القيِّم( وأما المتعصِّب الذي جعل قولَ متبوعة عيارًا على الكتاب والسُّنة وأقوالِ الصحابة، يزِنُها به، فما وافق قول متبوعه منها قبِلَه، وما خالفه ردَّه، فهذا إلى الذمِّ والعقاب أقرب منه إلى الأجر والصَّواب؛ وإن قال - وهو الواقع -: اتَّبعته وقلَّدته، ولا أدري أعلى صوابٍ هو أم لا؟ فالعُهْدة على القائل، وأنا حاكٍ لأقواله، قيل له: فهل تتخلَّص بهذا من الله عند السُّؤال لك عمَّا حكمت به بين عباد الله، وأفتيتهم به؟ فوالله إن للحُكَّام والمفتين لموقفًا للسؤال لا يتخلص فيه إلاَّ مَن عرف الحق، وحكم به، وأفتى به، وأما من عداهما فسيَعلم عند انكشاف الحال أنه لم يكن على شيء )(إعلام الموقِّعين" 2/ 232). وقد قرر علماء أهل السنة أن البدع من أهم أسباب الفتن يقول الإمام ابن تيمية (.... ومن تدبر الفتن الواقعة رأى سببها ذلك، ورأى أن ما وقع بين أمراء الأمة وعلمائها ومن دخل في ذلك من ملوكها ومشايخها، ومن تبعهم من العامة من الفتن: هذا أصلها، يدخل في ذلك أسباب الضلال والغي: التي هي الأهواء الدينية والشهوانية، وهي البدع في الدين والفجور في الدنيا، وذلك أن أسباب الضلال والغي البدع في الدين، والفجور في الدنيا...) ، ويترتب على ذلك انه يلزم من مذهب التفسير السياسي للدين - باعتبار بدعيته - العديد من الفتن ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : أولا: فتنه التفرق: يقول ابن تيمية (وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان، فقد يذنب الرجل أو الطائفة ويسكت آخرون عن الأمر والنهي، فيكون ذلك من ذنوبهم، وينكر عليهم آخرون إنكارا منهيا عنه فيكون ذلك من ذنوبهم، فيحصل التفرق والاختلاف والشر، وهذا من أعظم الفتن والشرور قديما وحديثا)، ثانيا: فتنه الرجل في دينه وبيعه الدين بعرض الدنيا:قال الرسول (صلى الله عليه وسلم ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا ). ثالثا: فتنه الائمه المضلين: و هم كل متبوع بلا دليل شرعي ، وهذا الإتباع بلا دليل يلزم منه الضلال والإطلاق البدعى، ومفارقه الهدايه والضبط الشرع، وقد أشارت النصوص إلى أنهم أخوف على الامه من الدجال ، فقد ورد من حديث عمر بن الخطاب و أبي الدرداء و أبي ذر الغفاري و ثوبان مولى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) و شداد بن أوس و علي ابن أبي طالب . كنت مخاصر النبي (صلى الله عليه وسلم) يوما إلى منزله فسمعته يقول : غير الدجال أخوف على أمتى من الدجال . فلما خشيت أن يدخل قلت : يا رسول الله أي شيء أخوف على أمتك من الدجال ؟ قال : الأئمة المضلين)(الراوي : أبو ذر الغفاري/ المحدث : الألباني / المصدر : السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم ( 4/110 ) . رابعا: فتنه الهرج :ومضمونها الإطلاق البدعى لمفهوم القتال ، بعدم الالتزام بضوابطه الشرعية ، والتي بها يصبح جهادا، وقد وردت الاشاره إليها في كثير من النصوص ،منها قول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ( يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح ويكثر الهرج قالوا: وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : القتل )( متفق عليه) ..خامسا: فتنه الشبهات:وقد أشار إليها ابن القيم في قوله ( الفتنـة نوعـان فتنة الشبهات وهي أعظم الفتنتين وفتنة الشهوات وقد يجتمعان للعبد وقد ينفرد بإحداهما...وهذه الفتنة مآلها إلى الكفر والنفاق، وهي فتنة المنافقين وفتنة أهل البدع على حسب مراتب بدعهم، فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل، والهدى بالضلال) .
أما الدلالة الثانية لهذه الشعارات فإنها- بالاضافه إلى موافقتها لمذهب أهل السنة - توافق التفسير الديني للسياسة- الذي عبر عنه علماء أهل السنة بمصطلح السياسة الشرعية – والذي يقوم على الالتزام بالضوابط الشرعية للمفاهيم والقيم والقواعد ،ويوافق مذهب أهل السنة، القائم على الضبط الشرعي لهذه المفاهيم والقيم والقواعد.
بناء على ما سبق فانه يجب أن تقوم جماعه الإخوان المسلمين بتقويم ذاتي لشعاراتها، يتضمن الضبط الشرعي لدلالاتها ، والمفاهيم والقيم والقواعد التي تستند إليها أو تلزم منها ، كما يتضمن تجاوز مذهب التفسير السياسي للدين ، الذي هو بدعه في ذاته وفيما يلزم منه من مفاهيم ، ويلزم منه العديد من الفتن ، والالتزام بالتفسير الديني للسياسة ، والذي عبر علماء أهل السنة بمصطلح "السياسة الشرعية"، والقائم على الالتزام بالضوابط الشرعية للمفاهيم والقيم والقواعد ، كما يوافق مذهب أهل السنة" القائم على الضبط الشرعي لهذه المفاهيم والقيم والقواعد .
لزيارة موقع د. صبري محمد خليل اضغط هنا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]









صبرى محمد خليل خيرى

لا يوجد
عدد الرسائل : 19
العمر : 59
العمل : استاذ جامعى
تاريخ التسجيل : 12/07/2014

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى